زواج المتعة عند الشيعة

زواج المتعة عند الشيعة الإمامية

الشيخ الصدوق

متوفى 381 هجري

المقنع – الشيخ الصدوق – ص 340 – 342

وسئل أبو عبد الله عليه السلام عن المتعة، فقال: هي كبعض إمائك، وعدتها خمس وأربعون ليلة، فإذا جاء الأجل كانت فرقة بغير طلاق، وإن شاء أن يزيد فلا بد من أن يصدقها شيئا، قل أم كثر، ولا ميراث بينهما إذا مات واحد منهما في ذلك الأجل. وإذا تزوج الرجل امرأة متعة، ثم مات عنها، فعليها أن تعتد أربعة أشهر وعشرة أيام، فإذا انقضت أيامها، وهو حي فحيضة ونصف  مثل ما يجب على الأمة، وإن مكثت عنده أياما فعليها أن تحد ، وإذا كانت عنده يوما أو يومين أو ساعة من النهار فتعتد ولا تحد.

صفحة الشيخ الصدوق

السيد أبو القاسم الخوئي

متوفى 1413 هجري

منهاج الصالحين – السيد الخوئي – ج 2 – ص 272 – 275

الفصل الرابع في عقد المتعة

ويشترط فيه الإيجاب مثل أن تقول المرأة: متعتك أو زوجتك أو أنكحتك نفسي، والقبول من أهله مثل: قبلت، ويشترط فيه ذكر المهر كما يشترط أيضا ذكر أجل معين لا يزيد على عمر الزوجين عادة وإلا كان العقد دوام على الأظهر ولو لم يذكر المهر بطل.

( مسألة 1302 ): لو نسي ذكر الأجل ففي البطلان أو انقلابه دائما قولان أظهرهما الأول.

( مسألة 1303 ): يحرم عقد المتعة على غير الكتابية من الكفار والأمة على الحرة من دون إذنها وبنت الأخ والأخت من دون إذن العمة والخالة ويكره على البكر وعلى الزانية، وإذا كانت مشهورة بالزنا فالأحوط لزوما ترك التمتع بها.

( مسألة 1304 ): لا تنحصر المتعة في عدد فيجوز التمتع بما شاء الرجل من النساء كما لا ينحصر ملك اليمين في عدد، ولا حد للمهر قلة وكثرة ويجوز أن يكون المهر عملا كخياطة ثوب أو تعليم كتابة ونحوهما كما يجوز أن يكون حقا قابلا للانتقال كحق التحجير، ولو وهبها المدة قبل الدخول ثبت نصف المهر على الأظهر ولو ماتت أو مات أو انقضت المدة لم ينقص منه شيء وإن كان قبل الدخول.

( مسألة 1305 ): تملك المتمتع بها تمام المهر بالعقد وتسليم نفسها للاستمتاع بها لكنها لو أخلت ببعض المدة سقط من المهر بنسبته ولا فرق بين كون الإخلال لعذر أو غيره عدا أيام الحيض ونحوها مما يحرم عليه فيها الوطء. والمدار في الإخلال على الاستمتاع بالوطء دون غيره من أنواع الاستمتاع فلو أخلت به مع التمكين من الوطء لم يسقط من المهر شيء ولو لم تحضر في بعض المدة لعجزه عن الاستمتاع بالوطء في سقوط بعض المهر إشكال.

( مسألة 1306 ): لو ظهر بطلان العقد فلا مهر لها قبل الدخول، وبعده لها أقل الأمرين من المهر المسمى ومهر المثل متعة لا دواما مع جهلها ولا مهر لها مع علمها بالبطلان.

( مسألة 1307 ): يلحق الولد بزوج المتمتع بها إذا وطأها وإن كان قد عزل، ويلحق بالوطء الإنزال في فم الفرج وليس للزوج حينئذ نفي الولد مع احتمال تولده منه ولو نفاه جزما انتفى ظاهرا بلا لعان إلا إذا كان قد أقر به سابقا وكذا الحكم في الأمة.

( مسألة 1308 ): لو أبرأها المدة على أن لا تتزوج فلانا صح الإبراء وصح الشرط فيجب عليها الوفاء به لكنها لو تزوجت منه ولو عصيانا صح زواجها على الأظهر.

( مسألة 1309 ): لو صالحها على أن يبرئها المدة وأن لا تتزوج بفلان صح الصلح ووجب عليه الإبراء فإن امتنع أجبره الحاكم فإن تعذر تولاه الحاكم ولا يجوز لها أن تتزوج بفلان لكنها إن تزوجت به صح التزويج وإن كانت المصالحة على أن تتزوج بفلان وجب ذلك عليها فإن امتنعت أجبرها الحاكم فإن تعذر إجبارها زوجها الحاكم منه ولو صالحها على أن تكون بريئة من المدة بنحو شرط النتيجة صحت المصالحة ولو أبرأها معلقا على شئ مثل أن لا تتزوج من فلان مثلا أو مطلقا بطل الإبراء.

( مسألة 1310 ): تعتد الحائل بعد الأجل أو بعد الإبراء بحيضتين كاملتين ولا يكفي فيهما المسمى أو في إحداهما فإن كانت في سن من تحيض ولا تحيض فبخمسة وأربعين يوما وفي الموت بأربعة أشهر وعشرة أيام وإن كانت حرة وإن كانت أمة اعتدت بشهرين وخمسة أيام، وتعتد الحامل بأبعد الأجلين من المدة ووضع الحمل إن كان الاعتداد للوفاة، بل لغيرها أيضا على الأحوط.

العلامة عبد الحسين الأميني النجفي

متوفى 1392 هجري

الغدير: ج 3 ص 306 و 307

ج – إن المتعة عند الشيعة هي التي جاء بها نبي الإسلام، وجعل لها حدودا مقررة، وثبتت في عصر النبي الأعظم وبعده إلى تحريم الخليفة عمر بن الخطاب، وبعده عند من لم ير للرأي المحدث في الشرع تجاه القرآن الكريم وما جاء به نبي الإسلام قيمة ولا كرامة، وقد أصفقت فرق الإسلام على أصول المتعة وحدودها المفصلة في كتبها، ولم يختلف قط اثنان فيها ألا وهي :

1 : الأجرة.

2 : الأجل.

3 : العقد المشتمل للإيجاب والقبول.

4 : الافتراق بانقضاء المدة أو البذل.   الموقع: (البذل) هو أن يتنازل الزوج المتمتع عن باقي المدة للزوجة المتمتع بها

5 : العدة أمة وحرة حائلا وحاملا.

6 : عدم الميراث.

وهذه الحدود هي التي نص عليها أهل السنة والشيعة، راجع من تآليف الفريق الأول. صحيح مسلم. سنن الدارمي. سنن البيهقي. تفسير الطبري. أحكام القرآن للجصاص. تفسير البغوي. تفسير ابن كثير. تفسير الفخر الرازي. تفسير الخازن. تفسير السيوطي. كنز العمال(1).

