مقالة مميزة عن جرائم العرض في القانون الجنائي المغربي و الشريعه الاسلامية

توفيق عبد العزيز- نائب الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالبيضاء

يقصد بجرائم العرض تلك الجرائم التي تخدش الحياء في الإنسان وتمس بحيائه العرضي سواء وقعت عليه أو وقع نظره عليها بدون رضاه. وإذا كان من حق كل إنسان أن يصون عرضه ويحفظ كرامته فقد تدخل المشرع لحماية هذا العرض وصون هذه الكرامة وسن عقوبات متفاوتة في الشدة لكل من سولت له نفسه أن يعبث بهذا العرض، بل تدخل لحماية المجتمع حتى ولو لم يتضرر شخص معين بالذات كجرائم الفساد والشذوذ الجنسي. ونظرا لما لجرائم العرض أوالجرائم المخلة بالآداب كما يحلو للبعض أن يسميها من أهمية وما تثيره من مشاكل وما بينها من تداخل وتشابه -حاولت أن أعالج هذا الموضوع بشيء من التفصيل مستدلا ببعض الاجتهادات مع مقارنة القانون المغربي ببعض التشريعات العربية؛ كالقانون المصري، والسوري، لما بينهما وبين القانون المغربي من تشابه وارتباط، خاتما البحث بدراسة هذه الجرائم في الشريعة الإسلامية مبينا الفرق بينها وبين القانون الوضعي في هذا الصدد مع بيان إمكان تطبيق الشريعة الإسلامية في هذا الميدان. ويمكن إجمال جرائم العرض في الجرائم الآتية : الإخلال العلني بالحياء – هتك العرض -الشذوذ الجنسي -الفساد -الخيانة الزوجية -الاغتصاب ..، وهي الجرائم المنصوص عليها وعلى عقوبتها في الفرع السادس من الباب الثامن من القانون الجنائي تحت عنوان (في انتهاك الآداب)..

1 الإخلال العلني بالحياء:
ينص الفصل 483 من القانون الجنائي المغربي على أن من ارتكب إخلالا علنيا بالحياء، وذلك بالعرى المتعمد أو بالبذاءة في الإشارات أو الأفعال، يعاقب بالحبس من شهر واحد إلى سنتين وبغرامة من مائة وعشرين إلى خمسمائة درهم.
ويعتبر إخلالا علنيا متى كان الفعل الذي كونه قد ارتكب بمحضر شخص أو أكثر شاهدوا ذلك عفوا، أو بمحضر قاصر دون الثامنة عشرة من عمره، أو في مكان قد تتطلع إليه أنظار الجمهور، ومن التدقيق في هذا العصر يتبين أن أركان جريمة الإخلال العلني بالحياء ثلاثة:

1 الركن المادي:

يتكون هذه الركن من أي فعل أو حركة أوإشارة يقوم بها الجاني، ويكون من شأنها خدش الحياء العام سواء استطال هذا الفعل على جسم إنسان ما – بشرط ألا يبلغ درجة جريمة هتك العرض-حتى ولو كان جسم الجاني نفسه أو لم يقع على جسم إنسان ما، فالشخص الذي يقوم بكشف عورته في الشارع العمومي، أو في مكان معرض لرؤية الجمهور، والشخص الذي يقبل امرأة بكيفية تثير الغريزة الجنسية، والشخص الذي يعقد إحدى يديه ويدخل فيها وسطى أصابعه الأخرى أو الراقصة التي تقوم برقصة هزة البطن بكيفية بذيئة والشخص الذي يقوم بحركات تثير فكرة التمازج الجنسي، كل هؤلاء يرتكبون جريمة الإخلال العلني بالحياء، أما الأقوال مهما كانت فاحشة ما لم تصحب بحركات أو إشارات، وكذلك الصور والرسوم مهما كانت فاضحة وفاحشة، فإنها لا تعدو ولا تكون جريمة الإخلال العلني بالحياء، وإنما تدخل في زمرة جرائم السب والقذف العلني وتعاقب حسب قانون حرية الصحافة فالشخص الذي يقوم في جمع عام أو خاص ويتفوه بأقوال في غاية البذاءة والفحش لا يكون مرتكبا لجريمة الإخلال العلني بالحياء ولكن يكون مرتكبا لجريمة السب العلني، وكذلك من يقف على قارعة الطريق، ويعترض سبيل النساء بالكلام الفاحش أو القول البذيء يكون مرتكبا لجريمة السب العلني أو لجريمة التحريض على الفساد إذا كان يقصد من وراء ذلك جلب أشخاص للفساد وكان دوره يقتصر على الوساطة فيه، وقد اعتبرت محكمة النقض المصرية في حكم لها أن توجيه المتهم للمجني عليها في الطريق العام ألفاظا تخدشها في شرفها، وتجرح كرامتها.

