نقاش قانوني حول معاهدات الحقوق العامة و الخاصة للاردنيين

|| اسم الباحث : عيسى محمد العماوي .
|| المادة موضوع البحث : الدستور الأردني لعام 1952 .
|| المعاهدات التي تمس بحقوق الأردنيين العامة والخاصه ، ومدى انطباق ذلك على معادهة سيداو .
||
=====================================

•ما الذي عناه المشرع بعباره “مساس في حقوق الأرنيين العامة أو الخاصة ” الوارده في الماده 33 من الدستور الأردني ؟ وما مدى انطباق ذلك النص على اتفاقيه سيداو التي قام الاردن بالتصديق عليها ؟

نصت المادة 33 من الدستور الأردني لعام 1952 على ما يلي :
1. الملك هو الذي يعلن الحرب ويعقد الصلح ويبرم المعاهدات والإتفاقات .
2. المعاهداتوالإتفاقات التي يترتب عليها تحميل خزانة الدولة شيئاًً من النفقات أو مساسفي حقوق الأردنيين العامة أو الخاصة لا تكون نافذة إلا أذا وافق عليهامجلس الأمة ، ولا يجوز في أي حال أن تكون الشروط السرية في معاهدة أو إتفاقما مناقضة للشروط العلنية .
وما يهمنا في اطار ورقه العمل هذه هو الفقره الثانيه من الماده سالفة الذكر وما عنته عبارة “او مساس في حقوق الأردنيين العامة أو الخاصة” والتي يترتب عليها وقف نفاذ المعادة لحين الموافقة عليها من قبل مجلس الامة .

بالرجوع إلى الفصل الثاني من الدستورالأردني لسنة 1952 نجد أن عنوان هذا الفصل هو ( حقوق الأردنيين وواجباتهم ) وهي تلك المنصوص عليها من المادة (5) حتى المادة (23) ، وقبل الشروع بتحليل الحق العام أو الخاص للأردني الذيتمسه (المعاهدات) موضوع البحث فإنه يتوجب علينا أن نذكر تلك الحقوق الواردة ضمن المواد سابقة الذكر لنصل بالنتيجة إلى الحق الذي يصنف من ضمن الحقوق التي تستلزم ايقاف نفاذ المعاهدة لحين الموافقة عليها من قبل مجلس الأمة :
المادة الخامسة : الجنسية .
المادة السادسة : المساواة أمام القانون في الحقوق والواجبات ، العمل والتعليم، الطمأنينة وتكافؤ الفرص.
المادة السابعة : الحرية الشخصية .
المادة الثامنة : التوقيف والحبس وفق احكام القانون .
المادة التاسعة : الإبعاد ، حظر الإقامة ، الإلزام بالإقامة في جهة معينة وفق أحكام القانون .
المادة العاشرة : حرمة المساكن .
المادة الحادية عشر : الإستملاك للمنفعة العامة .
المادة الثانية عشر : عدم جواز فرض قروض جبرية ، مصادرة الأموال وفق أحكام القانون .
المادة الثالثة عشر : التشغيل الإلزامي .
المادة الرابعة عشر : حرية القيام بالشعائر الدينية .
المادة الخامسة عشر : حرية الرأي ، حدود حرية الصحافة .
المادة السادسة عشر : حق الإجتماع ، وتأليف الجمعيات والأحزاب السياسية.
المادة السابعة عشر : حق مخاطبة السلطات العامة .
المادة الثامنة عشر : سرية المراسلات الهاتفية والبريدية .
المادة التاسعة عشر : حق الجماعات في تأسيس مدارسها وفق أحكام القانون.
المادة عشرون : إلزامية التعليم الإبتدائي .
المادة واحد وعشرون : عدم جواز تسليم اللاجئ السياسي بسبب مبادئه السياسية ، الإتفاقات الدولية والقوانين تحدد أصول تسليم المجرمين العاديين .
المادة المادة الثانية والعشرون : حق تولي المناصب العامة ، الوظيفة العامة .
المادة الثالثة والعشرون : العمل حق لجميع المواطنين و حماية الدولة للعمل .

