بقلم ذ عبد الغني الأزهري
إعادة نشر بواسطة لويرزبوك
دكتور في الحقوق باحث في قانون الأعمال
ارتبط مجال تطبيق نص الفصل (266) من مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة بالأوامر القضائية الخاصة بالبيوع المسبقة للبضائع ووسائل النقل المحجوزة لدى إدارة الجمارك سواء التي صدر بشأنها
حكم بالمصادرة لفائدة الإدارة أو التي لازالت تنتظر الفصل القضائي بشأنها وفقا لضوابط قانونية حددها نص الفصل (266) من :مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة على النحو التالي
” إن البضائع ووسائل النقل المحجوزة التي لا يمكن الاحتفاظ بها دون أن تتعرض للتلف أو لنقصان في قيمتها، تباع بطلب من الإدارة بناء على أمر من قاضي أقرب محكمة ابتدائية وينفذ هذا الأمر رغم التعرض أو الاستئناف. وفي حالة بيع يودع المحصول ” .بصندوق قابض الجمارك للتصرف فيه طبقا لما تبت به في النهاية المحكمة المكلفة بالنظر في الحجز
الفصل (266) المكرر: “يجوز للإدارة أن تتلف من غير إجراء قضائي البضائع المشار إليها في الفصل (266) أعلاه إذا “.ثبت أنها غير صالحة للاستهلاك أو الاستخدام
نفس الاتجاه سلكه التشريع الجمركي المقارن، حيث نصت المادة (126) من قانون الجمارك المصري
على: ” للجمارك أن تبيع البضائع التي مضى عليها أربعة أشهر في المخازن الجمركية أو على الأرصفة بعد موافقة وزير . الخزانة
.وللوزير خفض هذه المدة في حالات الضرورة
أما البضائع القابلة للنقصان أو التلف فلا يجوز إبقاؤها في الجمرك إلا للمدة التي تسمح بها حالتها، فإذا لم تسحب خلال هذه . المدة يحرر الجمرك محضرا بإثبات حالتها وبيعها من تلقاء نفسه دون حاجة إلى إخطار ذوى الشأن
“.وتسرى أحكام الفقرة الأولى على الأشياء التي يتركها المسافرون في المكاتب الجمركية
إذن من خلال سرد النصين المغربي والمصري نجدهما يتفقان على مبدأ البيع المسبق للبضائع المحجوزة لدى الجمارك، إلا أن التشريع المغربي حافظ على الحصانة القضائية في تطبيق مقتضيات الفصل (266) من مدونة الجمارك فاشترط لإجراء أي بيع مسبق بضرورة الحصول على أمر بالبيع من لدن الجهة القضائية التي تقع ضمن دائرة اختصاصاتها الترابية الأشياء المحجوزة . المراد بيعها بيعا مسبقا
كما جعل محصول البيع يودع لدى قابض إدارة الجمارك إلى حين الفصل القضائي النهائي في القضية المعروضة على أنظار .المحكمة
في حين كان المشرع الجمركي المصري أكثر مرونة من نظيره المغربي حينما أعطى الصلاحية الكاملة للجمارك لبيع البضائع القابلة للتلف بيعا مسبقا دون الرجوع إلى القضاء ودون الارتباط بالشرط الزمني المحدد في أربعة أشهر وهي المدة التي تمر دون القيام بأي إجراء قانوني بشأن البضائع المتخلى عنها بالأرصفة أو داخل المخازن الجمركي المسطر بالفقرة الأولى من نص المادة . (126) من قانون الجمارك المصري شريطة إثبات حالتها القابلة للتلف في محضر رسمي
ومن جهة ثانية تطرق المشرع الجمركي المغربي لمآل البضائع القابلة للتلف حيث رخص . الفصل(267)من مدونة الجمارك للإدارة بإتلاف البضائع دون أخذ أي إذن أو ترخيص من أي جهة قضائية ما
