التصرفات والمعاوضات في الاموال الموقوفة

مقدمة
عرفت الأوقاف منذ العصر الإسلامي تضر سادت في كل الأقطار الإسلامي وشكلت سيما من سمات المجتمع الإسلامي كما أصبحت عاملا مهما من عوامل الرقي والتقدم في الحضارة الإسلامية عبر العصور ذلك أن الأوقاف ذلك أن الأوقاف شملت جميع الجهات سواء الإقتصادية أو الإجتماعية أو العلمية فهي لها دور مميز بما كانت وما تزال تسديه من أعمال في شتى مناح الحياة.

وإذا كانت الأوقاف قد عرفت فترة ركود وجمود لفترة معينة فقد زاد الإهتمام بها مؤخرا في بعض الدول الإسلامية بعد الانتباه إلى الدور الذي تلعبه للدفع بعجلة التنمية.
وقد أسند المشرع المغربي تدبير الأوقاف والإشراف عليها إلى وزارة الأوقاف، والوقف هو ما خصص ابتداء أو مالا لوجوه البر والإحسان، ونظرا إلى أن الأوقاف تحتاج دائما إلى مصاريف متعددة من أجل صيانتها أو إصلاحها وترميمها، فقد كانت الحاجة ماسة إلى الإستثمار في الوقف تعامل معاملة أموال اليتيم من حيث ضرورة حسن التصرف من قبل القائم عليها.

وتجري على الأموال الموقوفة وقفا عاما جميع التصرفات القانونية الهادفة إلى الحفاظ عليها كالمعاوضات والأكرية وبيع منتوج الأشجار والغلل وذلك من أجل تنمية وأستثنى مداخيلها بما يلائم طبيعتها.

فكيف نظم المشرع المغربي هذه التصرفات؟ وما هي أنواع هذه المعاوضات؟ وكيف يتم كراء الأوقاف؟

المحور الأول: التصرف عن طريق الكراء
نظرا لأهمية الإجتماعية والإقتصادية التي تحتلها العقارات الموثوقة، ورغبة المشرع في الحفاظ عليها وتنمية مداخلها بما يلائم طبيعتها، فقد قام بربط إمكانية إستغلالها بمجموعة من الضوابط التي يمكن أن تضمن تنميتها الحفاظ عليها، فقد تضمنت مدونة الأوقاف بالأساس جملة من التصرفات الجارية على العقارات الموثوقة ومنعت تصرفات أخرى، لما قد ينتج عنها من الأضرار بحفظ الوقف وتسميته، وعلى العموم يبقى الكراء من أهم التصرفات الواردة على الأملاك الوقفية لما ينفرد به من خصوصيته وهذا ما سنحاول الحديث عنه في (أولا) من خلال تسليط الضوء على طبيعة وخصائص هذا العقد والذي تجعله مميزا عن الكراء العادي في حين نخصص (ثانيا) الإجراءات والوثائق المطلوبة للقيام هذا العقد.

أولا: خصوصيات كراء الأملاك الوقفية
عرف المشرع المغربي الكراء بصفة عامة في الفصل 627 من ق ل ع ” الكراء عقد، بمقتضاه يمنح أحد طرفيه للآخر منفعة منقول أو عقار، خلال مدة معينة في مقابل أجرة محددة، يلتزم الطرف الآخر بدفعها له”. ولم يخص المشرع ظهير 21 يوليوز 1913 الكراء الوقفي بتعريف خاص على الرغم من أن هذا يتضمن قواعد خاصة متمثلة في الإمتيازات التي ينظمها الكراء الوقفي لصالح مؤسسة الأوقاف وسلك المتبرع نفس الإتجاه في مدونة الأوقاف الصادرة في 23 فبراير 2010.
فالكراء الحبسي يتميز بطبعتيه الخاصة والتي تمنحه بعض الإمتيازات والخصوصية سواء من حيث نشوء هذا العقد وخصائصه والذي سنفصل الحديث عنه في (أ) ليأخذنا الحديث في (ب) عن آجال عقد الكراء الوقفي.

أ‌- طبيعة وخصائص عقد الكراء الوقفي
بالرجوع إلى الفصل 620 من ق ل ع يتبين أن المشرع المغربي لم يشترط في نشوء عقد الكراء سوى تراضي الطرفين لإتمام العقد، فمتى تم الإتفاق على محل العقد وعلى الوجيبة الكرائية وباقي الشروط الأساسية للكراء ينشأ العقد دونما الحاجة إلى شكل خاص شأن الكراء في ذلك شأن كل عقد رضائي ومن ثم يعتبر التراضي الركن الأساسي في عقد الكراء.[1]
فقاعدة التراضي هاته هي المعمول بها أيضا في الكراء الحبسي[2] لكن مع الإشارة إلى أن هذا النوع من الكراء يمتاز عن غيره بظاهرة السمسرة التي تعتمد أساسا في تعيين المكتري والوجيبة الكرائية والتزامات الطرفين.
فكما سبق الذكر فعقد الكراء هو عقد رضائي مبدئيا أما العناية التي يشترطها المشرع أحيانا ما هي إلا شكلية إثبات لا شكلية انعقاد، كما أنه من العقود التبادلية الملزمة للجانبين وبالتالي فإنه منشئ للتزامات متقابلة في ذمة كل من طرفين فالمكري ملزم بتسليم الشيء المكرى للمكتري للإنتفاع ملزم بدفع الأجرة المتفق عليها.
وهو من العقود الزمنية أو العقود المستمرة ومعنى ذلك أن الأجرة للمتفق عليها تتقابل مع مدة الإنتفاع بالشيء المكتري[3].

