مصادر القواعد المنظمة للتمثيل الدبلوماسي
يعد النظام القانوني للمبعوثين الدبلوماسيين من أول النظم الدولية القانونية التي استمدت مصدرها الأساسي من العرف الدولي، وفي فترة لاحقة تمر إقرار لائحة فيينا لمرتبة الممثلين الدبلوماسيين عام 1815، ثم تطور الأمر ليصبح الأمر محل للاتفاقيات الدولية حيث حققت اتفاقية لاشابل في هافانا عام 1928 في شأن الامتيازات والحصانات الدبلوماسية، بالإضافة للعدد من الاتفاقيات الثنائية والتي تتناول تنظيم بعثاتها الدبلوماسية وقواعد تبادل المبعوثين الدبلوماسية، وبجانب هذه الاتفاقيات فقد حاولت الدول في إطار تشريعاتها الداخلية تقنين قواعد العرف الدولي في هذا المجال.
– غير أن الاستناد إلى العرف الدولي بجانب الاتفاقيات الدولية التي تناولت بعض جوانب العلاقات الدبلوماسية بالتنظيم لم يعد كافياً في ظل المتغيرات الدولية في هذا المجال لذلك بقيت الحاجة ملحة إلى تقنين قواعد العلاقات الدبلوماسية وذلك نتيجة تطور وظائف البعثات الدبلوماسية التي أصبحت تهدف إلى رعاية مصالح الأمة وليس مصالح الرئيس الشخصية من جهة نتيجة بداية عصور التنظيم الدولي الذي بدأت بإنشاء عصبة الأمم ومن ثم الأمم المتحدة من جهة ثانية.
المبحث الأول : تبادل البعثات الدبلوماسية
أولاً- الطبيعة القانونية لتبادل التمثيل الدبلوماسي:
يذهب بعض الفقهاء إلى أن حق تبادل التمثيل الدبلوماسي هو أحد الحقوق التي يتمتع بها أشخاص القانون الدولي العام فهو أحد الحقوق الطبيعية اللصيقة بأشخاص القانون الدولي ومن ثم هناك التزاماً على الدول أن تستقبل البعثات الدبلوماسية للدول الأخرى وأن لها حق إرسال بعثاتها لدى الدول الأخرى، ويستند أنصار هذا المذهب إلى أن هذا الحق نتيجة حتمية لطبيعة تكوين الجماعة السياسية وضرورة الاتصال بين الجماعات السياسية المختلفة ونظراً لصعوبة وعدم كفاية الاتصالات بين رؤساء الدول، كما وأنه تطبيق عملي لمبدأ المساواة بين الدول ذات السيادة في نطاق العلاقات الدولية.
– ويذهب جانب أخر من الفقه إلى حرية الدولة بقبول التبادل الدبلوماسي من دونه استناداً إلى استقلال وسيادة الدولة على إقليميها، كما وأن القواعد الدولية الاتفاقية خالية من أي نص صريح بإلزام الدولة بتبادل العلاقات الدبلوماسية مع غيرها من الدول.
– وقد حسمت اتفاقية فينا الأمر ويقبل التبادل مبني على رضا الدولة، والراجح أن حق الاتصال الدبلوماسي ما هو إلا مجرد رخصة للدولة في أن تدخل مع غيرها في علاقات دبلوماسية دون اعتراض من جانب الدول الأخرى على ذلك، والتبادل الدبلوماسي يعتبر أجد مظاهر المجاملات الدولية وتطبيقاًً لمبدأ المعاملة بالمثل.
– والدول كاملة السيادة والبابا والمنظمات الدولية يملكون حق إرسال وتلقي المبعوثين الدبلوماسيين، وهذا يعد نتيجة طبيعية لكون حق التمثيل الدبلوماسي من خصائص الشخصية القانونية الدولية، أما الدول غير كاملة السيادة أو أعضاء الاتحادات الدولية التي لا تندب فيها شخصية الدولة الداخلة في الاتحاد، فهي تملك أو لا تملك حق تبادل التمثيل الدبلوماسي مع أعضاء المجتمع الدولي بحسب ما تنص عليه اتفاقية التبعية أو ميثاق الاتحاد بحسب الأحوال.
