إن تصحيح العقد هدفه الابقاء على العقد ذاته بعد زوال البطلان أو التهديد به ، فالعقد يمكن أن يكون معرضاً للزوال أو مهدداً بالبطلان على الرغم من كونه صحيحاً، أي أنه قسم من أقسام العقد الصحيح ، وعليه ، فأن العقد الموقوف عقد صحيح ولكنه غير نافذ ،أي ان حكمه يتراخى الى وقت إجازته ، فأن أجيز نفذ وترتبت عليه آثاره ، وان رفض من له حق الأجازة إجازته بطل(1). فهذا العقد مهدد بالبطلان الذي يتحقق في حالة رفض الأجازة ، حيث يبطل العقد الموقوف ويصبح في حكم العقد الباطل ، فلا تترتب عليه أية حقوق أو التزامات بالنسبة لطرفيه وبالنسبة للغير. وعليه ، تعد الاجازة وسيلة يتم من خلالها إنقاذ العقد من البطلان الذي يتهدده ، ففي مرحلة التهديد بالبطلان ، أي أثناء التوقف ، هناك وسائل تشريعية يتم من خلالها زوال التهديد بالبطلان ، أي استقرار العقد صحيحاً بصورة نهائية غير قابل للبطلان بعد ذلك ، وعندها نكون امام تصحيح للعقد الموقوف(2). من جهة أخرى ، فأن هناك قوانين متأثرة بالفقه الغربي لم تأخذ بالعقد الموقوف وانما أخذت بالعقد القابل للابطال(3).والعقد القابل للأبطال عقد صحيح نافذ يرتب كافة الآثار المتولدة عنه ، إلا انه يكون مهدداً بالبطلان ، لانه يمكن لمن شُرعَ البطلان لمصلحته ، أن يطلب ابطال العقد ، فأذا تقرر البطلان زال العقد بأثر رجعي وكأن لم يكن ، فيصبح هو والعقد الباطل بطلاناً مطلقاً سواء(4) . أما إذا أجازه ، اثناء مرحلة القابلية للابطال ، فأنه يصبح صحيحاً من وقت ابرامه ، فلايجوز طلب ابطاله فيما بعد ، ومن ثم تستقر صحة العقد بصورة نهائية(5). فالعقد المهدد بالبطلان ، عقد مشوب بعيب يجعله متردداً بين الصحة والبطلان ، لذا لايعد العقد النافذ غير اللازم ، عقداً قابلاً للتصحيح ، فهو عقد صحيح نافذ ، غير مشوب بعيب يجعله مهدداً بالبطلان ، إلا أنه يجوز الرجوع فيه من قبل أحد المتعاقدين أو كليهما ، أما لطبيعته ، كالوكالة والشركة والهبة والوديعة ، إذ يجوز لكلا المتعاقدين الرجوع فيه ،وكالرهن والكفالة الذي يجوز لأحد المتعاقدين الرجوع فيه ، أو يكون الرجوع فيه وفسخ العقد لوجود خيار الرجوع الذي يجعله غير لازم(6) . فالعقد النافذ غير اللازم ، عقد صحيح منتج لجميع آثاره ، غير مهدد بالبطلان ، وكل مافي الأمر ، أنه مهدد بالفسخ لأن احد المتعاقدين أو كليهما يستطيع الرجوع فيه ، ألا إن إستقرار العقد ولزومه لايعني تصحيح هذا العقد، فالتهديد بالفسخ ،غير التهديد بالبطلان ، فالبطلان يرجع الى عيب في ركن من أركان العقد ، يترتب عليه عدم أكتمال العقد لأركانه ، مستوفية لجميع شروطها ، بينما في الفسخ ،أركان العقد تكون سليمة مستوفية لشروطها ، فالفسخ يصيب عقداً ولد صحيحاً غير مشوب بعيب منذ نشأته ، لذا يخرج العقد النافذ غير اللازم عن نطاق التصحيح(7). وعلى هذا ، فأن العقد يكون مهدداً بالبطلان عندما يكون موقوفاً ، على وفق قانوننا المدني الذي استمد فكرة العقد الموقوف من الفقه الاسلامي ، وكذلك يكون مهدداً بالبطلان عندما يكون قابلاً للأبطال على وفق القانون المدني المصري والقانون المدني الفرنسي والقوانين المتأثرة بهما … وعليه ، سيتم تقسيم هذا الموضوع الى فرعين نخصص الأول منهما لدراسة العقد الموقوف أما الفرع الثاني فسيكون مخصصاً لتحديد مفهوم العقد القابل للأبطال ، وسوف تكون دراسة هذين العقدين في فرعين مستقلين نخصص الأول منهما للعقد الموقوف والفرع الثاني للعقد القابل للأبطال بقدر ما يتعلق الأمر بموضوع التصحيح .