ومن تآليف الفريق الثاني من لا يحضره الفقيه الجزء الثالث ص 149. المقنع للصدوق كسابقه. الهداية له أيضا. الكافي 2 ص 44. الانتصار للشريف علم الهدى المرتضى. المراسم لأبي يعلى سلار الديلمي. النهاية للشيخ الطوسي. المبسوط للشيخ أيضا. التهذيب له أيضا ج 2 ص 189. الاستبصار له 2 ص 29. الغنية للسيد أبي المكارم. الوسيلة لعماد الدين أبي جعفر. نكت النهاية للمحقق الحلي. تحرير العلامة الحلي 2 ص 27. شرح اللمعة 2 ص 82. المسالك ج 1. الحدائق 6 ص 152. الجواهر 5 ص 165. والمتعة المعاطاة بين الأمة الشيعية ليست إلا ما ذكرناه، وليس إلا نوعا واحدا، والشيعة لم تر في المتعة رأيا غير هذا، ولم تسمع أذن الدنيا أنواعا للمتعة تقول بها فرقة من فرق الشيعة، ولم تكن لأي شيعي سابقة تعارف بانقسامها على الصغرى والكبرى، وليس لأي فقيه من فقهاء الشيعة ولا لعوامهم من أول يومها إلى هذا العصر، عصر الكذب والأخلاق، عصر الفرية والقذف (عصر القصيمي) إلماما بهذا الفقه الجديد المحدث، فقه القرن العشرين لا القرون الهجرية.

 وأما القصيمي [ ومن يشاكله في جهله المطبق ] فلا أدري ممن سمع ما تخيله من الأنواع ؟ وفي أي كتاب من كتب الشيعة وجده ؟ وإلى فتوى أي عالم من علمائها يستند ؟ وعن أي إمام من أئمتها يروي ؟ وفي أي بلدة من بلادها أو قرية من قراها أو بادية من بواديها وجد هذه المعاطاة المكذوبة عليها ؟ أيم الله كل ذلك لم يكن. لكن الشياطين يوحون إلى أوليائهم زخرف القول غرورا.

الغدير: ج 3 ص 329 ، 333

 وقد فصلنا القول فيها في رسالة تحت نواحي خمس نأخذ منها فهرستها ألا وهو :

1 ـ المتعة في القرآن.

فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا [سورة النساء 24] ذكر نزولها في المتعة في أوثق مصادر التفسير منها:

 1 – صحيح البخاري 2 – صحيح مسلم 3 – مسند أحمد 4 ص 436، بإسنادهم عن عمران بن حصين.

 وتجده في تفسير الرازي 3 ص 200، 202. وتفسير أبي حيان 3 ص 218.

 4 – تفسير الطبري 5 ص 9 عن ابن عباس وأبي بن كعب والحكم وسعيد بن جبير ومجاهد وقتادة وشعبة وأبي ثابت.

 5 – أحكام القرآن للجصاص 2 ص 178 حكاه عن عدة.

 6 – سنن البيهقي 7 ص 205 رواه عن ابن عباس.

 7 – تفسير البغوي 1 ص 423 عن جمع، وحكى عن عامة أهل العلم أنها منسوخة.

 8 – تفسير الزمخشري 1 ص 360.

 9 – أحكام القرآن للقاضي 1 ص 162 رواه عن جمع.

 10 – تفسير القرطبي 5 ص 130 قال : قال الجمهور : إنها في المتعة.

 11 – تفسير الرازي 3 ص 200 ذكر عن الصحيحين حديث عمران أنها في المتعة.

 12 – شرح صحيح مسلم للنووي 9 ص 181 عن ابن مسعود.

 13 – تفسير الخازن 1 ص 357 عن قوم وقال : ذهب الجمهور أنها منسوخة.

 14 – تفسير البيضاوي 1 ص 269. يروم إثبات نسخها بالسنة.

 15 – تفسير أبي حيان 3 ص 218 عن جمع من الصحابة والتابعين.

 16 – تفسير ابن كثير 1 ص 474 عن جمع من الصحابة والتابعين.

 17 – تفسير السيوطي 2 ص 140 رواه عن جمع من الصحابة والتابعين بطريق الطبراني.

 وعبد الرزاق. والبيهقي. وابن جرير. وعبد بن حميد. وأبي داود. و ابن الأنباري.

 18 – تفسير أبي السعود 3 ص 251.

 قال الأميني : أليست [ أيها الباحث ] هذه الكتب مراجع علم القرآن عند أهل السنة ؟ أم ليسوا هؤلاء أعلامهم وأئمتهم في التفسير ؟ فأين مقيل قول الرجل :

 لم ينزل فيها قرآن ولا يوجد في غير كتب الشيعة ؟ وهل يسع الرجل أن يقل في هؤلاء الصحابة والتابعين والأئمة بما قاله في الباقر والصادق عليهما السلام ويسلقهم بذلك اللسان البذي ؟.

 2 – حدود المتعة في الإسلام.

 أسلفنا في ص 306 للمتعة حدودا جاء بها الإسلام، ولم يكن قط نكاح في الجاهلية معروفا بتلك الحدود، ولم ير أحد من السلف والخلف حتى اليوم أن المتعة من أنكحة الجاهلية، ولا يمكن القول بذلك مع تلك الحدود، ولا قيمة لفتوى الرجل عندئذ، وهي مفصلة في كتب كثيرة منها :

 1 – سنن الدارمي 2 ص 140 .

2 – صحيح مسلم ج 1 في باب المتعة.

3 – تفسير الطبري 5 ص 9 ذكر من حدودها : النكاح. الأجل. الفراق بعد انقضاء الأجل. الاستبراء. عدم الميراث.

 4 – أحكام القرآن للجصاص 2 ص 178 ذكر من حدودها : العقد. الأجرة. الأجل. العدة. عدم الميراث.

 5 – سنن البيهقي 7 ص 200 أخرج أحاديث فيها بعض الحدود.

 6 – تفسير البغوي 1 ص 413 ذكر عدة من الحدود.

 7 – تفسير القرطبي 5 ص 132 ذكر عدة من الحدود.

 8 – تفسير الرازي 3 ص 200 ذكر عدة من الحدود.

 9 – شرح صحيح مسلم للنووي 9 ص 181، ادعى اتفاق العلماء على الحدود.

 10 – تفسير الخازن 1 ص 257 ذكر الحدود الست.

 11 – تفسير ابن كثير 1 ص 474 ذكر الحدود الست.

 12 – تفسير السيوطي 2 ص 140 ذكر من حدودها خمسة.

 13 – الجامع الكبير للسيوطي 8 ص 295 ذكر من حدودها خمسة وفي غير واحد من كتب المذاهب الأربعة في الفقه.