ثانياً- تكوين البعثة الدبلوماسية:
ينظم القانون الداخلي لكل دولة بعثاتها الدبلوماسية وكيفية تكوينها وحجمها، وتعيين أعضائها وتجدي أقدمياتهم، ويختلف حكم البعثة الدبلوماسية تبعاً لقوة العلاقة بين الدولة الموفدة والدولة الموفد إليها، وأهمية المصالح التي تجمع بينهما، وتتكون البعثة الدبلوماسية من:
1- رئيس البعثة:
هو المسئول عن بعثته، ويتولى تمثيل الدولة والإشراف على أعمال البعثة وأفرادها ويتعين أن توافق الدولة الموفد إليها على شخص رئيس البعثة، كما يجوز لرئيس البعثة أن يمثل أكثر من دولة أو يمثل دولته في أكثر من دولة، وعلى رئيس البعثة أن يقدم أوراق اعتماده، والتي تتضمن صفته التمثيلية إلى رئيس الدولة الموفد إليها.
وتحدد الدولة مرتبة رئيس كل بعثة من بعثاتها الدبلوماسية وفقاً لمدى حجم وأهمية العلاقات التي تربطها بالدولة الموفد إليها البعثة، وقد حددت اتفاقية فينا مراتب رؤساء البعثات الدبلوماسية على النحو التالي:
أ- مرتبة السفراء وممثلي البابا من درجة قاصد رسولي المعتدين لدى رؤساء الدول، ويكون اعتمادهم شخصياً من رئيس الدولة التي يتبعونها، وتصدر أوراق اعتمارهم موجهة إلى رئيس الدولة المعتمدين لديها، ويطلق على البعثة التي يرأسها سفير اسم “السفير”.
ب- مرتبة الوزراء المفوضين: والمندوبين فوق العادة ومندوبي البابا من درجة وكيل قاصد رسولي المعتمدين لدى رؤساء الدول، وهؤلاء لا يختلف وضعهم عن وضع السفراء من حيث اعتمادهم من رئيس دولتهم لدى رئيس الدولة المعتدين لديها ولكن تأتي مرتبتهم تالية لمرتبة السفراء، وتسمى البعثة التي يرأسها أجد هؤلاء باسم “مفوضية”.
ج- مرتبة القائمين بالأعمال المعتمدين لدى وزارة الخارجية وهؤلاء يعتبرون مبعوثين من قبل وزير الخارجية لدى وزير خارجية الدويلة المعتمدين لديها وليس من قبل رؤساء دولهم، وليس لمرتبة القائمين بالأعمال الاتصال برئيس الدولة المعتمدين لديها ويعتبرون في مركز أقل أهمية من مراكز الدرجات السابقة.
ولقد نصت اتفاقية فينا على أنه لا يجوز التمييز بين أي من رؤساء البعثات بسبب فئاتهم أو مراتبهم إلا فيما يتعلق بحق التقدم والصدارة في الحفلات والمقابلات الرسمية وتكون الأسبقية بين أفراد المرتبة الواحدة تبعاً للأقدمية التي تحتسب من تاريخ إخطار المبعوث سيولة الموفد لديها بنبأ وصوله رسمياً.
2- موظف البعثة:
وهم الأشخاص الذي تعينهم الدولة الموفدة لمعاونة رئيس البعثة في المهام الموكولة إليه في الدولة الموفد لديها، ويشمل هؤلاء الطوائف التالية:
أ- الموظفون الدبلوماسيون:
وهو الذين يشغلون درجة دبلوماسية كدرجة المستشار أو السكرتير أو الملحق وقد يكون بعضهم متخصصاً في نشاط معين كالملحقين والمستشارين أو الثقافيين أو العسكريين.
ب- الموظفون الإداريون والفنيون:
وهم الذين يشغلون وظائف إدارية أو فنية كمديري الحسابات أو أبناء المحفوظات والمترجمون والكتبة والصيارفة.
ج- مستخدمو البعثة:
وهم الأشخاص الذين يعملون في خدمة البعثة الدبلوماسية كخدم السفارات ومراسها وعمال الصيانة والسعادة وعمال التليفون.
د- الخدم الخصوصيون:
وهم الذين يعملون في الخدمة المنزلية لرئيس البعثة أو لموظفيها ولا يكونون من مستخدمي الدولة الموفدة.
– وللتفرقة بين الطوائف المختلفة لموظفي البعثة الدبلوماسية أهمية كبيرة من عدة نواحي: أهمها ما يتمتع به كل منهم من حصانات وامتيازات في الدولة الموفدين لديها.