هذا عن طبيعة عقد الكراء الوقفي فماذا عن خصائص؟

من خلال طبيعة عقد الكراء الحبسي يمكننا الإستفادة من أهم خصائصه على اعتبار أنه عقد يقع على منافع الأشياء المكتراة على ملكيتها ما يجعله مميزا عن غيره من العقود.
– فهو متميز عند البيع بكونه يقع على المنفعة والإستغلال خلالها العقد البيع الذي يقع على ملكية الشيء
– وهو يختلف عن عقد ال العارية الذي هو من عقود التبرع وليس من عقود المعاوضة رغم كون هذه على المنافع
– ويمتاز عن عقد الوديعة من حيث كون المودع لديه لا ينفع بالشيء المودع عنه خلافا لعقد الكراء الذي يبرم ضمن أجل الإنتفاع بالمعقود عليه[4]

– إن عقد الكراء رغم كونه يقع على المنفعة لمدة معينة فهو يختلف عن حق الإنتفاع من عدة وجوه:

1- أن طبيعة كل منهما ليست واحدة فحق الإنتفاع هو حق عيني عقاري طبقا المادة 35 من ظهير 19 رجب 1333 الموافق ليونيو 1915 بخلاف الكراء فليس حقا شخصيا
2– إن حق الإنتفاع يمكن أن ينشأ بكافة الأسباب المكسبة للحقوق العينية ما عدا الإرث بما في ذلك إرادة المشرع[5] وبطريق التقادم المكسب وبإرادة الإنسان أما الكراء فلا ينشأ إلا بطريق العقد
3- إن الحق الإنتفاع ينتمي لزوما بموت المنتفع كحد أقصى للإنتفاع[6] مما ينتج عنه “أنه حق غير قابل للإرث بخلاف الكراء إلا إذا أبرم ابتداء لاعتبارات خاصة بشخص المكتري[7] بما أن عقد الكراء الوقفي يتميز بطبيعة خاصة وكذا ببعض الخصائص التي تميزه عن الكراء العادي وذلك راجع لدور الذي يلعبه في تنمية الإجتماعية للبلاد فقد خصه المشرع بمسطرة خاصة حيث عمل على تحديد آجال التي يمكن أن يحدد على حسب الحالات وذلك كوسيلة من وسائل حماية المال الوقفي من استغلال

ب‌- آجال الكراء الوقفي
نظرا للأهمية الإجتماعية والإقتصادية التي تحتلها العقارات الموقوفة ورغبة من المشرع في الحفاظ عليها وتنمية مداخيلها بما يلائم طبيعتها، وتحقيق المصلحة الظاهرة للوقف فقد قام المشرع بمجموعة من الضوابط التي يمكن أن تضمن الحفاظ عليها وغنى عن السيان بأن عقد الكراء هو من العقود الزمنية وهي مسألة بديهية مادام الإنتفاع بالشيء المكتري والأجرة مقابلة له لا تقاس عادة إلا بهدر زمن يتفق الأطراف عليه صراحة أو ضمنيا، من تحديد مدة الكراء الطويل الأمد والقصير الأمد.

كراء الطويل الأمد: نص المشرع المغربي على هذا النوع من الكراء في ديباجة الباب الثاني من ظهير 16 شعبان 1331 المتعلق بنظام تحسب حالة الأحباس في الشرط الأمد وما يمكن ملاحظته أن المشرع جعل الكراء الأجل بعيد يقتصر على حالة خراب العقار أو تهمه عندما تكون الأرض موجودة خارج المدار الحضري سواء كانت مخصصة للفلاحة أم لا[8] فقد حدد المشرع المغربي مدة كراء الأملاك الوقفية الغير الفلاحية لمدة لا تزيد عن ثلاث سنوات قابلة للتجديد بطلب من المكتري قب انتمائها بثلاثة أشهر وهذا خلافا للأملاك الوقفية الفلاحية التي تكون لمدة لا تزيد عن ست سنوات قابلة للتجديد مرتين إلا أن فكرة الزيادة في السومة الكرائية تصطدم مع بعض المواقف الشريعة الإسلامية التي تعتبر اشتراط زيادة المكتري في العقار نوعا من الغرر وهذا باطل شرعا ذلك أن هذا الشرط يجعل المكتري العقار المحبس يعمل دائما من أجل الزيادة في العقار حتى يضمن بقاء العقار في يده يعد انتهاء الفترة الأولى.[9]
يمكن القول بأن تجديد عقد الكراء أخرى معلق على شرط واقف فبدون تحقيقه لا يستطيع المكتري ضمان يعاد العقار في ذمته.
كما تجدر إلى أن المشرع الحبيس لم يجعل الكراء لأمد بعيد في مرتبة الكراء الطويل الأمد الذي يعتبر من الحقوق العينية طبقا للفصل 8 من التشريع المطبق على العقارات المحفظة.

