الرقآبه المصرفيه وإدآره المخآطر الإئتمآنيه
تتركز مشاكل القطاع المالي ( بنوك وتأمين وأوراق مالية ) بشكل خاص حول (إدارة المخاطر ) فهذا القطاع يواجه اكثر من غيره مشكلة مخاطر المستقبل وعليه أن يطور الأساليب والأدوات التي تمكنه من التعامل مع هذه المخاطر بكفاءة إذ أن مواجهة مخاطر المستقبل مشكلة اقتصادية عامة تواجه العالم فضلا عن أنها أصبحت اكثر تأثيرا في القطاع المالي عن غيره من القطاعات ، ويرجع ذلك إلى أمرين مرتبطين بطبيعة الاقتصاد الحديث ، وهما زيادة معدلات التغيير في الحياة الاقتصادية من ناحية وزيادة معدلات الترابط والتداخل بين قطاعات الاقتصاد من ناحية أخرى.
فالاقتصاد الحديث لا يتميز فقط بالتغيير المستمر في ظروف الطلب والعرض بل أيضا في زيادة حده تداخل المصالح بين مختلف القطاعات والدول . ومع زيادة مظاهر العولمة فقد وصل التداخل في الاقتصاد الدولي درجة لم تعرفها البشرية من قبل . ومن هنا فظهور مشكلة في مكان ما أو قطاع معيّن لا بد ان تنعكس على أنشطة أخرى . فالمنتج لم يعد يواجه المخاطر التي يتعرض لها في قطاعه وإنما اصبح مهددا بالتأثر من أي أزمة تقع في أي مكان في العالم وهكذا أصبحت المخاطر جزءاً من الاقتصاد الحديث على نحو لم يكن معروفا في السابق . وبذلك تعددت الاحتمالات والاختيارات وزادت بالتالي المخاطر كما زادت أيضا الفرص .
ويظل مع ذلك أن القطاع المالي هو اكثر القطاعات الاقتصادية تعرضا للمخاطر فالبنوك لا تتعامل مع قطاع بعينه وإنما تتعامل أصلا مع النقود إقراضا واقتراضا ، وهذا القطاع المالي يتعامل مع مختلف المقترضين من مختلف القطاعات مما يستوجب الإحاطة بظروف المقترض الشخصية فضلا عن مخاطر القطاع الذي يعمل فيه ، وفي ذات الوقت فان النقود كقوة شرائية عامة تتأثر بأوضاع الاقتصاد في مجموعة كما تتأثر بعلاقة الاقتصاد المحلي بالاقتصاد العالمي وما يحدث فيهما .
ولا تختلف عن ذلك كثيرا شركات التاميـن فهي فضلا عـن أنها تتعامل مباشرة مع المخاطر التي تؤمن عليها ، فإنها توظف أموالها في الأسواق المالية مما يتطلب الإحاطة بالمؤثرات على الدخل القومي والثروة القومية ومدى تأثرها بما يحدث في الداخل والخارج .
وبالمثل فان ( أسواق الأوراق المالية ) التي تمثل أحد أشكال الثروة المالية تتأثر بكل ما يؤثر على الثروة القومية في البلاد نتيجة لتطورات الاقتصاد المحلي أو الخارجي وهكذا يتضح أن القطاع المالي يتعامل بالدرجة الأولى مع المخاطر وقد أظهرت الدراسات المتعددة التي قامت بها المؤسسات الدولية إن أحد أهم عوامل التقدم والنجاح الاقتصادي هو وجود مؤسسات مالية سليمة وقوية تعمل ضمن بيئة مالية مناسبة . ومن هنا ازداد الوعي بأهمية السلامة للمؤسسات المالية المختلفة كذلك أظهرت الدراسات أن المؤسسات المالية اكثر تأثرا وارتباطا بما يحدث في بقية أجزاء الاقتصاد وكما أنها اكثر ارتباطا وتداخلا مع المؤسسات المالية الأخرى في العالم . وبالتالي فان أية أزمة تلحق بهذا القطاع في إحدى الدول فإنها لن تلبث ان تؤثر بطبيعة الحال على العديد من الدول الأخرى .
ولا يخفى أن قطاع البنوك يحتل مكانا متميزا داخل القطاع المالي فهو اقدم المؤسسات المالية وأكثرها انتشارا . فضلا عن صلته المباشرة بنظام المدفوعات وبالتالي فان إدارة حركة النقود التي تمثل المحرك الرئيسي للنشاط الاقتصادي ومن هنا فقد كان الاهتمام العالمي بتنظيم وترشيد إدارة البنوك للمخاطر واحداً من أهم اهتمامات المجتمع الدولي وأهم المخاطر التي تواجه البنوك تشمل ، مخاطر الائتمان ، مخاطـر أسعار الفائدة ، مخاطر السيولة ، مخاطر الصرف الأجنبي ، مخاطر الأسعار ، مخاطر المعاملات المخاطر التشغيلية . ولذلك فقد أوصى المجتمع الدولي بوجوب توفير اكبر قدر من شروط السلامة لهذا القطاع الهام .