المبحث الثاني : وظائف البعثة الدبلوماسية
أولاً- اختصاصات المبعوثين الدبلوماسيين:
1- التمثيل:
تتمثل الدولة الموفدة لدى الدولة الموفد لديها ودعم العلاقات بينهما.
2- التفاوض:
التفاوض والتشاور مع وزير خارجية الدولة المعتمد لديها في كل ما يهم دولته والعمل على تقريب وجهتي نظر الدولتين في المسائل المشتركة.
3- المراقبة:
مراقبة الحوادث والتطورات المختلفة في كافة الميادين ويشترط أن تتم هذه المراقبة والتحليل في إطار الوسائل المشروعة وفي الحدود التي يقرها القانون الدولي وألا يترتب عليها التدخل في الشئون الداخلية للدولة المعتمد لديها.
4- الحماية الدبلوماسية:
حماية المصالح الدولة الموفدة وحماية المقيمين في الدولة المعتمد لديها المبعوث الدبلوماسي من أي اعتداء قد يقع عليهم أو على أموالهم على أن يتم ذلك في الحدود التي يقرها القانون الدولي، مع التأكد من أن من يدعي منهم وقوع ضرر عليه قد استنفذ كل الوسائل الداخلية المتاحة للحصول على حقه دون أن يتحقق له ذلك.
ثانياً- واجبات أعضاء البعثة الدبلوماسية:
1- احترام القوانين واللوائح الداخلية لدول المقر.
2- الامتناع عن التدخل في الشئون الداخلية لدولة المقر والامتناع عن مناصرة أي حزب سياسي فيها أو المساهمة في أعمال ثورية ضد حكومتها,
3- عدم الاتصال بدولة المقر إلا عن طريق وزارة الخارجية ومن خلال القنوات التي تحددها، ما لم يكن هناك اتفاق بين دولتين على خلاف ذلك.
4- عدم استعمال مقر البعثة الدبلوماسية في أغراض لا تتفق مع وظائفها كما هو متعارف عليه طبقاً لقواعد القانون الدولي والاتفاقات الخاصة بين الدولتين.
5- عدم ممارسة أي نشاط مهني أو تجاري لمصلحته الشخصية في دولة المقر.
المبحث الثالث : الحصانات والامتيازات الدبلوماسية
أولاً- الأساس القانوني للحصانات والامتيازات الدبلوماسية:
انقسم الفقه في هذا الشأن إلى ثلاث نظريات على النحو التالي:
1- نظرية امتداد الإقليم: ومؤادها اعتبار المبعوث الدبلوماسي أثناء وجوده في إقليم دولة أخرى كأنه لا يزال موجوداً في إقليم دولته ويترتب على ذلك عدة نتائج منها عدم خضوعه لقانون الدولة الموجودة فيها، ولا تسري عليه تشريعاتها وإنما يخضع فقط لقانون دولته.
نقد:
تقوم هذه النظرية على فروض لا تتفق مع الواقع أو الحقيقة، فهي تقتضي عدم وجود المبعوثين الدبلوماسي على إقليم الدولة المعتمد لديها، وهو فرض يجعلنا بالتالي نفترض أن مقر البعثة الدبلوماسية لا يقع أيضاً على إقليم الدولة المعتمد لديها البعثة كي يتمتع المقر بالحصانات والامتيازات المقررة له، وهو افتراض خيالي لا ظل له من الحقيقة، ولقد هجرت هذه النظرية من زمن بعيد حيث كان الأخذ بها يؤدي إلى التوسع المبالغ فيه في الحصانات والامتيازات، قد استند إليها سواء بعض الدول في الماضي مطالبين بحصانات وإعفاءات تتناول الحي أو المنطقة التي بها مقر شعاراتهم
2- نظرية النيابة:
وفقاً لهذه النظرية يكون الممثل الدبلوماسي نائباً عن الرئيس في مباشرة الوظيفة الدبلوماسية، وبالتالي يتمتع النائب بامتيازات وحصانات الأصيل.
نقد:
تضيق هذه النظرية من مفهوم الحصانات التي يتمتع بها المبعوث الدبلوماسي خارج نطاق عمله، ومن جهة أخرى مقارنة الممثل الدبلوماسي برئيس الدولة من حيث الحصانات يؤدي إلى أنه مثل الرئيس لا جوز مساءلته على أي وجه من الوجوه وهو ما لا يمكن التسليم له على الإطلاق.
