القانون وعمليات البيع الإلكتروني
د. عبد القادر ورسمه غالب
تقوم شركة السمسرة للبيع الالكتروني (آي بيي) المشهورة في مجال التجارة الالكترونية بالسمسرة وعرض البضائع للبيع الكترونيا عبر موقعها الالكتروني والذي يتردد عليه الكثير ممن يرغبون في التعامل بالبيع والشراء الالكتروني من كل بقاع العالم.

وهذه الشركة تعتبر من أعمدة التجارة الالكترونية، ولقد اكتسبت سمعة كبيرة بفضل جهودها الحثيثة في هذا المجال الخصب والجديد نوعًا ما.

وبسبب شهرة هذه الشركة فإنها تحقق الكثير من الأرباح لأصحابها نظير الإقبال المنقطع النظير علي خدماتها التسويقية المتنوعة في شتى أنواع البضائع والمنتجات العالمية.

ولكن هذه الشركة تعاني الآن مشاكل قانونية عديدة، وربما انتهى شعر العسل بالنسبة لهم أو في طريقه للنهاية، وذلك بسبب مخالفة الشركة للقانون مما أدى لصدور أحكام قضائية عديدة ضدها في المحاكم الفرنسية والتي أصدرت أحكاما قوية تعتبر «سوابق قضائية» في مجال التجارة الالكترونية وكل ما يرتبط بها.

ومجمل القول، أن شركة السمسرة للبيع الالكتروني قامت بوضع معلومات عن بضائع «مقلدة» في موقعها وساعدت في الترويج لها وتسويقها الكترونيا.

وهذه البضائع المقلدة لسوء الحظ تتضمن أرقى المنتجات من كبار المنتجين المشهورين وهي تشمل المجوهرات وأدوات التجميل والحقائب والعديد من الكماليات والعطور الراقية.

ولقد قامت شركات كبيرة لها وزنها في السوق برفع دعاوي ضد شركة السمسرة الالكترونية وذلك بسبب ما قامت به حيال الترويج الالكتروني في موقعها وتقديم النصائح والمساعدة في بيع البضائع المقلدة.

ومعظم أنواع التجارة التقليدية المباشرة ومن اليد لليد تعاني كثيرًا من التقليد والغش والخداع من ضعاف النفوس، ومنهم أيضا انتقلت الآن هذه العدوى للتجارة الالكترونية التي فرح لها وهلل بمقدمها الكثير من التجار والمستهلكين.

والشركات التي تقدمت بالقضايا ضد شركة السمسرة الالكترونية تشمل شركة «هريميس»، وشركة «ال في ام أتش»، و«كريستين ديور» وغيرهم من كبار شركات الموضة الباريسية.

وكل هذه الشركات المدعية رفعت القضايا لحماية منتجاتهم الأصلية «البراند» وذات السمعة العالمية المعروفة والمشهورة من تلك البضائع «الفيك» المقلدة التي تضر بمنتجاتهم وتكبدهم الكثير من الخسائر يوميا.

وقالت هذه الشركات المكلومة أمام المحاكم أن شركة السمسرة للبيع الالكتروني (أي بيي) لم تقم فقط بعرض نماذج البضائع «الفيك» المقلدة في موقعها بل كان لها دور مباشر في الترويج لهذه البضائع المقلدة وبيعها بالرغم من علمهم بأنها بضائع مقلدة لا تسوى أي قيمة كانت.

وأن كل هذه التصرفات المباشرة تمت «دون حسن نية» بل بسوء نية واضح للعيان، وأن هذه التصرفات تخالف القانون وأضرت بهم أضرارًا كبيرةً ولدرجة مؤثرة على أعمالهم وإنتاجهم وأرباحهم وسمعة منتجاتهم… بل تشكل أضرارا بالغة، وأن كل هذه الممارسات غير السليمة تهدم التجارة الالكترونية عن المديين البعيد والقريب وتعرضها للخطر والزوال وفقدان الثقة بين التجار والمستهلكين.

ولإثبات أن شركة السمسرة الالكترونية قامت بهذا العمل «بسوء نية» أوضحوا للمحاكم أنه، وفي العديد من الحالات التي يقل فيها البيع أو تتوقف حركته فان شركة السمسرة الالكترونية تتدخل بشتى الطرق لتسهيل البيع لصالح الزبائن، أي أنهم يتجاوزون مرحلة العرض في الموقع الى مرحلة العمل كوكلاء وسماسرة.