الفرع الأول : العقد الموقوف
أخذ قانوننا المدني بالعقد الموقوف من الفقه الاسلامي ، فطبقاً لمجلة الاحكام العدلية ، أن العقد النافذ هو العقد الذي لايتعلق به حق الغير ويفيد الحكم في الحال، أما العقد غير النافذ او الموقوف فهو العقد الذي يتعلق به حق الغير ولا يفيد الحكم إلا عند إجازة صاحب الحق(8). فالعقد الموقوف هو (( التصرف المشروع بأصله ووصفه الذي يتوقف ترتب أثره عليه بالفعل على الأجازة ممن يملكها شرعاً ))(9). حيث ينقسم العقد الصحيح على قسمين ، نافذ وموقوف ، ونفاذ العقد معناه ان يكون العقد منتجاً لآثاره المترتبة عليه شرعاً منذ انعقاده ، اما العقد الموقوف فلا ينتج حكمه منذ انعقاده بل إنه على رغم انعقاده صحيحاً تكون اثاره متوقفة لوجود مانع يمنع تحققها وسريانها شرعاً(10). (( فالعقد غير النافذ او الموقوف عقد منعقد ، لتوافر ركنه ، وشرائط انعقاده وحكمه انه موقوف على الاجازة ان تحققت نفذ ، وإلا لم ينفذ فلا يجوز الخلط بين العقد الموقوف والعقد الباطل لأن العقد الباطل لم يتوافر ركنه أو شرائط انعقاده ولايترتب عليه حكم مطلقاً ، واذن فالعقد الموقوف متميز عن العقد الباطل من ناحيتين : ناحية الانعقاد ، وناحية الحكم ، والثانية مبنية على الاولى ، كما انه ليس من قسم الفاسد))(11).وعلى هذا ، فأن وصف العقد بالموقوف للدلالة على عدم النفاذ ،(( فوقف العقد معناه عدم افادة حكمه في الحال فلا تنتقل الى العاقد الآخر الملكية ، حتى ينفذ العقد بالاجازة الصريحة أو الضمنية ))(12). فالعقد الموقوف ، أذن ، هو قسم من أقسام العقد الصحيح ، وهذا ما أخذ به قانوننا المدني ، فقد نصت المادة (133 / الفقرة الثانية) منه ، على أنه (( واذا لم يكن العقد الصحيح موقوفاً افاد الحكم في الحال )) فهو عقد غير نافذ ، عقد صحيح ولكنه مهدد بالبطلان . لذا نرى بأنه لم يكن دقيقاً من ذهب الى القول بأن العقد الموقوف هو عقد باطل حتى ينفذ بالأجازة ، فقد ذكر الدكتور السنهوري (( والعقد الموقوف هو صورة عكسية من العقد القابل للأبطال فالعقد الموقوف هو باطل حتى ينفذ بالاجازة ،أما العقد القابل للابطال فهو نافذ حتى يبطل بعدم الأجازة ))(13). وأخذ الدكتور شفيق شحاته بالرأي نفسه حين ذكر(( الأصل ان العقد، لايمكن ان يضر بالغير ، ومن ذلك ان البائع ، إذا لم يكن مالكاً ، فعقده بالنسبة للمالك لا أثر له ،ويقول الفقهاء انه (( غير نافذ )) وهل هذا يفيد انه باطل؟ في الواقع ، العقد هنا ، باطل من جميع الوجوه ، إلا أنه يحتمل الاجازة من الغير وعند ذلك يزول البطلان …..))(14). إن الرأي المتقدم لايمكن القبول به ،ذلك لان العقد الموقوف عقد غير نافذ ولكن عدم نفاذ العقد لايعني بطلان العقد ، فعدم نفاذ العقد يتعلق بآثار العقد بينما البطلان ينصب على العقد ذاته ، في حالة فقدانه أحد اركانه ، مثلاً ، يكون العقد باطلاً . من جهة ثانية ، لايكون دقيقاً جعل مفهوم تصحيح العقد مقتصراً على زوال البطلان ، بمعنى ان التصحيح نطاقه العقد الباطل فقط ، فلا يرد على غيره، فهذا القول غير دقيق لأن تصحيح العقد يهدف الى الأبقاء على العقد وانقاذه من الزوال، وهذا الأثر يتحقق في حالتي البطلان أو التهديد به ، فالتهديد بالبطلان يجعل العقد معرضاً للزوال ببطلانه ، لذا فخلال مدة التوقف وقبل تقرير مصير العقد ، من الممكن التخلص من هذا التهديد بتصحيح العقد ، ومن ثم يكون هدف التصحيح ليس زوال البطلان وانما زوال التهديد به واستقرار العقد صحيحاً بصورة نهائية غير قابل للبطلان بعد ذلك ، إلا ان هذا لايعني ان العقد قبل تصحيحه كان باطلاً ، بل انه كان صحيحاً ولكنه مهدداً بالبطلان ، فنحن هنا أمام تصحيح لعقد معيب(15)، وليس تصحيحاً لعقد باطل ، لذا لم يكن وصف الدكتور السنهوري للعقد الموقوف بأنه عقد باطل يصحح بالأجازة ، وصفاً دقيقاً(16). أما اذا أُبطل العقد الموقوف بعد رفض اجازته ، ممن له الحق في ذلك ، عندها يخضع لأحكام العقد الباطل ، فأثر نقض العقد يستند الى وقت اتمام العقد بأثر رجعي ، ويجب اعادة الحال الى ماكان عليه قبل التعاقد (17). فالبطلان يكون مصير العقد الموقوف بعد رفض إجازته . إلا إن هذا لايعني بأن قانوننا المدني قد خلط بين العقد الموقوف والعقد القابل للابطال في المادة (138/3) بأعتبار ان عقد ناقص الأهلية ، في هذه الحالة ، يعد عقداً قابلاً للابطال(18). فلانتفق مع هذا الرأي فالمادة (138/ف3) قد اشارت الى المرحلة الثانية التي يمر بها العقد الموقوف وهي المرحلة التي يتحدد فيها مصيره، أما بتصحيحه بصورة نهائية بواسطة اجازته ممن له الحق في ذلك ، أو ببطلانه عندما يرفض الأجازة ، ففي الحالة الأخيرة ، يُبطل العقد ، فيكون مصيره البطلان وعندها لايرد ناقص الأهلية غير ما عاد عليه من منفعة . فعقد ناقص الأهلية عقد غير نافذ موقوف على الاجازة مع احتمالية رفضها وبطلان العقد ، لانه لو كان عقداً نافذاً قابلاً للأبطال لأصبحت الاجازة مقتصرة على ناقص الأهلية لوحده ، دون الولي أو الوصي ، بينما وفقاً لاحكام القانون العراقي يمكن ان تصدر الأجازة من ناقص الاهلية بعد بلوغه سن الرشد أو من قبل الولي أو الوصي(19). ثم ان ما قررته المادة (138/3) عن احتمالية بطلان عقد ناقص الأهلية لايختلف عما قررته المادة (134/1) من حيث اجازت للمتعاقد في العقد الموقوف لحجر أو اكراه أو غلط أو تغرير ، نقض العقد ( ابطاله ) ، بعد زوال الحجر أو ارتفاع الاكراه او تبين الغلط او انكشاف التغرير . وهذا يعني ، أن عقد نقص الأهلية يكون قابلاً للأبطال في القانون المدني المصري ، وموقوفاً وفقاً لقانوننا المدني ، وفي الحالتين يمكن تصحيحه بالأجازة .