– الكراء القصير الأمد: يسمح المشرع بكراء الأملاك الحبسية لمدة ثلاث أو ست أو تسع سنوات شريطة التزام المكتري بالبناء أو الغرس، وهذا ما يمكن استخلاصه من المادة 94 من مدونة الأوقاف بالقول أن الوقتية غير الفلاحية تكون لمدة لا تزيد عن ثلاث سنوات غير أنه يمكن تجديد هذه لمدة يطلب من المكتري قبل انتمائها بثلاثة أشهر شريطة موافقة إدارة الأوقاف والزيادة في السومة الكرائية بنسبة لا تقل من 10 في المائة من هذه السومة عند كل تجديد.[10]

ويتحلى بوضوح لنا إدارة المشرع في حماية العقارات الموقوفة من خلال الزيادة في قيمتها المالية.
وتجدر الإشارة إلى أن ما سبق ذكره يخص الكراء المتوسط الأمد أما الكراء القصير الأمد فقد حدده المشرع في عاصينا إذا تعلق الأمر بعقارات مبنية وبعام واحد إذا تعلق الأمر بعقارات حرثية و يرجع سبب تحديد المدة في سنتين إلى فتح باب مراجعة أجرة الكراء عند انتهاء المدة لتنمية مداخيل الأحباس.

وما يمكن استنتاجه من كل ما سبق أن المشرع لم يمم هذا النوع من الأكرية على جميع الأملاك الوقفية بالرغم من الضمانات الكبيرة التي يمنحها للأوقاف، إلا أن مدونة الأوقاف تعميما للحماية فقد عملت على وجوب اتباع مسطرة السمسرة والتي سنتطرق في (ثانيا) للحديث عنها.

ثانيا: الإجراءات والوثائق الضرورية لكراء الأملاك الوقفية
إن كراء الأملاك الوقفية لا يمكن أن يتم إلا بعد إجراء السمسرة العمومية وهذا ما نصت عليه المادة 82 من مدونة الأوقاف على خلاف القواعد العامة في عملية الكراء التي تقتضي بأن يتم الكراء يتراضى الطرفين على البناء المكرى وعلى الأجرة طبقا للفصل 628 من ق ل ع.

أ‌- الإجراءات الأولية للكراء الوقفي
يختلف الكراء الوقفي عن غيره من حيث الإجراءات التي يتطلبها حمايته كما سبق التأكيد على ذلك في عدة مرات وتمثل هذه الإجراءات في توجيه مطالب خصوصية الإدارة وفي عملية الإشهار التي يقوم بها الناظر

– توجيه مطالب خصوصية للإدارة: توجه إلى ناظر الأحباس الذي يبلغها بدوره إلى الإدارة مؤقتة بمجموعة من البيانات المنصوص عليها في ديباجة الباب الثاني من ظهير 21 يوليوز 1913 وهي كالتالي:[11]

1- تعين العقار الموقوف وموقعه وحدوده ومساحته على وجه التقريب
2- أسماء وصفات طالب السمسرة ومحل سكناه والبلد الذي يوجه به العقار
3- التزام الطالب قبل دفع قدر مقابل الكراء السنوي المبذول والمصاريف للناظر لتبتدئ المزايدة انطلاقا من القدر المذكور
4- تقرير الناظر مضمنا لتاريخ إفراغ العقار وقدر كرائه السابق ولحالة الطالب وقدرته على الأداء
فبمجرد توصل الإدارة بالمطالب تتقدم لناظر برأيها في إمكانية إجراء السمسرة من عدم إجرائها إلى حين يبين جليا الرقابة التي يفرضها المشرع كحماية العقارات الموقوفة والمحافظة عليها.

– إشهار عملية الكراء: تقوم إدارة الأحباس بدعوة أكبر عدد من الناس للمزايدة في السومة الكرائية فقد أقر المشرع ضرورة الإعلان عن مواعيد وشروط السمسرة قبل إجراء ما بمدة كافية لا تقل عن 20 يوما بالنسبة للعقارات المبنية ولا يوما بالنسبة لباقي العقارات الأخرى.
ويتم الإشهار بالإعلان في الجريدة الرسمية وبتعليقه بمقر النظارة والمحكمة الابتدائية والقيادة والمقاطعة والمحافظة العقارية التي بدائرة كل منهما الملك المراد كرائه وكذلك ينشره في صحفتين يوميتين وذلك 20 يوم قبل إجراء السمسرة.

ب‌- مسطرة كراء العقارات الموقوفة
– مسطرة السمسرة أو طلب العروض: أكد المشرع أن كراء العقارات الحبسية يتعين أن يمر عبر مرحلة المسطرة السمسرة العصر منه بشأن تحديد مقابل للكراء وهذه المسطرة ليست بجديدة في مدونة الأوقاف[12] إذ ذكر منذ صدور ظهير 16 شعبان 1331/21 يوليوز 1913 المتصلة بنظام تحسن الإحباس العمومية حيث يستخلص من مقتضيات هذا الظهير “إن الإدارة لا يمكن لها أن تقدم على كراء الأملاك الحبسية بدون إجراء المزايدة العلنية حسب مسطرة المزاد العلني”.

وقد أثارت مدونة الأوقاف الانتباه إلى ما ينبغي أن تستجيب له هذه المسطرة من مبادئ حرية الولوج إلى سوق السمسرة أو يطلب العروض والمساواة في التعامل مع المتنافسين والشفافية في تغير هؤلاء المتنافسين وإعلامهم المسبق بكل إختيارات إدارة الأوقاف المكلفة بالحفاظ وتنمية مداخيل المال الموقوف وقفا عاما وهذا ما نصت عليه المادة 61 من مدونة الأوقاف.