وكذلك فان شركة السمسرة تكون علي دراية بنوعية البضائع وهل هي «أصلية» أو «مقلدة» لأن لديهم نسبة ثابتة من مجمل المبيعات وهذا يدل علي أنهم علي علم بتفاصيل البضائع ونوعها وكذلك أسعار بيعها، وأضافة لهذا تبين أن شركة السمسرة الالكترونية سمحت ببيع أنواع من العطور البراند المنتجة من «ديور» و«قوربيان» و«كنزو» و«جيفنسي» بالرغم من أنهم يعلمون جيدا، ووفقا لسياسة المنتجين، بأن مثل هذه العطور لا تباع إلا بيعًا مباشرًا وفي متاجر معينة فقط … كل هذا يدلل على علم الشركة بما تفعله وبالرغم من ذلك تقوم بالترويج عن قصد وبسوء نية وتواطؤ مضر لأصحاب الحقوق والمنتجات الأصلية وسياسة المنتجين المتبعة حيال بيع منتجاتهم.

قالت المحاكم الفرنسية أن الترويج الالكتروني، وعبر المواقع الالكترونية، لأي نوع من البضائع المقلدة والمساعدة بأي طريقة في بيعها الالكتروني يعتبر مخالفا للقانون ويسبب أضرارًا كثيرة لأصحاب الصناعة الفرنسية ويهزم هذه المنتجات الراقية في عقر دارها.

وأنه يجب الوقوف ضد هذه الممارسات المخالفة للقانون بكل صرامة لأن التجارة الالكترونية تعتمد علي الترويج الالكتروني، ولذا صدرت الأحكام ضد شركة السمسرة الالكترونية بدفع حوالي 63 مليون دولار كتعويضات للشركات المدعية نظير ما تعرضت له من خسائر مباشرة وأضرار محتملة لمنتجاتها التي تم تقليدها والمتاجرة بها في وضح النهار، وكذلك تم رفع عدة دعاوي ضد شركة السمسرة في أمريكا وهكذا انفتح الباب ضدها في كل مكان.

شركة السمسرة قالت إن الأحكام القضائية الصادرة ضدها تعتبر ضارة بالتجارة الإلكترونية، وقد تؤثر على سلاسة الاجراءات المتبعة للترويج في هذا الخصوص خاصة وأن الترويج الالكتروني يعتبر مكونا اساسيا من أركان التجارة الالكترونية التي دفعت بالتجارة في كل أنحاء العالم، وغمزت بالقول إن بعض الشركات الكبيرة ما زالت ترغب في التجارة عبر الطرق التقليدية لتهيمن علي الفوائد لمصلحتها وحدها و وفق السياسات التسويقية التي تنتهجها حتي ولو كانت علي حساب المستهلك.

نقول إن التجارة الالكترونية ضرورية الآن بل أصبحت واقعًا فعليًا معاشًا، وهذه التجارة الحديثة في طريقها للانتشار اليومي ولا تستطيع أي قوة أن تقف في طريقها أو تمنع تقدمها.

لقد بدأت المشوار ولن تتوقف، ولكن هذا لا يعني فتح المجال لممارستها بصورة غير سليمة ومخالفة للقانون، بل يجب أن تتم كل معاملة وفق القوانين السارية التي تم تشريعها أخيرا لتقنين التجارة الالكترونية بكل أقسامها وتوابعها.

ان علي شركة السمسرة الالكترونية وغيرها من الشركات العاملة في هذا المجال، الالتزام بالقانون وعدم ترويج أو تسويق ما يخالفه وبهذا ستتم المساهمة الفعلية في تطوير التجارة الالكترونية وحمايتها من التقليد والخداع وكذلك حماية المستهلك في أي مكان، وحماية المستهلك يجب أن تراعى بصفة أساسية في كل الخطوات.

ولذا فإننا نرى، أن النهج الذي سارت عليه المحاكم الفرنسية يعتبر صحيحا وسليما وسيدفع بممارسة التجارة الالكترونية وفق الممارسات التجارية السليمة ووفق القانون الذي يحمي الجميع.

وقطعا سيكون لهذه الأحكام، التي صدرت قريبا، آثارها الإيجابية في ردع كل من تسول له نفسه بإساءة استغلال التعامل الالكتروني و التجارة الالكترونية بصورة مخالفة للقانون… وعلي الجميع انتهاز التمتع بالتجول والتسوق الالكتروني من البعد، ولنحرص جميعنا على ممارسة هذه الخدمات الحديثة التي تعرض أمامنا كل متاجر العالم دون أن نتكبد مشاق الذهاب اليها، على أن يظل هذا في حدود ما يضمن حقوقنا وحقوق الجميع ليستفيد الجميع من هذا المنفذ الحضاري الحديث.

إعادة نشر بواسطة لويرزبوك

مقالة حول الإشكاليات القانونية لعمليات البيع الإلكتروني