مراحل تسيير المؤسسات العمومية الجزائرية
مراحل تسيير المؤسسات العمومية:
1- مرحلة التسيير الذاتي للمؤسسات العمومية 1962-1965:
في الوقت الذي كان فيه البحث حول نوعية التسيير الذي يجب إتباعه مع الوضع الذي كان يسود المؤسسات العمومية الجزائرية. شهدت الجزائر في 1963 وبعدها بفترة قصيرة نمط التسيير الذاتي للمؤسسات العمومية،بمعنى مشاركة العمال في التسيير حيث يصبح مدير المؤسسة العمومية الوطنية، ليس الوحيد في إتخاذ القرارات أو الإجراءات المتعلقة بتسيير مصالح المؤسسة، بل يجب أن تؤخذ آراء العمال بعين الإعتبار.إذ أن نمط التسيير الذاتي يقوم أساسا على مبدأ الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج.و قد ظهر كتنظيم إجتماعي فرض نفسه بذهاب المعمرين وملاك المصانع مما خلق وضعية صعبة للمؤسسات لم تكن في الحسبان. غير أن هذا النمط من أنماط التسيير قد عانى من عدة مشاكل أهمها :
أ/ المشاكل:
كان القطاع الصناعي المسير ذاتيا يعاني من مشاكل عديدة نذكر منها:
1. كان يعاني من نقص في الإطارات واليد العاملة المؤهلة لأنه قبل الاستقلال لم يكن العمال الجزائريون يعملون في المناصب التقنية، فالذهاب الجماعي للمعمرين ترك فراغا كبيرا.
2. كان يعاني هذا القطاع من نقص رؤوس المال موارد المالية، ولم تكن إمكانية طلب قروض متوفرة.
3. المنافسة الخاصة ومشكل تسويق الإنتاج كانا من العراقيل الهامة لعملية التسيير الذاتي، دون أن ننسى مشكل نقص المواد الأولية.
4. عدم وصول المساعدات الحكومية لهذا القطاع وخاصة الإعانات المادية.
5. إن نمط التسيير واجه صعوبات بسبب تداخل الصلاحيات وتقاسمها بين مختلف التنظيمات الموجودة داخل المؤسسة، التي تسعى إلى أخذ القرارات….
وفي الواقع وجدت المؤسسة المسيرة ذاتيا نفسها أمام قطاعي بنكي خاص ومؤسسات مصرفية لم تكن مندمجة تماما في الاقتصاد الوطني وهياكل تنظيمه.
6. ومن أكبر المشاكل والعقبات التي كانت تواجه التسيير هي ضرورة تنمية الروح الحسية للعمال.
ب/ نتائج التسيير الذاتي:
– على المستوى الاقتصادي، المؤسسة المسيرة ذاتيا ساهمت عن طريق الضريبة على الأرباح في التنمية الاقتصادية.
– وفيما يخص أدوات الإنتاج فإن التسيير الذاتي حافظ واستغل الثروات الصناعية الوطنية.
2- مرحلة الشركات الوطنية1965-1971 :
إبتداء من سنة 1964 أنشأت العديد من الشركات الوطنية في مجالات و أنشطة إقتصادية متعددة تهدف إلى تحقيق النمو الإقتصادي والإجتماعي من خلال تمويل السوق الوطنية بالمواد الضرورية نذكر منها :
– الشركة الوطنية للنفط والغاز
– الشركة الوطنية للصناعات النسيجية
و أهم ما يشار إليه بخصوص الشركات الوطنية هو أن المردودية المالية لم تكن أولى أهداف هذه الشركات بل على العكس من ذلك، فقد كان مشكل التشغيل و خلق مناصب الشغل يتربع على سلم أهداف الشركة ،مما جعلها في وضعية حرجة إلا أنها كانت تلجأ إلى خزينة الدولة من أجل تمويل إستثماراتها. كما أنها لم تكن تملك جهاز معلوماتي فعال يسمح بإعطاء البنوك معلومات كافية وواضحة عن الشركة بهدف تسهيل عملية دراسة الملفات وتسريح القروض.
3: خصائص وأهداف الشركات الوطنية:
من الصعب التكلم عن خصائص نظام العمل لشركة وطنية في ظل وجود جميع تلك النقائص التي ذكرت من قبل، فمعرفة الأهداف الموجودة من الشركات الوطنية يعطيها صورة واضحة من نظام السير والعمل لهذه الشركات.
أ) الشغل:
مشكل البطالة كان أهم أحد المهام الأساسية للشركات الوطنية، ورغم قلة الاستثمارات الا أن عدد مناصب الشغل كان هاما. فالإحصائيات تبين أن عدد العمال في القطاع العمومي قد تضاعف من سنة 1964 إلى سنة 1969م.
ب) الاستثمار:
ابتداء من سنة 1967م قامت الدولة باستثمارات هامة خاصة في مجال المحروقات، فالمشكل الأساسي الذي كان يواجه الشركات الوطنية هو مشكل التمويل، لأن هذه الأخيرة كانت مرتبطة بوزارة المالية التي كانت توزع الأغلفة المالية.
ج) تشغيل الوحدات الانتاجية:
إن أهم الأهداف التي كانت منتظرة من الشركة الوطنية هي رفع من نسبة الطاقة الإنتاجية للشركات، فلم يكن هذا الهدف حسب الخبراء هدف اقتصادي مجرد ولكنه كان يحمل تلك الخاصية السياسية التي تترجم إرادة الدولة في تسيير الشركات الوطنية.
هذه الأهداف الثلاثة كانت أولى الأولويات المنتظرة من كل الشركات الوطنية.
3- مرحلة التسيير الإشتراكي للمؤسسات العمومية1971-1988 :
لقد عرفت المؤسسات العمومية تحولات تنظيمية مهمة إبتداء من سنة 1970 حين إعتمدت على التخطيط كوسيلة ضرورية لإدارة وتنظيم الإقتصاد الوطني من خلال المخطط الرباعي [1970-1973] الذي أُعتبر كقانون أساسي يحكم جميع الأنشطة الإقتصادية والاجتماعية خلال تلك الفترة. و بإعتبار المؤسسة العمومية أهم الأعوان الإقتصاديين فإنها مكلفة بتنفيذ توصيات المخطط وتحقيق أهدافه.
فحسب قانون التسيير الإشتراكي تعرف المؤسسة العمومية على أنها : “المؤسسة التي يتكون مجموع تراثها من الأموال العامة، هي ملك للدولة التي تمثل الجماعة الوطنية تسير حسب مبادئ التسيير الإشتراكي.ويتخذ تسيير ومراقبة المؤسسة وجهين:
– أحدهما يتم من قبل جهات خارجية طبقا لنظام التسيير والتوجيه المركزي في الإقتصاد الموجه.
– الثاني و يشترك فيه العمال. والمؤسسة العمومية تكوّن قاعدة نظامية لسياسة التنمية الإقتصادية المحددة والمتابعة من طرف الدولة، فهي منشأة ومنظمة من أجل تحقيق الأهداف الإستراتيجية للتنمية..
و بموجب إعتماد نظام التخطيط المركزي في إدارة الإقتصاد الوطني أجبرت المؤسسات الإقتصادية على أن تكون منفذ توصيات وأهداف الهيئات العليا،إذ أن الأهداف الكبرى والمتعلقة بالاستثمارات كانت كلها مركزية فوزارة التخطيط تقوم بتقسيم الأغلفة المالية على جميع القطاعات الإقتصادية وفق المشاريع المسطرة والأهداف المرسومة.وهذا ما كان له أثر سلبي على أداء المؤسسات بحكم عدم إستقلاليتها عن الهيئات المركزية سواء من الناحية المالية أو من ناحية إتخاذ القرارات الإستراتيجية.