ويتولى المجلس الأعلى لمراقبة مالية الأوقاف العامة أمر اقتراح الإجراءات بتحقيق هذه المبادئ (المادة 158) وقد علقت مدونة الأوقاف انعقاد عقد الكراء على مصادقة إدارة الأوقاف على نتيجة السمسرة أو طلب العروض وهذا ما نستشفه من المادة 82 ” ينعقد الكراء بمصادقة إدارة الأوقاف على نتيجة السمسرة أو طلب العروض” ، وتتم هذه المصادقة خلال أجل تسعين يوما فيما يخص السمسرة أو طلب العروض في المعاوضات النقدية ما لم يصرح النص التنظيمي المرتقبة بأجل مغاير.[13]

وهذا يعني أن رسو المزاد على آخر متزايد لا يتعقد به العقد لأن مبادرته على غرار ما هو منصوص عليه في الفصل 32 من ق ل ع تكون بمثابة إيجاب يحتاج إلى قبول وهذا القول إنما هو المصادقة على نتيجة السمسرة أو طلب الضروك

وترمي هذه المصادفة بالأساس إلى تأكيد من مدى احترام الإجراءات السمر وكذا تنمية السومة التي لا ينبغي أن تنقل عن كراء المثل وعند حصول المصادفة تصبح محاضر السمسرة أو طلب العروض وثائق رسمية في دلالة ما على انعقاد العقد وعلى حقيقة مضمونة ولذلك لا يمكن الطعن فيها إلا بالزور[14]

وتجدر الإشارة كذلك إلى أنه بمجرد رسو المزاد على المكتري فإنه يؤدي مبلغ ضمان وصوائر السمسرة والوجيبة الكرائية التي يتحدد مقداره بنص خاص عن طريق السلطة المحلية المكلفة بالأوقاف بحيث تنص المادة 81 من مدونة الأوقاف يؤدي المكتري فور رسو المزاد عليه مبلغ ضمان وصوائر السمسرة والوجيبة الكرائية، يحدد مبلغ الضمان والصوائر بمقرر للسلطة الحكومية المكلفة بالأوقاف”.

– مسطرة الاتفاق المباشر: يتضح من القراءة المتأنية للفقرة الثانية والثالثة من المادة 61 أن المشرع المغربي حدد أحوال اللجوء إلى مسطرة الاتفاق المباشر وهو كاستثناء عن قاعدة مسطرة السمسرة أو طلب الضرورة في عقد كراء المال الموقوف وقفا عاما وهي محل ويتم اللجوء إلى هذا الاستثناء عندما تقتضي المصلحة الظاهرة الوقف التعجيل ما استثمار العين المعروضة للكراء وتفعيل مسطرة الاتفاق المباشر بقرار معلل تتخذه إدارة الأوقاف كما هو كذلك في مسخرة السمسرة أو طلب العروض.

إن المفاوضات التي تجرى عن الاتفاق المباشر قد تتصل بسومة الكراء على ألا تقل عن كراء المثل طبقا لما ورد في المادة 80 من مدونة الأوقاف كما قد تتصل بمدة العقد على ألا تتجاوز المدة المحدد في القانون ربما يمكن إدخاله من تحسينات على العين المكتراة أو إنجازه من بناء أو غرس فيها.
فمثل هذه المفاوضات قد لا تجعل من الاتفاق المباشر اتفاقا رضائيا إذا ينبغي عقد شكليا بنسبة للإجراءات التي يخضع لها وقف ما سيحدد من مسطرة بنص تنص وهذا ما أكدت عليه الفقرة الأخيرة من المادة 61.

ومشروع العقد موضوع التفاوض ينبغي أن يخضع لتأثيره المراقب المالي المحلي الخاضع لسلطة المراقب المالي المركزي التابع للمفتشية العامة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وهذه التأثيرات تتم قبل إبرام العقد بعد التحقق من مطابقتها للأحكام هذه المدونة والنصوص المتخذة لطبيعتها[15].

المحور الثاني: المعاوضة في الأوقاف العامة
بالرجوع إلى الأحكام المتعلقة بالمعاوضة في الأوقاف العامة سواء في الفقه أو في التشريع نلاحظ وجود اتفاق حول تضييق نطاقها في تحديد هذا النطاق، وينتج عن ذلك اضطراب في هذا الموضوع تنبغي إزالته عن طريق تحديد معايير واضحة للحالات التي يمكن السماح فيها بإجراء هذه المعاوضة لدى سنناقش في هذا المحور نطاق السماح بالمعاوضة الوقف العام في الفقه المالكي (أولا)، ونطاق السماح بالمعاوضة الوقف العام في التشريع المغربي (ثانيا).
أولا: نطاق السماح بالمعاوضة الوقف العام في الفقه المالكي
سنقوم بالتطرق إلى الأحكام الفقهية – وفقا لمذهب الإمام مالك – الخاصة بالنطاق الذي يسمح فيه بإجراء المعاوضة في الأملاك الوقفية (أ).

