حالة تخالف التعليمات التنفيذية مع القانون

عندما تخالف التعليمات التنفيذية .. القانون

إعادة نشر بواسطة لويرزبوك

سمح قانون الشركات الجديد الصادر بالمرسوم التشريعي 29 /2011 في المادة 55 منه لأول مرة بتأسيس شركة مؤلفة من شخص واحد خلافاً للأحام العامة بالعقود التي تتطلب شخصين على الأقل للتعاقد ، و ساير بذلك التشريع المقارن الذي أقر مثل هذا النوع من الشركات ، و سهل الأمر على من يريد تأسيس شركة لوحده حيث كان يتحايل على القانون بتأسيسها مع زوجته أو أحد أبنائه و يعطيه حصة ضئيلة للغايةفي الشركة حتى يستوفي شرط تأسيس الشركة .

و وضع قانون الشركات حكم وحيد لهذا النوع من الشركات في المادة 55 حيث نص على أن يكون شكلها القانوني هو شركة محدودة المسؤولية و ترك لوزير الاقتصاد حرية وضع اللائحة التنفيذية التي تتضمن شروطها .

و في الواقع نلاحظ أن المشرع بدأ في الآونة الأخيرة يجنح كثيراً في القوانين ذات الصبغة التجارية للتخلي عن شيء من صلاحياته و يفوضها للوزير المختص ، أو لهيئة مستقلة ، مثل هيئة الأوراق المالية أو هيئة الإشراف على التأمين ، و مثل هذا التفويض في الحقيقة يطرح تساؤل كبير حول دستوريته إذ يعطي لشخص من السلطة التنفيذية صلاحية التشريع ، كما في هذه الحالة حيث وضع المشرع أحكام تفصيلية لكافة أنواع شركات الأشخاص و الأموال عدا شركة الشخص الواحد اكتفى بتحديد نوعها و ترك الباقي للوزير .

و بالمقابل يجدر التنويه أن هذا النوع من التفويض رغم خطورته و التحفظ القانوني و الدستوري عليه يعطي مرونة كافية لتعديل و تبديل الأحكام بشكل أسرع مما تأخذه عملية التشريع البطيئة ، ناهيك عن عدم وجود عملية تشريع حقيقية لدينا يتم فيها مناقشة التشريع بشكل فعلي مادة مادة و الاعتراض و التبديل و التعديل و الإلغاء كما هو مفروض ، إذ أن الأغلبية الساحقة من القوانين يتم المصادقة عليها في مجلس الشعب بدون أي نقاش كما وردت من الحكومة ( السلطة التنفيذية ) .

بالفعل أصدر وزير الاقتصاد التعليمات التنفيذية لشركة الشخص الواحد حيث نصت المادة 16 منها على مخالفة قانونية
صريحة إذ قالت :

(( في حال وفاة مالك رأس المال تؤول ملكية الشركة إلى الورثة ، ما لم ينص نظامها الأساسي على خلاف ذلك ، أو يتفق الورثة على استمرارها فيما بينهم كشركة محدودة المسؤولية و تفقد الشركة في هذه الحالة صفة شركة الشخص الواحد المحدودة المسؤولية وعلى أن تتم الإجراءات وفق أحكام قانون الشركات ))

و نلاحظ ان عبارة ( ما لم ينص نظامها الأساسي على خلاف ذلك ) تفتح الباب واسعاً أمام التلاعب بالإرث و الوصية حيث أجازت أن يتضمن النظام الأساسي لشركة الشخص الواحد أن تؤول ملكيتها بعد وفاة المالك لشخص أو أشخاص من غير الورثة المحتملين أو لبعض الورثة دون غيرهم ، كما لو ورد نص بالنظام الأساسي بأيلولة الشركة بعد الوفاة للأبن
الأكبر أو للزوجة أو لفلان من الناس كمدير الشركة مثلاً .

و هكذا بموجب هذا الحكم الذي استحدثه أحد أعضاء السلطة التنفيذية أصبح بإمكان من يريد أن يتهرب من أحكام الإرث أو الوصية أن يؤسس شركة مؤلفة من شخص واحد و يسجل بملكيتها ما يريد من أموال و عقارات و يضع سلفاً الشخص الذي يريد أن يرثه بنفسه .

و لعل هذا الشرط الوارد بالتعليمات التنفيذية وضع لإرضاء المستثمرين الأجانب ، حيث وردت بالتعليمات أحكام مخصصة لهم ، و لكن كان يجدر صياغة هذا النص بحيث يراعي أحكام الإرث و الوصية للأشخاص الطبيعيين الأجانب وفق قوانينهم ، و يراعي بالوقت نفسه أحكام القوانين السورية .

و رغم أن النص إذا طبق في وضعه الحالي سيثير إشكالات قضائية كبيرة بين الورثة ، و رغم أن النص له صبغة قانونية لأنه استند لتفويض من المشرع ، و لكن أغلب الظن أنه لن يلقى قبولاً من القضاء في سوريا و سيتم الطعن به ، لأن أحكام الإرث و الوصية في سوريا من النظام العام .
و في الحقيقة إن مثل هذا النص يلقي بتساؤل كبير حول كفاءة الدائرة القانونية لوزارة الاقتصاد التي ارتكبت هذا الخطأ القانوني الكبير ، و ضرورة وجود مرجع مستقل عن الوزارات و الهيئات التي يناط بها وضع اللوائح و التعليمات ، يتم عرض هذه اللوائح عليها لإقرارها في حال ، و أقترح أن يكون هذا المرجع إدارة التشريع في وزارة العدل ، أو القسم

الاستشاري في مجلس الدولة ، أو حتى المحكمة الدستورية العليا حيث يمضي أعضاؤها أغلب وقتهم بدون عمل .

حالة تخالف التعليمات التنفيذية مع القانون

إعادة نشر بواسطة لويرزبوك

إعادة نشر بواسطة لويرزبوك