3 ـ (أول من نهى عن المتعة) :

 وقفنا على خمسة وعشرين حديثا في الصحاح والمسانيد يدرسنا بأن المتعة كانت مباحة في شرع الإسلام، وكان الناس تعمل بها في عصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأبي بكر وردحا من خلافة عمر، فنهى عنها عمر في آخر أيامه وعرف بأنه أول من نهى عنها فعلى الباحث أن يراجع : صحيح البخاري باب التمتع. صحيح مسلم 1 ص 395، 396. مسند أحمد 4 ص 436، ج 3 ص 356. الموطأ لمالك 2 ص 30. سنن البيهقي 7 ص 206. تفسير الطبري 5 ص 9. أحكام القرآن للجصاص 2 ص 178. النهاية لابن الأثير 2 ص 249. الغريبين للهروي. الفائق للزمخشري 1 ص 331. تفسير القرطبي 5 ص 130. تاريخ ابن خلكان 1 ص 359. المحاضرات للراغب 2 ص 94. تفسير الرازي 3 ص 201، 202. فتح الباري لابن حجر 9 ص 141. تفسير السيوطي 2 ص 140. الجامع الكبير للسيوطي 8 ص 293. تاريخ الخلفاء له ص 93. شرح التجريد للقوشجي في مبحث الإمامة.

4 ـ (الصحابة والتابعون):

ذهب جمع من الصحابة والتابعين إلى إباحة المتعة وعدم نسخها مع وقوفهم على نهي عمر عنها، ولهم ولرأيهم شأن في الأمة، وفيهم من يجب عليها إتباعه.

 1 – أمير المؤمنين علي عليه السلام 2 – ابن عباس حبر الأمة 3 – عمران بن الحصين الخزاعي 4 – جابر بن عبد الله الأنصاري 5 – عبد الله بن مسعود الهذلي 6 – عبد الله بن عمر العدوي 7 – معاوية بن أبي سفيان 8 – أبو سعيد الخدري الأنصاري 9 – سلمة بن أمية الجمحي 10 – معبد بن أمية الجمحي 11 – الزبير بن العوام القرشي 12- الحكم 13 – خالد بن المهاجر المخزومي 14 – عمرو بن حريث القرشي 15 – أبي بن كعب الأنصاري 16 – ربيعة بن أمية الثقفي 17 – سعيد بن جبير 18 – طاووس اليماني 19 – عطاء أبو محمد اليماني 20 – السدي.

قال إن حزم بعد عد جمع من الصحابة القائلين بالمتعة : ومن التابعين طاوس وسعيد بن جبير وعطاء وساير فقهاء مكة.

قال أبو عمر : أصحاب ابن عباس من أهل مكة واليمن كلهم يرون المتعة حلالا.

قال القرطبي في تفسيره 5 ص 132 : أهل مكة كانوا يستمتعونها كثيرا.

قال الرازي في تفسيره 3 ص 200 في آية المتعة: اختلفوا في أنها هل نسخت أم لا ؟ فذهب السواد الأعظم من الأمة إلى أنها صارت منسوخة، وقال السواد منهم: إنها بقيت مباحة كما كانت.

قال أبو حيان بعد نقل حديث إباحة المتعة : وعلى هذا جماعة من أهل البيت والتابعين.

الغدير: ج 6 ص 198، 205

رأي الخليفة في المتعتين(متعة الحج)

لفظ مسلم:

1 – عن أبي رجاء قال: قال عمران بن حصين: نزلت آية المتعة في كتاب الله وأمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لم تنزل آية تنسخ آية متعة الحج، ولم ينه عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مات، قال رجل برأيه بعد ما شاء (3) .

صورة أخرى لمسلم:

تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينزل فيه القرآن قال رجل برأيه ما شاء.

وفي لفظ آخر له: تمتع نبي الله صلى الله عليه وسلم وتمتعنا معه.

وفي لفظ رابع له: اعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين حج وعمرة ثم لم ينزل فيها كتاب ولم ينهنا عنها قال رجل برأيه ما شاء .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) راجع صحيفة 99، 100 من هذا الجزء .

 (2) سيرة عمر بن الخطاب لابن الجوزي ص 135، شرح ابن أبي الحديد 3 ص 110 .

 (3) صحيح مسلم 1 ص 474، وأخرجه القرطبي بهذا الفظ في تفسيره 2 ص 365 .

لفظ البخاري:

تمتعنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل القرآن قال رجل برأيه ما شاء (1) وفي لفظ آخر له: أنزلت آية المتعة في كتاب الله ففعلناها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينزل قرآن يحرمه، ولم ينه عنها حتى مات، قال رجل برأيه ما شاء .

 (2) وفي بعض نسخ صحيح البخاري قال محمد – أي البخاري – يقال: إنه عمر .

 قال القسطلاني في الارشاد: لأنه كان ينهى عنها .

 وذكره ابن كثير في تفسيره 1 ص 233 نقلا عن البخاري فقال: هذا الذي قاله البخاري قد جاء مصرحا به: إن عمر كان ينهى الناس عن التمتع .

 وقال ابن حجر في فتح الباري 4 ص 339: ونقله الاسماعيلي عن البخاري كذلك فهو عمدة الحميدي في ذلك ولهذا جزم القرطبي والنووي وغيرهما وكان البخاري أشار بذلك إلى رواية الحريري عن مطرف فقال في آخره: ارتأى رجل برأيه ما شاء يعني عمر .

 كذا في الأصل أخرجه مسلم وقال ابن التين: يحتمل أن يريد عمر أو عثمان، وأغرب الكرماني فقال: إن المراد به عثمان، والأولى أن يفسر بعمر فإنه أول من نهى عنها وكان من بعده تابعا له في ذلك ففي مسلم: إن ابن الزبير كان ينهى عنها وابن عباس يأمر بها فسألوا جابرا فأشار إلى أن أول من نهى عنها عمر .

 وقال القسطلاني في الارشاد 4 ص 169: قال رجل برأيه ما شاء، هو عمر بن الخطاب لا عثمان بن عفان لأن عمر أول من نهى عنها فكان من بعده تابعا له في ذلك ففي مسلم – إلى آخر كلمة ابن حجر المذكورة – وقال النووي في شرح مسلم: هو عمر بن الخطاب لأنه أول من نهى عنه عن المتعة فكان من بعده من عثمان وغيره تابعا له في ذلك .

لفظ الشيخين:

تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل فيه القرآن، فليقل رجل برأيه ما شاء (السنن الكبرى 5 ص 20).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) صحيح البخاري 3 ص 151 ط سنة 1272 .

 (2) صحيح البخاري كتاب التفسير سورة البقرة ج 7 ص 24 ط سنة 1277 .

لفظ النسائي:

إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تمتع وتمتعنا معه قال فيها قائل برأيه .

 أخرجه في سننه 5 ص 155، وأحمد في مسنده 4 ص 436 قريبا من لفظ مسلم مبتورا وفي لفظ الاسماعيلي: تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل فيه القرآن ولم ينهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم (1) 2 – عن أبي موسى: إنه كان يفتي بالمتعة فقال له رجل: رويدك ببعض فتياك فإنك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في النسك بعدك حتى لقيته فسألته فقال عمر: قد علمت أن النبي قد فعله وأصحابه ولكني كرهت أن يظلوا معرسين بهن في الأراك ثم يروحون في الحج تقطر رؤسهم .