فالعقد الموقوف هو قسم من أقسام العقد الصحيح ، فهو عقد غير نافذ ، لذا لايمكن وصف العقد الموقوف بأنه مرتبة من مراتب البطلان(20)، فالعقد الموقوف عقد قائم بذاته وله مميزاته المستقلة عن العقود الأخرى ، وانه نوع من انواع العقد الصحيح ، فهو لايعد عقداً باطلاً ، فهناك اختلافات جوهرية مابين العقدين ، فالعقد الباطل لاوجود له قانوناً أو شرعاً ، إلا من جهة الصورة ، بينما العقد الموقوف له وجود شرعي أو قانوني ، وهذا الوجود يترتب عليه كون العقد الموقوف ترد عليه الأجازة ، وبها ينتج آثاره القانونية أو الشرعية ، بينما العقد الباطل لاترد عليه الأجازة ، وفي العقد الباطل لكل ذي مصلحة التمسك بالبطلان ، وكذلك يمكن ان يتمسك به كل من المتعاقدين ، أما في العقد الموقوف فلا يكون التمسك بسبب وقف العقد إلا من كان التوقف لمصلحته(21). فأذا كان العقد موقوفاً ، فخلال مرحلة التوقف وقبل تقرير مصير العقد ، يكون العقد قابلاً للتصحيح ، فهو يكون موقوفاً لان صحته أو بطلانه لم يتقرر بعد بصفة نهائية ، وتكون وظيفة التصحيح هنا ، زوال التهديد بالبطلان واستقرار صحة العقد على وجه نهائي ، فبعد تصحيحه لايكون معرضاً بعد ذلك للبطلان بأي حال من الأحوال . ويحصل التصحيح عن طريق الأجازة أو بوسائل أخرى يترتب عليها زوال التهديد بالبطلان ، وأيّاً كان سبب التوقف سواء أكان راجعاً الى خلل في عنصر التراضي أم كان راجعاً الى عدم الولاية على محل العقد ، ففي هذه الحالات جميعاً يكون العقد قابلاً للتصحيح(22). ويعد العقد موقوفاً في القانون المدني العراقي في الحالات الآتية :
1- اذا صدر من ناقص الاهلية كالصغير المميز والسفيه وذي الغفلة وكان العقد من عقود المعاوضات ، ذلك ان تصرفات ناقص الاهلية اذا كانت دائرة بين النفع والضرر ، وهي المعاوضات بصورة عامة ، لاتعد باطلة بل تنعقد صحيحة ولكنها موقوفة على اجازة وليه(23).اما اذا كان التصرف تبرعاً فيعد باطلاً وان كان من التصرفات النافعة نفعاً محضاً فيعد صحيحاً ونافذاً ولو بدون إذن الولي .
2- اذا كانت ارادة احد العاقدين مشوبة بعيب من عيوب الارادة التي تجعل العقد موقوفاً وهي الاكراه والغلط والتغرير مع الغبن(24). أما الاستغلال فأنه لايمنع من نفاذ العقد وانما يجيز القانون للمتعاقد المغبون أن يطلب خلال سنة من تاريخ العقد برفع الغبن عنه الى الحد المعقول اذا كان العقد معاوضة وان يطالب بنقض العقد، اذا كان تبرعاً خلال المدة نفسها(25).
3- اذا تصرف أحد في ملك غيره بدون إذن المالك ، فأن العقد ينعقد موقوفاً على اجازة المالك(26).
4- اذا ابرم الوكيل عقداً جاوز فيه حدود وكالته ، أو إذا عمل دون توكيل أصلاً ، فأن نفاذ العقد في حق الموكل يبقى موقوفاً على إجازته(27).
كل ما تقدم ، كان بياناً للعقد الموقوف وبما يتفق مع مفهوم تصحيح العقد ، فقد أتضح لنا أن العقد الموقوف هو تصرف منعقد وصحيح ولكن آثاره المقصودة منه، لاتترتب عليه نافذة في الحال ، وإنما تنفذ بالأجازة الصريحة أو الضمنية(28). فالعقد الموقوف عقد مهدد بالزوال لأمكانية بطلانه ممن له الحق في ذلك ، لذا يمكن تصحيحه ، اثناء مرحلة التوقف التي يكون خلالها مهدداً بالبطلان ، بمعنى ان تصحيحه سيؤدي الى استقراره صحيحاً على وجه نهائي بزوال القابلية للبطلان التي كان يتصف بها(29). إلا أن هذا التصحيح لايكون مقتصراً على العقد الموقوف، وإنما يمكن تصحيح العقد القابل للأبطال ، بوسائل يترتب عليها زوال التهديد بالبطلان وأستقرار العقد صحيحاً بصورة نهائية غير قابل للبطلان ، فكلا العقدين ، الموقوف والقابل للأبطال ، عقد صحيح له وجود شرعي وقانوني، لكن صحتهما غير مكتملة ، بمعنى ان كلاً منهما عقد متردد بين الصحة والبطلان ولايستقر إلا بتصحيحه. بعبارة أخرى ، إن كلاً منهما عقد متأرجح بين البطلان والصحة ، على الرغم من أنهما من أقسام العقد الصحيح ، وبالتصحيح يستقر على جانب الصحة بشكل نهائي . فما المقصود بالعقد القابل للأبطال التي يتم تصحيحه بزوال التهديد بالبطلان واستقراره صحيحاً غير قابل للبطلان ، وهل يوجد اختلاف بينه وبين العقد الموقوف بما يتعلق بتصحيح كلٍ منهما ؟ وهذا ما سيتم البحث فيه في الفرع التالي .