وبإستعراض الحقوق المتقدمة والتي تمثل حقوقالأردنيينالعامةوالخاصة وفق احكامالدستور الأردني لسنة 1952 نجد أن الدستور الأردني اوجد ضمانه لهذه الحقوق من ان لا يتم انتهاكها من خلال التوقيع من قبل السلطه التنفيذيه على معاهدات تخل بالحقوق اعلاه . وذلك من خلال جعل هذه المعاهدات غير نافذه الا اذا تم الموافقه عليها من قبل الشعب الذي يمثله مجلس الأمة .

وعليه فان مفهوم كلمة “المساس” كما وردت في المادة 33/2 من الدستور الأردني الحالي انما تنصرف الى حالة الانتقاص من هذه الحقوق بأي شكل من الاشكال بما في ذلك الحيلوله دون الحصول عليها حتى وان لم تمسسها مباشره . والحكمة التشريعية التي وضعت الحقوق للمواطن الأردني تقتضي ان لا تمس هذه الحقوق بسوء او انتقاص وهذا ما نستخلصه من قرار المجلس العالي لتفسير الدستور في تفسيره لن الماده 33/2 من الدستور الأردني (1) .

وفي عرضنا لبنود اتفاقيه إنهاء كافة أشكال التمييز ضدالمرأة والمعروفة اختصارا باتفاقية (سيداو) والتي وقع الأردن عليها في 3 كانون الأول 1980 وصادق عليها نهائياً في 1 تموز 1992 مع إجراء بعضالتحفظات على بنود الاتفاقية ، وهذه التحفظات كانت على نصوص المواد (9، 15، 16) وهي التي تتعلق بقوانين الجنسية والمساواة فيالأهلية القانونية والمدنية والزواج والعلاقات الأسرية.[2]

وجاءت هذه التحفظات لاسباب تتعلق بالشريعه الاسلاميه وروح المجتمع الاردني وقوانييه وهو ما ابقى الامر طي العقلانيه لدى المجتمع الاردني عامه والمجتمع القانوني الاردني خاصه ، الا ان قرار سحب التحفظ عن نص المادة 15 والذي قوبل بعاصفة اعلامية مستنده الى نص الماده 33 من الدستور لم يكن واقعيا برأي .

فالنصوص التي تحفظ عليها الجانب الاردني عند التوقيع على المعاهدة جعلت بقيه المعاهدة مجرد اقرار للمبادئ التي اتى بها الدستور في نصوصه ولذلك كان من حق السلطة التنفيذيه التوقيع على المعاهدة دون الحاجة الى موافقة مجلس الامة عليها .

وان ما ثار في الفتره الاخيره من سحب التحفظ عن نص المادة 15 المتعلق بمنح المرأة المساواة مع الرجل امام القانون ، وكذلك اهلية قانونية للمماثلة مع الرجل في ابرام العقود وادارة الممتلكات. كما تعتبر الاتفاقية كل تقييد للاهلية القانونية للمرأة باطلا ولاغيا ، وتمنح المرأة والرجل ذات الحقوق في القانون المتصل بحركة الاشخاص وحرية اختيار محل السكن والاقامة.

ووفق ذات المادة فانه يحق للمرأة اختيار مكان سكنها سواء أكانت متزوجة ام لا مثلما يحق لها الاقامة في اي بلد ترغب فضلا عن الحق في التنقل والسفر دون اذن اب او اخ او زوج.

وكما يتضح اعلاه فانه ومن ناحية دستوريه بحته فالمادة الخامسة عشر من اتفاقيه سيداو اتت كاقرار للمبدأ الراسخ في الدستور والمتمثل في ان الاردنيين امام القانون سواء [3].

وان كنت ارى بان الفقره 15/4 من اتفاقيه سيداو تمثل اخلالا بالتركيبه الاجتماعية للدولة الا انها بمفهوم المخالفه لا تشكل اي مساس بحقوق الاردنيين العامة او الخاصه كونها اتت متناسبه مع التشريع القانوني الذي يقضي بحريه التنقل لكلا الجنسين ضمن الضوابط القانونية .

