الصحافة تعتدي على قرينة البراءة
بلعيد إبراهيم
طالب باحث في سلك الدكتوراه
من المعلوم أن الفقه و القوى الحقوقية و غيرهما تكبدوا عناء البحث والنضال من أجل أن تتبوأ البراءة الصدارة و تحتل بذلك المادة الأولى من قانون المسطرة الجنائية ، و من المعلوم أيضا أن المشرع يتعرض للنقد و اللوم كلما تبين للقوى الحقوقية أن مادة أو فصلا معين يمس بالبراءة أو يعتدي عليها .

إن الاعتداء و إلحاق الضرر بالبراءة لا يتعلق و فقط بالمشرع الجنائي و الجهات الموكول لها صلاحيات الاعتقال و التفتيش و الإيداع في السجن من خلال المساس بالتدابير و الضمانات التي أحيطت بها، بل يتعلق أيضا بالسلطة الرابعة .

إننا حقا أمام إشكالية التوفيق بين حرية الصحافة و قرينة البراءة؛ بحيث غالبا ما يتم الاعتداء عليها من طرف الصحافة بالعناوين العريضة من قبيل “ إلقاء القبض على مجرم ” ، ” أوقفت السلطات المجرم الذي … ” و غيرها من التعابير التي تضرب في صميم قرينة البراءة و تفيد في نفس الوقت جهل صاحبها بقانون المسطرة الجنائية .

إن الأفظع في كل هذا هو استعمال كلمة مجرم و الكلمات ذات الصلة بها و الحال أنه مشتبه فيه وفقط وفق ما تنص عليه مواد المسطرة الجنائية، لذا نستشف الاستخفاف بالمصطلحات القانونية لاسيما الجنائية ، و هذا إنما يدل على أن الصحافي لا يربطه بذلك الجهاز المفاهيمي إلا البر و الاحسان و كثير من التطاول بحيث يكمن التطاول في تجاوز حدود مهنته و إلصاق الصفة الاجرامية للفاعل مما يقودنا مباشرة على انتحال صفة القاضي. و الأنكى من ذلك حينما تكون صورة المشتبه فيه مشفوعة بالعناوين أعلاه.

صفوة القول ، إن واقع الحال يقتضي تخويل النيابة العامة ، في ظل استقلالها ، مهمة تنوير الرأي العام المتعطش للمعلومة من جل تفادي الاضرار بقرينة البراءة التي تطلب أمر التنصيص عليها معركة طويلة من قبل ذوي التخصص من جهة و الحفاظ على سرية البحث من جهة أخرى ، علاوة على قطع الطريق أمام الصحافة التي تستغل جمل / مساحيق و توابل لزيارة مواقعها التي أصابها التقادم و الصدأ في نفس الوقت.
إعادة نشر بواسطة لويرزبوك

إشكالية التوفيق بين حرية الصحافة و قرينة البراءة في مقال قانوني