ثانيا:الاصلاحات الاقتصادية:
1-إعادة هيكلة العضوية والمالية:
إن أهم ما ميز المراحل السابقة هو بروز مؤسسات وطنية ذات حجم كبير (تجسيدا لمنطق التسيير المركزي) حيث تتصرف كإدارة للفرع كله محتكرة إنتاج الفرع وتجارته الخارجية والتوزيع الداخلي وتحديد سياسة الفرع، الأمر الذي خلق صعوبة تسييرها، كما أن موقفها الاحتكاري أدى إلى ظهور عدم التوازن في الاستثمارات إضافة إلى قيامها زيادة عن وظائفها الأساسية بوظائف أخرى سياسية واجتماعية.
1-1 مفهوم إعادة الهيكلة العضوية والمالية:
الهيكلة العضوية للشركات الوطنية الكبرى تتمثل في تجزئتها إلى مؤسسات عمومية صغيرة الحجم حيث تضاعف عددها عدة مرات وحولت أسماؤها إلى مؤسسات عمومية وذلك لخلق نوع من التخصص للمؤسسة وتحديد مجالها الجغرافي والفصل بين المهام داخل كل منها.
أما الهيكلة المالية فهي حل لمشكل ديون المؤسسات السابقة أين تولت الخزينة العمومية بتسديد الديون التي كانت تربط هذه المؤسسات فيما بينها.
1-2 مبادئ إعادة الهيكلة العضوية والمالية:
ويمكن تلخيصها في ثلاث نقاط
-التخصص حسب عائلات منتجات متجانسة، وفي حالة ما إذا اتضح أنها لازالت كبيرة يتم تقسيمها إلى وحدات جهوية،
-الفصل بين وظيفة الإنتاج ووظيفة البيع، مؤسسات الإنتاج تختص فقط بالإنتاج أما تسويق المنتجات به المؤسسات التجارية المنبثقة عن شبكة التوزيع القديمة،
– فصل وظيفة الإنتاج عن وظيفة انجاز الاستثمارات، حيث تتولى مهمة انجاز الاستثمارات مؤسسات متخصصة.
أهداف إعادة الهيكلة العضوية والمالية
من الأهداف الأساسية التي كانت ترمي إليها عملية إعادة الهيكلة نذكر:
تحسين الإنتاج كما ونوعا
تخفيض أسعار التكلفة
التخلص من نموذج تنمية ممركز لمرحلة السبعينات الذي يكلف الدولة مبالغ ضخمة
استعادة الانضباط
تخفيض تكاليف الخدمات العامة
التخفيف من العراقيل البيروقراطية والتبذير
تحسين الاتصال
2: استقلالية المؤسسات:
لم تكن عملية إعادة الهيكلة ذلك المخرج من المأزق الاقتصادي الذي عاشته الجزائر في تلك الفترة. وإنما كانت حسب الكثير من المحللين والخبراء استعدادا للدخول في مرحلة جديدة من الإصلاحات الاقتصادية. إذ بعد التغيرات الكبيرة والمتتالية التي عرفتها الجزائر وكذا الإستراتيجيات المتعددة جاءت المرحلة الجديدة التي هي في حقيقة الأمر ما هي إلا إصلاحات أولية تمهد الدخول إلى اقتصاد السوق
إذ ميزت هذه الفترة تغيرات سياسية واجتماعية واقتصادية كبيرة داخليا وخارجيا كان لها الأثر الواضح في تغيير المسار الإصلاحي في الجزائر ومنها انخفاض أسعار النفط. وحجم المديونية وتراكم الريوع لدى شريحة معينة من الناس
وداخليا تميزت بعدم الاستقرار السياسي إذ تعاقبت حكومات متعددة في فترات وجيزة أما من الناحية الاقتصادية فتميزت تلك المرحلة بمعدل تضخم كبير اثر سلبيا على القدرة الشرائية للمواطن، وزاد من عبء المديونية الخارجية، وكذا المديونية البنكية تجاه المؤسسات العمومية
وللخروج من هذه الوضعية الصعبة والحرية، كانت هناك تجربة جديدة ومحاولة أكثر جدية للابتعاد عن الطرق والأساليب القديمة في تسيير الاقتصاد الوطني
هذه الإجراءات الجديدة أطلق عليها اسم استقلالية المؤسسات، وما هي في حقيقة الأمر إلا ااصلاح من نوع آخر من الناحية التنظيمية والتسييرية بحيث يحد من التسيير المركزي والوصاية المباشرة للمركزية، وتحولت بذلك مؤسسة اقتصادية مستقلة، باعتبارها شركات مساهمة، ومتخلصة بذلك من كل وصاية إدارية مركزية
I- المحيط الاقتصادي للمؤسسة الاقتصادية في ظل الاستقلالية والدوافع إليها والمشاكل التي سبقتها
2-1 المشاكل و العراقيل السائدة قبل الاستقلالية:
لقد تحولت المؤسسات الاقتصادية قبيل الاستقلالية إلى مجمع ضخم للمشاكل بسبب سوء التسيير والتنظيم. هذه المشاكل كانت السبب الرئيسي في تدهورها وكانت العائق الكبير أمام تطورها، ولعل أهمها:
أ) المشاكل التنظيمية:
المشكل الذي طرح في هذا المجال هو عملية المراقبة التي لو تقم بدورها ولم تعطى لها أهمية بالغة. فالإدارة المركزية كانت تمارس الرقابة بصفة شكلية إذ لم تكن مهمتها تحسين النتائج وتقييم الأهداف وتحديد الأخطاء وتقويمها بل كانت مجرد رقابة سطحية تهتم بتوضيح القوانين
ب) المشاكل الاجتماعية:
لقد ابتعدت المؤسسات الوطنية الكبيرة عن الهدف المسطر لها من تحقيق نتائج إيجابية ومردودية حسنة ومساهمة فعالة في التنمية الاقتصادية، وأصبحت تهتم أكثر من اللازم بالحياة الاجتماعية للعمال من مخيمات ورحلات، وتصرف عليها الأموال الباهضة. هذا التوجه الاجتماعي للمؤسسة أثر سلبا على إمكانيات المؤسسة المادية، وكان من أهم العوامل التي أدت بالمؤسسات إلى التخبط في المديونية، وهذا كله ناتج عن الرؤية السطحية والضيقة للمسيرين
ج) المشاكل المالية
لقد عانت المؤسسات الاقتصادية مشاكل مالية معقدة وكثيرة صعبت في مهمتها الإنتاجية
فسوء التسيير المالي وعدم إعطاء المردودية أهميتها، والتسيير الاجتماعي للمؤسسة عقد من المديونية التي كانت تعاني منها المؤسسات تجاه البنوك
إذ القروض التي كانت تتلقاها من الهيئات المركزية، لم تكن تستغل بصفة عقلانية من جهة ومن جهة أخرى كانت تستعمل لتغطية الديون البنكية، فأصبحت المؤسسات تدور في حلقة مفرغة
د) المشاكل التقنية:
إن التخطيط المركزي للاستثمار اتبعه تخطيط في استيراد التكنولوجية. فلم يسمح للمؤسسة باختيار الوسائل الإنتاجية التي تناسبها، إذ وجدت بعض المؤسسات نفسها مرغمة على اكتساب بعض الوسائل التقنية لم تكن في حاجة إليها أبدا في عمليتها الإنتاجية، وهذا ما كلف خزينة الدولة أموالا طائلة أثرت سلبا على المؤسسات الاقتصادية
هـ) المشاكل الاقتصادية:
إن التخطيط المركزي لم يسمح للمؤسسة قبل الاستقلالية بالتجانس مع السوق ومتطلباته. إذ لم تكن لديها المركزية الكافية للتلاؤم مع حاجيات المجتمع، وهذا بسبب عدم السماح لها باتخاذ قرارات استراتيجية تراها مناسبة، لأن ذلك كان من صلاحيات الجهات المركزية. ولعل أهم مثال في هذا المجال هو نظام الأسعار المعمول به.
.
2-2 دوافع الاستقلالية:
يمكن تقسيم الدوافع التي ساهمت في الدخول في عملية الاستقلال إلى قسمين، خارجية
وداخلية
أ- الدوافع الخارجية
شروط المؤسسات المالية العالمية (البنك العالمي وصندوق النقد الدولي) والمتعلقة بتحرير الاقتصاد من أجل تسريح القروض
التوجهات العالمية الجديدة
ب- الدوافع الداخلية
الارتفاع المستمر لتكاليف اليد العاملة مقارنة برقم الأعمال
– التسيير المركزي للمؤسسات الاقتصادية
– إفلاس المؤسسات الاقتصادية نتيجة تراكمات الديون البنكية الكبيرة
– عدم قدرة المؤسسات الاقتصادية على تسديد ديونها بسبب عدم المردودية أهميتها، إذ لم يكن أوليان المؤسسات الاقتصادية
– التكاليف الاجتماعية التي أخذتها المؤسسة على عاتقها زاد في حجم نقل المديونية وكرس العجز المالي لها
– ارتفاع المصاريف المالية مما زاد في عبء الخزينة العمومية
– انخفاض إيرادات الخزينة العمومية بسبب انخفاض البترول والغاز
– كما أن هناك دوافع غير معلنة كانت وراء تسريع عملية الاستقلالية وبالأخص تراكم ريوع الفترة السابقة لدى فئة معينة في السلطة ذات نفوذ سياسي كبير، وذلك من أجل استغلال الأموال الطائلة التي اكتسبوها بطريقة أو بأخرى في مشاريع استثمارية
2-3 مفهوم المؤسسة الاقتصادية في ظل الاستقلالية:
أ- المفهوم:
تعرف المادة رقم 5 من قانون 88-01 بتاريخ 12/01/88 المؤسسات العمومية الاقتصادية بأنها شركات مساهمة أو شركات محدودة المسؤولية، تملك الدولة أو الجماعات
المحلية فيها مباشرة أو بصفة غير مباشرة جميع الأسهم أو جميع الحصص ومن هذا يمكن توضيح ما يلي:
1. حق ملكية الأسهم للدولة:
تمتلك جميع الحصص والأسهم في الشركة ويتجلى ذلك في ويترجم عن طريق عقود إنشاء المؤسسات والقوانين الأساسية لها، وكذا الأهداف الطويلة الأجل، وتعيين أعضاء مجلس الإدارة وتوزيع الأرباح
ويمكن عن طريق حق ملكية الأسهم عن الإعلان عن حل المؤسسات، ورفع وتخفيض رأس المال وطرح الأسهم للبيع أو شراء أخرى
2. حق الإدارة:
يمتلك مجلس الإدارة في إطار الأهداف المسطرة حق مراقبة النتائج وحق تعيين وإقالة الرئيس المكلف بالإدارة
وبهذا يصبح مجلس الإدارة من صلاحيته تحديد الآفاق المتوسطة الأجل للمؤسسة وكذا تطورها وتهيئة المحيط لها
وبهذا يعتبر مجلس الإدارة العنصر المهم في تنظيم المؤسسة إذ يراقب نتائج المؤسسة مع الأهداف المسطرة
3. حق الاستغلال:
إن صلاحية إعداد البرامج والبحث عن أنجع السبل ووضع استراتيجية المؤسسة من صلاحية مجلس الإدارة
فالتسيير اليومي أو تسيير الاستغلال يعني حق المدير العام أو الرئيس المدير العام بتسيير وتنمية نشاطات المؤسسة تحت الرقابة المستمرة لمجلس الإدارة وهو ما يستلزم وضع استراتيجية ومخططات وبرامج تسمح للإدارة العامة بأن تتفاعل مع الظروف الاقتصادية الطارئة، وذلك عن طريق قرارات صارمة ومراقبة فعالة لدورة الاستغلال
3- صناديق المساهمة :
بتطبيق سياسة استقلالية المؤسسات العمومية أصبح من الضرورة أن تتخلى الدولة على بعض القطاعات الاقتصادية فتخلت عن الإدارة المباشرة للمؤسسات العمومية الاقتصادية لصالح صناديق المساهمة التي تعتبر “شركة مساهمة عمومية وتعد ضامنا لمقابل القيمة المتمثلة في الأسهم والحصص والسندات والقيم الأخرى التي تقدمها الدولة والجماعات المحلية
إذن فصناديق المساهمة تعد نقطة هامة في الإصلاحات الاقتصادية، إذ أصبحت كممثلة للدولة كمالكة لرؤوس الأموال، والتصرف في موجوداتها وذلك من خلال القيام بالأدوار الموجودة منها.
3-1 مهام صناديق المساهمة:
إن صناديق المساهمة تتدخل في:
– إعداد ومتابعة وتنفيذ مخطط المؤسسة بواسطة ممثليها في مجلس الإدارة، باعتبارها صاحبة أسهم الدولة
ويخضع هؤلاء الممثلين للشروط والالتزامات نفسها التي يخضع لها القائمون بالإدارة كما يتحملون المسؤوليات المدنية والجزائية نفسه
– تسمح بضمان الحفاظ على حصص الدولة، وذلك بعملية التعويض بين المؤسسات الغنية والمؤسسات التي تعاني مشاكل مالية، ويتم هذا عن طريق امتلاكها سندات من رؤوس الأموال، وتتدخل الدولة في توفير المبالغ المالية لتغطية الخسائر
يدرس الصندوق وينفذ كل تدابير من شأنها تشجيع التوسع الاقتصادي والمالي للمؤسسات العمومية الاقتصادية-
وباعتبار المؤسسة العمومية الاقتصادية شركة أسهم، فرأس مالها يكتب من قبل صناديق المساهمة التي اعتبرت العون الإئتماني المكلف بتسيير محفظة القيم المنقولة لحساب الدولة، لتمارس حق الملكية على المؤسسة العمومية الاقتصادية،
وبهذا جاءت صناديق المساهمة لتجسيد توجهات الدولة لتأخذ على عاتقها كل انشغالات المؤسسات.
3-2 انشاء صناديق المساهمة:
باقتراح من الهيئات المركزية ووزارة المالية، تنشأ صناديق المساهمة بمرسوم من خلال قرار مجلس الحكومة، وتكون صناديق المساهمة متعددة القطاعات، ويشارك كل قطاع في رأس مال العديد من المؤسسات العمومية الاقتصادية
3-3 مهام صناديق المساهمة:
تقوم صناديق المساهمة بالمهمات التالية
مهمة مراقبة وذلك عن طريق تسيير محفظة الأسهم
تحمل مساهمات المؤسسات وهي بذلك تقوم بدور المؤسسات المالية
3-4 سير صناديق المساهمة:
تسير صناديق المساهمة من خلال مجلس الإدارة، ممثل من طرف مختلف القطاعات المهتمة، وكذا الشركاء الاجتماعيين ويكون تعيين أعضاء مجلس إدارة صناديق المساهمة من طرف الحكومة وينتخب رئيس مدير عام على رأس كل مجلس إدارة، وبهذا فإن تعيين الرئيس والإداريين بمرسوم
3-5 تمويل صناديق المساهمة:
يتم تمويل صناديق المساهمة بمساهمة الدولة وتكون على الشكل التالي
رأس المال التأسيسي
محفظة الأسهم وهو الرأسمال الذي تحوزه الدولة في المؤسسات
يمكن لصندوق المساهمة أن يطرح سندات مضمونة أو غير مضمونة
3-6 النتائج المالية لصناديق المساهمة:
ينظر القانون الأساسي لصناديق المساهمة للنتائج من جانبين
أ- النتائج الإيجابية:
جزء منها ترجع إلى ميزانية الدولة
أما الجزء الآخر من النتائج الإيجابية فيبقى إلى الصندوق يسمح له برفع الأموال الخاصة
ب- النتائج السلبية:
عندما تكون الخسائر مهمة تتدخل الدولة سواء مباشرة ماليا لدى المؤسسة العمومية أو بتمويل التوازن لصناديق المساهمة
3-7 صناديق المساهمة و المؤسسة العمومية:
إن دخول الصناديق المساهمة في مهمتها يميز بين حالتين
حالة المؤسسات العمومية الموجودة
حالة المؤسسات المراد إنشاؤها
ففي الحالة الأولى هناك تحول لرأس المال لصالح الدولة وهو ما يعني تحويل الأصول والخصوم وإصدار بالمقابل الأسهم. أما الحالة الثانية فتعني المؤسسات الجديدة التي تنشأ بقرار من الحكومة، ففي هذه الحالة تتصرف صناديق المساهمة كمؤسسة مالية تكتب أسهم المؤسسات لصالح الدولة
3-8 نتائج و تقييم:
تنطوي استقلالية المؤسسة العمومية الاقتصادية ضمن سلسلة سياسات الإصلاح التي كانت تنتهجها السلطات، غير أن ذلك التحويل في نمط التسيير لم يصاحبه اتخاذ إجراءات ضرورية ومنها تقسيم الذمة المالية للمؤسسات مع تحديدها تحديدا واضحا، الشيء الذي أدى إلى ظهور نتائج سلبية في أغلب الأحيان على المؤسسات الاقتصادية المستقلة، والدليل على ذلك العجز المالي الكبير الذي أصبحت تتخبط فيه الكثير من المؤسسات
وهو ما أدى إلى سوء استخدام الطاقات الإنتاجية والتقنية
أما انحراف صناديق المساهمة عن مهامها التي أنشئت من أجلها إلى استعمال الوصاية على المؤسسات العمومية، وتداخل الصلاحيات في الصندوق الواحد لاحتوائه على العديد من المؤسسات عقد من وضعية المؤسسات الاقتصادية
ويمكن القول أن صناديق المساهمة وجه آخر من أوجه التسيير الإداري والبيروقراطي للمؤسسات الاقتصادية. واستمر الحال إلى أن حلت في 25/12/1995
4- الشركات القابضة:
انطلاقا من الوضع الصعب الذي أصبحت تعيشه المؤسسات العمومية الاقتصادية قررت الدولة حل صناديق المساهمة، وإعادة تنظيم المؤسسات العمومية في شكل جديد وذلك بإصدار عدد من القوانين وإنشاء شركات قابضة (مجمعات اقتصادية) تعد أداة مفصلة لتحديد المسؤولية المباشرة عن تسيير أموال الدولة في القطاع الاقتصادي. لقد تطلبت إعادة هيكلة القطاع تجميع المؤسسات العمومية المختلفة في شركات قابضة على شكل شركات مساهمة وهي مثل عنصر الملكية الخاصة بالدولة لتحل محل صناديق المساهمة
إن الشركات القابضة العمومية تشرف على مجموعة معينة من المؤسسات العمومية ذات النشاط المنسجم فيما بينها، عكس صناديق المساهمة التي كانت تشرف على مؤسسات لم تكن بالضرورة من نفس القطاع
ولإنجاح علاقات الشركات القابضة بالمؤسسة العمومية الاقتصادية كان يتعين الرجوع إلى العلاقات التقليدية المحددة في القانون التجاري الجزائري التي تحدد الرابطة بين المؤسسة العمومية الاقتصادية ومساهميها
4-1 مهام الشركات القابضة:
تتمحور مهام الشركات القابضة فيما يلي:
تثمين محفظة الأسهم وإعطاء أكثر مردودية لها
المساهمة في تنمية جميع المؤسسات الصناعية التجارية والمالية المنطوية تحت مراقبتها فهي بذلك تضع استراتيجية وسياسات الاستثمار والتمويل للمؤسسات وكذا وضع تعديل هيكل ما تراه مناسبا
تنظيم وفق ما تسمح به القوانين المعمول بها حركة رؤوس الأموال بين المؤسسات
تسهر على حماية استقلالية الذمم المالية للشركات المنتمية لها
تساهم الشركات القابضة في وضع السياسات الاقتصادية للحكومة في إطار الاتفاقيات المبرمة مع الحكومة
4-2 تنظيم وسير ومراقبة الشركات القابضة:
تسيير الشركات القابضة من طرف إدارة موضوعة تحت مجلس مراقبة ويعين أعضاء الإدارة ومجلس المراقبة لمدة 6 سنوات قابلة للتجديد من طرف الجمعية العامة. كما بمكن أن تتكون الإدارة من فرد واحد ويسمى بذلك المدير العام الوحيد للشركة القابضة
أما مجلس المراقبة فيتكون من سبعة أعضاء يجتمعون في دورة عادية كل 3أشهر عن طريق استدعاء من مدير مجلس الإدارة، وهو يقوم بمهمة المراقبة المستمرة للشركة القابضة
أما مهام مجلس الإدارة لمساهمات الدولة فتنحصر فيما يلي
– مجلس الإدارة مكلف بتنسيق وتوجيه نشاطات الشركات القابضة
المجلس الوطني للمساهمات موضوع تحت تصرف رئيس الحكومة الذي يرأسه
وتتكون الشركات القابضة من 11 مجمعا وهي:
مجمع البناء.
مجمع البناء ومواد البناء.
مجمع صناعة الحديد والمعادن.
مجمع الميكانيك والكهرباء والإلكترونيك.
مجمع الكيمياء والصيدلة والأدوية.
مجمع الصناعات الغذائية الأساسية.
مجمع الصناعات الغذائية الزراعية.
مجمع الصناعات المصنعة.
مجمع الإنجاز والأشغال الكبرى.
مجمع الخدمات.
مجمع الخشب والفلين.
5- إجراءات التطهير المالي والتعديل الهيكلي للمؤسسات:
إن الأزمة الاقتصادية التي مرت بها الجزائر في منتصف الثمانينات كان لها الأثر البالغ على جميع المستويات السياسية والاجتماعية و الثقافية وعلى جميع القطاعات، خاصة على مستوى المؤسسات العمومية الاقتصادية
إذ أصبح العجز المالي هو السمة البارزة التي تتخبط فيها المؤسسات وهو ما أثر سلبا على إنتاجيتها
هذه الوضعية كانت تستلزم تدخلا مباشرا للدولة للحد من هذه الأزمة التي كانت تعيشها المؤسسات ، وكان الحل يتمثل في عملية التطهير المالي للمؤسسات العمومية الاقتصادية لمواجهة الإختلالات المالية لها وإعادة التوازن لتلك المؤسسات
فالتطهير المالي كان إحدى الضروريات اللازمة للمؤسسات من أجل المرور إلى الاستقلالية التامة ومن أجل التحضير للدخول في اقتصاد السوق و التحضير لمواجهة المنافسة الحرة. والتطور ضمن احترام القواعد التجارية المعمول بها..
5-1 مفهوم واهداف التطهير المالي:
ا- المفهوم:
إن عملية التطهير المالي تعني إعطاء دفعة قوية للمؤسسات العمومية الاقتصادية من أجل التطور الذاتي وذلك عن طريق مسح الدولة لجميع الديون المستحقة على المؤسسات، ومنه يمكن أن نعرف التطهير المالي على أنه ” عملية القضاء على العجز المالي و على مديونية المؤسسة العمومية تجاه البنوك التجارية و الخزينة العمومية ليصبح لها هيكل مالي متوازن..
وعليه فإن هذه العملية تعطي توازنا كاملا لأصول و خصوم المؤسسة مع إعطائها موارد مالية تتفق وطبيعة النشاط
ومن أجل ذلك اعتمدت الإصلاحات بعض العناصر من أجل التطهير المالي للمؤسسات، وهي:
– إعادة تكوين رأس المال الاجتماعي للمؤسسات العمومية الاقتصادية
– تحويل الديون البنكية إلى قروض طويلة الأجل لأنه لوحظ أن أكبر العوائق التي كانت تقف في وجه المؤسسات الاقتصادية وتعرقل الحصول على مردودية هي الديون البنكية الكبيرة من رأس المال والفائدة والمستحقات غير المدفوعة وبذلك أصبحت المؤسسات غير قادرة تماما على دفعها بل زيادة على ذلك أصبحت حساباتها الجارية في البنوك تمشي على المكشوف(Découvert). وهو ما زاد في حدة الوضعية المالية المتأزمة للمؤسسات
– إعادة تقييم أصول المؤسسات من مباني وأراضي ومعدات حتى يعطى لميزانية المؤسسة تقييما جديدا عن طريق إعادة التقييم لأصولها. وبالتالي يعطيها من الناحية المحاسبية والمالية أموالا خاصة تساعد نوعا ما على الخروج من الوضعية الصعبة التي تعيشها المؤسسات
5-3 اهداف التطهير المالي:
– في حقيقة الأمر كانت عملية التطهير المالي للمؤسسات العمومية الاقتصادية تهدف بالدرجة الأولى إلى وضع تلك المؤسسات في جو تهيئ نفسها من خلاله إلى الدخول في اقتصاد السوق والتكيف مع ضوابطه
– إعادة إعطاء دعم جديد للقطاع العام من أجل إثبات وجوده كقوة اقتصادية من خلال تصفية جزء من ديونه وإعادة جدولة الجزء الآخر منها
– تحسين الوضعية المالية للمؤسسات لتكريس فيما بعد مبدأ الاستقلالية التامة
– تقوية محفظة الأموال للمؤسسات
– تحميل المؤسسات الاقتصادية مسؤولياتها المستقبلية تجاه البنوك والمؤسسات المالية الأخرى
ومن أجل إنجاح عملية التطهير المالي للمؤسسات كان لابد من أن يصحبها مخطط تصحيح وتقويم للمؤسسات الاقتصادية لأنه إن ظهر بعد ذلك عجز مالي فإنه يمكن اعتبار عملية التطهير المالي تبذير للأموال العمومية
ومن أجل القيام بعملية التطهير المالي اتخذت إجراءات ميدانية ومنها إنشاء صندوق تطهير المؤسسات العمومية لدى الخزينة، وكان الهدف منه هو تنظيم عملية التطهير عن طريق تكوين رأس مال هذه المؤسسات والبحث عن الاستقرار النقدي الداخلي، وذلك بعد حصوله على إيرادات من ميزانية الدولة
وما يشار إليه هو أن عملية التطهير المالي لم تكن موحدة وعلى جميع المؤسسات، بل لكل مؤسسة خصائصها، وقد صنفت المؤسسات من حيث الاستحقاقات إلى:
– مستحقات على المؤسسات المنحلة: وتخص المؤسسات التي انبثقت عن المؤسسة الأم التي مستها إعادة الهيكلة الأولى ولم توزع ديون المؤسسة الأولى عليها، فقد أخذت الخزينة
العمومية على عاتقها ديون وحقوق البنوك على هذه المؤسسات وذلك بشراء الحقوق البنكية مقابل إصدار الخزينة العامة لسندات غير قابلة لإعادة الخصم
– مستحقات على المؤسسات غير المتزنة ماليا وغير المستقلة: وهي مؤسسات لم تحصل على استقلاليتها حسب الدراسات والفحوصات السلبية التي أجريت عليها، حيث يتم فيها تحويل السحب على المكشوف (Découvert) إلى قروض متوسطة الأجل.
مستحقات على المؤسسات المستقلة وغير المتزنة ماليا: وتتم في مرحلتين:
المرحلة الأولى: وتتم عن طريق
تحديد حقوق البنوك على هذه المؤسسات
تحديد مستوى القروض القصيرة الأجل
تثبيت قيمة الديون بقروض متوسطة وطويلة الأجل
المرحلة الثانية: وهي ناتجة عن مخطط الإصلاح والذي يمكن من إعادة تكوين رأس مال المؤسسة من طرف صناديق المساهمة
إصدار ضمانات على جزء من القروض المصرفية من طرف صناديق المساهمة- شراء جزء من مسحوب هذه المؤسسات بإصدار لسندات مساهمة من المؤسسة العمومية الاقتصادية نفسها أو من الخزينة
5-2 نتائج التطهير المالي:
رغم تخصيص أموال طائلة وكبيرة لعملية التطهير المالي حيث بلغت ما يقارب 433 مليار دينار من سنة 1993م إلى سنة 1996م، إلا أنها لم تحقق النجاح الذي كان مرجوا منها لأن الظروف العامة للبلاد من سياسية واجتماعية كانت صعبة للغاية
– عملية التطهير المالي أعادت النظر في العلاقة الموجودة والمتعامل بها ما بين المؤسسة العمومية والاقتصادية والبنك التجاري، هذا الأخير الذي أصبح يهيئ نفسه لأخذ مكانته في اقتصاد السوق كعنصر فعال. لأن تمويل البنوك التجارية من البنك المركزي يكون لأجل،
وهي القاعدة نفسها التي يتعامل بها البنك مع المؤسسات الاقتصادية، غير أن العجز الكبير في الدورة الاستغلالية للمؤسسات لم يغط القروض القصيرة الأجل ولا المتوسطة والطويلة الأمد
– ارتفاع معدل المديونية الداخلية للخزينة العمومية اتجاه البنك المركزي بسبب القروض الكبيرة التي تم شراؤها
5-3 التعديل الهيكلي للمؤسسات العمومية الاقتصادية:
إن التراكمات السلبية في مجالات متعددة أصبحت السمة الأساسية التي تميز الاقتصاد الوطني بشكل عام والمؤسسات العمومية الاقتصادية التي تعتبر محرك الاقتصاد بشكل خاص، فقد كانت الوضعية الاقتصادية تتميز بما يلي:
نسبة بطالة مرتفعة جدا
تدهور خزينة الدولة نتيجة القروض الكبيرة التي استفادت منها المؤسسات العمومية
اختلال كبير في ميزانية الدولة، نتيجة الإختلالات الكبيرة في ميزانية المؤسسة العمومية الاقتصادية الممولة لمرات عديدة وفي فترات زمنية مختلفة، فعملية التطهير المالي التي سبقت لم تكن الحل الأمثل لأزمة المؤسسات العمومية الاقتصادية كما أثبته الواقع، لأنها وحسب الكثير من المحللين مست الجانب المالي فقط، دون غيره من الجوانب المهمة الأخرى والتي لها دور كبير في حياة المؤسسة العمومية الاقتصادية ولاسيما الجانب التسييري، والاستغلال الأحسن لوسائل الإنتاج
ولهذه الأسباب كان من الضروري إدخال إصلاحات اقتصادية جديدة على المؤسسات الاقتصادية وإدخال تعديلات أكثر صرامة من أجل سد جميع الفراغات والثغرات التي امتد فيها الاقتصاد الوطني لعهود طويلة
لذلك كان لابد من الإحاطة بجميع الجوانب ولاسيما دراسة محيط المؤسسة
الاعتماد على مسيرين ذوي كفاءة عالية
مراقبة دائمة وهو الدور الجديد للدولة في اقتصاد السوق
ومن هنا جاءت سياسة التعديل الهيكلي لتنظر فيإعادة التوازن للقدرة على إعطاء التنمية الحقيقية من أجل تخفيض البطالة المتزايدة
تكثيف النسيج الصناعي
تخليص الدولة من الصعوبات المالية الخانقة، والخسائر الدائمة للقطاع العمومي
وما يشار إليه في هذا الصدد هو أن سياسة التعديل الهيكلي كانت ضرورة داخلية وحتمية خارجية، خاصة مع زيادة الضغوطات الدولية، ولاسيما صندوق النقد الدولي. وهو ما يبدو واضحا من خلال اتفاقيات ستاندباي STANDBAY ومما جاء فيها “يسير الاقتصاد بصورة فعالة حسب قواعد اقتصاد السوق ومن المحاور التي تعتمد عليها سياسة التعديل الهيكلي ما يلي:
أ- إعداد مخطط التصحيح الداخلي
إن وضع مخطط التصحيح الداخلي للمؤسسة يستوجب بالضرورة تشخيص دقيق
للأسباب الحقيقية التي أدت بالمؤسسات العمومية الاقتصادية إلى الفشل
ولإعداد مخطط التصحيح الداخلي يستلزم
تنسيق العمل وتضافر جهود جميع العمال والمسيرين
توفير المعلومات الدقيقة (المحاسبية والتجارية) للمؤسسة
إخراج المؤسسة من الوضعية الصعبة التي تعيشها
إدخال المؤسسة في السوق التنافسية
الوصول إلى تحقيق توازن مالي
رفع مستوى عوامل الإنتاج
تحسين نوعية الإنتاج لضمان مكانه في السوق
التقليل من النشاطات الثانوية للمؤسسة، وبالأخص التقليل من المصاريف الاجتماعية
ب: المراقبة:
الضمان السير الحسن لخطة التعديل الهيكلي لابد من إعطاء الرقابة أهمية بالغة، وذلك على جميع المستويات، من شراء المواد الأولية إلى تسيير المخزون إلى التدقيق في الحسابات، ويكون ذلك
المقارنة بين الأهداف المسطرة في الخطة والنتائج المتحصل عليها، مع تشخيص للأسباب إن كانت النتائج سلبية
إدخال التعديلات الممكنة في أي فترة مناسبة.
ج- عقود النجاعة:
إن عقود النجاعة عبارة عن عقود توقعها المؤسسات العمومية مع السلطات الوصية وكذا المصارف بعد تحقيق شروط معينة ناتجة عن تطبيق سياسات إصلاح داخلي تمكنها لاحقا من الحصول على نتائج حسنة…
وتهتم هذه العقود غالبا بالجوانب الآتية
الابتعاد قدر المستطاع عن الانشغالات الثانوية للمؤسسات بهدف تخفيض التكاليف ومن
ثم التحكم في الدورات الاستقلالية للمؤسسة
إلزامية التزام كل طرف ببنود العقد صرف الأموال، شروط العمل والإنتاج
وتهتم هذه العقود بتحسين المستوى الإنتاجي للمؤسسة مع العمل على تحقيق بعض الأهداف الاستراتيجية مثل:
توفير كل الطاقات البشرية والمادية للوصول إلى النتائج الموجودة
رفع مستوى الفاعلية
الاستخدام الأمثل للطاقات المتاحة
تخفيض تكاليف الإنتاج باستعمال تكنولوجيا عصرية
تحقيق التوازن المالي
الالتزام بتسديد الديون والمستحقات البنكية
غير أن تحقيق هذه الأهداف يستلزم جهود كبيرة، ومتابعة ميدانية مستمرة، وذلك عن طريق مسيرين ذوي كفاءة عالية
لقد كان القطاع العمومي في الاقتصاد الجزائري هو المهين دائما حتى أثناء الوضع الاحتكاري في بعض قطاعات النشاط الاقتصادي و من المعروف ان هذا القطاع قد تكفل بعدد من المهام في معركة تصنيع البلاد الا انه تجدر الاشارة لم يكن ناجعا لا من الناحية الانتاجية و لا من الناحية المالية
عن الطبيعة العمومية للملكية مهينة كانتا مشكلة في أزمة الناجعة التي تشهدها هذا القطاع. لقد كانت المؤسسة تخضع للوزارة. و كان يشترط في المسير ان يكون وفيا سياسيا قبل ان يكون ناجعا تقنيا. ان الإنتاجية و المردودية المالية كانتا معيارين ثنائيين إذ الأهم كان يتمثل في تحقيق أهداف الخطة إذ الطبيعة العمومية للملكية فيما يخص معظم وسائل الإنتاج و النظام الثلاثي للدولة التي تعتبر في الاقتصاد مالكه و مسيرة و قوة عمومية قد عرقل عمل المؤسسة العمومية كشركة تجارية أي كمؤسسة اقتصادية ضعيفة بما تستلزم من متطلبـات لتصبح ناجعة. وهو ما نتج عنه:
الاستعمال جد المحدود لقدرات الانتاجية المتوفرة
نقص إنتاجية العناصر
تسيير غير فعال للمؤسسات
إن تجربة إعادة الهيكلة العضوية للمؤسسات التي شرع فيها في بداية الثمانينات و التي لم تعد النظر في نظام المالك المهين إن لم نقل الوحيد الذي كان للدولة على المؤسسة لم تكن مشجعة لتحقيق الهدف الذي كانت ترمي اليه تلك التجربة و هو تكثيف التشجيع الصناعي، بل أدى بالعكس الى تفكيك الجهود و قد نتج عنه التبذير و الكثير من التكرار في الاعمال
و من جهتها فان الاصلاحات التي شرع فيها في نهاية عشرية الثمانينات و المتعلقة باستقلالية المؤسسة العمومية لم تؤدي الى انعاش النمو و ذلك بسبب نقص الموارد المالية التي ميزت نهاية تلك العشرية و بداية عشرية التسعينات و كذا بسبب قانون اقتصادي مازال جد صلبا
6- شركات تسيير المساهمات:
يهدف التنظيم الجديد الذي جاء تبعا لحل الشركات القابضة إلى:
وضع إطار تشريعي يضمن السير الحسن لاستراتيجية تسيير مساهمات الدولة، ويسهر على عملية خوصصة المؤسسات العمومية
تدعيم قدرات الدولة مع ممارسة دورها كمالك ومراقب للمؤسسات العمومية وفتح رؤوس الأموال وخوصصتها
ترسيخ استقلالية تسيير المؤسسات العمومية الاقتصادية
التلاؤم مع برنامج الخوصصة، بشكل يسمح بالاستفادة من جميع الفرص التي توضع أمام الاقتصاد الوطني
6-1 محتوى التنظيم:
أدخل هذا التنظيم معايير جديدة لممارسة حق الدولة في ملكية المؤسسات العمومية الاقتصادية. ومن ثم يضع حد للتناقضات الموجودة حاليا فيما يخص عملية خوصصة المؤسسات العمومية
ومن ثم فإن التنظيم الجديد يضع مخططا أكثر دقة وأكثر صرامة خاصة فيما يتعلق بالجهاز التنفيذي ومن هذا المنطق فهو يكلف
مجلس مساهمات الدولة بوضع التوجهات الكبرى، وتبني استراتيجية فيما يخص تسيير مساهمات الدولة ووضع برنامج تنمية وخوصصة وتعيين أعضاء الجمعية العامة للمؤسسات العمومية الاقتصادية
يكلف الوزير المعني بالتعاون مع الجهات الأخرى المعنية بوضع استراتيجيات التسيير وتبليغها لمجلس المساهمة من أجل المصادقة عليها أما الجديد في التنظيم فهو بتوسيع مجال الخوصصة ليشمل جميع النشاطات الاقتصادية القابلة للتنافس، أما من حيث الشكل فيمكن أن يكون ذلك عن طريق:
فتح رؤوس الأموال أو التخلي عن الأصول بصفة كلية
تعهد المالكين الجدد بتحديث المؤسسة
الاحتفاظ بنسبة معينة من العمال
الحفاظ على نشاط المؤسسة
– احترام قوانين المنافسة
استفادة العمال من10% من رأس مال الشركة
مع تخفيض قد يصل إلى 15% من سعر التنازل
أما مراقبة عملية الخوصصة فقد نصب التنظيم الجديد هيئة مراقبة تسهر على السير الحسن لعملية الخوصصة
7- الخوصصة:
7-1 مفهوم الخوصصة:
كل صفقة تتجسد في نقل ملكية المؤسسة العامة من القطاع العام إلى أشخاص طبيعيين أو معنويين يخضعون للقانون الخاص من غير المؤسسات العمومية، وعملية الخوصصة تمس المؤسسات التي لا يمكنها الاستمرار كمؤسسة عمومية بسبب ظروفها السيئة أو كونها غير إستراتيجية للدولة، وتعتبر الخوصصة إحدى الدعائم المستعملة للانتقال إلى اقتصاد السوق.
