الاثار القانونية للسلوك الانحرافي و أثره في إنتشار ظاهرة الجريمة

أ/ أحمد أبو زنط

التعريف القانوني للجريمة:

يشير التعريف القانوني للجريمة إلى أنها عبارة عن نوع من التعدي المتعمد على القانون الجنائي، يحدث بلا دفاع
او مبرر، وتعاقب علية الدولة.
ومن الواضح ان هذا التعريف يشمل مدى واسعا من الافعال التي تتفاوت من التشرد وشرب الخمور، إلى مخالفة المرور، او ارتكاب المخالفات الجنسية ، وكل طرق السرقة، ومختلف انواع الخطر القتل التي يمارسها أعضاء المجتمع إزاء بعضهم.
وبذلك يكون هذا التعريف القانوني للجريمة اكثر شمولا من فكرة (( الجريمة )) في اذهان الجمهور او أعضاء المجتمع المجتمع بوجة عام وأكثر تحديدا ودقة من التعريف الأخلاقي الذي يستخدم لفظ (( إجرامي )) كمرادف لما هو (( أثيم )) و(( خاطئ )) و (( سئ )) و (( شر)) .
فالجريمة تشير ـ من الناحية القانونية ـ إلى فعل مقصود أو متعمد يخالف اوامرالقانون الجنائي او نواهية و محرماتة وذلك تحت ظروف لا يطبق فيها اي مبرر او عذر قانوني، وحيث تكون هناك دولة تخطي بقدرة على سن مثل هذة القوانين وفرض العقوبات على من يخالفها.

ونظرا لخاصيتي التعقيد والتركيب اللتان يتميز بهما هذا التعريف ، فإنة لابد من إيضاح مضامينة وهي :

1ـ انة ليست هناك جريمة بلا قانون او دولة تعاقب على مخالفة القانون.
2ـ إنة ليست هناك جريمة حينما يكون فعل الاعتداء قد بررة قانون معين .
3ـ أنة لا توجد جريمة بلا عمد او قصد.
4ـ انة لا توجد جريمة عندما يكون الجاني ((غير ذى اهلية )) او بلا كفاءة.

درجات الجريمة :

إن مفهوم الجريمة القانوني ، لايعترف بوجود درجات متفاوته من المسؤلية الجنائية فقط ، وانما يعترف في نفس الوقت بدرجات مختلفة للخطورة في الفعل الجنائي ، يحث يقدر مدى ملائمة العقاب للجريمة ، طبقاً للسخط الاخلاقي الذي تثيرة الجريمة ذاتها .

وتتمثل احدى طرق تحديد درجات الذنوب ، في تقسيمها إلى ذنوب ، تقتضي المسؤولية الرسمية .
وذنوب اخرى ذات خطورة اقل من الاولى بحيث يمكن أن يحكم فيها بواسطة (( محضر مختصر )) دون حاجة إلى متطلبات المعاملة الرسمية .

وهناك طريقة اخرى لترتيب خطورة الذنوب ، وللتمييز بين الصورة العامة للجريمة والتعريف القانوني لها ، وهي اللتي تتمثر في تقسيم الجرائم إلى (( افعال خاطئة في حد ذاتها )) و (( افعال اعتبرت خاطئة لانها تتعدى على حقوق الاخرين كما حددها القانون ، اي انها (( خاطئة بتحريم والجرائم اللتي اعتبرت في ذاتها )) تتميز بالعمومية وعدم الاتباط بزمن محدد . وذا كانت التعريفات القانونية الخاصة ، تختلف من زمن إلى اخر ، ومن دائرة اختصاص قانونية إلأى دائرة اختصاص دائرة قانونية اخرى ، فإن كل مجتمع مدني يسمى بعض انواع لأخطاء ، او الذنوب تسميات قانونية جنائية (( كالقتل )) و (( السلب )) و((السرقة )) و ((الزنا )) .