الفرع الثاني : العقد القابل للأبطال
أن العقد القابل للأبطال أو الباطل بطلاناً نسبياً ، قد تم تحديد مفهومه وفقاً لاتجاهين ، الاول ، يعتمد على التمييز بين شروط الانعقاد وشروط الصحة ، فيكون العقد قابلاً للأبطال اذا توافرت اركانه وشروط المحل والسبب ، إلا إنه أختل ركن الرضا فيه ، اما الاتجاه الثاني ، فيحدد مفهوم هذا العقد استناداً الى المصلحة التي تحميها القاعدة القانونية التي جاء العقد مخالفاً لها ، فاذا كانت تلك القاعدة هدفها حماية المصلحة الخاصة ، كان العقد المخالف عقداً قابلاً للأبطال أو باطلاً بطلاناً نسبياً(30). وعلى هذا الاساس ، يكون العقد قابلاً للأبطال في حالة إذا كان أحد المتعاقدين ناقص الاهلية كالصبي المميز ومن في حكمه كالمحجور عليه للسفه أو الغفلة . وكذلك يكون العقد قابلاً للابطال إذا شاب رضا أحد المتعاقدين غلط أو تدليس أو اكراه أو استغلال. (( فالتراضي يكون موجوداً مستوفياً لشروطه حتى لو صدر من ناقص الأهلية ، وحتى لو شاب الرضا عيب من غلط أو تدليس أو اكراه او استغلال ، في هذه الاحوال يكون الرضاء قائما موجوداً ، ولكنه يكون معيباً غير صحيح ، فالأهلية وخلو الرضاء من العيوب هما شرطا الصحة في ركن التراضي. فأذا اختل شرط منهما ، فأن هذا لايمنع من أن العقد ينعقد ما دام قد استوفى اركانه وما دامت الاركان قد توافرت فيها الشروط الواجبة ، ومتى انعقد العقد ، ترتبت عليه آثاره للحال ، ولكن يبقى أن العاقد ناقص الأهلية أو العاقد الذي شاب رضاءه عيب ، يكون من حقه أن يحميه القانون إذا هو طلب هذه الحماية . فله وحده ان يطلب ابطال العقد كما له ان يجيزه ، وقبل طلب الأبطال أو الأجازة ينفذ العقد وتترتب على جميع آثاره ، وأستمر العقد في انتاج آثاره كما لو كان عقداً صحيحاً منذ البداية . ذلك بأن حق العاقد في ابطال العقد هنا أنما قرره القانون لا لحماية مصلحة عامة بل لحماية مصلحة العاقد الخاصة يعالج به ما أعتور تمييزه من نقص أو ما شاب رضاؤه من عيب . فعلى العاقد أن يتولى بنفسه الانتفاع بما بسطه القانون من الحماية ، فأذا هو لم يفعل ، فهذا دليل على انه لم يضار بالعقد أو انه قد نزل عن حقه الخاص وفي الحالتين لايكون حاجة الى حماية القانون))(31). وكذلك يكون عقد بيع ملك الغير في القانون المدني المصري قابلاً للابطال لمصلحة المشتري وفي الوقت نفسه غير نافذ في مواجهة المالك(32). يتضح لنا ان العقد القابل للابطال يقابل في جزء منه الحالات التي يواجهها العقد الموقوف ، فعقد ناقص الأهلية ومن شاب رضاءه عيب ، موقوف في القانون المدني العراقي وقابل للابطال في القانون المدني المصري والقوانين المتأثرة بالفقه الغربي . ولابد من الاشارة الى القوانين التي أخذت بفكرة العقد القابل للابطال قد أضطرت الى الأستعانة بفكرة أخرى اضافتها الى فكرة العقد القابل للأبطال ، في حالة بيع ملك الغير ، فجعلت العقد ، الى جانب كونه قابلاً للابطال ، غير نافذ في حق المالك الحقيقي ، فعدم النفاذ لايكون إلا بالنسبة لهذا الغير وهو الأجنبي عن العقد ، فلا ينفذ في حقه عقد لم يشترك فيه ، فبيع ملك الغير ، صحيح منتج لاثره فيما بين طرفيه قبل أن يجيزه المالك الحقيقي ،ولكنه لايسري في مواجهة الأخير قبل اقراره له ، أما بالنسبة للقوانين التي أخذت بالعقد الموقوف ، يعد بيع ملك الغير عقداً موقوفاً ( غير نافذ ) في مواجهة جميع الاطراف ( البائع ،المشتري والمالك الحقيقي) فلم نكن هنا بحاجة الى الاستعانة بفكرة عدم السريان(33). والعقد القابل للابطال لم تتقرر قابليته للابطال إلا لمصلحة أحد المتعاقدين ، فهذا المتعاقد وحده دون المتعاقد الآخر هو الذي يجوز له أن يتمسك بالبطلان ، فلو كان سبب القابلية للابطال نقص الأهلية فناقص الأهلية وحده الذي يتمسك بالبطلان(34). وعليه ، فالبطلان هنا لايتحقق إلا بعد أن يتمسك به شخص محدد، وهو من شُرِعَ البطلان لمصلحته دون غيره وليس للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها ، إلا ان المحكمة تقضي به إذا ثبت لها سببه ، فالبطلان لايتقرر الا بحكم من القضاء أو بأتفاق المتعاقدين ، فأذا لم يتم الاتفاق على ابطال العقد ، فالعقد لايبطل حتى يرفع ذو المصلحة من المتعاقدين دعوى البطلان ويحصل على حكم بذلك ، فلا يجوز أن يستقل بأعلان البطلان بأرادته المنفردة(35). وعليه ، فالعقد القابل للابطال ، عقد نافذ منتج لكل آثاره ، حتى يتم أبطاله ممن له مصلحة في ذلك ، فأذا أبطل زالت آثاره بآثر رجعي يمتد الى يوم إنعقاده . وفي هذا الصدد يذكر الدكتور السنهوري (( فهذا العقد يمر على مرحلتين : المرحلة الاولى : قبل أن يتعين مصيره بالأجازة أو الأبطال ، ويكون له في هذه المرحلة وجود قانوني كامل ، فينتج كل الآثار القانونية التي كانت تترتب عليه لو نشأ صحيحاً. والمرحلة الثانية : يلقى فيها أحد مصيرين ، فأما أن تلحقه الأجازة أو يتم في شأنه التقادم ، فيزول البطلان ويستمر العقد صحيحاً منشئاً لجميع آثاره، فلا يعود هناك فرق بينه وبين العقد الصحيح . وأما أن يتقرر بطلانه فينعدم وجوده القانوني إنعداماً تاماً وتزول جميع الآثار القانونية التي أنشأها ، ويكون لهذا كله اثر رجعي ، فلا يعود هناك فرق بينه وبين العقد الباطل بطلاناً مطلقاً . فالعقد الباطل بطلاناً نسبياً لايعدو في مآله أن يكون عقداً صحيحاً إذا لحقته الاجازة أو ورد عليه التقادم ، أو عقداً باطلاً بطلاناً مطلقاً إذا تقرر بطلانه ، فهو أما عقد صحيح على الدوام وأما عقد باطل بطلاناً مطلقاً منذ البداية ….))(36).