3- نظرية الوظيفة:
تقضي هذه النظرية بتمتع الممثل الدبلوماسي بالحصانات والامتيازات أمر تحتمه ضرورة متمكينة من ممارسة وظيفته بشكل فعال وميسر، أي أن الحصانات المقررة لمصلحة الوظيفة وليس لفائدة الممثل الدبلوماسي الشخصية. وهذا ما قررته لجنة القانون الدولي واتفاقية فينا للعلاقات الدبلوماسية.
ثانياً- تنظيم الحصانات والامتيازات الدبلوماسية:
تنقسم الحصانات والامتيازات الدبلوماسية إلى أنواع ثلاث، منها ما يتعلق بمقر البعثة ومستنداتها الرسمية، ومنها ما هو متعلق بتسهيل عمل البعثة وأخيراً الحصانات المقررة لأعضاء البعثة الدبلوماسية.
1- حصانات مقر البعثة ومستنداتها الرسمية:
أ- يتعين على الدولة المضيفة إعطاء مقر مناسب للبعثة ولسكن أعضائها ويجب تأمين حراسة وحماية كافية من أي اعتداء أو ضرر.
ب- لا يجوز منح المجرمين الدولة المعتمد لديها البعثة دخول دورها إلا بتصريح من رئيس البعثة كما لا يجوز تفتيش دار البعثة أو الاستيلاء أو الحجز عليها أو خضوعها لأي أجراء تنفيذي آخر.
ج- لا يجوز منح المجرمين العاديين حق اللجوء لدار البعثة، وفي حال لجوءه فلا يجوز اقتحام دار البعثة وإنما يقتصر الأمر على حصارها والمطالبة بإخراجه أما بالنسبة للمجرم السياسية فيرى البعض جواز إيوائه في بعض الأحوال كما لو كانت حياته معرضة للخط ويرى البعض الأخر عدم شرعية فكرة الملجأ الدبلوماسي لمخالفة ذلك لمبدأ السيادة الإقليمية.
ولمحكمة العدل الدولية رأي في ذلك حيث قررت أن منح الملجأ لدبلوماسي يتضمن خروجاً على قاعدة السيادة الإقليمية، وأنه يجب ألا يمنح إلا إذا وجد له أساس إنساني كما لو خيف على المجرم السياسي من اعتداء أو همجية بعض العناصر غير المسئولة عن السكان.
د- يعفى مقر البعثة من كافة الضرائب والرسوم الوطنية أو المحلية إلا ما كان منها مقابل خدمات فعلية كالمياه والكهرباء.
هـ- لا يجوز المساس بمحفوظات البعثة ووثائقها بأية صورة من الصور، في أي وقت وأينما كانت.
و- للدولة الموفدة حق رفع علمها وشعارها على دور البعثة ومسكن رئيسها ووسائل انتقاله كما أن لها الحق في إقامة الشعائر الدينية الخاصة بها والاحتفال بالمناسبات القومية للدولة الموفدة في هذه الدول.
2- الحصانات والامتيازات المقررة لتيسير أعمال البعثة:
أ- حرية الانتقال:
وتقيد هذه الحرية فيما تحرمه الدول المضيفة من مناطق فتنظم دخولها أو عدمه لأسباب تتعلق بأمنها الوطني.
ب- حرية الاتصال:
للبعثة الدبلوماسية أن تستخدم كافة وسائل الاتصال المتاحة ولها استعمال رموز خاصة في هذا الاتصال كالشفرة، ولها استخدام الحقائب الدبلوماسية التي لا يجوز تفتيشها ويتمتع المبعوث الدبلوماسي الذي يرافق الحقيبة بالحصانة الشخصية.
فلا يجوز إخضاعه لأية صورة من صور القبض أو الاعتقال، ويتطلب العرف الدولي أن يكون حامل الحقيبة الدبلوماسية شخصاً يحمل الوثائق اللازمة التي تثبت صفته وعدد الطرود التي تتكون منها الحقيبة.
– ولكن لا يجز تركيب أجهزة لاسلكية بغير موافقة دولة المقر، كما لا يجوز إساءة استعمال الحقيبة الدبلوماسية، كما لو استغلت للتهريب مثلاً، فإنه يجوز للدولة المعتمدة لديها البعثة أن تقطع علاقاتها مع الدولة الموفدة أو تعتبر المبعوث شخصاً غير مرغوب فيه وتأمره بمغادرة الإقليم.