وهو ما يقابل المـــادة (127) من قانون الجمارك المصري : التي نصت على
“أن تبيع قبل صدور حكم المحكمة المختصة أو قرار من الجهة المختصة بحسب أحوال البضائع والأشياء القابلة للتلف أو . المعرضة للنسيان أو النقصان والحيوانات التي تحفظ لديها أثر نزاع أو ضبط
ويجرى البيع بعد إثبات الظروف المبررة له بمحضر يحرره الموظف المختص، فإذا قضى بعد البيع بإرجاع البضائع أو الأشياء “.المذكورة أو الحيوانات إلى صاحبها دفع له الباقي من ثمن البيع بعد استقطاع النفقات
وإذا كان المشرع الجمركي المغربي قد مزج بين بيع البضائع ووسائل النقل وأخضع كلاهما لنفس المسطرة، فإن المشرع الجمركي المصري ميز بين مسطرة بيع البضائع ونظيرتها الخاصة بالبيوع الواردة على وسائل النقل وفقا لما ورد بنص المادة ( 125) من القانون الجمركي المصري: ” للجمارك حق التصرف في البضائع ووسائل النقل والأدوات والمواد التي حكم نهائيا بمصادرتها ”
إذن فالنص الوارد أعلاه يشترط صدور حكم قضائي نهائي يمكن الجمارك من التصرف في البضائع ووسائل النقل سواء بالبيع أو . بأي شكل آخر من أشكال التصرف
إلا أننا نرى أن المشرع الجمركي المصري من خلال قراءتنا للمادة (126) و(127) ثم المادة(125) نجد أنه تطرق لمسألة البيع المسبق وخص بها البضائع القابلة للتلف أو النقصان مستثنيا بذلك وسائل النقل ، هذه الأخيرة وضح شروط التصرف فيها الفصل (125) وبذلك يكون المشرع الجمركي المصري قد ميز بين البيع المسبق للبضائع القابلة للتلف والتصرف بالبيع أو بأي شكل آخر من أنواع التصرفات في وسائل النقل ، وهو عكس ماذهب إليه المشرع المغربي الذي أخضع البضائع ووسائل النقل . لنفس المسطرة فيما يخص البيع المسبق
وفي رأينا أن الخلفية التي بنى عليها المشرع الجمركي المصري رأيه تكمن في كون وسائل النقل لا تتعرض للنقصان أو التلف بمكوثها بمرآب الإدارة إلى حين صدور حكم قضائي نهائي في القضية ، رأي خالفه المشرع الجمركي حين اعتبر أن البضائع . ووسائل النقل يمكن أن تتعرض جميعها للنقصان أو التلف مما يتوجب معه بيعها بيعا مسبقا
إذن فالبيع المسبق للبضائع ووسائل النقل تحكمه خلفية الضمانات المالية لأموال الخزانة العامة وطابع الامتياز الذي يميز ديون . الدولة التي تستخلص قبل غيرها من الديون باعتبار أن وظائف الدولة لا تستقيم إلا باستخلاصها لديونها
وإذا كان المشرع الجمركي المغربي قد ضمن بنص الفصل (266) من مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة حقوق الخزينة العامة ، فإنه أيضا قد أحاط حقوق الأفراد بضمانات كبيرة حين أعطاهم الحق في استرجاع أموالهم التي تمثل قيمة البضائع أو . وسائل النقل التي بيعت بيعا مسبقا وصدر حكم قضائي نهائي يرمي إلى إرجاعها لأصحابها
إذن فبيع إدارة الجمارك للبضائع ووسائل النقل القابلة للتلف أو المعرضة للنقصان في قيمتها بيعا مسبقا، لا يمس بأي شكل من . الأشكال حقوق الأفراد لانسجامه والنصوص القانونية التي أعطت للدولة هذا الامتياز اعتبارا لخصوصيتها
بقلم ذ عبد الغني الأزهري
دكتور في الحقوق باحث في قانون الأعمال
مقال قانوني حول الجمارك والضرائب غير المباشرة
إعادة نشر بواسطة لويرزبوك