الشروط القانونية الواجب توافرها في عقد الزواج السليم
تعريف الزواج:
في اللغة مادة زوج تعني: أن الزواج يعني الاقتران والازدواج فيقال زوج بالشيء، وزوجه إليه: قرنه به، وتزاوج القوم وازدوجوا: تزوج بعضهم بعضاً، والمزاوجة والاقتران بمعنى واحد.
وفي القرآن الكريم جاء قوله تعالى: “وزوجناهم بحور عين” أي: قرناهم وكل شيئين اقترن أحدهما بالآخر فهما زوجان هذا هو معنى الزواج في الله.
وأما تعريف الزواج في اصطلاح الفقهاء: فهو يترادف مع النكاح وهو عبارة عن عقد يتضمن إباحة الاستمتاع بالمرأة بالوطء والمباشرة والتقبيل والضم وما إلى ذلك إذا كانت المرأة محلاً للعقد عليها بأن لم تكن من محارمه أو هو عقد انضمام وازدواج بين الرجل والمرأة.
وفي فقه الإسلام الغاية من الزواج كثيرة متشعبة الأطراف فهو أول لبنات تكوين الأسرة الزوجية التي جعلها الله تعالى أول بداية للحياة البشرية في الملأ الأعلى وأسكن طرفيها الجنة، وقص نبأها في كتابه المعجز تأكيداً لشأنها قال تعالى: “وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغداً حيث شئتما” ثم دعا إليها الأمم على ألسنة الرسل وحتى عليهما ورفعهما إلى مرتبة العبادة والقربى بالنية الصالحة فقال تعالى: “وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم”.
وفي الصحيحين عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “.. لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني”.
الزواج هو الصورة الوحيدة لالتقاء الرجل بالمرأة:
جعل الله تعالى الصورة الوحيدة لهذا الالتقاء – بين الرجل والمرأة – هو الزواج العلنى، الذي يوثق بعلم المجتمع، وشهادة الشهود ويقوم على رعاية حق الأولياء، وتكريم المرأة حيث أوجب استئذانها، وناط الرفض أو القبول في النهاية برضاها حالاً أو مقالاً، وحيث جعل لها المهر حقاً شخصياً وسوى بينها وبين الرجل في الأهلية والتكاليف الشرعية إلا فيما رفه فيه عنها رفقاً بها وصوناً لها واختصها بأحكام تلائم كونها الخلقي والخُلقي عدلاً من الله تعالى ورحمة واحساناً على وفق حكمته البالغة.
وجعل لها المهر حقاً شخصياً وقبل هذه الحقوق القانونية هدى المسلمين إلى نية الجد في الارتباط، وحسن القصد، ودوام المودة، وعشرة المعروف حتى ساق هذا مساق أعظم آياته الكونية فقال تعالى: “ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة”.
الإسلام يحرم جميع العلاقات خارج إطار الزواج بين الرجل والمرأة:
وتأكيداً لذلك حرم الله كل صور اللقاء بين الذكر والأنثى على غير ما شرع كالسفاح العابر والخدان الدائم والنكاح المؤقت الذي لا يستهدف إقامة الأسرة (كالنكاح المتعدد والمحلل) فإن هذه الضروب كلها فضلاً عما فيها من إمتهان للمرأة هي في ذاتها نزوات تقوم على أنانية طامسة، تريد قضاء شهواتها بلا هدف كريم ولا مسئولية شخصية أو اجتماعية، وهذه حياة الحيوان الأعجم بل إن كثيراً منهم يحمل مسئولية ذراريه دهراً ما.
كذلك حرم الله العلاقات الشاذة الناشئة بين الرجل والرجل أو المرأة والمرأة حماية لكيان المجتمع من أن تدمره هذه الأمراض الاجتماعية الخطيرة وحفظاً لكيان الأسرة من الانهيار ووضع العقوبات الصارمة لمقترف هذه الجرائم. ولذلك حفت الشريعة الاسلامية على الزواج.
حض الشريعة الإسلامية على الزواج والحكمة فيه:
وردت في الشريعة الإسلامية نصوص كثيرة ترغب في الزواج، وتهيب بالشباب أن يتزوجوا وتنهى عن الرهبانية والفردية، فمن ذلك ما رواه أبو داود في سننه عن عبد الله بن مسعود قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر أحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء”.
وذلك رغبة في تحصين النفس الإنسانية، والبعد بها عن انتهاك الحرمات وذلك بإباحة أن يقضي كل واحد حاجته الجنسية من طريق مباح حلال، فليس أضر بالأمة، ولا أدعي إلى فنائها، ولا أشد تأثيراً في كيانها وأسباب حيويتها من انتشار الفسق وترك حبل الشباب منها على غواربهم.