أ‌- نطاق السماح بالمعاوضة الوقف العام في الفقه المالكي

باستقراء الأجوبة الفقهية المتعلقة بالمعاوضة في الأوقاف العامة كما وردت في المسائل والنوازل الفقهية مذهب الإمام مالك، يمكن التمييز فيها بين اتجاهين فقهين أساسين يمكن بسطهما كما يلي:

1- الإتجاه الأول: يمنع إجراء المعاوضة في الأوقاف أيا كان نوعها، أصولا (عقارات) كانت أو غير أصول (منقولات)، ومهما كانت الأسباب والظروف. وقد نقل الوزاني قول القاضي ابن سودة بأن صلب مذهب المالكي وصميمه على المنع من بيع الأحباس، وأن غير واحد قد صرح أنه مذهب الجمهور، وأن في الرسالة والمدونة منع بيع ما خرب من ربع الحبس، كما نقل قول سحتون بأن بقاء أحباس السلف خرابا دليل على أن بيعها غير مستقيم، وأن ابن عرفة حصل في هذه المسألة ثلاثة أقوال صدر فيها بالمنع مطلقا،

مرجحا لهذا الرأي على رأي ابن رشد احتياطا وسدا للذرائع وحكى الآبي بأن هذا هو المنصوص عليه أيضا في الموازية والعتيبة إضافة إلى المدونة وأكثر من هذا نقل البرزلي فتوى السوري بعدم إمكانية معاوضة ربع الحبس وإن خيف عليه الغصب والضياع، فقد سئل عن “غرفة محبسة على مسجد بعضها فوق ظهره وتتصل بدار مملوكة، وربما سكن هذه الغرفة بعض الظلمة ويبقى فيها الزمن الطويل بغير كراء وربما زالت يده عنها فتكرى للرعية فأراد صاحب الدار أن يعوض عن الغرفة بقواديس من ماء لا يغور لا صيفا ولا شتاء وهو أنفع، لأنه إذا أزيل ما عليه من الجنح بقي قدر ما ينتفع به في الغرفة أو أكثر، وإن يطلب بالخراج فهو خير بكثير، والغرفة ربما سقط بعضها أو كلها وربما سكنها من لا يؤدي فيها شيئا لما هو في الواقع، مع ما يتخوف على الجار من أذى من سكناه له…، هل يسوغ هذا التعويض أم لا؟ مع أن ما جرت به العادة في ما ينزله الظلمة أنه ينقص ثمنه حبسا كان أو ملكا فأجاب السوري: لا يعاوض عن الغرفة وتبقى حبسا على حالها”

وليس الأمر مقتصرا عند هذا على منع معاوضة الأصول الخربة أو المعرضة للضياع، بل يمنع أيضا معاوضة غير الأصول فقد أفتى ابن عتاب وابن زرب وأبو إسحاق بمنع بيع أنقاض الحبس من شجر وبناء وغيرهما. وقد سئل السرقسطي عن حصر بالية أبدلت بحصر جدد هل تباع هذه اليوالي أم لا؟ فكان جوابه: “لا تباع تلك الحصر البالية، وتبقى مرفوعة حتى يفتقر لها المسجد فيما بعد، هذا وجه الفقه، وإن نقلت لمسجد آخر دون بيع مع غناء هذا المسجد الذي كانت فيه لغيره من المساجد من شدة الحاجة فيجوز على قول أفتى به بعض من تقدمنا ممن يقتدى بهم علما وعملا.

وتبعا لمنع هذا الإتجاه معاوضة الحبس، فإن ففقهاءه قالوا ببطلان المعاوضة إن وقعت وضرورة فسخها وردها. ففي جواب للسرقسطي قال: “إن البيع في الحبس مردود لا يصح، بل يجب فسخه ورده إلى الحبس كما كان قبل البيع”. وبنفس الجواب أجاب سيدي عبد القادر الفاسي فقال: “إن الحبس لا يجوز بيعه، فإن وقع فسخ ورد إلى ما كان عليه”.

وأما هذا الاتجاه فيما ذهب إليه فهو أمران هما:
ü سد الذرائع: ذلك أن المعاوضة في الأحباس اتخذت كذريعة لتبديدها وتضييعها “فصارت ديار الحبس تباع جهازا من غير معاوضة ولا استبدال ولا منفعة تعود عليه في حال ولا في المآل، فلو فتح هذا الباب لم يبق حبس على إمام ولا مؤذن ولا غيرهما مما فيه نفع للمسلمين، ولا تنفي أن ذلك ضرر عظيم في الدين”.

لذلك رأى أصحاب هذا التوجه أن من الواجب منع المعاوضة في الأحباس سدا لذريعة استغلالها وسيلة للأغنياء على حساب هذه الأحباس، وهذا ما يظهر في ثنايا جواب لمالك عندما سئل عن نخل محبسة توالى عليها الإهمال وخيف أن تأكلها الرمال، وأراد السائل معاوضتها، لذلك فقال مالك: “دعها تأكلها الرمال، ويصلكم مع حاملة إن شاء الله أربعة أعوام”.

ü المعاوضة تصرف في ملك الغير: فقد سئل بعض طلبة الأندلس (لم يعرفه صاحب المعيار) عن موضع كان حبسا على المسجد العتيق وكان فيه سدس لرابطة، وذلك يضر بحبس المسجد العتيق، فهل يبدل بموضع آخر من أحباس المسجد العتيق ويزال الضرر أو لا؟ فأجاب: “لا يجوز إبدال الحبس ولا بعيه، ويترك ما كان عليه في السنين الماضية إعمالا لقصد المحبس، واتباعا لشرطه، فلا يجوز بيعه وإن ظهرت المصلحة في بيعه، لأنه تصرف في ملك الغير بغير إذن”.