ج- التسهيلات المالية:
لا تخضع الرسوم التي تتقاضها البعثة في أداء أعمالها الرسمية، كرسوم التسجيل والتأشيرات للضرائب بكافة أنواعها، أو الرسوم الوطنية.
3- الحصانات المقررة لأعضاء البعثة الدبلوماسية:
أ- الحصانة الشخصية:
لا يجوز القبض على المبعوث الدبلوماسي أو حجزه إدارياً أو قضائياً، فإذا ارتكب فعلاً مخلاً بقانون الدولة المعتمد لديها أو بسلامتها يتعين إخطار دولته بذلك، ويطلب منه مغادرة الإقليم فوراً.
ب- حصانة المسكن والممتلكات:
يتمتع المسكن الشخصي للمبعوث الدبلوماسي بنفس الحرمة التي يتمتع بها مقر البعثة الدبلوماسية، فيحرم على سلطات الدولة المعتمد لديها دخول مسكنه إلا بإذن منه ولا يحق لها أن تتخذ أي إجراءات قضائية على مسكنه، كما لا يجوز اتخاذها ضد شخصه، وتمتد هذه الحصانة إلى أوراقه ومراسلاته ومتعلقاته الشخصية، فلا يجوز التصرف في سيارته أو حقائبه أو مراسلاته الخاصة وأورقه الشخصية أو التي يتبادلها مع حكومة دولته تنفيذاً لمهام وظيفته.
ج- الحصانة القضائية:
– القضاء الجنائي:
لا يجوز اتخاذ أي إجراء جنائي ضد المبعوث الدبلوماسي بسبب ارتكابه أية جناية وهذه الحصانة مطلقة لا يرد عليها أي استثناء، ويتعين إبلاغ دولته لتستدعيه وتحاكمه وفي بعض الأحوال الاستثنائية يجوز القبض على المبعوث الدبلوماسي وتسليمه لدولته لتتولى محاكمته.
– القضاء المدني:
لا يخضع المبعوث الدبلوماسي للقضاء المدني للدولة الموفد إليها إلا في الحالات الاستثنائية التالية:
• الدعاوى العينية بعقار يملكه المبعوث الدبلوماسي يقع في إقليم الدولة المعتمد لديها.
• الدعاوى الخاصة بالميراث والتي يكون فيها المبعوث الدبلوماسي صاحب مصلحة أو نصيب في تركة، أو كان وارثاً أو موصى له.
• الدعاوى الناشئة عن أعمال تجارية أو مهنية قام بها المبعوث الدبلوماسي في الدولة المعتد لديها لحسابه الخاص دون أن تكون لها علاقة بمهام وظيفته.
• إذا كانت الدعوى متفرقة في دعاوي أصلية أقامها المبعوث الدبلوماسي بنفسه وتقدم بها إلى قضاء الدولة المعتمد لديها بصفته مدعياً.
ويترتب على ما سبق أنه لا يجوز إكراه المبعوث الدبلوماسي على الشهادة في دعوى ما ويكتفي بأن يطلب منه الإدلاء بمعلوماته كتابة إذا رضي هو بذلك.
د- الإعفاءات المالية:
يعفى المبعوث الدبلوماسي من جميع الضرائب والرسوم الشخصية ومن الرسوم الجمركية حتى على المنقولات المخصصة لاستعماله وأسرته الشخصي، ولكنه يلتزم بالضرائب العينية على العقارات التي يملكها في الدولة المعتمد لديها.
– وتشمل هذه الحصانات والامتيازات جميع أعضاء البعثة وأفراد عائلاتهم بشرط ألا يكونوا من رعايا دولة الإقليم، أما خدم البعثة فلا يتمتعون بهذه الحصانات والامتيازات إلا فيما يتعلق بأعمالهم الرسمية التي يؤدونها في خدمة البعثة وفي إطار الوظائف الرسمية الموكولة إليهم، وهؤلاء يعفون من الضرائب والرسوم على المرتبات التي يحصلون عليها بسبب عملهم وذلك بشرط ألا يكونوا من رعايا الدولة المعتمد لديها البعثة، أما الخدم الخصوصيون فلا يتمتعون إلا بالإعفاء من الضرائب والرسوم على أجورهم التي يحصلون عليها بسبب عملهم وذلك بشرط ألا يكونوا من رعايا الدولة المعتمد لديها البعثة.