معنى قوامة الرجل على المرأة
إن الأسرة هي شركة صغيرة بين رجل وأمرأة وأولاد ولذلك جعل الاسلام لهذه الأسرة باعتبارها الأمة الصغيرة قائداً هو الرجل فقال تعالى: “وللرجال عليهن درجة” ولكن هل قوامة الرجل على بيته تعني منحه حق الاستبداد والقهر؟ بعض الناس يظن ذلك وهو مخطئ ! فإن هناك داخل البيت المسلم ما يسمى “حدود الله” وهي كلمة تكررت في آيتين من الآيات التي تحكم علاقات الأسرة ست مرات.
إننا نريد أن نتفق أولاً على إقامة حدود الله، كما رسمها الكتاب الكريم، وشرحتها السنة المطهرة حتى يرتفع المستوى الخلقي والسلوكي لكلا الطرفين.
فإذا كان البيت مؤسسة تربوية أو شركة اقتصادية فلابد له من رئيس والرياسة لا تلغى البتة الشورى والتفاهم وتبادل الرأي والبحث المخلص عن المصلحة.
إن هذا قانون مطرد في شئون الحياة كلها، فلماذا يستثنى فيه البيت؟ وقوله تعالى في صفة المسلمين “وأمرهم شورى بينهم” نزل في مكة قبل أن تكون هناك شئون عسكرية أو دستورية.
وعليه فإن البيت ما هو إلا شركة لابد أن يقوم عليها من تكون له الكلمة النهائية فيما يعرض لها من مشكلات وطوارئ وليس أولى بالأسرة من هذا، فإن أمورها لا تحتمل التسويف أو الاهمال، وعلى أحد الطرفين أن يرضى بقيادة الآخر، والفطرة قضت للرجل، وجاء الحكم الإلهي موافقاً ومؤيداً لما فطر الله عليه الناس، فتوافق الطبع والشرع على هذا الأمر، وجعل الله تعالى للمرأة مهمة ووظيفة كبرى فطرت هي الأخرى لها، وليست مهمتها بأقل خطورة من مهمة الرجل، وهذا هو العدل الذي جاء من الشرع فمن بيده تدبير أمور العباد يلاحظ ظروفهم ملاحظة دقيقة ويقر العدل فيهم موازناً بين النفع والضرر فيما يأتي به من التدبير غير مجرٍفيهم إلا ما هو نفع محض أو ما نفعه أكثر من ضرره وعلى هذا بنيت الأسر.
وعلى هذا يجب أن تربى الأجيال وأن ينشأ الأطفال ولا يسمح لغير هذا الوضع أن يكون في المجتمع إلا على سبيل الشذوذ والاستثناء، ويدور وجوداً وعدماً مع الأسباب العارضة، وإلا تعثرت المجتمعات، ونادت بما يطفح عليها من مشكلات وهي جزاء حتم لمصادمة الفطرة، ومراغمة الحقائق، ومجافاة شرائع الله عز وجل.ولذلك شرع الله الزواج.
ثانياً: شــروط عـقـد الـزواج
1- شروط انعقاد الزواج
شروط انعقاد الزواج تتنوع إلى نوعين، لأن منهما ما يرجع إلى العاقد ومنها ما يرجع إلى مجلس العقد.
فأما ما يرجع إلى العاقد من شروط الانعقاد فهو شرط واحد. وهو أن يكون العاقد عاقلاً، فلا ينعقد الزواج إذا كان العاقد مجنوناً أو صبياً لا يعقل لأن كل واحد منهما ليس أهلا للتصرف.
وأما ما يرجع إلى مجلس العقد من شروط الانعقاد فثلاثة شروط:
الأول: أن يتخذ المجلس الذي صدر فيه الإيجاب والقبول.
الثانى: أن يسمع كل واحد من العاقدين كلام الآخر ويفهم ما يراد به، فلا ينعقد الزواج إذا كان أحد العاقدين أصم ولا إذا كان أحدهما لا يفهم المراد من الكلام
الثالث: ألا يخالف القبول والايجاب في شيءيُعد عند التحقيق مخالفة، وذلك بأن يختلف المعقود لهما أو أحدهما أو يكون ما ذكر في عبارة القبول شراً مما ورد في الايجاب سواء أكانت المخالفة في كل جزء من أجزاء الايجاب أم كانت في بعض أجزائه دون بعضها الآخر.
وفي هذا أكبر دليل على مساواة المرأة بالرجل في حقها في قبول الزواج أو رفضه والاعتداد بإرادتها في هذا العقد الخطير.
2- شروط صحة الزواج
الأول: أن تكون الزوجة محلاً قابلاً للزواج بهذا الزوج المعين في وقت العقد فلو كانت محرمة عليه حرمة مؤبدة بأن كانت أخته أو خالته أو نحوهما، أو حرمة مؤقتة بأن كانت أخت زوجته أو خالتها أو عمتها أو كانت زوجة لغيره أو معتدة من طلاق من غيره- لم يصح العقد.