الجريمة والسلوك الانحرافي :

السلوك الانحرافي هو ذالك السلوك الذي لايمتثل للتوقعات الاجتماعية المألوفة ، عندما يصف عالم الاجتماع نوعاً من السلوك بأنة انحرافي ، فهو لايدين هذا السلوك او يرى انه شي او مؤذ ، وهو في ذالك يخالف التصور الشائع .
ويمكن ان يكون الانحراف ، من وجه نظر معينة ، اكثر نماذج السلوك دفاعية من الناحية الاخلاقية ، فقد يكون انحراف شخص معين بمثابة انتهاك لتوقعات اجتماعية تعتبر في الواقع غير عادلة او غير ملائمة ، وفي هذا الصدد يشير بعض علماء الاجتماع إلى ان مهمة الاجتماع لا تكمل في استحسان السلوك الانساني او ادانته ، وانما في تفهم الاساس الذي من خلاله يستهجن الناس سلوك بعضهم البعض ، واسباب هذا النوع من السلوك ونتائجة .
وهناك الكثير من التعقيدات ومظاهر الالتباس والغموض في طريقة توصل الناس إلى الحكم على سلوك شخص معين بوصفة انحرافياً ، ولذلك سوف تفحص الان بضعة انواع من هذة الظواهر في التعريفات الاجتماعية ( تحديدات المجتمع ) للانحراف :

1_ التسامح :
عادة ماتكون هناك تسامح عام ازاء إخفاق الاشخاصم في مسايرة المستويات المثالية .ومثال ذلك انة اذا فرض المستوى او المعيار ان يصل العمال إلى مصنعهم ، او الطلاب في حجرة الدراسة في ساعة محدده فإن التأخرين في بعض ثوان او دقائق في ضرف معين لايعتبر انحرافاُ .

2- توقعات الانحراف :
في بعض المواقف يكون سلوك الناس موضع للاستهجان والازدراء اذا كان مساير تمام للنموذج او المثال ؛ فشخص الذي يفرط في امتثاله يجعل الاخرين غير مطمأنين اذا قارنوه بأنفسهم وهناك مصدر اخر لرفض (( الامتثال المطلق او التام )) هو تلك الحقيقة التي مؤداها ان الشخص عندما يمتثل تماماً لمعيار معين فإنه ينتهك بضرورة معيار اخر على طول الخط .

3- صرا المعايير ( نسبة الانحراف ) :

ان تعريف فعل معين بوصفة انحرافياً مسألة نسبية تحدد بالنظر إلى المقاييس التي على اساسها عرف الناس هذا السلوك . ولذلك فإن مايكون إنحراف من منظور معين ، قد يمثل جوهر السلوك المتفق عليه من منظور اخر . وقد اوضح ( كوهين ) هذه الحقيقة في صدد فحصه لطبيعة الثقافة السائدة عند عصابات الطبقة الدنيا ، فالسلوك المفضل هو : العنف ، والقسوة ، وعدم احترام القانون والشرطة ، واي سلوك اخر يسبب القلق وانعدام الطمئنينه او يزعج السلطات العليا .
ويميل كثير من علماء الاجتماع إلى تأكيد فكرة معينة وهي انه مهمه كان السلوك من وجهه نظر اعضاء المجتمع بعتبر انحرافاً ، فإن في الحقيقة يمتثل لتوقعات جماعة فرعية معينة . ولذلك فإن الاكتشاف الذي يوضح ان كثير من المنحرفين يمتثلون في الحقيقة لمعايير جماعة فرعية معينة ، ادى إلأى نتيجة معينة وهي ان الانحراف يجب ان يعرف دائماً عن طريق الاشاره الدقيقة إلى (( من هم )) هؤلاء الذين اصابهم الانحراف بخيبة امل في توقعاتهم ؟.