ما جاء به الدكتور السنهوري يقودنا الى القول بأن البطلان ليست له مراتب ، فلا يوجد بطلان مطلق وبطلان نسبي ، وانما البطلان على درجة واحدة(37). لذا يمكننا ان نكتفي بوصف العقد بـ ( الباطل ) دون تحديد لصفة البطلان ، اما العقد القابل للابطال ، فهو عقد ( صحيح معيب مهدد بالبطلان ) وتصحيحه هو تصحيح للعقد المهدد بالبطلان ، وليس تصحيحاً للعقد الباطل . ودليلنا على ذلك ، مايلي:
أولاً : لايمكن أن يوصف العقد بأنه صحيح وباطل في وقت واحد ، فالعقد القابل للأبطال ، صحيح قبل تقرير مصيره ، ولكنه يوصف بأنه قسم من أقسام العقد الباطل ، نرى أن في ذلك تناقضاً يجب رفعه ، ومن أجل ذلك نقول : ان المرحلة التي تسبق تقرير مصير العقد القابل للابطال هي التي تتناسب مع طبيعة هذا العقد، فخلال هذه المرحلة ، يكون العقد صحيحاً منتجاً لآثاره ولكن وجوده مهدداً بالزوال لوجود عيب ملازم له منذ نشأته ، يجعل وجوده قلقاً غير مستقر ، فالعقد خلال هذه المدة صحيح نافذ ، وعليه ، نرى ، بأن هذا العقد لايمكن أن يكون قسماً من اقسام العقد الباطل ، بل هو قسم من أقسام العقد الصحيح ، فهو عقد صحيح قابل للأبطال ، ويمكن أن نفرق – بهذا الصدد – بين نوعين للعقد الصحيح، النوع الأول ، عقد صحيح لازم بصورة نهائية ، فآثاره قد ترتبت بصورة نهائية وثابتة ، فهو لم يختل فيه شرطا الأهلية وخلو الأرادة من العيوب ، وهو عقد لايقبل التصحيح . اما النوع الثاني فهو عقد صحيح قابل للابطال ، وهو عقد ترتبت آثاره جميعها ولكنه قد تخلف فيه أحد هذين الشرطين ، الأهلية أو خلو الارادة من العيوب ، لذا نرى أن هذين الشرطين لايمكن وصفهما بأنهما شرطا صحة العقد ، وإنما هما شرطان لاكتمال صحة العقد ، لأن تخلفهما يجعل العقد صحيحاً قابلاً للأبطال ، أي أن صحته غير مكتملة ، ولم يؤدِ الى بطلانه . وهذا العقد قابل للتصحيح ،الذي يؤدي الى إستقراره صحيحاً بشكل نهائي.
أما المرحلة الثانية وهي مرحلة ما بعد تقرير مصير العقد القابل للأبطال ، فينتهي هذا العقد بأحد طريقين ، الأول : تصحيحه بزوال التهديد بالبطلان ، واستقرار العقد صحيحاً بصفة نهائية . اما الطريق الثاني فهو بطلانه عند التمسك بالبطلان ممن له مصلحة في ذلك عندها ينقلب الى عقد باطل بأثر رجعي . ففي أحد هذين الطريقين ينتهي وصف القابلية للابطال .
ثانياً : اذا رفض اجازة العقد القابل للابطال من له مصلحة في التمسك بالبطلان ، فأن هذا العقد ينقلب الى عقد باطل ، بمعنى ينتهي وصف القابلية للابطال ، وندخل في وصف آخر هو وصف البطلان ، إذ تكون آثاره آثار العقد الباطل ، فيعاد المتعاقدان الى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد(38). ويكون قابلاً للتحول الى عقد آخر اذا توافرت شروط التحول ، حيث جاء في المادة ( 144 ) من القانون المدني المصري (( اذا كان العقد باطلاً أو قابلاً للابطال وتوافرت فيه اركان عقد آخر….)) . فالمقصود بوصف (( قابلاً للأبطال )) الوارد في هذه المادة ، هو العقد القابل للأبطال بعد أن يتحقق ابطاله ، وليس قبل ذلك ، لأن العقد قبل ذلك يكون صحيحاً ، ولايرد التحول على العقود الصحيحة بمقتضى النص ، فالتحول انما يرد على العقود الباطلة فقط(39). وكذلك الأمر بأستبعاد جزء من العقد إذا كان قابلاً للأبطال وفقاً لفكرة انتقاص العقد الباطل ، ولكن بعد أن يتحقق أبطاله(40). وعلى هذا ، يكون تقسيم البطلان الى مطلق ونسبي لامسوغ له ، فهو تقسيم من جهة وقت تحقق البطلان ، فالبطلان يتحقق في المطلق منذ البداية ، أما في البطلان النسبي ، فأن الوجود القانوني للعقد يؤدي الى تأخير حصول البطلان الى وقت التمسك به من قبل المتعاقد الذي له مصلحة في ذلك ، فأذا تمسك به ، تحقق البطلان وعندها لايكون هناك فرق بينه وبين البطلان المطلق ، لأن البطلان يتحقق ، ايضاً ، بأثر رجعي يمتد الى وقت انشاء العقد(41). من جهة أخرى ، لايمكن وصف البطلان بالنسبي لمجرد إن متعاقداً واحداً له الحق بالتمسك به دون ان يُعطى هذا الحق للمتعاقد الآخر ، عكس البطلان المطلق ، الذي يمكن لكل شخص ان يتمسك به ، فهذه التفرقة ليس لها اثر على وحدة البطلان ، فسواء تمسك به أحد المتعاقدين أو أعُطي الحق لكل من له مصلحة في ذلك فهو بطلان واحد ، وهذا ما يتجلى في وحدة الآثار المتحققة في النوعين(42) . وكذلك تتجلى هذه الوحدة في خضوع كل منهما ، سواء أكان مطلقاً ام نسبياً للتصحيح ، فلم يعد تصحيح العقد مقتصراً على البطلان النسبي ، وانما العقد الباطل بطلاناً مطلقاً يمكن تصحيحه برفع البطلان عنه ، والابقاء على العقد مصححاً بأثر رجعي(43). فضلاً عن ذلك ، (( فأن الفقه والقضاء لم يستقر على معيار كامل الوضوح لتحديد حالات البطلان المطلق وحالات البطلان النسبي ، وان نتيجة عدم القرار على هذا المعيار أن أخذ البعض في تحديد حالات هذا وذاك دون ان يكتفوا بوضع معيار لتوزيع حالات البطلان على نوعيه ))(44). وعلى هذا ، فأن البطلان المطلق لم يعد محافظاً على وحدة موضوعاته وتجانسها ، فلم تعد موضوعاته فئة واحدة ، فقد أصبح العقد المخالف للنظام العام الاقتصادي للحماية خاضعاً للبطلان النسبي بدلاً من البطلان المطلق(45). وكذلك لم يعد فقدان العقد لركن من اركانه معاقباً عليه بالبطلان المطلق ، فغياب السبب، أصبح ضمن نطاق البطلان النسبي وليس المطلق ، طبقاً للفقه والقضاء الفرنسيين(46). وعلى الرغم من وحدة البطلان ، إلا ان أسبابه مختلفة ، فقد ترجع الى تخلف ركن من أركانه أو شرط من شروط المحل أو السبب ، وقد يكون سبب البطلان راجعاً الى تخلف شرط من شروط صحة التراضي ، ورفض من له حق التمسك بالبطلان أجازة العقد .