ومن أمثلة جرائم الإخلال العلني بالحياء تقبيل امرأة في مكان عمومي أو لمس يدها أو ذراعها أو عنقها أو ثديها بكيفية يكون من شأنه إثارة الغريزة الجنسية سواء كان هذا الفعل في حد ذاته مشروعا أم لا، فالشخص الذي يقبل زوجته أو الزوجة التي تقبل زوجها أو الزوج الذي يلمس زوجته في مكان من أماكن إثارة الغريزة الجنسية من جسدها يكون قد قام بعمل مشروع يقره القانون والشرع والعرف وكل من قام بنفس الأعمال السابقة مع امرأة لا تربطه معها علاقة الزواج يكون قد قام بعمل غير مشروع، ولكن كلا من العملين سواء كان مشروعا أو غير مشروع إذا ارتكب في مكان عام أو معرض لرؤية الجمهور أو بحضور قاصر يقل عمره عن 18 سنة يعد مخالفا للآداب العامة وبالتالي يكون جريمة الإخلال العلني بالحياء، لان الأخلاق العامة والتقاليد تدعو إلى التستر عند القيام بهذه الأعمال.

*الأخلاق العامة:و هي مجموعة القواعد والأعراف التي يلتزم الناس في مكان معين وزمان معين بإتباعها والتقيد بها والسير وفقها وهي تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والمجتمعات، فما كان في الماضي يعد عملا مخلا بالحياء لم يعد اليوم كذلك، وما يعد مخلا بالحياء في الدول الإسلامية لا يعد كذلك في الدول غير الإسلامية وما يعد مخلا بالآداب في البادية والأرياف لا يعد كذلك في المدن، كما أن ما يعد عورة في جسم المرأة لا يعد عورة في جسم الرجل، فالرجل يكشف صدره أو بطنه ولا يعد ما قام به مخلا بالحياء، بينما إذا فعلت المرأة ذلك تكون قد ارتكبت عملا مخلا بالحياء.والشخص – ذكرا كان أو أنثى – الذي يلبس ملابس شاطئ البحر ويجول بها في الشوارع يكون قد ارتكب عملا مخلا بالحياء بينما لا يعد كذلك في شاطئ البحر.
فالإخلال العلني بالحياء إذن مسألة نسبية على القاضي أن يستقيها من المحيط الذي وقعت فيه الجريمة لا من تصور من وقعت عليه وشعوره.ولا يكتفي القاضي في حكمه بأن يقول أن المتهم ارتكب عملا مخلا بالحياء، بل عليه أن يتبين الأفعال التي ارتكبها بكل تحديد إلا كان حكمه معرضا للإبطال.
وعلى العموم فان كل عمل أو حركة أو إشارة من شأنها إثارة الغريزة الجنسية أو إثارة فكرة التمازج الجنسي سواء وقعت على شخص برضاه أو وقعت على الجاني نفسه، لأن المشرع لم يرد من تجريم هذا الفعل حماية شخص معين بالذات جرائم العرض أو الاغتصاب، وإنما أراد حماية الشعور العام من رؤية الفاعل أو حركات أو إشارات تخدش حياءه تعد عملا مخلا بالحياء.

-2العلانية :
ينص الفصل أعلاه على أن من ارتكب إخلالا علنيا بالحياءوالمقصود بالعلانية هنا معناها اللغوي؛ وهو إتيان فعل أو حركة أو إشارة في مكان عام أو معرض لرؤية العموم، والعلانية أهم ركن في جريمة الإخلال العلني بالحياء، ذلك أن المشرع كما مر معنا أعلاه، لم يقصد بتجريم هذا الفعل حماية شخص معين من الناس، وإنما قصد إلى حماية الشعور العام، لما يحدثه هذا الفعل من جرح في الشعور الأخلاقي وحماية الناس من أن تقع أبصارهم على مناظر بذيئة لا يرغبون في رؤيتها، فإذا ما ارتكب شخص فعلا من الأفعال المخلة بالحياء في مكان خاص أو بعيد عن أعين الناس، فإن ركن العلانية لا يتوفر، وبالتالي لا يقع تحت طائلة الفصل 483 أعلاه والمشرع المغربي – خلافا للمشرع المصري أوضح العناصر اللازمة لتكوين ركن العلانية في جريمة الإخلال العلني بالحياء وذلك بقوله في الفصل 483يعتبر الإخلال علنيا متى كان الفعل الذي كونه قد ارتكب بمحضر شخص أو أكثر شاهدوا، وذلك عفوا أو بمحضر قاصر دون الثامنة عشرة من عمره أو في مكان قد تتطلع إليه أنظار العموموبناء على ما ورد في هذه الفقرة يمكن تقسيم الأماكن التى تتوفر فيها العلانية المطلوبة لقيام هذه الجريمة إلى:

أ- المكان العام:
هو المكان المفتوح للجمهور يدخله من يشاء وأنى شاء ومتى شاء كالطرق العامة والقناطر والحدائق العامة.ولا فرق بين أن يكون دخولها مجانا كالشوارع والأزقة أوبمقابل كالمسارح والمقاهي ويمكن تقسيم المكان العام إلى:مكان عام بطبيعته، مكان عام بالتخصيص، مكان عام بالمصادقة.
فالمكان العمومي بطبيعته هو المكان المفتوح لجمهور الناس يدخلونه متى شاءوا وأنى شاءوا كالشوارع والحدائق والساحات العمومية والأزقة والمنتزهات والملاعب الرياضية فإذا ما ارتكب شخص فعلا مخلا بالحياء في مكان من هذه الأماكن يكون قد ارتكب جريمة الإخلال العلني بالحياء لتوافر ركن العلانية حتى ولو ارتكب هذا الفعل ليلا، ذلك أن هذه الأماكن تطرق في كل وقت وهي بطبيعتها معرضة لمرور الجمهور منها في أي وقت.

والمكان العمومي بالتخصيص هو المكان المباح دخوله لكل شخص أراد، وذلك إما بمقابل وإما بشروط خاصة أو مجانا ولكنه أقل تعرضا للجمهور من النوع الأول، ولا يباح دخوله عادة إلا في أوقات كالمساجد والمسارح والمقاهي والمدارس والمطاعم وسيارات النقل العمومي وعربات القطار والمؤسسات العمومية كمكاتب البريد وقاعات المحاكمات والمكاتب الإدارية بشرط أن يقع فيها الفعل المخل بالحياء في وقت تكون فيه أبوابها مفتوحة وتستقبل العموم.أما إذا وقع فعل مخل بالحياء في مكان من هذه الأماكن ليلا أو في وقت كانت أبوابها مقفلة وليس بها أحد غير الفاعل والضحية الذي وقع عليه الفعل أو الفاعل وحده إن أوقع الفعل على نفسه كالعرى مثلا، فان ركن العلانية لا يتوفر بالتالي فان الفاعل يكون بمنجي من العقاب المنصوص عليه في الفصل 483 المذكور أعلاه.وقد ذهبت محكمة النقض الفرنسية إلى أن الفعل المنافي للحياء المقترف من مدرس ابتدائي على أحد طلاب المدرسة في غرفة من غرف الدراسة يفقد صفة العلانية إذا وقع بعد وقت الدراسة وفي وقت غياب أي شاهد ومع اتخاذ احتياطات خاصة بمنع رؤيته، وذلك لأن المدرسة تفقد صفة العلانية منذ الوقت الذي تغلق أبوابها دون طلابها

والأمكنة العمومية بالمصادقة هي أماكن خاصة مقتصرة على أفراد معينين اختياريا كالنوادي والدكاكين والمخازن وإجباريا كالسجون.فهذه الأماكن تكون خاصة بمن خصصت لهم أو بمن أنشأها، إلا أن وجود الجمهور ولو بمجرد الصدفة هو الذي يعطيها صفة العلانية فإذا ما ارتكب شخص عملا مخلا بالحياء في وقت يكون فيه الجمهور موجودا في هذه الأمكنة فإن ركن العلانية يتوفر وبالتالي يقع الفاعل تحت طائلة الفصل 483 أعلاه والمقصود بالجمهور عدد من الناس حتى ولو كن
شخصا واحدا غير الفاعل فإذا ما ارتكب سجين عملا مخلا بالحياء في السجن ورآه أو أمكن أن يراه سجين آخر أو أحد حراس السجن ولو ليلا، فإنه يعد مرتكبا لجريمة الإخلال العلني بالحياء، ومن الأماكن العمومية بالمصادقة المصاعد والسلالم المشتركة وممرات العمارات ودهاليزها.