4 _ التغاضي عن الانحراف :

ليش من الواضح تمام ما اذا كان الانحراف كما يدركه العامه ، ينطوي اساساً على فعل الانحراف ذاتة او على الحقيقة التي من خلالها حدث التورط في فعل الانحراف . وفي الحقيقة انه يمكن التسامح بقدر كبير في انحراف ما طالما انه قد حدث سراً ودون علم الهيئات المسؤولة الجزاءات . وقد كتب (( جولدنر )) عن وجود (( البيروقراطية الزائفة او المضلله )) بالمصنع ، وقد بها بوجود مجموعة قواعد ( كقاعدة من التدخين مثلاً ) وضعت لكي يخرج الناس عليها ، ويحدث ذلك بعيدة عن اعين المشرفين . وفي نطاق العلاقات الجنسية في بعض المجتمعات يكون من المفهوم تماماً البالغين غير متزوجين (( ليسوا اطفالاً )) وان علاقتهم الجنسية الغيرية او المثلية تعتبر مسائل خاصة بهم وحدهم طالما انهم لم ينتهكوا القوانين بطريقة مكشوفة وعلنية ، ولم يطلعوا الاخرين على مايفعلونه.

5- تبريرات الانحراف :

على الرغم ان بعض الافعال يعتبر من الناحية الفنية بمثابة تعديات على المعايير فإنه هذا التعدي يمكن النظر إليه بعتبار ان الموقف الذي تم من خلالة يبرره . وفي بعض الاحيان تمثل التبريرات افكاراً متفقأ عليها عموماً عن الضروف الخاصة التي تجعل السلوك محل موافقة . بينما قد تكون هناك ضروف اخرى يصبح فيها نفس هذا السلوك انحرافياً ومثال ذلك ان هناك قانوناً غير مدون يسمح بقتل الرجا الذي وجد وهو يمارس حريان جنسية مع زوجه المقتول . كذلك يسمح مبدا الدفاع عن النفس بأداء افعال عدوانية غيرلا مسموح بها في الظروف العادية .

على أن ((ماتزا)) أشار الى وجود فرق بين التبرير القانوني للانحراف ،، وبعض الافكار الاخرى المعروفة عن امكانية تبرير الانحراف في عصابات الجناح مثلا : في مسالة الدفاع عن النفس . يميل القانون إلى إعاء ان السلوك العدواني امر مسموح به . في حالة واحدة فقط وهي لم يمن هناك طريق اخر لغير ذلك ، أما بالنسبة لعضو الاصابة الجانحة فان اي طريق يسلكه يمكن النظر اليه بوصفة إنحرافا . أما من وجهة النظر الاخلاقية للعصابة ذاتها ، فللشحص حق الدفاع ضد أي محاولة عدوانيا ، ولذلك يمكن ان يوصف عضو العصابة في هذه الحالة فانه مدافع عن نفسه بينما تنظر إليه السلطه الرسمية بوصفه جانحا إذ ان الدفاع عن النفس من وجهة نظر الجانح ، يكو فعلا جناحا مهددا للامن العام من وجهة نظرالسلطة . ويوضح هذا الموقف نقطة هامه عن التبرير : فهو يشبه الانحراف ذاته ، في ان نسى يقاس على المستويات الاخلاقية لهاؤلاء الذين يصدرون الاحكام على السلوك .

· نظريات السلوك الاجرامي ..

تثار عديد من الاسئلة حول الجريمة ، لعل من اهمها تساؤلات الناس عن الاسباب التي تجعل البعض يتطابق مع القانون ويلتزم به ، والاسباب التي تجعل الاخرين يخرجون عليه و ينحرفون عنه . وقد حاول العديد من النظريات الاجتماعية ان تفسر اسباب الانحراف وسوف نعرض اهم هذه النظريات .

1- نظرية تباين التعديات
2- نظرية اختلاط المعايير
3- نظرية بنية الفرص

المصادر :

1_علم الاجتماع
تأليف : اليزابيث ماركسون ، بيث هس ، بيتر ستين
تعريب : د. محمد مصطفى الشعبيني
دار النشر (( دار المريخ للنشر ))

2_ اسس علم الاجتماع

تأليف : الاستاذ الدكتور السيد عبد العاطي و دكتورة سامية جابر

دار النشر ((دار المعرفة الجامعية ))
1997

الآثار القانونية للسلوك الانحرافي وأثره في انتشار ظاهرة الجريمة