وعليه فان مفهوم المساس الذي بنيت عليه بعض المطالبات بالتراجع عن سحب التحفظ الاخير في غير محله . ويمكن تجاوز هذا الخلاف بتطبيق نصوص المعاهدة بما يتفق والعمل القانوني الجاري عليه في الاردن من اعتبار الشريعه الاسلاميه هي دين الدوله الرسمي ومصدر من مصادر تشريعه كما جاي في القانون المدني .
__________________________
المراجع

-[1] بناء على قرار مجلس الوزراء الصادر في جلسته المنعقدة بتاريخ 20/ 2/ 1954 اجتمع المجلس العالي المنصوص عليه في المادة 57 من الدستور لاجل تفسير الفقرة الثانية من المادة 33 من الدستور وبيان انواع المعاهدات التي يشترط لنفاذها الحصول على موافقة مجلس الامة عليها بمقتضى احكام هذه الفقرة .
وبعد الاطلاع على قرار مجلس الوزراء المشار اليه وتدقيق نصوص الدستور تبين لنا ان الفقرة الثانية المطلوب تفسيرها تنص على ان ( معاهدات الصلح والتحالف والتجارة والملاحة والمعاهدات الاخرى التي يترتب عليها تعدل في اراضي الدولة او نقص في حقوق سيادتها او تحميل خزانتها شيئا من النفقات او مساس بحقوق الاردنيين العامة او الخاصة لا تكون نافذة الا اذا وافق عليها مجلس الامة ..) .
والواضح من هذا النص ان واضع الدستور قسم المعاهدات من اجل غايات هذه الفقرة الى قسمين :
الاول : معاهدات الصلح والتحالف والتجارة والملاحة
الثاني : المعاهدات الاخرى التي يترتب عليها تعديل في اراضي الدولة او نقص في حقوق سيادتها او تحميل
خزانتها شيئا من النفقات او مساس بحقوق الاردنيين العامة او الخاصة
فالمعاهدات التي هي من القسم الاول لا تكون نافذة المفعول في كل حال الا اذا وافق عليها مجلس الامة وذلك بقطع النظر عن ماهيتها والالتزامات التي ترتبت بموجبها اذ ان مثل هذه المعاهدات تعد بالنسبة لطبيعتها وموضوع التعاقد فيها ذات مساس بحقوق الدولة الاساسية وبسلطانها وسيادتها على اقليمها البري والبحري والجوي
اما المعاهدات الاخرى فان نفاذها لا يحتاج لموافقة مجلس الامة الا اذا كان يترتب عليها تعديل في اراضي الدولة او نقص في حقوق سيادتها .. الخ فان لم يترتب عليها مثل هذه الاثار فانها تعبر نافذة بمجرد ابرامها من السلطة التنفيذية دونما حاجة لموافقة مجلس الامة وذلك نظرا لعدم خطورة الالتزامات التي تنطوي عليها .
ومما يؤيد هذا الاستنباط ايضا ان واضع الدستور لو اراد ان يجعل عبارة ( التي يترتب عليها تعديل في اراضي الدولة او نقص في حقوق سيادتها … الخ ) وصفا لكافة المعاهدات بما في ذلك ( معاهدة الصلح والتحالف والتجارة والملاحة ) لما اورد ذكر هذه المعاهدات صراحة ولاكتفى بالتعميم دون التخصيص كقوله ( جميع المعاهدات التي يترتب عليها تعديل اراضي الدولة … الخ ) اذ ان معاهدات الصلح والتحالف والتجارة والملاحة تدخل حينئذ في مفهوم هذا التعميم دون حاجة للنص عليها صراحة .
هذا ما نقرره في تفسير الفقرة الثانية من المادة 33 من الدستور
صدر في 28/ 3/ 1955