ب- المكان المطروق:

هو مكان عام إلا أنه أقل تعرضا لغشيان الناس له من المكان العام كالشواطئ في غير فصل الصيف أو الصحاري أو الأماكن النائية عن العمران أو قمم الجبال و الحدائق في فصل الشتاء؛ فهذه أماكن يطرقها الناس متى أرادوا، ولكن هناك أوقات تكاد تكون فيها خالية من الناس فإذا ما ارتكب شخص فعلا مخلا بالحياء في مكان من هذه الأماكن وقع تحت طائلة الفصل 483 المذكور أعلاه لتوفر ركن العلانية في فعله سواء كان فيه أحد أم لم يكن، لإمكان وجود الناس في أي وقت.

ج- المكان الخاص المعرض للأنظار:

المكان الخاص المعرض للأنظار هو المكان الخصوصي إما لفرد واحد وإما لمجموعة أفراد لا يتعداهم إلى غيرهم كالمنازل والسيارات الخاصة والنوادي المغلقة فهذه أماكن خاصة لا تتوفر فيها العلانية المطلوبة في الفصل 483 أعلاه، إلا أنها قد تتعرض لأنظار الجمهور فتكتسي بذلك صفة العلانية (6)كالمنزل الذي يترك صاحبه نوافذه المطلة على الشارع أو زقاق أو على منازل أخرى مفتوحة وكالنادي الذي يترك بابه أو نوافذه مفتوحة فيستطيع الجمهور رؤية ما يجري بداخله دون عائق، أما إذا تسلق المشاهد جدارا أو سلما أو فتح نافدة أحكم إغلاقها ليرى ما يجري في الداخل، فإن ركن العلانية لا يتوفر لأن رؤية ما يجري في الداخل لم تأت عن عمل الفاعل، وإنما من عمل المشاهد، ولأن المشرع من جهة أخرى حمى شعور الذين تجرحهم المناظر المخلة بالحياء دون رضا منهم أما الذين يسعون إلى رؤية هذه المناظر فإنهم يعدون مشاركين في ارتكاب هذا الفعل، بالتالي فان المشرع لم يتدخل لحمايتهم وهكذا مثلا إذا دخل شخص اختياريا لناد من نوادي العراة، فإنه لا يقبل منه الإدعاء بأن شعوره الأخلاقي قد جرح لأنه هو الذي ذهب إلى هذا النادي وهو يعلم ما يجري فيه، وذلك لا يعد إخلالا بالحياء العمل الذي يرتكبه شخص في حقل بعيد عن المساكن وعن الطريق العمومي ومحاط من جميع الجهات بحقول أخرى مملوكة لمقترف الجرم.
متى ثبت أنه لم يتمكن من مشاهدته سوى شاهد واحد دخل بدون حق في ملك المتهم وافسد عليه ما اتخذه من احتياطات وكذلك السيارات الخاصة .

د-المكان الذي يوجد فيه قاصر:

الحق المشرع المغربي المكان الذي يوجد فيه قاصر دون الثامنة عشرة حتى ولو كان خاصا بالمكان العام وذلك حماية للناشئة من الانحلال الخلقي والانحراف بل حتى ولو كان الفاعل أبا أو أما لهذه القاصر، إذن كل من ارتكب عملا مخلا بالحياء بحضور قاصر دون الثامنة عشرة يعد مرتكبا لجريمة الإخلال العلني بالحياء وبالتالي يقع تحت طائلة الفصل483 المذكور أعلاه سواء وقع الفعل على القاصر أوعلى الفاعل نفسه أوعلى شخص أخر ما دام الفعل، وقع بحضور القاصر. لكن ما الحكم إذا وقع الفعل الجنائي بحضور قاصر حضر عن اختيار وعلم إلى المكان الذي وقعت فيه الجريمة ؟ الحقيقة أن المشرع اعتبر الشخص الذي حضر أوشاهد الفعل المخل بالحياء عن طيب خاطر غير جدير بالحماية كما يدل على ذلك عندما عبر بكلمة عفوا الواردة في الفصل 483 المذكور فإن المشرع حماية منه للقاصرين اعتبر رضاهم كعدمه ولم يعتد بهذا الرضا، والحق المكان الخاص الذي وقع فيه الفعل المخل بالحياء بحضور قاصر بالمكان العام لتوفر العلانية فيه بحضور القاصر، لكن هل يعد مرتكبا لجريمة الإخلال العلني بالحياء من ارتكب فعلا شائنا بحضور شخص أعمى أوأصم ؟ لا شك أن أحد هاذين الشخصين الأعمى أو الأصم إذا كان جسمه هوالذي تعرض للفعل الشائن كمن يمس عورة أحدهما لو يضع يد أحدهما على ذكر الفاعل مثلا أو يضع يده على نهد امرأة عمياء أو صماء، فان الجريمة تعد قائمة وبالتالي يقع الفاعل تحت طائلة الفصل 483 أعلاه لكن إذا وقع بمحضر أحدهما فلا جدال في رؤية الأصم.

تعتبر كرؤية المبصر ما دام المقصود هو رؤية الإشارات أوالحركات أوالأفعال لكن بالنسبة للأعمى إذا كان الفعل الذي قام به الفاعل لا يدع شكا في كون الفعل المخل بالحياء ارتكب، فان الجريمة تعد قائمة كمن يقبل امرأة بشهوة أو يقوم بحركات ويتفوه بألفاظ غزلية تخدش حياء الأعمى فان الجريمة تعد -مرتكبة قد ذهبت محكمة النقض الفرنسية إلى أنالفعل الفاضح يكتسب العلانية حتى ولو كان الشاهد الوحيد له لم يشاهد ببصره متى كان وجوده معروفا لمرتكبي الفعل وكان الفاعلان لم يعملا على إخفاء أمرهما بل إنه بالأقوال التي تفوها بها وبالأصوات المتقطعة التي خرجت قد وقف الشاهد على طبيعة الأفعال المخلة بالحياء المغايرة للآداب التي اقترفت في حظيرته بحيث تأثرت منها عاطفة الحياء لديه كما ذهبت محكمة النقض المصرية في تعريفها للفعل الفاضح بأنه ذلك الفعل العمد المخل بالحياء الذي يخدش في المرء حياء العين والإذن ليس إلا – بمعنى أنه لا تستلزم العلانية رؤية الشهود للفعل فمجرد السماع يكفي للدلالة على العلانية في الفعل الفاضح إذا أمكن سماع الحركات التي تدل عليه.

3 القصد الجنائي:

لا ضرورة في قيام الإخلال العلني بالحياء لوجود القصد الجنائي بل يكفي إرادة الفاعل ارتكابه الفعل وعلمه بأنه فعله مخل بالحياء لذلك فان مجرد إهمال الفاعل يعد كافيا لتوفر الركن المادي أي القصد الجنائي وهكذا مثلا من قام بفعل مخل بالحياء في مكان خاص ولكنه ترك النوافذ التي تطل على الشارع العمومي أو مكان عام أو حتى على منزل آخر مفتوحة أو أغلقها بكيفية لم تستر ما يقع في الداخل فإنه يعد مرتكبا لجريمة الإخلال العلني بالحياء ولولم يقصد إيذاء الشعور العام.وقد قضت المحكمة المصرية بأن من يدخل دكان حلاق ويتبول في الحوض الموجود به فيعرض نفسه بغير مقتضى للأنظار بحالته المنافية للحياء يتوافر في حقه القصد الجنائي في جريمة الفعل الفاضح العلني.

لكن إذا كان العرى مثلا غير إرادي كمن تعدى عليه اللصوص فسرقوا لباسه وتركوه عاريا أو من اشتعلت النار في ملابسه فاضطر لخلعها حماية لنفسه من الحريق، أو من كان في نزاع مع شخص آخر فمزق له ملابسه بكيفية انكشفت معها عورته أو من كان في سباق أو ساحة رياضية فسقط سرواله أو تمزق.

وهكذا في كل حالة يكون فيها العري غير اختياري، فإن الركن المعنوي لا يتوفر، وبالتالي فإن جريمة الإخلال العلني بالحياء تكون غير قائمة. ويكون مرتكبا لجريمة الإخلال العلني بالحياء من قام بعمله المخل دون احتياط أو دون تبصر، كمن يرتكب عملا شائنا في مكان محتمل الرؤية من الغير كحقل غير مستور، أومكان مقفر، أوساحل نهر. لأن هذه أماكن عامة كما تقدم أعلاه.

جرائم العرض في القانون الجنائي المغربي والشريعة الاسلامية – مقال قانوني هام