وتلعب لجنة بازل للرقابة المصرفية دوراً هاما ورئيساً في هذا الشان حيث فرض اتفـاق بازل ( 2 ) متطلبات نوعيـة لإدارة كافـة أنواع المخاطر كما أن التطبيق الصحيح لبازل (2) يفرض على معظم المصارف أن تعيد النظر في استراتيجياتها والمخاطر المترتبة عن هذه الأعمال ، فتحديد المتطلبات الدنيا لراس المال حسب معايير بازل يوجب على المصارف أن تنشئ إطارا شاملا لمعالجة المخاطر ، وبناء على ذلك فان تحسين إدارة المخاطر ينتج عنه عوامل إيجابية تتمثل بخفض المتطلبات الدنيا لراس المال لدى المصارف .
ألا أن عمليات التطبيق الواسعة النطاق ستؤثر بشكل كبير على نظم تكنولوجيا المعلومات لدى المصارف وعلى الأنشطة والعمليات المصرفية والعملاء والأعمال المصرفية ككل فالمعلومات الجيدة ستساعد المصارف على تحسين إدارتها للمخاطر الإجمالية وبالتالي تعزيز التحسينات في الحكم المؤسسي والشفافية ومستوى الإفصاح وهذه التحسينات ستفرض على رؤساء المصارف تطوير ثقافة المخاطر على صعيد مؤسساتهم بما يساعد على استهداف قاعدة العملاء الملائمة والتأكد من أن العمليات المصرفية موثقة ومن أن المعلومات المتعلقة بالمخاطر يتم جمعها والإفصاح عنها بشكل ملائم .
وتشكل المعلومات الهامة والقوية اساس عملية تحسين ادارة المخاطر ، في حين ان المعلومات غير الكافية تشكل ارضية ضعيفة لاتخاذ القرارات وبالتالي تستحدث مخاطر أخرى جديدة يترتب عليها تداعيات خطيرة على المصارف . وعلى ضوء الأزمة الأخيرة لاحد البنوك العاملة بدولة الكويت ومدى تأثيرها على العملاء تثار تساؤلات رئيسية :
• هل تقوم المصارف باستخدام أنظمة تصنيف ملائمة للعملاء والأعمال والمخاطر المترتبة .
• هل تقوم المصارف بجمع المعلومات الصحيحة عن عملاءها الحاليين والمرتقبين والتأكد من ان هذه المعلومات كاملة ومتسقة ومتوفرة عند الضرورة .
• ماهية المعلومات التي تحتاجها المصارف لتحديد قاعدة عملاءها . . وكيف سيتم اتخاذ مثل هذه القرارات .
• هل تقوم المصارف باستخدام المعلومات لتقديم الخدمات والمنتجات المصرفية الصحيحة لعملائها .
إن الإدارة المحترفة للمخاطر وتوافر المعلومات القوية ستساعد المصارف على تحديد قاعدة العملاء المستهدفة وتقييم العاملين مع المصارف . وبالتالي فان المصارف بحاجة إلى طلب معلومات جديدة وأمينة من المقترضين لتقييم التصنيف الداخلي والضمان والتي تشكل جزءاً أساسيا من عملية قياس المخاطر التي نصت عليها بازل ( 2) كما إن الطرق القياسية للمخاطر الائتمانية تتطلب الأخذ بعين الاعتبار للتصنيفات الخارجية للمقترضين ، مما يعطي أهمية جديدة لوكالات التصنيف الخارجية في ظل اتفاق بازل (2) ويلاحظ بان المقترضين غير المصنفين سوف يواجهون أسعاراً مرتفعة نتيجة لتخصيص المقرضين لرؤوس أموال إضافية لتغطية المخاطر ، وفي كل الأحوال فان المقترضين غير المصنفين سيخضعون للتصنيف الداخلي من قبل المصارف .
ان التطورات التي تفرضها الأزمة الحالية ستؤثر على العلاقات القائمة بين المصارف والعملاء وقد يتجه كبار العملاء تجنبا لتحمل التكاليف المترتبة لتقديم المعلومات الجديدة والشاملة لضمان الحصول على التمويل اللازم . كما أن العملاء غير القادرين على تقديم معلومات كافية وافية سيواجهون فرصا ضئيلة للحصول على الائتمان وبشروط ائتمان صارمة بالإضافة إلى التكلفة العالية . فمعايير الإفصاح الجديدة ستزود القائمين بالعمل المصرفي بإنذارات مبكرة تساعد في تجنب الأزمات التي تحدث للقطاع قد يساهم ذلك في تعزيز الثقة في الأسواق المالية.
مقال قانوني هام بعنوان الرقابة المصرفية وإدارة المخاطر الائتمانية