2- أما الإتجاه الثاني: فإنه يجيز معاوضة الأوقاف العامة بشروط محددة كمبدأ، لكنه فيما يتعلق بنوع الأوقاف التي تجوز معاوضتها يضم ثلاثة آراء يمكن إجمالها كما يلي:
Ø الرأي الأول: يسمح بالمعاوضة العينية فقط دون المعاوضة النقدية، على اعتبار أن “المعاوضة وتسمى المناقلة بيع عرض أو حيوان أو أصل بمثله”، ولا علاقة لها “بالبيع بالثمن كالنقد، فإنه لم يجر به عمل أهل فاس في الربع….”. وفي المعيار سئل أبو سعيد بن لب عن “دار النهضة محبسة على مسجد وخرجت وصارت رحبة، فجاء رجل فبناءها من ماله، وقال أعطي فيها كذا دينارا وأصلين من القسطل، فكيف حكم ذلك؟ فأجاب: إذا أعطى في الرحبة المحبسة الرجل الذي أراد شراءها أصل ما يملك يكون حبسا عوضا منها، ويكون في ذلك فضل بين ورجحان لجانب الحبس، جاز ذلك، وأما بالثمن فلا ينبغي”.
Ø الرأي الثاني: يحصر جواز المعاوضة في غير الأصول (العقارات) ولذلك قال الشيخ خليل في مختصره: “وبيع ما لا ينتفع به من غير عقار في مثله أو شقصه”، وشرح الآبي هذا فقال: بيع أي شيء موقوف صار لا ينتفع به فيما وقف عليه، وينتفع به في غيره كفرس يهرم… وثوب يخلق، حال كون ما لا ينتفع به غير عقار فلا يباع، وإذا بيع غير عقار صرف ثمنه في مثله.. أو وشورك به في شقصه أي بعضه إن لم يبلغ ثمن كامل اتباعا لغرض الواقف”. وعلق التسولي على القول صاحب التحفة (وغير أصل عادم النفع** صرف ثمنه في مثله ثم وقف) بالقول:” مفهوم غير أصل أن الأصول من الدور والأرضين لا يجوز بيعها وهو كذلك على المشهور… لأنه قد يوجد من يصلحه – أي يصلح الأصل – بإجارته سنين فيعود كما كان”.

Ø الرأي الثالث: وهو أكثر انفتاحا وتسيرا في باب معاوضة الأحباس، إذ يرى أن الحكم واحد بين المعاوضة بمعنى المناقلة والمعاوضة بمعنى البيع، وإن كان يرى إعطاء الأولوية للمناقلة على البيع، وإذا لم توجد المعاوضة “فإنه يصار للبيع ويشترى بثمنه مثله كما قال المكناسي وغيره. وهذا أغبط للحبس وأولى من تركه للضياع والاندثار. كما لا يفرق أصحاب هذا الرأي بين معاوضة الأصول وغير الأصول، “إذا جاز بيع الأصل العديم المنفعة فبيع خشب المسجد إذا انكسرت وحصره إذا بليت وأنقاضه إذا انهدم واستغنى عنها، جائز من باب أولى وقد سئل عن ذلك ابن هلال فقال: الذي جرى به العمل جواز بيع ذلك وصرف ثمنه في مثله”. وقد أبو العباس الآبار أن أصحاب هذا الرأي يقرون بأن ما ذهب إليه أصحاب الإتجاه الأول المانعين للمعاوضة في الحبس من أن “صلب المذهب (المالكي) وصميمه على المنع من بيع الأحباس وأنه مذهب الجمهور، صحيح مشهور وهو في غير ما ديوان من دواوين العلماء مكتتب مشهور، بيد أن جماعة من الشيوخ ذوي التثبيت في العلم والرسوخ أفتوا ببيعه ومعاوضته بغيره إذا لم تكن فيه منفعة أو قلت رعيا للمصلحة التي اعتنى بها الشارع واتباعا لقصد المحبس إذ قصده انتفاع المحبس عليه، واقتداء بزعيم الفقهاء ابن رشد إذ عادة الشيوخ تقديمه على غيره لرسوخه في العلم وتحقيقه للروايات وتقديمه للقضاء والفتيا بإجماع من جل معاصريه”.

أما فيما يتعلق بالشروط التي يتفق حولها أصحاب هذا الاتجاه بآرائهم الثلاثة لجواز معاوضة الحبس فهي: “أن تقل منفعته أو يخرب ولم يوجد في فائده ما يصلح به، وأن يعوض به أو بثمنه أكثر منه منفعة وغلة وقيمة، وأن يثبت ذلك كله عند القاضي”. قال ابن رشد: “إن كانت القطعة من الأرض المحبسة قد انقطعت منفعتها جملة وعجز عن عمارتها، فلا بأس بالمعاوضة فيها بمكان يكون حبسا مكانها، ويكون ذلك بحكم من القاضي بعد ثبوت السبب والغبطة في العوض، ويسجل ذلك ويشهد به”. وفيما يلي بعض التفصيل في هذه الشروط:
Ø وجود سبب يبرر المعاوضة: والسبب الذي ذكره الفقهاء هو تعذر منفعة الحبس ويكون ذلك إذا أصبح نفعه منعدما ولا يرجى عودته في الحال أو المآل، حسب ما ذهب إليه ابن رشد وأبو القاسم التازغدري وعبد الله العبدوسي. وأضاف التسولي كذلك الحالة التي تتعذر فيها منفعة الحبس تعذرا جزئيا عندما يقل نفعه بشكل كبير فإنه “يباع ويشترى بثمنه ما هو تام النفع كما قال ابن الفخار وغيره”.