 أخرجه مسلم في صحيحه 1 ص 472، وابن ماجة في سننه 2 ص 229، وأحمد في مسنده 1 ص 50، والبيهقي في سننه 5 ص 20، والنسائي في سننه 5 ص 153، ويوجد في تيسير – الوصول 1 ص 288، وشرح الموطأ للزرقاني 2 ص 179 .

 3 – عن مطرف عن عمران بن حصين: إني لأحدثك بالحديث اليوم ينفعك الله به بعد اليوم واعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أعمر طائفة من أهله في العشر فلم تنزل آية تنسخ ذلك ولم ينه عنه حتى مضى لوجهه، ارتأى كل امرئ بعد ما شاء أن يرتئي .

 وفي لفظ مسلم الآخر: ارتأى رجل برأيه ما شاء يعني عمر .

 وفي لفظ ابن ماجة: ولم ينه عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينزل نسخه قال في ذلك بعد رجل برأيه ما شاء أن يقول .

 صحيح مسلم 1 ص 474، سنن ابن ماجة 2 ص 229، مسند أحمد 4 ص 434، السنن الكبرى 4 ص 344، فتح الباري 3 ص 338 .

 صورة أخرى :

عن مطرف قال قال لي عمران بن حصين: أحدثك حديثا عسى الله أن ينفعك به: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين حجة وعمرة ثم لم ينه عنه حتى مات ولم ينزل فيه قرآن يحرمه وقد كان يسلم علي حتى اكتويت فتركت ثم تركت الكي فعاد .

 وفي لفظ الدارمي: إن المتعة حلال في كتاب الله لم ينه عنها نبي ولم ينزل فيها كتاب قال رجل برأيه ما بدا له .

 صحيح مسلم 1 ص 474، سنن الدارمي 2 ص 35 .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) فتح الباري 3 ص 338 .

صورة ثالثة :

عن مطرف قال: بعث إلي عمران بن حصين في مرضه الذي توفي فيه فقال: إني كنت محدثك بأحاديث لعل الله أن ينفعك بها بعدي فإن عشت فاكتم علي وإن مت فحدث بها إن شئت إنه قد سلم علي، واعلم أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قد جمع بين حج وعمرة ثم لم ينزل فيها كتاب الله ولم ينه عنها نبي الله صلى الله عليه وسلم قال رجل فيها برأيه ما شاء . صحيح مسلم 1 ص 474، مسند أحمد 4 ص 428، سنن النسائي 5 ص 149 .

 4 – عن محمد بن عبد الله بن نوفل قال: سمعت عام حج معاوية يسأل سعد بن مالك كيف تقول بالتمتع بالعمرة إلى الحج ؟ قال: حسنة جميلة، فقال: قد كان عمر ينهى عنها، فأنت خير من عمر ؟ قال: عمر خير مني وقد فعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم وهو خير من عمر . سنن الدارمي 2 ص 35 .

 5 – عن محمد بن عبد الله: إنه سمع سعد بن أبي وقاص والضحاك بن قيس عام حج معاوية بن أبي سفيان وهما يذكران التمتع بالعمرة إلى الحج فقال الضحاك: لا يصنع ذلك إلا من جهل أمر الله تعالى . فقال سعد: بئسما قلت: يا ابن أخي . قال الضحاك . فإن عمر بن الخطاب نهى عن ذلك . قال سعد: قد صنعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصنعناها معه . الموطأ لمالك 1 ص 148، كتاب الأم للشافعي 7 ص 199، سنن النسائي 5 ص 52، صحيح الترمذي 1 ص 157، فقال: هذا حديث صحيح .

 أحكام القرآن للجصاص 1 ص 335، سنن البيهقي 5 ص 17، تفسير القرطبي 2 ص 365 وقال: هذا حديث صحيح . زاد المعاد لابن القيم 1 ص 84 وذكر تصحيح الترمذي له، المواهب اللدنية للقسطلاني، شرح المواهب للزرقاني 8 ص 153 .

 6 عن سالم قال: إني لجالس مع ابن عمر في المسجد إذ جاءه رجل من أهل الشام فسأله عن التمتع بالعمرة إلى الحج: فقال ابن عمر: حسن جميل، قال: فإن أباك كان ينهي عنها .

 فقال: ويلك ! فإن كان أبي نهي عنها وقد فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر به أفبقول أبي آخذ أم بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قم عني (1) .

صورة أخرى:

سئل عبد الله بن عمر عن متعة الحج قال: هي حلال . فقال له السائل: إن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) تفسير القرطبي 2 ص 365 نقلا عن الدار قطني .

أباك قد نهى عنها .

 فقال: أرأيت إن كان أبي نهى عنها وصنعها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أأمر أبي تتبع أم أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟ فقال الرجل: بل أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

 فقال: لقد صنعها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم(1) .

صورة ثالثة:

قال سالم: سئل ابن عمر عن متعة الحج فأمر بها فقيل له: إنك تخالف أباك ؟ قال: إن أبي لم يقل الذي تقولون إنما قال: أفردوا العمرة من الحج أي إن العمرة لا تتم في شهور الحج إلا بهدي وأراد أن يزار البيت في غير شهور الحج فجعلتموها أنتم حراما وعاقبتم الناس عليها وقد أحلها الله عز وجل وعمل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فإذا اكثروا عليه قال: أفكتاب الله عز وجل أحق أن يتبع أم عمر ؟ (السنن الكبرى 5 ص 21) .

صورة رابعة:

قال سالم: كان عبد الله بن عمر يفتي بالذي أنزل الله عز وجل من الرخصة في التمتع وسن فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول ناس لعبد الله بن عمر: كيف تخالف أباك وقد نهي عن ذلك ؟ فيقول لهم عبد الله: ويلكم ! ألا تتقون الله ؟ أرأيتم إن كان عمر رضي الله عنه نهى عن ذلك يبتغي فيه الخير ويلتمس فيه تمام العمرة فلم تحرمون وقد أحله الله وعمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن تتبعوا سنته أو عمر رضي الله عنه ؟ إن عمر لم يقل لك: إن العمرة في أشهر الحج حرام ولكنه قال: إن أتم العمرة أن تفردوها من أشهر الحج(2) .

7 – عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عروة: نهى أبو بكر وعمر عن المتعة .

 فقال ابن عباس: ما يقول عرية ؟ قال: يقول نهى أبو بكر وعمر عن المتعة .

 فقال ابن عباس: أراهم سيهلكون أقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقولون: قال أبو بكر وعمر .

 مسند أحمد 1 ص 337، كتاب مختصر العلم لأبي عمر ص 226، تذكرة الحفاظ للذهبي 3 ص 53، زاد المعاد لابن القيم 1 ص 219 .

 8 – أخرج أحمد في مسنده 1 ص 49 عن أبي موسى: أن عمر رضي الله عنه قال: ؟ ؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) صحيح الترمذي 1 ص 157، زاد المعاد لابن القيم 1 ص 164، وفي هامش شرح المواهب للزرقاني 2 ص 252 .

