النظام الأساسي للحكم وهيئة الأمر بالمعروف
الأخطاء قد توجد في جميع القطاعات، ولكن خطأ الأفراد لا يعني الاستغناء عن الجهاز الحكومي، أو المطالبة بعدم دعمه، بل يعاقَب المخطئ، وينال جزاءه الشرعي
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصل من أصول الدين، به يظهر الخير ويعم، ويختفي الباطل ويضمحل، ولقد فرق الله بين المؤمنين والمنافقين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فدل ذلك على أن أخص صفات المؤمنين قيامهم به، فقال تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ)، وذكر قبلها (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوف)، وقد حازت هذه الأمة المحمدية الشرف والخيرية على الأمم الماضية بهذه الخصلة الشريفة كما قال تعالى: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّه)، ونحمد الله أن جعل ولايتنا في بلادنا السعودية في يد (آل سعود)، وهم الذين جعلوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إحدى ركائز الدولة السعودية، امتثالا لقوله تعالى (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُور)، فكان أن تضمن النظام الأساسي في مادته الثالثة والعشرين للحكم دعم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وأخيرا قرأت مقالات كثيرة وبرامج فضائية لبعض الناس، يستنكرون أن يدرس الشورى توصيات حول دعم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقال بعضهم: الهيئات حُدَّ نشاطها، فكيف نرجع للوراء وتُدعم؟.
وأقول، الهيئات تلقى كل دعم من قيادتنا منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز ثم أبنائه الملوك من بعده سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله، رحمهم الله، والآن الملك سلمان -وفقه الله- وفي هذا يقول خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- (نحن دولة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر كما جاء في النظام الأساسي للحكم، فهذه الدولة قامت على العقيدة، ونحمد الله أن جعل هذه البلاد تحكم بالشريعة، فهي بلد الحرمين وبلد قبلة المسلمين، وهذا التكريم من الله يجب علينا أن نحافظ عليه، وأن يكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تطبيقاً لما جاء في سنة النبي، صلى الله عليه وسلم)، وهذا الذي قاله الملك سلمان هو ما أكده سلفه من ولاة أمرنا الراحلين، رحمهم الله، ومن ذلك قول الأمير نايف، رحمه الله: «الهيئة مرفق هام يجب أن يدعم من كل النواحي.. وأحب أقول إن بعض الاعلاميين يستهدفون الهيئة للأسف بتسليط الضوء على السلبيات البسيطة، وينفخون فيها حتى تكبر حتى يسيئوا للهيئة.. هل يعلم هؤلاء أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب من واجبات الإسلام يقول الله تعالى (الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور) فإذا كنا مسلمين يجب أن نعرف هذا، وإذا لم نكن مسلمين فليس هذا وطنا لغير المسلمين».
ولهذا سواء أوصى مجلس الشورى بدعم جهاز الهيئة أم لم يُوص، فإن النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية نص على دعمه والعناية به، وولاة أمرنا يؤكدون على ذلك كما بيَّن ذلك خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، وفقه الله.
وبالتالي فدعوى أنه تم تجميد الهيئة والحد من نشاطها، غير صحيح، وإنما هي تحظى -بحمد الله- بالعناية والرعاية من ولاة الأمر كغيرها من أجهزة الدولة. وسنّ الأنظمة التي تنظم العمل ليس معناه تجميد عمل الهيئة، ولا دليل على ذلك، ولم يصدر أي نظام -فيما أعلم- يُجمد عمل الهيئة؟ وتطوير الأنظمة هو دعم للقطاعات والأجهزة الحكومية، وليس تجميدا لمناشطها.
وأما القول بأن دعم الهيئات والعناية بها، رجوع إلى الوراء، فإن كان المقصود شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهو قول خطير، لو تأمّل قائله لوازمه ومآلاته لخاف من الله تعالى، والصواب أن دعم الهيئات التي تقوم بهذه الفريضة، تقدم إلى الأمام، وسبب لحفظ الدين والمجتمع، كما أنه سبب للنجاة من العقوبات والفواجع، فالله تعالى يُنجي الذين ينهون عن المنكر، قال تعالى (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ).
وأخيرا أقول: إن وجود الأخطاء من بعض أفراد الهيئة وارد وواقع، ولا يصح إقرار أي خطأ أو الدفاع عنه، بل تجب معالجته، كما أن الأخطاء تقع من بعض منسوبي القطاعات الأخرى، فبعض الأخطاء الصحية من بعض الأطباء على سبيل المثال تؤدي إلى الموت، وما قال أحد بأن دعم الصحة رجوع للوراء، فيا من تُشغبون على الهيئة: إن الأخطاء قد توجد في جميع القطاعات، ولكن خطأ الأفراد لا يعني الاستغناء عن الجهاز الحكومي، أو المطالبة بعدم دعمه، بل يعاقَب المخطئ، وينال جزاءه الشرعي، ولو (فُرض) أن شخصا ما صار له موقف لا يسره مع الصحة أو الهيئة أو أي قطاع، فحمله غضبه على المطالبة بعدم دعم ذلك القطاع، لكان ذلك سفها في العقل، ومخالفة للشرع، وليس معنى هذا أن كل من طالب بإلغاء أي قطاع أو عدم دعمه، يدل على أن له مشكلة معه، كلا، وإنما قد يكون رغبة منه في الوصول إلى التقدم، لكنه أخطأ الطريق، وعَكَسَه، لأن أوامر الله ورسوله في العناية بشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليست مانعة من التقدم، بل هي التقدم والعاقبة الطيبة في الدنيا والآخرة، فالواجب على المسلم أن يتق الله، ويقول قولا سديدا إن استطاع، وإلا فحسبه السكوت، امتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليسكت).
إعادة نشر بواسطة لويرزبوك
النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية