كيفية مواجهة الأحداث الجانحين طبقا للقانون السوري
ينظم قانون الأحداث الجانحين في سورية كيفية مواجهة الأحداث الجانحين بتدابير خاصة تختلف تماماً عن العقوبات العادية المقررة في القانون العام للمجرمين الراشدين، وهي تدابير تستهدف إصلاح الحدث الجانح، ولا تفرض بالمقابل وفقاً للجريمة ومدى جسامتها، بل وفقاً لحالة الحدث الفردية وضرورة إصلاحه، ولا يرجع القاضي إلى قانون العقوبات إلا عند فقدان أي نص في قانون الأحداث الجانحين.وعلى هذا يوضح المحامي الأستاذ ناصر محمد عنقة عقوبة الجانح الحدث بقوله:
نصت المادة 209 من قانون العقوبات السورية على ما يلي: «لا يحكم على أحد بعقوبة ما لم يكن قد أقدم على الفعل عن وعي وإرادة» وعلى هذا فالحدث هو كل ذكر أو أنثى لم يبلغ بعد سن تحمل المسؤولية الجزائية، وقد عرف الحدث بأنه: «كل ذكر أو أنثى لم يتم الثامنة عشرة من عمره.
وهناك تفريق بين طورين أساسيين من أطوار الحداثة، طور عدم التمييز وطور التمييز، ولكل منهما أحكام خاصة وقد رفع المرسوم التشريعي رقم /52/ تاريخ 1/9/2003 سن المسؤولية الجزائية إلى سن العاشرة، والأحداث الذين أتموا سن العاشرة ولم يتجاوزوا سن الثامنة عشرة فلا تفرض عليهم سوى التدابير الإصلاحية المنصوص عليها في قانون الأحداث.ويضيف المحامي عنقه:أن الحدث في مرحلة الطفولة يكون عديم التمييز من وجهة نظر القانون، وهو أيضاً عديم الأهلية، فلا يتحمل التبعة الجزائية للفعل الجرمي، وتنعدم مسؤوليته الجزائية، ولا يصح أن تتخذ الإجراءات القانونية في مواجهته، ولا أن توقع عليه عقوبة عن فعل تتوافر فيه أركان الجريمة. ولهذا نصّ قانون الأحداث الجانحين في سورية: أنه لا يلاحق جزائياً الحدث الذي لم يتم العاشرة من عمره حين ارتكابه الجريمة.أما انعدام التمييز لدى الحدث في هذه المرحلة فلا يقتصر أثره على عدم إنزال عقوبة به، بل إنه يجاوز ذلك إلى عدم جواز اتخاذ تدابير إصلاحية بحقه، وعدم جواز رفع الدعوى العامة عليه. أي إن هذا يبعده عن يد القانون الجزائي. ويتضح من كل ما تقدم أن الحدث الذي يسري عليه قانون الأحداث الجانحين، ويجوز أن تقام عليه الدعوى العامة ويواجه بتدبير إصلاحي، إنما هو الحدث الذي يرتكب جريمة في وقت يكون فيه قد أتم العاشرة ولم يتم الثامنة عشرة من عمره.
التدابير المقررة للأحداث الجانحين:
وعن التدابير التي يتخذها القانون يقول المحامي عنقه:
إذا ارتكب الحدث الذي أتم العاشرة ولم يتم الثامنة عشرة من عمره جريمة ما فيمكن أن تفرض عليه محكمة الأحداث واحداً أو أكثر من بين عدد من التدابير وفقا للمادة الرابعة ( تسليم الحدث إلى أبويه أو إلى أحدهما أو إلى وليه الشرعي أو تسليمه إلى أحد أفراد أسرته أو تسليمه إلى مؤسسة أو جمعية مرخصة صالحة لتربية الحدث أو وضعه في مركز الملاحظة أو في معهد خاص بإصلاح الأحداث أو الحجز في مأوى احترازي أو فرض الحرية المراقبة أو منعه من الإقامة أو منعه من ارتياد المحلات المفسدة أو منعه من مزاولة عمل ما أو وضعه في مركز للرعاية الاجتماعية ويضيف:
التشريعات بالأحداث الجانحين لا تقوم على تحديد المسؤولية الجزائية للحدث وفرض العقاب عليه، وإنما تقوم على أساس تعويض الحدث عمّا فقده من رعاية صالحة، وعلى إصلاح ما أفسده التوجيه الخاطئ الذي تعرض الحدث له والذي أدى به إلى الإجرام. وتطبيقاً لذلك فإن المشرّع السوري أفرد قانوناً خاصاً بمرحلة الحداثة وأحاطها بمعاملة خاصة في ضوء سياسة اجتماعية تهدف إلى توفير الرعاية والحماية للجيل الناشئ. وعدّ المشرع أن القصد من هذه التدابير هو إصلاح الحدث فعلاً لا التضييق عليه كما هو الأمر في العقوبات التي تفرض على غير الأحداث.
ولكن القانون تعامل مع الأحداث الذين أتموا الخامسة عشرة من العمر في الجرائم الجنائية بأن خفف مدد العقوبات المحكوم بها البالغين للجرائم نفسها على الشكل التالي:
استبدل عقوبة الإعدام بالحبس مع الشغل من ست سنوات إلى اثنتي عشرة سنة
واستبدل الأشغال الشاقة المؤبدة والاعتقال المؤبد بالحبس مع الشغل من خمس إلى عشر سنوات
واستبدل الأشغال الشاقة المؤقتة أو الاعتقال المؤقت بالحبس مع الشغل من سنة إلى خمس سنوات
كما أوجب قانون الأحداث الجانحين إجراء محاكمة الأحداث سراً بحضور الحدث ووليه أو وكيله أو الشخص المسلم إليه والمدعي الشخصي ووكيله ومندوب مكتب الخدمة الاجتماعية أو مركز الملاحظة، ومراقب السلوك، فضلاً عن ممثل النيابة وكاتب المحكمة وذلك حتى لا تشكل المحاكمة إساءة إلى الحدث وتعرض مستقبله للخطر.
كما حظر نشر صورة المدعى عليه الحدث ونشر وقائع المحاكمة أو ملخصها أو خلاصة الحكم في الكتب والصحافة والسينما وبأي طريقة كانت ما لم تسمح المحكمة بذلك، وكل مخالفة لهذه الأحكام تؤدي إلى مساءلة المخالف جزائياً عملاً بالمادة 410 من قانون العقوبات.
كيفية مواجهة الأحداث الجانحين طبقا للقانون السوري