 (2) سنن البيهقي 5 ص 21، مجمع الزوائد 1 ص 185 .

سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني المتعة ولكني أخشى أن يعرسوا بهن تحت الأراك ثم يروحوا بهن حجاجا .

 9 – عن ابن عباس أنه قال لمن كان يعارضه في متعة الحج بأبي بكر وعمر: يوشك أن ينزل عليكم حجارة من السماء، أقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقولون: قال أبو بكر وعمر .

 زاد المعاد لابن القيم 1 ص 215 وهامش شرح المواهب 2 ص 328 .

 10 – عن الحسن أن عمر أراد أن ينهى عن متعة الحج فقال له أبي: ليس ذلك لك فقد تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينهنا عن ذلك فأضرب عن ذلك عمر، وأراد أن ينهى عن حلل الحبرة لأنها تصبغ بالبول فقال له أبي: ليس لك ذلك قد لبسهن ؟ ؟ صلى الله عليه وسلم ولبسناهن في عهده .

 أخرجه إمام الحنابلة أحمد في مسنده 5 ص 143، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 3 ص 246 نقلا عن أحمد وقال: رجاله رجال الصحيح، والسيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه 3 ص 33 نقلا عن أحمد، وفي الدر المنثور 1 ص 216 نقلا عن مسند ابن راهويه وأحمد ولفظه: إن عمر بن الخطاب هم أن ينهى عن متعة الحج فقام إليه أبي بن كعب فقال: ليس ذلك لك قد نزل بها كتاب الله واعتمرناها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل عمر .

 وذكره ابن القيم الجوزية في زاد المعاد 1 ص 220 من طريق علي بن عبد العزيز البغوي ولفظه: إن عمر أراد أن يأخذ مال الكعبة وقال: الكعبة غنية عن ذلك المال، وأراد أن ينهى أهل اليمن أن يصبغوا بالبول، وأراد أن ينهى عن متعة الحج فقال أبي بن كعب: قد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه هذا المال وبه وبأصحابه الحاجة إليه فلم يأخذه وأنت فلا تأخذه، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يلبسون الثياب اليمانية فلم ينه عنها وقد علم أنها تصبغ بالبول، وقد تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينه عنها ولم ينزل الله تعالى فيها نهيا .

 11 – أخرج البخاري في صحيحه عن أبي جمرة نصر بن عمران قال: سألت ابن عباس رضي الله عنه المتعة فأمرني بها، وسألته عن الهدي فقال: فيها – في المتعة – جزور أو بقرة أو شاة أو شرك في دم .

 قال: وكأن ناسا كرهوها فنمت فرأيت في المنام كأن إنسانا ينادي حج مبرور ومتعة متقبلة فأتيت ابن عباس رضي الله عنهما فحدثته فقال: الله أكبر سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم (1) قال القسطلاني في إرشاد الساري 3 ص 204 (وكأن ناسا كرهوها) يعني كعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وغيرهما ممن نقل الخلاف في ذلك.

12 – عن ابن سيرين: إنه سئل عن المتعة بالعمرة إلى الحج قال، كرهها عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان فإن يكن علما فهما أعلم مني ؟ وإن يكن رأيا فرأيهما أفضل ” أخرجه أبو عمر في جامع بيان العلم 2 ص 31، وفي مختصره ص 111 ” .

13 – عن الأسود بن يزيد قال: بينما أنا واقف مع عمر بن الخطاب بعرفة عشية عرفة فإذا هو برجل مرجل شعره يفوح منه ريح الطيب فقال له عمر: أمحرم أنت ؟ قال: نعم . فقال عمر: ما هيأتك بهيأة محرم إنما المحرم الأشعث الأغبر الأذفر . قال: إني قدمت متمتعا وكان معي أهلي، وإنما أحرمت اليوم .

 فقال عمر عند ذلك: لا تتمتعوا في هذه الأيام فإني لو رخصت في المتعة لهم لعرسوا بهن في الأراك ثم راحوا بهن حجاجا .

 أخرجه أبو حنيفة كما في زاد المعاد لابن القيم 1 ص 220 فقال: قال ابن حزم: وكان ماذا ؟ وحبذا ذلك وقد طاف النبي صلى الله عليه وسلم على نساءه ثم أصبح محرما ولا خلاف أن الوطئ مباح قبل الاحرام بطرفة عين والله أعلم .

 م – أخرجه أبو يوسف القاضي في كتاب الآثار ص 97 رواية عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن عمر بن الخطاب إنه بينا هو واقف بعرفات إذ أبصر رجلا يقطر رأسه طيبا فقال له عمر: ألست محرما ؟ ويحك ! فقال: بلى يا أمير المؤمنين . قال: مالي أراك يقطر رأسك طيبا ؟ والمحرم أشعث أغبر .

 قال أهللت بالعمرة مفردة وقدمت مكة ومعي أهلي ففرغت من عمرتي، حتى إذا كان عشية التروية أهللت بالحج، قال: فرأى عمر إن الرجل قد صدقه إنما عهده بالنساء والطيب بالأمس، فنهى عمر عند ذلك عن المتعة و قال: إذا والله لأوشكتم لو خليت بينكم وبين المتعة أن تضاجعوهن تحت أراك عرفة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) صحيح البخاري 3 ص 114 كتاب الحج باب فمن تمتع بالعمرة إلى الحج . وذكره السيوطي في الدر المنثور 1 ص 217 نقلا عن البخاري ومسلم .

ثم تروحون حجاجا ” .

14 – عن ابن عباس قال: سمعت عمر يقول: والله إني لأنهاكم عن المتعة وإنها لفي كتاب الله ولقد فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني العمرة في الحج . أخرجه النسائي في سننه 5 ص 153 .

15 – عن عبد الله بن عمر: إن عمر بن الخطاب قال: أفصلوا بين حجكم وعمرتكم، فإن ذلك أتم لحج أحدكم، وأتم لعمرته أن يعتمر في غير أشهر الحج .

 موطأ مالك 1 ص 252، سنن البيهقي 5 ص 5، تيسير الوصول 1 ص 279، م – وأخرجه ابن أبي شيبة كما في الدر المنثور 1 ص 218 ولفظه: قال عمر: أفصلوا بين حجكم وعمرتكم، إجعلوا الحج في أشهر الحج، واجعلوا العمرة في غير أشهر الحج، أتم لحجكم ولعمرتكم) .

16 – عن سعيد بن المسيب: إن عمر بن الخطاب نهى عن المتعة في أشهر الحج وقال: فعلتها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أنهى عنها وذلك أن أحدكم يأتي من افق من الآفاق شعثا نصبا معتمرا في أشهر الحج وإنما شعثه ونصبه وتلبيته في عمرته ثم يقدم فيطوف بالبيت ويحل ويلبس ويتطيب ويقع على أهله إن كانوا معه حتى إذا كان يوم التروية أهل بالحج وخرج إلى منى يلبي بحجة لا شعث فيها ولا نصب ولا تلبية إلا يوما والحج أفضل من العمرة، لو خلينا بينهم وبين هذا لعانقونهن تحت الأراك، مع أن أهل البيت ليس لهم ضرع ولا زرع وإنما ربيعهم فيمن يطرء عليهم .