ثالثاً : طبيعة العقد القابل للأبطال تبعده عن البطلان وتقربه من الصحة ، فهو عقد صحيح قابل للأبطال ، وليس عقداً باطلاً قابلاً لاكتساب الصحة عن طريق الأجازة وعليه ، فأن وصف العقد بـ ( البطلان النسبي ) لايتناسب مع طبيعة هذا العقد ، لان هذا الوصف يعني ان العقد يكون باطلاً منذ البداية ويكتسب الصحة بالأجازة . لذا نتفق مع البعض(47)، في انتقاد وصف العقد بـ ( البطلان النسبي ) ونرى بأن وصفه بـ ( القابل للأبطال ) تجعله عقداً صحيحاً مهدداً بالبطلان ، فقد يبطل إذا أُستعمل حق الأبطال ، ويدعم رأينا هذا ، موقف القانون المدني المصري، إذ عدل عن التعبير القديم ( البطلان النسبي ) الى تعبير ( القابل للابطال ) .
رابعاً : ان تصحيح العقد القابل للابطال يتحقق بزوال التهديد بالبطلان ، فهذا العقد كان صحيحاً ، قبل تصحيحه ، إلا ان صحته غير مكتملة ، فهو مشوب بعيب يجعله مهدداً بالبطلان ، أي متأرجحاً بين الصحة والبطلان ، فهو قابل للابطال لان صحته لم تتقرر بعد بصفة نهائية ، فيأتي تصحيح العقد ليؤكد صحة هذا العقد بصفة نهائية لايكون بعدها قابلاً للأبطال ، ويتحقق التصحيح بوسائل يترتب عليها زوال التهديد بالبطلان ، منها اجازة العقد ممن له الحق في ذلك ، وكذلك التقادم ، فالعقد القابل للأبطال يصحح بالإجازة والتقادم(48) . وهذا يعني ان هذا العقد ليس قسماً من اقسام العقد الباطل لان الاجازة لاترد على العقد الباطل ، فتصحيحه بهذه الوسائل هو تصحيح للعقد المهدد بالبطلان وليس تصحيحاً للعقد الباطل ، بمعنى آخر ، إن تصحيح العقد القابل للابطال يهدف الى اكمال صحة العقد بعد أن كانت ناقصة وغير مكتملة ، فكان مشوباً بعيب يهدده بالبطلان ولم يكن كامل الصحة أما تصحيحه فقد أدى الى استقرار وجوده نهائياً بعد ان كان مهدداً بالزوال ، فبعد تصحيحه لايكون قابلاً للأبطال(49). كما هو الحال في العقد الموقوف ، فهو عقد غير مكتمل الصحة ، أثناء مرحلة التوقف ، أي قبل تقرير مصيره ،ويمكن تصحيحه بالأجازة أو التقادم ، وعندها تكتمل صحة العقد الموقوف وبأثر رجعي(50).
___________________
1- انظر في تفصيل ذلك ، د. عبد الرزاق حسن فرج / نظرية العقد الموقوف في الفقه الاسلامي / دراسة مقارنة بالقانون المدني / دار النهضة العربية / القاهرة /1969 /ص24.
2- والاجازة ليست الوسيلة الوحيدة التي يتم من خلالها تصحيح العقد الموقوف وانما هناك وسائل أخرى ، كالتقادم ووسائل أخرى، تخضع لمعنى التغيير في عنصر من عناصر العقد ، سنتطرق اليها عند بيان التطبيقات التشريعية لتصحيح العقد المهدد بالبطلان ، انظر في تصحيح العقد بالاجازة ، القرار 1043 /هـ1 /2000/ منشور في مجلة القضاء /السنة 54/ الاعداد 1-4/2000/ص178-179.
3- كالقانون المدني المصري الذي تأثر بالقانون الفرنسي ، وكذلك القانون السوري والليبي واللبناني والكويتي ، إذ أخذت كل هذه القوانين بالعقد القابل للأبطال .
4- أنظر د. عبد المنعم فرج الصدة / مصادر الالتزام /مكتبة ومطبعة مصطفى الحلبي /القاهرة / 1960 / ص284 -285.
5- أنظر في ذلك : د. سمير عبد السيد تناغو / مصادر الالتزام /1999 -2000 / ص92 -104 .
6- أنظر تفصيل أحكام هذا العقد ، الدكتور السنهوري /مصادر الحق /الجزء الرابع /مصدر سابق /ص198ومابعدها ، وكذلك الدكتور عبد المجيد الحكيم ، الموجز في مصادر الاللتزام /مصدر سابق /ص314-315.
7- أنظر في ذلك ، الدكتور السنهوري /الوسيط في شرح القانون المدني /الجزء الأول /مصدر سابق /ص488، د. جميل الشرقاوي /مصدر سابق /ص168 ، استاذنا الدكتور حسن علي الذنون /النظرية العامة للفسخ في الفقه الأسلامي والقانون المدني /دراسة مقارنة /رسالة دكتوراه مقدمة الى كلية الحقوق بجامعة فؤاد الأول /مطبعة نهضة مصر /القاهرة /1946/ص34.
8- انظر المادتين (111/113)من مجلة الاحكام العدلية اللتان قد تعرضتا لعقد البيع الموقوف ، أنظر في ذلك ، علي حيدر / درر الحكام / شرح مجلة الاحكام /تعريب المحامي فهمي الحسيني /الكتاب الاول / ج1 / البيوع/ بيروت – بغداد / بدون سنة طبع / ص 94 -95.