7-2 طرق الخوصصة: تتم بطريقتين
– الطريقة الأولى: لا تمس العمومية للدولة لرأسمال بل إدخال طرق وتقنيات تسير في المؤسسة كما يلي
– تأجير المؤسسة العمومية لشركة أو متعامل خاص،
– عقد تسيير بواسطة مؤسسة خاصة لكل أو جزء من ممتلكاتها،
– المساعدة في التسيير،
– استقلالية المؤسسات العمومية.
– الطريقة الثانية: تحويل كلي أو جزئي لرأسمال المؤسسة العمومية الاقتصادية للقطاع الخاص من خلال:
– المساهمة العمالية %5 من الأسهم مجانية،
– رفع رأسمال المؤسسة،
– طرح الأسهم للبيع (بعد التهيئة والتعديل الضروري للمؤسسة)،
– بيع أصول المؤسسة العمومية (في حالة التوقف عن التسديد)،
– تنازل مباشر للأسهم باختيار المشتري الذي يتوفر على أهم رؤوس أموال أو تكنولوجيا.
مثلا: خوصصة مركب الحديد والصلب بالجحار مع الشركة الهندية “إسبات: « ISPAT » خوصصة جزئية لـ: “صيدال ” ” الأوراسي”.
7-3 أهداف الخوصصة:
إن الخوصصة وسيلة وليست غاية وبالتالي فهي تهدف إلى
– تحسين طرق التسيير ورفع كفاءة المسيرين،
– رفع الكفاءة الإنتاجية للمؤسسات،
– جلب رؤوس الأموال الأجنبية لخلق مشاريع جديدة وبالتالي القضاء على البطالة،
– تحسين جودة المنتجات والخدمات تماشيا مع متطلبات الزبائن ومقاييس الجودة العالمية،
– خلق القدرة التنافسية لدى المؤسسات الوطنية،
– زيادة ربحية المشروعات وتحديث الاقتصاد الوطني،
– تجنيد القدرات المالية لدى الأفراد والمؤسسات وإدخالها إلى دائرة الاستثمار والإنتاج بواسطة السوق المالية أو البنوك.
7-4 آثار الخوصصة:
ا- الآثار الايجابية: وتتمثل في
– الحد من تبذير الأموال العمومية،
– تشجيع الادخار وإعادة الأموال المكتنزة إلى دائرة الاستثمار والإنتاج بواسطة السوق المالية أو البنوك،
– فرض انضباط مالي أكثر جدية في استغلال المؤسسة بحيث تخضع لمراقبة الشركاء،
– تحسين الإنتاج من حيث الكمية والنوعية من خلال المنافسة،
-الشراكة الاقتصادية لجلب التكنولوجيا للمؤسسات،
– التقليل من عجز الميزانية عن طريق توفير أموال من خلال التنازل عن أصول المؤسسات.
ب- الآثار السلبية: وتتمثل في
– تسريح العمال لأسباب اقتصادية،
– انخفاض المستوى المعيشي للسكان،
– ظهور الطبقية في المجتمع،
– زيادة النفقات العامة الناجمة عن الخوصصة كتعويض العمال المسرحيين، التطهير المالي …،
– صعوبة إيجاد مستثمرين في بعض القطاعات أو المؤسسات الضخمة.
ثالثا: الخيارات المستقبلية الأخرى:
1- مبررات البقاء:
إن عملية الخوصصة التي تكلمنا عنها فيما سبق، كحل واقعي وحتمية مفروضة للوضعية الصعبة التي تعيشها المؤسسات العمومية الاقتصادية، غير أنه في رأينا لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تتخلى الدولة نهائيا وعن جميع المؤسسات العمومية الاقتصادية
لصالح القطاع الخاص الداخلي منه والأجنبي. وذلك للدواعي والاعتبارات التي تحدثنا عنها فيما سبق والتي لازالت قائمة وتحتم بقاء المؤسسة العمومية الاقتصادية
لذلك وجب التمييز بين أنواع المؤسسات العمومية الاقتصادية. لأن هذا التمييز هو الذي سيحرر خوصصة المؤسسة من عدمها
فمن حيث وزن المؤسسات العمومية الاقتصادية ومكانتها في الاقتصاد الوطني يمكن التمييز بين عدة أنواع، كما يحددها الخبراء والاقتصاديون:.
ا- المؤسسات الاستراتيجية:
وهي المرتبطة مباشرة بسيادة الوطن ولها من الوزن المالي والاقتصادي ما يؤثر بصفة مباشرة على المستوى الداخلي للاقتصاد الوطني وكذا العلاقات الخارجية، سواء كان ذلك راجع لنشاطها أو للتطور الذي تتميز به أو من حيث الدور الذي تلعبه في عملية التنمية.
ب- المؤسسات الاحتكارية:
وهي المؤسسة المسيطرة على مجال نشاطها بسبب غياب المنافسة فهي بذلك تهيمن على اختصاصها إذ تجد نفسها في وضعية الاحتكار
ج- المؤسسات الخدماتية:
وهي المؤسسات التي تقوم مبدؤها على تقديم الخدمات، وليس أهدافها تحقيق الربح ولكن لبلوغ الأهداف الإستراتجية المحددة، وهي مرتبطة بشكل مهم فيما يخص تحديد الأسعار لخدمتها
د- المؤسسات ذات الوزن العادي:
وهي المؤسسات التي يرتبط وجودها بمدى تحقيق الفعالية والمردودية، والدور المتوسط الذي تلعبه في الاقتصاد الوطني وهي المجموعة الأكثر عرضة للإفلاس أو التصفية وإعادة الهيكلة بالطرق المتوفرة قانونا…
إن النظرة الجزائرية للقطاع العام من خلال المؤسسات العمومية كانت محورية لتحقيق التوازن الاقتصادي منذ الاستقلال إلى فترة جد متقدمة. غير أن مسؤولية القطاع العام كانت كبيرة جدا. فقد كانت له إيجابياته كما كانت له سلبياته(3) هذه الشمولية أثرت إيجابيا على المستوى الكلي بينما أثرت سلبا على المستوى الجزئي فغابت الفعالية وفقد الأداء، إذا اعتبرت المؤسسة العمومية كأداة سياسية حكومية
السؤال المطروح هو هل غابت الدواعي والدوافع التي أدت إلى إنشاء المؤسسات العمومية الاقتصادية في الجزائر؟
إن مستقبل المؤسسة العمومية الاقتصادية في الجزائر مرهون بدرجة كبيرة ببعض التطورات الداخلية من جهة ومرتبط بمدى ثقل ووزن تلك المؤسسات في الاقتصاد الوطني من جهة أخرى وتوفير معايير أداء لتقييم فعال لها يسمح بتشخيص الداء يفرض بالضرورة بقاءها
فبغض النظر عن التحولات الكبرى السياسية والاقتصادية التي يعيشها العالم ومدى تأثيرها على الاقتصاد، ومدى تأثير المؤسسات المالية العالمية على التوجهات الجديدة للسياسة الاقتصادية، فهناك مبررات لازالت قائمة تفرض وجود مؤسسات عمومية اقتصادية في خصم هذه التحولات ، وأخرى يستلزم توفيرها حتى تتمكن المؤسسة العمومية الاقتصادية من استمراريتها
ن سيادة الجزائر تمر حتما ببعض المعالم الاقتصادية التي يجب الحفاظ عليها ألا وهي المؤسسات العمومية والقطاعات الإستراتجية التي تضمن مستقبل الجزائر، فتحديدها وإعطاؤها دفعة قوية وتوفير لها الجو الملائم يكسبها سرعة ابتدائية تسمح لها بالدخول في هذه المتغيرات بصفة جيدة، لأنها بذلك تحقق أهدافا اقتصادية بالدرجة الأولى، دون أن تتخلى عن دورها الاجتماعي والسياسي
ان التنازل الكلي للمؤسسات الإستراتجية لفائدة القطاع الخاص المحلي منه والأجنبي هو دخول في معترك سياسي واجتماعي يضرب عرض الحائط المجتمع ومصالحه، لأن الاستقرار الاقتصادي يمر حتما بالاستقرار الاجتماعي والسياسي
إن الإفراط في خوصصة المؤسسات العمومية الاقتصادية وخاصة الإستراتجية (المؤسسات التي لها وزن عادي والمؤسسات الأخرى يمكن الحديث عن خوصصتها جزئيا أو كليا دون أن يثير ذلك زوبعة كبيرة، لأن التجارب أثبتت أن الإصلاحات الكبيرة التي استفادت منها لم تغير من أدائها، ولم تحسن من فعاليتها ومردوديتها بل كانت في كل فترة تمتص أموالا باهضة دون جدوى سيفقد الدولة السيطرة على زمام أمورها من جهة ولأنها من الضوابط الاجتماعية
أما من حيث الأداء فإن مستقبل المؤسسة العمومية الاقتصادية مرهون بتوفير جدي لمعايير أداء واضحة المعالم، عكس ما كان معمول به سابقاتوفير المال دون إخضاع المؤسسة لمعايير تقييم وأداء
هذا التقييم يجب أن يراعى فيه جوانب عديدة منها ما هو تقني ومنها ما هو مالي اقتصادي وتتدخل فيه عوامل متعددة منها طبيعة المؤسسة وإمكانيتها البشرية والمادية، ونوعية نشاطها ، والتقييم يجب أن يتم من قبل منظمات مستقلة لها من الخبرة والقدرة ما يؤهلها من تشخيص جوانب الضعف والقوة
فعلى المؤسسة العمومية الاقتصادية أن تراعي مبدأ الربح وأن تهتم بالمردودية الاقتصادية والمالية، وكذا استخدام الأمثل للموارد الاقتصادية لذلك وجب على المؤسسات العمومية الاقتصادية أن تتخذ القرارات الاستثمارية بعد دراسة فعالة للجدوى الاقتصادية، وأن تكتسب لأجل ذلك معدات وآلات موافقة لنشاط المؤسسة وفق ما تتطلبه العملية الاستثمارية مع إحداث قواعد تنظيمية تسييرية مستقلة كليا عن الجهات المركزية.
2- الشراكة:
تعتبر الشراكة والتي تتمثل في تلك العقود التي تشارك فيها مؤسستين أو أكثر في الميدان الصناعي أو غيره قصد بلوغ وبصفة مشتركة ومحددا من أجل تقاسم الأرباح الناتجة عنه كأحد البدائل الجادة لحل الأزمة التي تعيشها الجزائر. واحد السبل الناجعة لخروج المؤسسات العمومية الاقتصادية من وضعيتها الصعبة
وتدور فكرة الشراكة أساسا على إحداث نوع من التعاون الإقليمي في المجال الاقتصادي وغيره. فالشراكة هي ذلك الانفتاح الاقتصادي والتعاون الإقليمي المعزز وهي ذلك التكامل الوظيفي والفني من أجل إحداث درجة من التشابك والارتباط
ا- خصائص الشراكة:
إن للشراكة خاصيات تميزها عن غيرها من العلاقات التي تربط بين الدول. ولعل أهم خصائص الشراكة:
أ – إن مفهوم الشراكة مستمد من الفكر النيو ليبرالي التي تعلو بالاعتبارات الاقتصادية وأهميتها على الاعتبارات السياسية. حيث تعتبر الرفاهية الاقتصادية هي صمام الأمان لمنع تفجر المشكلات السياسية، والصراعات الأمنية وبالتالي فهي تعمل على أضواء المشكلات الأمنية عن طريق تعزيز الانفتاح والتعاون الإقليمي
ب –التكامل الوظيفي والفني: وتكمن هذه الخاصية في إحداث الربط بين دول الإقليم عن طريق خلق شبكة من المصالح والارتباطات على أرض الواقع في المجالات الاقتصادية، التجارية، الفنية
ب- اهداف الشراكة:
إن إبرام علاقة شراكة بين طرفين يتجه إلى تحقيق أهداف وغايات استراتيجية لكل الأطراف المعينة ولعل أهمها:
تعزيز الانفتاح الاقتصادي بين دول الشراكة.
خلق شبكة من المصالح والارتباطات المشتركة على أرض الواقع في المجالات الاقتصادية والتجارية والفنية.
تطوير النسيج الصناعي وتحسين القدرة التنافسية بمؤسساتها الإنتاجية وذلك عن طريق:
انتقال الصناعة من الشمال إلى الجنوب.
تقديم المساعدات المالية قصد القيام بالإصلاحات الهيكلية للمؤسسة الإنتاجية.
إصلاح الإدارة والقضاء على المشاكل البيروقراطية.
: تحقيق التنمية الاقتصادية المتعددة الجوانب ويتم هذا عن طريق
تأهيل اليد العاملة.
الاستفادة من المساعدات المالية.
تطور القطاعات القادرة على التصدير إلى الخارج.
ترقية البحث العلمي والتطبيق التكنولوجي.
ج- كيف تنجح الشراكة:
لإنجاح الشراكة هناك عدة توصيات لابد من الحرص عليها من أجل ضمان السير الحسن لهذه العملية، وهي تنقسم إلى:
ج-1 على الصعيد المالي:
إعادة تأهيل الوحدات الصناعية.
إصلاح المنظومة البنكية.
إعطاء دفع كبير للسوق المالية.
تكوين المسيرين.
ج-2 على الصعيد السياسي و الاقتصادي:
القبول بعقود الشراكة في المجالات التي لا تمس بالسيادة الوطنية.
تهيئة القطاعات الموجهة إلى الشراكة.
اختيار الشريك الأفضل.
ومن خلال ما تقدم يمكن أن نقول أن الشراكة تعتبر كأحد البدائل الهامة لحل الأزمة التي تتخبط فيها مختلف القطاعات الاقتصادية وذلك بالنظر إلى الدور الذي تلعبه في إعادة التوازن الاقتصادي والمالي للمؤسسات الاقتصادية. وبالنظر إلى التحدي الذي تفرضها العولمة بالدخول إلى اقتصاد السوق بمؤسسات إنتاجية تنافسية. فهي بذلك تتيح انتقال الصناعة وترقي البحث العلمي وتطور الإنتاج وذلك باستعمال التقنيات العصرية في تسيير المؤسسات المالية في إطار إعادة بناء المؤسسات الاقتصادية وهيكلتها وتحسين قدراتها التنافسية.
تعرف على مراحل تسيير المؤسسات العمومية الجزائرية
الدولة لم تولي أي اهتمام إلى فئة العمال المسرحين من المؤسسات العمومية الذين فقدوا مناصب عملهم و لم يحصلوا على مناصب جديدة و لا لهم حق في التقاعد النسبي ؟