 ذكره السيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه الكنز 3 ص 32 نقلا عن حل حم خ م ن ق .

 م 17 – أخرج القاضي أبو يوسف في كتاب الآثار ص 99 عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم قال: إنما نهى عمر عن الإفراد يعني إفراد المتعة فأما القرآن فلا) .

وللعلامة الأميني في كتابه الغدير فصل كامل في متعة النساء

الشيخ المفيد

متوفى 413 هجري

الفصول المختارة- الشيخ المفيد  ص 158، 162:

فصل: ومن كلام الشيخ أدام الله عزه في المتعة، قال الشيخ أدام الله عزه: حضرت دار بعض قواد الدولة وكان بالحضرة شيخ من الإسماعيلية يعرف بابن لؤلؤ فسألني ما الدليل على إباحة المتعة؟.

فقلت له: الدلالة على ذلك قول الله جل جلاله: {وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} فاحل جل اسمه نكاح المتعة بصريح لفظها وبذكر أوصافه من الآجر عليها والتراضي بعد الفرض من الازدياد في الأجل وزيادة الأجر فيها.

فقال: ما أنكرت أن تكون هذه الآية منسوخة بقوله: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} فحظر الله تعالى النكاح إلا لزوجة أو ملك يمين، وإذا لم تكن المتعة زوجة ولا كانت ملك يمين فقد سقط قول من أحلها.

فقلت له: قد أخطأت في هذه المعارضة من وجهين: أحدهما أنك ادعيت أن المستمتع بها ليست بزوجة ومخالفك يدفعك عن ذلك ويثبتها زوجة في الحقيقة.

والثاني أن سورة المؤمنين مكية وسورة النساء مدنية والمكي متقدم للمدني فكيف يكون ناسخا له وهو متأخر عنه، وهذه غفلة شديدة فقال: لو كانت المتعة زوجة لكانت ترث ويقع بها الطلاق، وفي إجماع الشيعة على أنها غير وارثة ولا مطلقة، دليل على فساد هذا القول.

فقلت له: وهذا أيضا غلط منك في الديانة، وذلك أن الزوجة لم يجب لها الميراث ويقع بها الطلاق من حيث كانت زوجة فقط، وإنما حصل لها ذلك بصفة تزيد على الزوجية، والدليل على ذلك أن الأمة إذا كانت زوجة لم ترث ولم تورث والقاتلة لا ترث، والذمية لا ترث، والأمة المبيعة تبين بغير طلاق، والملاعنة تبين أيضا بغير طلاق وكذلك المختلعة والمرتدة والمرتد عنها زوجها والمرضعة قبل الفطام بما يوجب التحريم من لبن الأم أو الزوجة تبين بغير طلاق، وكل ما عددناه زوجات في الحقيقة فبطل ما توهمت فلم يأت بشيء.

فقال صاحب المجلس وهو رجل أعجمي لا معرفة له بالفقه وإنما يعرف الظواهر: أنا أسالك في هذا الباب عن مسالة خبرني هل تزوج رسول الله صلى الله عليه وآله متعة أو تزوج أمير المؤمنين عليه السلام؟.

فقلت له: لم يأت بذلك خبر ولا علمته.

فقال لي: لو كان في المتعة خير ما تركها رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام.

فقلت له: أيها القائد ليس كل ما لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وآله كان محرما وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام كافة لم يتزوجوا بالإماء، ولا نكحوا الكتابيات ولا خالعوا ولا تزوجوا بالزنج ولا نكحوا السند ولا اتجروا إلى الأمصار ولا جلسوا باعة للتجارة وليس ذلك كله محرما ولا منه شيء محظورا إلا ما اختصت الشيعة به دون مخالفيها من القول في نكاح الكتابيات.

فقال: دع هذا وخبرني عن رجل ورد من قم يريد الحج فدخل إلى مدينة السلام فاستمتع فيها بامرأة ثم انقضى أجلها فتركها وخرج إلى الحج وكانت حاملا منه ولم يعلم بحالها فحج ومضى إلى بلده وعاد بعد عشرين سنة وقد ولدت بنتا وشبت ثم عاد إلى مدينة السلام فوجد فيها تلك الابنة فاستمتع بها وهو لا يعلم أليس يكون قد نكح بنته وهذا فظيع جدا.

فقلت له: إن أوجب هذا الذي ذكره القائد تحريم المتعة وتقبيحها، أوجب تحريم نكاح الميراث وكل نكاح وتقبيحه، وذلك أنه قد يتفق فيه مثل ما وصفته وجعلته طريقا إلى حظر المتعة، وذلك أنه لا يمنع أن يخرج رجل من أهل السنة وأصحاب أحمد بن حنبل من خوارزم قاصدا للحج فينزل بمدينة السلام ويحتاج إلى النكاح، فيستدعي امرأة من جيرانه حنبلية سنية فيسألها أن تلتمس له امرأة ينكحها، فتدله على امرأة شابة ستيرة ثيب لا ولي لها فيرغب فيها وتجعل المرأة أمرها إلى إمام المحلة وصاحب مسجدها، فيحضر رجلين ممن يصلي معه ويعقد عليها النكاح للخوارزمي السني الذي لا يرى المتعة ويدخل بالمرأة ويقيم معها إلى وقت رحيل الحاج إلى مكة، فيستدعي الشيخ الذي عقد عليه النكاح فيطلقها بحضرته ويعطيها عدتها وما يجب عليه من نفقتها، ثم يخرج فيحج وينصرف من مكة على طريق البصرة إلى بلده وقد كانت المرأة حاملا وهو لا يعلم فيقيم عشرين سنة ثم يعود إلى مدينة السلام للحج، فينزل في تلك المحلة بعينها ويسأل عن العجوز فيفقدها لموتها فيسأل عن غيرها، فتاتيه قرابة لها أو نظيرة لها في الدلالة فتذكر له جارية هي بنت المتوفاة بعينها، فيرغب فيها ويعقد عليها كما عقد على أمها بولي وشاهدين ثم يدخل بها فيكون قد وطئ بنته فيجب على القائد أن يحرم لهذا الذي ذكرناه كل نكاح.

فاعرض الشيخ السائل أولا فقال: عندنا أنه يجب على هذا الرجل أن يوصي إلى جيرانه باعتبار حالها، وهذا يسقط هذه الشناعة.

فقلت له: إن كان هذا عندكم واجبا فعندنا أوجب منه وأشد لزوما أن يومي المستمتع ثقة من إخوانه في البلد باعتبار حال المستمتع بها، فإن لم يجد أخا أوصى قوما من أهل البلد وذكر لهم أنها كانت زوجته ولم يذكر المتعة وهذا شرط عندنا فقد سقط أيضا ما توهمته.