الثانى: أن يكون العقد بحضرة شاهدين مستكملين لشروط الشهادة، وذلك لأن عقد الزواج يتعلق به كثير من الأحكام التي يبقى أثرها على مر الزمان كثبوت النسب وحرمة المصاهرة، واستحقاق الميراث، فكان من الواجب إعلانه للناس وطريق اعلانه هو الاشهاد عليه.
الثالث: أن يكون للزوجة الصغيرة – (البكر) ذكر يكون أقرب عصبتها من النسب فإن فقدوا جميعاً فأقرب عصبتها من النسب فلا يجوز أن تزج المرأة نفسها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل” وقوله صلى الله عليه وسلم: “لا نكاح إلا بولي والسلطان ولي من لا ولي له” وذهب الجمهور إلى “أن المرأة لا تزوج نفسها أصلاً”.
وقد خالفت اتفاقية “السيداو” هذه الشروط محاولتها الغاء هذه الشروط عند الزواج فنصت المادة (16) من الاتفاقية على أن:
” تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التميز ضد المرأة في كافة الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات الأسرية بوجه خاص تضمن على أساس تساوي الرجل والمرأة:
(أ) نفس الحق في عقد الزواج
فهذا البند يتجاهل مسألة الولاية على البنت التي لم يسبق لها زواج وكثير من الآراء الشرعية استناداً على الأحاديث السابقة تشترط موافقة الوالي لتمرير عقد الزواج حتى يكون شرعيا والقاضي ولي من لا ولي له.
– إن وجوب إذن الولي أو ندبه فيه مزيد من رعاية للفتى والفتاة من إنسان صاحب خبرة يكون بجانبها ساعة تأسيس أسرة صغيرة جديدة والرعاية لا تعني الغاء ارادة الفتى والفتاة واختيارهما. إنما تعني الترشيد والمشورة. وما أصدق قول الشافعى: “إن المعنى في اشتراط الولاية في النكاح كيلا تضع المرأة نفسها في غير كفء”.
كما أن حضور الولي عقد الزواج، كما يثبت إقرار العائلة لهذا الزواج، يساعد على تأكيد أن رابطة الزواج لا تقتصر على علاقة حميمة بين شخصين رجل وإمرأة بل هي كذلك صلة وثيقة بين عائلتين أو عشيرتين.
وفي هذا المعنى يقول الإمام محمد عبده:
(لا يخفي أن أحكام الشريعة المقدسة ترشدنا إلى أن المصاهرة نوع من أنواع القرابة، تلتحم بها العائلات المتباعدة في النسب، وتتجدد بها صلات الألفة والاتحاد، فقد حرم الله على الشخص أن يتزوج بأمه أو أنثى من أصولها وفروعها، كما حرم عليه أن يتزوج بأخته أو أنثى من أصول نفسه وفروعه. وكذلك حرم على زوجته أن تقترن بشيءمن أصوله أو فروعه، فكأنما أنزل الله كلا من الزوجين منزلة نفس الآخر ن حتى أنزل فروع كل منهما وأصوله بالنسبة إلى الآخر منزلة أصول نفسه وفروعه. فهذه حكمة بالغة أقامها الشرع لنا برهانا واضحا على أن اتصال إحدى العائلتين بالأخرى بطريق المصاهرة، مساو لنفس القرابة النسبية في الأحكام والحقوق والاحترام، وهذا هو الموافق لما عليه طبيعة الاجتماع الإنسانى…. فمن كانت له ابنه، وهو يميل إليها ميل الوالد إلى ولده، ثم قضت سنة الله في خلقه بأن يقترن بها شخص من الناس، فمقتضى محبة الوالد لابنته أن يطلب لها جميع الخيرات ويود لو بلغت أقصى درجات السعادة. وحيث أن سعادتها يبعد أن تكون بدون سعادة زوجها الذي هي مقترنة به، فمن الواجب عليه أن يميل الى زوجها ميله إلى نفسها، ويكون عونا له على سعادتها، لتتصل بها سعادة ابنته، وهكذا كل من ينتسب إليها بنوع من القرابة، فعليهم أن يكونوا على طراز من المحبة لزوجها، مثل ما هم عليه بالنسبة إليها).
وما أدل الحديث الشريف الآتي على تنمية هذه الرابطة بين العائلات:
فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم”.
§ وقد تحفظت كثير من الدول الإسلامية على هذا البند، الذي إذا تم رفع التحفظ عليه كان من شأنه:
– إلغاء قوامة الرجل في أسرته،إضاعة الحقوق الزوجية للمرأة
– إلغاء ولاية الأب على ابنته البكر عند زواجها.
الشروط القانونية الواجب توافرها في عقد الزواج السليم
لا لايجوز ولو حصل يظل عقد الزواج صحيح مع الغاء كافه هذه الشروط كأن لم تكن
هل يجوز للزوج ان يشترط عند عقد القران عدم الطلاق ابدا ؟ و هل يجوز للزوجة عند عقد القران شرط عدم التعدد ؟