9- د. عبد الرزاق حسن فرج / مصدر سابق/ص43 .
10- الاستاذ مصطفى أحمد الزرقاء / الفقه الاسلامي في ثوبه الجديد / جـ1 / المدخل الفقهي العام / الطبعة السادسة / مطبعة جامعة دمشق /1959 / ص414 -415.
11- د. محمد زكي عبد البر / العقد الموقوف في الفقه الاسلامي وفي القانون المدني العراقي وما يقابله في القانون المدني المصري / بحث منشور في مجلة القانون والاقتصاد / العدد الاول والثاني / السنة الخامسة والعشرون / مارس ويونيو / 1955 /ص8 .
12- د. محمود سعد الدين الشريف / شرح القانون المدني العراقي / نظرية الالتزام / مصادر الالتزام / مطبعة العاني / بغداد / 1955 /ص247 .
13- الاستاذ الدكتور عبد الرزاق السنهوري / مصادر الحق / جـ4 / مصدر سابق /ص276.
14- د. شفيق شحاته / النظرية العامة للالتزامات في الشريعة الاسلامية / الجزء الاول / طرفا الالتزام / مطبعة الاعتماد /مصر / بدون سنة طبع /ص158.
15- وهذا ما ذهب اليه استاذنا الدكتور حسن علي الذنون إذ ذكر بهذا الشأن (( العقد الباطل لاتلحقه الاجازة ، لأن الاجازة تصحيح عقد معيب ، والعقد الباطل منعدم ، وتصحيح المعدوم غير متصور …)) انظر في ذلك د. حسن الذنون/محاضرات في النظرية العامة للالتزامات / مصدر سابق / ص56 .
16- حيث ذكر بهذا الصدد (( والواقع من الأمر ان العقد الذي يتردد بين مرتبتي البطلان والصحة يتصور فيه أحد امرين : أما ان يجعل العقد باطلاً حتى يصح ، وهذا ما أختاره الفقه الأسلامي …)) أنظر في ذلك د. السنهوري / مصادر الحق / جـ4 / مصدر سابق / ص276.
17- أما بعد انتهاء مرحلة التوقف ورفض الاجازة ممن له الحق في ذلك ، فأن العقد لايمكن تصحيحه بوسائل تصحيح العقود المهددة بالبطلان ، فيذكر الدكتور أحمد يسري في هذا الصدد (( لما كان سبب عدم الصحة هنا مستقراً في التصرف نفسه فلا يمكن تصحيح التصرف بعد انتهاء الوقف على وجه سلبي بأي حال ، فأن التصرفات التي من هذا النوع تشبه التصرفات الباطلة الى اكبر حد ، … فيجب ان يلقى نفس معاملة التصرف الباطل ….)) ، انظر في ذلك د. احمد يسري / مصدر سابق / ص115 .
18- فقد ذهب الى هذا /استاذنا الدكتور مصطفى ابراهيم الزلمي / الالتزامات في الشريعة الاسلامية والتشريعات المدنية العربية /شركة السعدون للطباعة والنشر /بغداد/2000/ص178.
19- إذ يتبين من المادتين (97 ،136/ف3 ) من قانوننا المدني بأن العقد يكون صحيحاً موقوفاً على الأجازة الصادرة من ناقص الأهلية أو من قبل الولي أو الوصي . أما ما جاءت به الفقرة (3) من المادة (138) فهي أشارة الى المرحلة الثانية التي يمكن أن يمر بها العقد الموقوف وهي البطلان عند رفض اجازة العقد . إذ نصت على أنه (( ومع ذلك لايلزم ناقص الأهلية إذا بطل العقد لنقص أهليته …)) بينما نصت المادة (142/ف2) من القانون المدني المصري (( ومع ذلك لايلزم ناقص الأهلية إذا أبطل العقد لنقص أهليته ….)) ومعنى هذا أن العقد يكون نافذاً ولكنه معرضاً للبطلان عند استعمال حق الأبطال من قبل ناقص الأهلية.
20- فقد ذهب بعض الفقهاء الى ان العقد الموقوف مرتبة من مراتب البطلان ، فهذا القول غير دقيق للاسباب التي بيناها اعلاه ، ومن هؤلاء ، الدكتور صاحب عبيد الفتلاوي / مصدر سابق /ص 54-55 ، الدكتور احمد يسري / مصدر سابق /ص113-121 ، وكذلك الدكتور السنهوري / مصادر الحق / جـ4 / مصدر سابق /ص276.
21- انظر في ذلك ، د. ميري كاظم عبيد / العقد الموقوف في الفقه الاسلامي والقانون المدني / دراسة مقارنة / رسالة دكتوراه مقدمة الى كلية الحقوق / جامعة النهرين / 1999 / ص216-217.
22- ويتم تصحيحه بوسائل يترتب عليها عدم قابلية العقد للبطلان بعد ذلك ، ومن هذه الوسائل الاجازة والتقادم ، إذ يترتب عليها استقرار العقد صحيحاً بصورة نهائية بعد أن كان موقوفاً متردداً بين الصحة والبطلان ، انظر على سبيل المثال المادة (592/ف2 ) من قانوننا المدني، وسنرى تطبيقات هذا التصحيح بصورة مفصّلة في الصفحات القادمة من الأطروحة .
23- انظر المادة (97 ) من قانوننا المدني .
24- انظر المواد ( 115،117، 118، 121 ) من قانوننا المدني .
25- انظر المادة (125 ) من قانوننا المدني .
26- انظر المادة (135/فقرة (1) ) من قانوننا المدني .
27- انظر المادة (944/فقرة (1) ) من قانوننا المدني .
(28) د. محمد بن محمد بن محمد بن اسماعيل الغشم /أجازة التصرفات / دراسة مقارنة / رسالة دكتوراه مقدمة الى كلية الحقوق – جامعة القاهرة / 1995 /ص71.
(29) وهناك تطبيقات عديدة لتصحيح العقد الموقوف سيتم التطرق اليها عند استعراض تطبيقات تصحيح العقد المهدد بالبطلان .
(30) وقد تأثر القانون المدني المصري في تنظيمه لأحكام العقد القابل للأبطال ، بالقانون المدني الفرنسي الذي اشار الى نوعي البطلان ، المطلق والنسبي ، في المادة (1117) منه.، انظر تفصيل ذلك ص 24 هامش (3) من الأطروحة .