ثم أقبلت على صاحب المجلس فقلت له: إن أمرنا مع هؤلاء المتفقهة عجيب وذلك أنهم مطبقون على تبديعنا في نكاح المتعة مع إجماعهم على أن رسول الله صلى الله عليه وآله قد كان أذن فيها وأنها عملت على عهده، ومع ظاهر كتاب الله عز وجل في تحليلها، وإجماع آل محمد عليهم السلام على إباحتها، والاتفاق على أن عمر حرمها في أيامه مع إقراره بأنها كانت حلالا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله، فلو كنا على ضلالة فيها لكنا في ذلك على شبهة تمنع ما يعتقده المخالف فينا من الضلال والبراءة منا.

وليس فيمن يخالفنا إلا من يقول في النكاح وغيره بضد القران وخلاف الإجماع ونقض شرع الإسلام والمنكر في الطباع وعند ذوي المروءات، ولا يرجع في ذلك إلى شبهة تسوغه في قوله وهم معه يتولى بعضهم بعضا ويعظم بعضهم بعضا، وليس ذلك إلا لاختصاص قولنا بآل محمد عليهم السلام فلعداوتهم لهم رمونا عن قوس واحد.

هذا أبو حنيفة النعمان بن ثابت يقول: لو أن رجلا عقد على أمه عقدة النكاح وهو يعلم أنها أمه ثم وطئها لسقط عنه الحد ولحق به الولد. وكذلك قوله في الأخت والبنت، وكذلك سائر المحرمات، ويزعم أن هذا نكاح شبهة أوجبت سقوط الحد عنه. ويقول: لو أن رجلا استأجر غسالة أو خياطة أو خبازة أو غير ذلك من أصحاب الصناعات ثم وثب عليها فوطئها وحملت منه سقط عنه الحد ولحق به الولد. ويقول: إذا لف الرجل على إحليله حريرة ثم أولجه في قبل امرأة ليست له بمحرم حتى ينزل لم يكن زانيا ولا وجب عليه الحد. ويقول: إن الرجل إذا يلوط بغلام فأوقب لم يجب عليه الحد ولكن يردع بالكلام الغليظ والأدب والخفقة بالنعل والخفقتين وما أشبه ذلك. ويقول: إن شرب النبيذ الصلب المسكر حلال طلق، وهو سنة وتحريمه بدعة.

وقال الشافعي: إذا فجر الرجل بامرأة فحملت منه فأولدت بنتا فانه يحل للفاجر أن يتزوج بهذه البنت ويطأها ويولدها، لا حرج عليه في ذلك، فاحل نكاح البنات، وقال: لو أن رجلا اشترى أخته من الرضاعة ووطئها لما وجب عليه الحد، وكان يجيز سماع الغناء بالقصب وأشباهه.

وقال مالك بن أنس: إن وطئ النساء في أحشاشهن حلال طلق، وكان يرى سماع الغناء بالدف وأشباهه من الملاهي، ويزعم أن ذلك سنة في العرسات والولائم.

وقال داود بن علي الإصفهاني: إن الجمع بين الأختين في ملك اليمين حلال طلق، والجمع بين الأم والبنت غير محظور.

فاقتسم هؤلاء الفجور وكل منكر فيما بينهم واستحلوه ولم ينكر بعضهم على بعض، مع أن الكتاب والسنة والإجماع تشهد بضلالهم في ذلك، ثم عظموا أمر المتعة والقران شاهد بتحليلها والسنة والإجماع يشهدان بذلك، فيعلم أنهم ليسوا من أهل الدين ولكنهم من أهل العصبية والعداوة لآل محمد عليهم السلام، فاستعظم صاحب المجلس ذلك وأنكره وأظهر البراءة من معتقديه وسهل عليه أمر المتعة والقول بها.

الفصول المختارة- الشيخ المفيد  ص 163، 164:

فصل: قال الشيخ أدام الله عزه: وقد كنت استدللت بالآية التي قدمت تلاوتها على تحليل المتعة في مجلس كان صاحبه رئيس زمانه فاعترضني فيها أبو القاسم الداركي فقال: ما أنكرت أن يكون المراد بقوله تعالى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً} إنما أراد به نكاح الدوام وأشار بالاستمتاع إلى الالتذاذ دون نكاح المتعة الذي تذهب إليه.

فقلت له: إن الاستمتاع وإن كان في الأصل هو الالتذاذ فانه إذا علق بذكر النكاح وأطلق بغير تقييد لم يرد به إلا نكاح المتعة خاصة لكونه علما عليها في الشريعة وتعارف أهلها. ألا ترى أنه لو قال قائل: نكحت أمس امرأة متعة، أو هذه المرأة نكاحي لها أو عقدي عليها للمتعة أو أن فلانا يستحل نكاح المتعة لما فهم من قوله إلا النكاح الذي تذهب إليه الشيعة خاصة، وإن كانت المتعة قد تكون بوطئ الإماء والحرائر على الدوام كما أن الوطئ في اللغة هو وطئ القدم ومماسة باطنه للشيء على سبيل الاعتماد. ولو قال قائل: وطئت جاريتي ومن وطف امرأة غيره فهو زان، وفلان يطأ امرأته وهي حائض لم يعقل من ذلك مطلقا على أصل الشريعة إلا النكاح دون وطئ القدم. وكذلك الغائط هو الشيء المحوط، وقيل هو الشيء المنهبط. ولو قال قائل: هل يجوز أن آتي الغائط ثم لا أتوضأ واصلي، أو قال: فلان أتى الغائط ولم يستبرئ ، لم يفهم من قوله إلا الحدث الذي يجب منه الوضوء وأشباه ذلك مما قد تقرر في الشريعة. وإذا كان الأمر على ما وصفناه فقد ثبت أن إطلاق لفظ نكاح المتعة لا يقع إلا على النكاح الذي ذكرناه، وإن كان الاستمتاع في أصل اللغة هو الالتذاذ كما قدمناه.

فاعترض القاضي أبو محمد بن معروف فقال: هذا الاستدلال يوجب عليك أن لا يكون الله تعالى أحل بهذه الآية غير نكاح المتعة لأنها لا تتضمن سواه، وفى الإجماع على انتظامها تحليل نكاح الدوام دليل على بطلان ما اعتمدته.

فقلت له: ليس يدخل هذا الكلام على أصل الاستدلال ولا يتضمن معتمدي ما ألزمنيه القاضي فيه وذلك أن قوله سبحانه: {وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} يتضمن تحليل المناكح المخالفة للسفاح في الجملة ويدخل فية نكاح الدوام من الحرائر والإماء ثم يختص نكاح المتعة بقوله تعالى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً} ويجري ذلك مجرى قول القائل: (قد حرم الله عليك نساء بأعيانهن وأحل لك ما عداهن فان استمتعت منهن فالحكم فيه كذا وكذا، وإن نكحت نكاح الدوام فالحكم فيه كيت وكيت)، فيذكر له المحللات في الجملة، ويبين له حكم نكاح بعضهن، كما يذكرهن له، ثم يبين له أحكام نكاحهن كلهن، فما أعلمه زاد علي شيئا.