زمن التطبيقات التي أوردها بعض الفقهاء لتعذر منفعة الحبس كليا: استحالة إمكانية تنفيذ شرط المحبس، والتيقن من ضياع الحبس وتعرضه للغضب إذا لم يعوض. أما بعض تطبيقات التعذر الجزئي لمنفعة الحبس، فقد ذكر بعضهم مثال ما ينجم للحبس من ضرر الشياع.

Ø أن تكون الغبطة في العوض: ومعنى ذلك أن ما يعوض به الحبس ينبغي أن يكون أكثر قيمة وفائدة وغلة من الحبس المعوض وهذا الشرط يبدو أنه صعب التحقق، خصوصا في واقعنا الحالي، لأن الذي يطلب معاوضة الحبس إنما يفعل ذلك لأمرين: إما لرفع ضرر كضرر الشياع أو ضرر ما يحصل له من إذاية جزاء وجود الحبس وسط ملكه أو قربه، وإما طلبا للربح فإذا كان من الممكن إلزام طالب المعاوضة للربح إلا إذا كان يقصد من وراء ذلك التصدق لجانب الحبس طلبا للأجر والثواب. وفي جميع الأحوال، فإن هذا الشرط مجرد عرقلة للمعاوضة في الأوقاف.

Ø إمضاء المعاوضة من طرف القاضي: وهذا الشرط لا يكون إلا بعد أن يتثبت القاضي من وجود الشرطين السابقين، وبالتالي، فإن هذا الشرط هو مجرد آلية للرقابة حتى يتأكد القاضي من أن مصلحة الحبس متحققة في المعاوضة وهذا ما أفتى به القاضي سيدي أبو مدين، موافقا لما ذهب إليه سيدي العربي بردلة، قائلا: “فإذا كانت فيها – أي في المعاوضة – مصلحة الحبس أمضاها – أي القاضي – وإلا ردها”. غير أن هذه الرقابة من القاضي إنما تنسجم مع الوضع السابق للأحباس عندما كانت تدار تحت إشراف القضاء، أما الآن وبعد أن آلت الإدارة والإشراف إلى وزارة الأوقاف ولم يعد أي دور فيهما للقضاء، فإن هذا الشرط أصبح غير ذي معنى.

ثانيا: نطاق السماح بالمعاوضة الوقف العام في التشريع المغربي
انطلاقا من مدونة الأوقاف في بابها الثاني اتضح أن المشرع المغربي سمح بجميع التصرفات القانونية التي تهدف إلى الحفاظ على الأموال الوقفية وتنمية مداخيلها، وعدم إلحاق ضرر بهذه الأموال.
لقد نظم المشرع المغربي تصرف المعاوضة في الأموال الوقفية العامة من المادة 63 إلى المادة 75.
وبقراءتنا للمادة 60 التي تنص على: “تجري على الأموال الموقوفة وقفا عاما جميع التصرفات القانونية الهادفة إلى الحفاظ عليها، وتنمية مداخيلها بما يلائم طبيعتها ويحقق مصلحة ظاهرة للوقف. ولهذه الغاية، تكلف إدارة الأوقاف بتدبير هذه الأموال واستثمارها وفق القواعد المنصوص عليها في هذه المدونة والنصوص المتخذة لتطبيقها”.

يتضح أن المشرع جاز جميع التصرفات التي من خلالها يتم تنمية أموال الوقف بما يحقق مصلحة ظاهرة الوقف.
وكما يتضح من خلال المادة 63 من مدونة الأوقاف أن الأوقاف تسعى من خلال الأموال المتأتية من معاوضة الأموال الموقوفة وقفا عاما لاقتناء بدل عنها أو استثمارها بهدف الحفاظ على أصل الوقف وتنمية مداخله كما سبق الذكر.

1- أنواع المعاوضات في مدونة الأوقاف المغربية
ü المعاوضات النقدية
يستفاد من خلال المادة 60[16] من مدونة الأوقاف أن هذه الأخيرة جاءت بالعديد من المعايير الإيجابية لمعاوضة الأوقاف العامة منها[17].
– يمكن أن تكون المعاوضة بمبادرة من إدارة الأوقاف
– أن تتم المعاوضة بطلب مكتوب لمن يهمه الأمر
– ضرورة اقتناء بدل عن ذلك الوقف قصد الحفاظ عليه أن تكون المعاوضة من مصلحة الوقف.
– لا يتم معاوضة العقارات والمنقولات إلا بموافقة الجانب الشريف وذلك إذا زادت قيمتها التقديرية عن عشر ملايين درهم وهذا مبتغى جديد جاءت به المدونة وذلك بتحديد قيمة العقارات التي تكون فيها الموافقة لجلالة الملك.
– لا تتم معاوضة إلا بموفقة المجلس الأعلى لمراقبة الأوقاف العامة إذ كانت قيمتها النقدية التقديرية ما بين خمس ملايين درهم وعشر ملايين درهم.