(31) د. السنهوري / مصادر الحق / جـ 4 / مصدر سابق / ص90.
(32) فقد نصت المادة (466) من القانون المدني المصري على ذلك إذ جاء فيها (( 1- باع شخص شيئاً معيناً بالذات وهو لايملكه جاز للمشتري أن يطلب ابطال البيع . ويكون الأمر كذلك ولو وقع البيع على عقار ، سجل العقد او لم يسجل . 2- وفي كل حال لايسري هذا البيع في حق المالك للعين المبيعة ولو أجاز المشتري العقد )).
(33) وفي هذا ترجيح لفكرة العقد الموقوف على العقد القابل للأبطال ، من جهة أخرى ، من الأفضل لاستقرار المعاملات هو أن يوقف العقد حتى ترد الأجازة لا أن يعد نافذاً ، ثم يبطل .أنظر في هذا الصدد ، د. عبد الرزاق حسن فرج /مصدر سابق /ص132.
(34) فقد جاءت المادة (138 ) من القانون المدني المصري ، بهذه الاحكام ، فقد نصت (( اذا جعل القانون لأحد المتعاقدين حقاً في ابطال العقد فليس للمتعاقد الآخر أن يتمسك بهذا الحق ).
(35) د. محمد بن محمد بن محمد أسماعيل الغشم / مصدر السابق / ص138-139.
(36) د. السنهوري / الوسيط في شرح القانون المدني /الجزء الاول /مصدر سابق /ص491.
(37) وفي هذا الرأي نتفق مع الدكتور السنهوري /الوسيط /الجزء الاول /مصدر سابق /ص491 ، وفي مصادر الحق /الجزء الرابع /المصدر السابق/ ص87 ، وفي نظرية العقد / مصدر سابق / ص618 . وكذلك الدكتور عبد الفتاح عبد الباقي / موسوعة القانون المدني المصري / نظرية العقد والارادة المنفردة / دراسة مقارنة بالفقه الاسلامي / مطبعة النهضة / القاهرة / 1984 /ص465.
(38) فقد جاء في الفقرة الاولى من المادة (142 ) من القانون المدني المصري (( في حالتي ابطال العقد وبطلانه يعاد المتعاقدان الى الحالة التي كانا عليها قبل العقد فاذا كان هذا مستحيلاً جاز الحكم بتعويض معادل )).
(39) د. احمد يسري / مصدر سابق /ص133.
(40) انظر المادة (143 ) من القانون المدني المصري وعلى هذا ، يكون العقد القابل للابطال خاضعاً للانتقاص والتحول بعد ان يتحقق بطلانه بالتمسك به ، اما قبل ذلك فهو عقد غير خاضع للتحول والانتقاص لذا يفضل نص المادتين 139، 140 من قانوننا المدني التي جعلت نطاق الانتقاص والتحول مقتصراً على العقد الباطل .
(41) د. صالح ناصر العتيبي /مصدر سابق /ص97.
(42) د. جميل الشرقاوي / مصدر سابق / ص366، 415.
(43) انظر في ذلك ،قرار محكمة النقض المصرية رقم 7448 لسنة 63ق في 14/4/1994، المنشور في مجموعة احكام النقض /س45/جـ1/ص709 ومابعدها . وانظر في تصحيح العقد الباطل في الفقه الفرنسي:
TERRE ‘ ، SIMLER et LEQUETTE ،op.cit، p.398. STARCK، ROLAND et BOYER obligations ، 2contract ،quatrie’me e’dition، 1993، p.338.
(44) د. جميل الشرقاوي / مصدر سابق /ص365.
(45) جاك غستان / مصدر سابق / ص114 .
(46) TERRE ‘ ،SIMLER et EQUETTE ،op. cit ، p. 399.
وانظر قرار لمحكمة النقض الفرنسية بهذا الشأن مشار اليه في هذا المصدر:
Cass 1re civ ، 9nov ، 1999 ، Defre’nois ،2000 ، obs ،AUBERT ، D.2000. 507 ،CRISTAU.
وفي هذا المعنى يذكر الفقيه الفرنسي جاك غستان (( يعتبر غياب السبب عيباً له خطورته الخاصة التي تتعلق بالصالح العام … أي انه يؤدي الى البطلان المطلق للعقد … إلا ان غياب السبب قرينة قانونية على عيب في الرضا أو هو نتيجة عيب الرضا والغبن ، وبما ان عيوب الرضا أو الغبن لاتسوغ سوى بطلان نسبي ، وبما ان ليس من الأكيد ان الصالح العام يتطلب البطلان المطلق للعقد المجرد من السبب ، لذا يكون الحل منازعاً عليه وغير مستقر على وجه العموم)).
انظر جاك غستان / المصدر السابق /ص966-967 ، وقد اورد قرارات صادرة من محكمة النقض الفرنسية تدعم هذا الرأي منها ،أي البطلان النسبي مصير العقد عند غياب السبب ، النقض المدني في 17/12/1959 ، -D – 1960 صفحة 294 . والنقض المدني الصادر في 11/6/1958 ، النشرة المدنية I ، ص239 .
(47) د. جميل الشرقاوي / المصدر السابق /ص372 ، د. حسين عبد القادر معروف /فكرة الشكلية وتطبيقاتها في العقود / رسالة دكتوراه مقدمة الى كلية القانون /جامعة بغداد /2004 /ص196 .
(48) د. عبد الرزاق السنهوري / الوسيط في شرح القانون المدني / الجزء الاول /مصدر سابق /ص518. د. أحمد يسري / مصدر سابق /ص131 ، د. محمد بن محمد بن محمد اسماعيل / مصدر سابق / ص129 -130 ، د. عبد الفتاح عبد الباقي / مصدر سابق / ص473 ، د. حلمي بهجت بدوي / اصول الالتزامات /الكتاب الاول / نظرية العقد / مطبعة نوري / القاهرة / 1943 /ص244، د. اسماعيل غانم / في النظرية العامة للالتزام / مصادر الالتزام / مكتبة عبد الله هبة / القاهرة /196/ص284 ، د. عبد المنعم فرج الصدة / مصدر سابق /ص288.
(49) د. غني حسون طه / مصدر سابق /ص286 .
(50) د. احمد يسري / مصدر السابق/ ص105.
اعادة نشر بواسطة لويرزبوك .
بحث قانوني حول العقد المعرض للزوال أو المهدد بالبطلان