الفصول المختارة- الشيخ المفيد  ص 165، 166:

فصل: قال الشيخ أدام الله عزه: قد كنت حضرت مجلس الشريف أبي الحسن أحمد ابن القاسم المحمدي رحمه الله وحضره أبو القاسم الداركي فسأله بعض الشيعة عن الدلالة على تحريم نكاح المتعة عنده فاستدل بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} قال: والمتعة باتفاق الشيعة ليست بزوجة ولا ملك يمين فبطل أن تكون حلالا.

فقال له السائل: ما أنكرت أن تكون زوجة، وما حكيته عن الشيعة من إنكار ذلك لا أصل له.

فقال له: لو كانت زوجة كانت وارثة لان الاتفاق حاصل على أن كل زوجة فهي وارثة وموروثة إلا ما أخرجه الدليل من الأمة والذمية والقاتلة، فنازعه السائل في هذه الدعوى.

وقال: ما أنكرت أن تكون المتعة أيضا زوجة تجري مجرى الذمية والرق والقاتلة في خروجها عن استحقاق الميراث وضايقه في هذه المطالبة. فلما طال الكلام بينهما في هذه النكتة وتردد.

قال: الدليل على أنها ليست بزوجة أن القاصد إلى الاستمتاع بها إذا قال لها: تمتعيني نفسك، فأنعمت له، حصلت متعة ليس بينها وبينه ميراث ولا يلحقها الطلاق، وإذا قال لها: زوجيني نفسك، فأنعمت، حصلت زوجة يقع بها الطلاق ويثبت بينها وبينه الميراث، فلو كانت المتعة زوجة لما اختلف حكمها باختلاف الألفاظ ولا وقع الفرق بين أحكامها بتغاير الكلام ولوجب أن يقع الاستمتاع في العقد بلفظ التزويج، ويقع التزويج بلفظ الاستمتاع وهذا باطل بإجماع الشيعة وما هم عليه من الاتفاق، فلم يدر السائل ما يقول له لعدم فهمه وفقهه وضعف بصيرته بأصل المذهب.

فقال الشيخ أدام الله عزه: فقلت للداركي: لم زعمت أن الأحكام قد تتغير باختلاف ما ذكرت من الكلام، وما أنكرت أن يكون العقد عليها بلفظ الاستمتاع يقوم مقام العقد عليها بلفظ الزوجية، وأن يكون لفظ الزوجية يقوم مقام لفظ الاستمتاع فهل تجد لما ادعيت من هذا الأمر برهانا أو عليه دليلا أو فيه بيان؟. وبعد فكيف استجزت أن تدعي إجماع الشيعة على ما ذكرت ولم يسمع ذلك من أحد منهم ولا قرأت لهم في كتاب ونحن معك في المجلس نفتي بأنه لا فرق بين اللفظين في باب العقد للنكاح سواء كان نكاح الدوام أو نكاح المتعة، وإنما الفصل بين النكاحين في اللفظ ومن جهة الكلام ذكر الأجل في نكاح الاستمتاع وترك ذكره في نكاح الميراث. فلو قال لها: تمتعيني نفسك، ولم يذكر الأجل لوقع نكاح الميراث لا ينحل إلا بالطلاق، ولو قال لها: تزوجيني نفسك إلى أجل كذا، فأنعمت به لوقع نكاح استمتاع، وهذا ما ليس فيه بين الشيعة خلاف، فلم يرد شيئا تجب حكايته وظهر عليه بحمد الله الكلام.

المسائل السروية- الشيخ المفيد  ص 30، 36:

المسألة الأولى: في المتعة والرجعة: ما قول الشيخ المفيد أطال الله بقاءه، وأدام تأييده وعلاه، وحرس معالم الدين بحياطة مهجته، وأقر عيون الشيعة بنضارة أيامه فيما يروى عن مولانا جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام في الرجعة؟ وما معنى قوله عليه السلام “ليس منا من لم يقل بمتعتنا، ويؤمن برجعتنا” أهي حشر في الدنيا مخصوص للمؤمنين، أو لغيرهم من الظلمة الجائرين قبل يوم القيامة؟

الجواب: وبالله التوفيق. إن المتعة التي ذكرها الصادق عليه السلام هي النكاح المؤجل الذي كان رسول الله صلى الله عليه وآله أباحها لامته في حياته، ونزل القرآن بإباحتها أيضا، فتأكد ذلك بإجماع الكتاب والسنة فيه. حيث يقول الله عز وجل: {وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً}. فلم تزل على الإباحة بين المسلمين، لا يتنازعون فيها، حتى رأى عمر بن الخطاب النهي عنها، فحظرها وشدد في حظرها، وتوعد على فعلها فاتبعة الجمهور على ذلك، وخالفهم جماعة من الصحابة والتابعين فأقاموا على تحليلها إلى أن مضوا لسبيلهم.

واختص بإباحتها جماعة أئمة الهدى من آل محمد عليهم السلام، فلذلك أضافها الصادق عليه السلام إلى نفسه بقوله: “متعتنا”.

وأما قوله عليه السلام: “من لم يقل برجعتنا فليس منا” فإنما أراد بذلك ما يختصه من القول به في أن الله تعالى يحيي قوما من أمة محمد صلى الله عليه وآله بعد موتهم، قبل يوم القيامة، وهذا مذهب يختص به آل محمد صلى الله عليه وآله وعليهم. وقد أخبر الله عز وجل في ذكر الحشر الأكبر يوم القيامة: {وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا}. وقال سبحانه في حشر الرجعة قبل يوم القيامة: {وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ} فأخبر أن الحشر حشران: عام وخاص.

وقال سبحانه مخبرا عمن يحشر من الظالمين أنه يقول يوم الحشر الأكبر: {رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ}.

وللعامة في هذه الآية تأويل مردود، وهو: أن المعني بقوله: {رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ} أنه خلقهم أمواتا ثم أماتهم بعد الحياة. وهذا باطل لا يجري على لسان العرب، لأن الفعل لا يدخل إلا على ما كان بغير  الصفة التي انطوى اللفظ على معناها، ومن خلقه الله مواتا لا يقال إنه أماته، وإنما يقال ذلك فيمن طرأ عليه الموت بعد الحياة. كذلك لا يقال أحيا الله ميتا إلا أن يكون قد كان قبل إحيائه ميتا. وهذا بين لمن تأمله. وقد زعم بعضهم أن المراد بقوله: {رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ} الموتة التي تكون بعد حياتهم في القبور للمسألة، فتكون الأولى قبل الإقبار، والثانية بعده. وهذا أيضا باطل من وجه آخر، وهو أن الحياة للمسألة ليست للتكليف فيندم الإنسان على ما فاته في حاله، وندم القوم على ما فاتهم في حياتهم المرتين يدل على أنه لم يرد حياة المسألة، لكنه أراد حياة الرجعة التي تكون لتكليفهم والندم على تفريطهم، فلا يفعلون ذلك فيندمون يوم العرض على ما فاتهم من ذلك.