[2] – الماده 9 من اتفاقيه سيداو : “1- تمنح الدول الأطراف المرأة حقوقا مساوية لحقوق الرجل في اكتساب جنسيتها أو تغييرها أو الاحتفاظ بها. وتضمن بوجه خاص ألا يترتب على الزواج من أجنبى، أو على تغيير الزوج لجنسيته أثناء الزواج، أن تتغير تلقائيا جنسية الزوجة،أو أن تصبح بلا جنسية،أو أن تفرض عليها جنسية الزوج.
2- تمنح الدول الأطراف المرأة حقا مساويا لحق الرجل فيما يتعلق بجنسية أطفالهما. ”

المادة 15 من اتفاقيه سيداو : “1- تعترف الدول الأطراف للمرأة بالمساواة مع الرجل أمام القانون.
2- تمنح الدول الأطراف المرأة، في الشؤون المدنية،أهلية قانونية مماثلة لأهلية الرجل، وتساوي بينها وبينه في فرص ممارسة تلك الأهلية ، وتكفل للمرأة ، بوجه خاص ، حقوقا مساوية لحقوق الرجل في ابرام العقود وإدارة الممتلكات،وتعاملهما على قدم المساواة في جميع مراحل الإجراءات القضائية.
3- تتفق الدول الأطراف على اعتبار جميع العقود وسائر أنواع الصكوك الخاصة التي يكون لها أثر قانونى يستهدف الحد من الأهلية القانونية للمرأة باطلة ولاغية.
4- تمنح الدول الأطراف الرجل والمرأة نفس الحقوق فيما يتعلق بالتشريع المتصل بحركة الأشخاص وحرية اختيار محل سكناهم وإقامتهم. ”

المادة 16 من اتفاقيه سيداو : “1- تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في كافة الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات العائلية، وبوجه خاص تضمن، على أساس المساواة بين الرجل والمرأة:
(أ ) نفس الحق في عقد الزواج ؛
(ب ) نفس الحق في حرية اختيار الزوج، وفي عدم عقد الزواج إلا برضاها الحر الكامل؛
(ج) نفس الحقوق والمسؤوليات أثناء الزواج وعند فسخه؛
(د)نفس الحقوق والمسؤوليات بوصفهما أبوين، بغض النظر عن حالتهما الزوجية،في الأمور المتعلقة بأطفالهما وفي جميع الأحوال، يكون لمصلحة الأطفال الإعتبار الأول ؛
(هـ) نفس الحقوق في ان تقرر، بحرية وبادراك للنتائج، عدد أطفالها والفاصل بين الطفل والذى يليه، وفي الحصول على معلومات والتثقيف والوسائل الكفيلة بتمكينها من ممارسة هذه الحقوق؛
(و) نفس الحقوق والمسؤوليات فيما يتعلق بالولاية والقوامة والوصاية على الأطفال وتبنيهم ، أو ما شابه ذلك من الأعراف،حين توجد هذه المفاهيم في التشريع الوطني، وفي جميع الأحوال يكون لمصلحة الأطفال الاعتبار الأول؛
(ز) نفس الحقوق الشخصية للزوج والزوجة بما في ذلك الحق في اختيار اسم الأسرة والمهنة ونوع العمل؛
(ح) نفس الحقوق لكلا الزوجين فيما يتعلق بملكية وحيازة الممتلكات والإشراف عليها وإدارتها والتمتع بها والتصرف فيها، سواء بلا مقابل أو مقابل عوض.
2- لا يكون لخطوبة الطفل أو زواجه أى أثر قانونى، وتتخذ جميع الإجراءات الضرورية بما في ذلك التشريعى منها، لتحديد سن أدنى للزواج ولجعل تسجيل الزواج في سجل رسمى امراً إلزامياً ”

[3] – نصت المادة 6 الدستور على :
” 1. الأردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين.
2. تكفل الدولة العمل والتعليم ضمن حدود إمكانياتها وتكفل الطمأنينة وتكافؤ الفرص لجميع الأردنيين. ”

منقول

مقال قانوني فريد حول معاهدات الحقوق العامة والخاصة للأردنيين