المبحث الرابع : انتهاء مهمة المبعوث الدبلوماسي
أولاً- الحالات التي تنتهي فيها مهمة المبعوث الدبلوماسي:
1- انقضاء أجل المهمة: إذا كان هناك اتفاق على أجل محدد لمباشرة المهمة الدبلوماسية.
2- تنفيذ المهمة: مثل إبرام معاهدة أو حضور مؤتمر.
3- الاستدعاء: من قبل دولته إما لتغييره أو لنقله أو لترقيته وقد يكون بناء على طلب الدولة المعتمد لديها لأن أصبح شخص خطر أو غير مرغوب فيه.
4- التكليف بمغادرة الإقليم: ويكون ذلك من قبل الدولة المعتمد لديها دون الرجوع إلى دولته إذا أتى تصرفات تكون محلاً للريبة أو الشك أو تتنافى مع امن وسلامة الدولة المعتمد لديها.
5- موت رئيس أحد الدولتين أو تغييره: يؤثر ذلك على السفير والوزير المفوضى، ولكن لا تنتهي مهمة المبعوث هنا ولكن يلزم تجديدها نظراً لتغير الظروف السياسية وذلك بتقديم أوراق اعتماد جديدة ويكون ذلك غالباً في النظام الملكية أما في النظم الجمهورية فلا يحتاج تقديم أوراق اعتماد جديدة، ويجب ملاحظة أنه في حالة تقديم أوراق اعتماد جديدة فإن هذا لا يؤثر في أسبقية المبعوثين.
6- تغير نظام الحكم في إحدى الدولتين نتيجة ثورة أو انقلاب: يلزم في هذه الحالة تقديم أوراق اعتماد جديدة باسم رئيس الدولة الجديدة ويعتبر عدم تقديمها في فترة معقولة بمثابة عدم اعتراف من جان حكومته بالحكومة الجديدة.
7- قطع العلاقات الدبلوماسية: يترتب عليه انتهاء مهمة البعثة الدبلوماسية وقطع العلاقات الدبلوماسية إجراء خطير لا يتم إلا إذا توترت العلاقات بين الدولتين.
8- قيام حالة الحرب بين الدولتين المعتمدة والمتعمد عليها: فالتبادل الدبلوماسي لا يكون إلا في حالة السلم وفقاً لقواعد القانون الدولي، ويجب على الدولة الموفد إليها فتح تسهيلات تمكن المبعوثين الدبلوماسيين من مغادرة البلاد على وجه السرعة.
9- انقضاء الشخصية الدولية لأحد الدولتين: وذلك لأن التبادل الدبلوماسي لا يكون إلا بين الدول وهو من خصائص الشخصية الدولية ومن حقوق اللصيقة بها.
ثانياً- رعاية المصالح في حالة قطع العلاقات الدبلوماسية:
في هذه الحالة يمكن تكليف دولة ثالثة بحماية مصالح الدولة الموفدة ومصالح رعاياها وذلك بشرط موافقة الدول الموفد إليها، ويمكن حصر المصالح التي ترعاها الدولة الثالثة فيما يلي:
1- الإشراف على مفاوضات ترحيل الممثلين التي ترعاها الممثلين الدبلوماسيين والقنصليين.
2- حماية أشخاص ورعاية الدولة الموفدة الموجودين على إقليم الدولة المعتمد لديها البعثة ورعاية مصالحهم والمحافظة على ممتلكاتهم وأموالهم.
3- الإشراف في حالة النزاع المسلح على أسرى الحرب التابعين للدولة الموفدة وذلك بالتحقق من شخصياتهم ورعايتهم طبياً وتنظيم تبادلهم وذلك بالإشراك مع لجنة الصليب الأحمر الدولية.
4- الإشراف على أموال وممتلكات الدولة الموفدة في الدولة الموفد إليها.
* وفي حال قيام دولة ثالثة برعاية مصالح الدولة الموفدة فإنه يمكنها الاستعانة في ذلك ببعض الموظفين الدبلوماسيين التابعين للدولة الموفدة بشرط أن توافق على ذلك دولة المقر.
اعادة نشر بواسطة لويرزبوك
مقالة قانونية هامة حول مصادر القواعد المنظمة للتمثيل الدبلوماسي