ü المعاوضات العينية
لقد خص المشرع المغربي للمعاوضة العينية ثلاث شروط أساسية كما تسري عليها نفس الأحكام وشروط المعاوضات النقدي السالفة الذكر.
– أن تكون العين المعاوض بها محفظة
– أن تساوي أو تفوق قيمتها التقديرية قيمة العين الموقوفة
– تتم بطلب كتابي ممن يهمه الأمر أو مبادرة من إدارة الأوقاف

Ø المسطرة الإدارية لإجراء المعاوضات
· الوثائق القانونية لإجراء المعاوضة
– بالنسبة لمعارضة الأراضي الفلاحية والخرب[18]، تقديم طلب يتم التعبير عن الرغبة في المعاوضة ومبلغ الثمن الذي سيبدله يتضمن اسم طالب المعاوضة ولقبه ومحل سكناه كما يتم تحديد اسم النظارة ونيابتها ثم تعيين الملك المطلوب معاوضته بتحديد رقمه بالحوالة الحبسية ورقمها بالكناش الفلاحي مع تحديد مساحتها ورسمها العقاري مع تحديد المساحة المطلوب معاوضتها تحديد شكلها ونوعيتها هل هي بورية أو سقوية مع ذكر ما تحتويه القطعة من النباتات وغيرها من المشتملات.
– تحميل تكاليف تحديد الملك وإقامة صورته وأجرة العدول المكلفين بوصفه وتوثيق الرسوم الخاصة به مع تصميم يبين موقع العقار الحبسي ورأي النظارة الصريح بعد المعاينة.

نفس الإجراءات المتبعة في المعاوضة للأراضي الفلاحية والخرب تطبق على جميع المعاوضات العينية ويتم تغيير نوعية العقار فقط.
· إجراءات سمسرة معاوضة الوقف العام
نص المشرع على وجوب إجراءات السمسرة العمومية في جميع المعاوضات والأكرية المتعلقة بالأموال الموقوفة وذلك من خلال الفقرة الأولى[19] من المادة 61 من مدونة الأوقاف.

– إذ يترأس اللجنة المشرفة على السمسرة من طرف الناظر شخصيا إلا إذا تعذر ذلك
– اخيار التوقيت المناسب لإجراء السمسرة
– اختيار الأماكن لإجراء السمسرة وتكون في أقرب مركز حضري أو قروي للعقار موضوع المعاوضة
– إشهار السمسرة بالإعلان عنها إعلان واسع النطاق باستعمال البراح في الأسواق مع السهر الناظر على الإشراف والتتبع لعملية النشر الإعلانات الإدارية باستعمال جميع الوسائل المتاحة (نشر بالجريدة الرسمية مباشر وغير مباشر).
– لا تتم المعاوضة التامة إلا بعد مصادقة وزارة الأوقاف
– في حالة عدم موافقة هذه الأخيرة نتيجة السمسرة ملغاة.

الــخـــــاتـــمـــــة
إن الغاية من معاوضة الأموال الموقوفة وقفا عاما وبجراؤها هو تخصيص الأموال المتأتية منها لإقتناء بدلا عنها أو استثمارها بهدف الحفاظ على أصول الوقف وتنمية مداخيله وذلك على أن تخضع نتيجة كل سمسرة أو طلب عروض أو اتفاق مباشر لمصادقة إدارة الأوقاف الذي يعتبر تاريخ انعقاد عقد المعاوضة والكراء.

وعليه ينبغي على الجهات الوصية على الوقف التفكير وإبتكار طرق جديدة للإستثمار أموال الوقف ويكون ذلك إما عن طريق:
– إستحداث صيغ جديدة لإستثمار أموال الوقف من أجل تأمين دخل مرتفع للعرف على أوجه الوقف وعدم الإكتفاء بالصيغ التقليدية .
– تحديد طرق استثمار الأموال الوقفية وتنميتها بإختبار أفضل الأساليب العصرية المتاحة المبنية على دراسات فقهية وقانونية والتي تلائم الوقف وخصوصيته.

الـــــمـــــراجــــــــع
Ø مدونة الأوقاف المغربية
Ø قانون التزامات والعقود المغربي
Ø د. عبد الرزاق أصبحي، كتاب الحماية المدنية للأوقاف العامة بالمغرب، سنة 1430هـ/2009م.
Ø الدكتور خالد عبد، الوجيز في العقود المسماة.
Ø الدكتور مأمون الكزبري، التحفيظ العقاري والحقوق العينية الأصلية والتبعية.
Ø خالد “التصرفات الجارية على الأموال الموثوقة وقفا عاما (المعاوضات والعمرية)” بحث لنيل دبلوم الماستر
Ø محمد شليح “التعريفات الجارية على الأموال الموقوفة وقفا عاما في ضوء مدونة الأوقاف، مواد أولهما عقد كراء الوقفي – مجلة المغربية للدراسات القضائية والقانون العدد الرابع في يناير 2013
Ø شيماء الخواري: تدبير وحماية الأملاك الوقفية العامة بالمغرب على ضوء مدونة الحقوق العينية، رسالة لنيل دبلوم الماستر 2012.
Ø سكينة ألواث “الحماية القانونية للعقارات الموقوفة على ضوء مدونة الأوقاف وقانون التحفيظ العقاري “، رسالة لنيل دبلوم ماستر في العقار والتنمية، طنجة، السنة الجامعية 2013/2014.
Ø عبد العالي معكول، “قواعد تدبير معاوضة الأوقاف العامة”، مجلة القيس المغربية، العدد السابع يناير 2013.

بحث ودراسة قانونية في التصرفات والمعاوضات في الأموال الموقوفة