الوصية
قال الإمام أبو جعفر عليه السلام: “الوصيّة حقّ وقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وآله فينبغي للمسلم أن يوصي”.
والوصيّة مستحبّة، ويقال إنّها على العكس من ذلك تطيل العمر، ثمَّ أن ترك الوصيّة مكروه وغير حسن.
يستحب لك أن تبدأ بالوصيّة التي علَّمها رسول الله صلى الله عليه وآله للإمام على عليه السلام وللمسلمين وهي:
“اللّهمَّ فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة الرّحمن الرّحيم اللّهمَّ إنّي أعهد إليك في دار الدّنيا أني أشهد ألاّ إله إلاّ أنت وحدك لا شريك لك وان محمداً عبدك ورسولك وان الجنّة حقّ والنار حقّ وأن البعث حقّ والحساب حقّ والقدر والميزان حقّ وان الدين كما وصفت والإسلام كما شرعت وأن القول كما حدثت وأن القراَن كما وصفت وانّك أنت الله الحقُّ المبين جزى الله محمداً خير الجزاء وحيّا محمداً وآل محمداً بالسلام. اللّهم يا عدّتي عند كربتي وصاحبي عند شدّتي ويا وليّ نعمتي. إلهي وإله آبائي لا تَكِلْني إلى نفسي طرفة عينٍ أبداً فانّك إن تَكِلْني إلى نفسي أقرب من الشر وابعد من الخير، فآنس في القبر وحشتي واجعل لي عهداً يوم ألقاك منشوراً”.
ثم يوصي الاِنسان بحاجته، أيّ حاجةٍ يشاء كأن يوصي بالمحافظة على أولاده الصغار وعائلته مثلاً، يُوصي بصلة الرحم يوصي بتسديد ديونه وأداء آماناته، يوصي بقضاء ما فاته من صلاة وصيام وحج، يوصي بدفع خمس أموال لم يخمّسها سابقاً أو زكاة استحقّت عليه ولم يخرجها، يوصي بإطعام الفقراء بثوابه، يوصي بالقيام بأعمال خاصة له بعده، يوصي بالتصدّق عنه، يوصي… يوصي، يوصي بما يشاء.
ويشترط فيمن يوصي البلوغ، والعقل، والاختيار، والرشد فلا تصحّ وصيّه السفيه في أمواله ولا الإنسان المكره، ولا الصبي إلاّ إذا بلغ عشراً وكانت وصيته في وجوه الخير والمعروف ولأرحامه وأقربائه.
وأن لا يكون الموصي مقدماً على موته عامداً بتناول سمٍّ، أو إحداث جرح عميق، أو ما شابه ذلك، مما يجعله عرضة للموت. ففي هذه الحالة لا تصح وصيته في ماله وتصح في غيره من تجهيزه وما يتعلّق بشؤون القاصرين من أولاده مثلاً ونحو ذلك.
ويسمّى الشخص الذي يختاره صاحب الوصيّة لتنفيذ وصيّته بــ (الوصي) وليس للوصي أن يفوِّض أمر الوصية إلى غيره أعني ان يعزل نفسه عن الوصاية ويجعلها له.
وله أن يوكِّل من يثق به للقيام بشأن ما من شؤون الوصيّة، إذا لم يكن غرض صاحب الوصية مباشرة الوصي ذلك الأمر بنفسه.
ولا يشترط في الوصيّة أن تكون مكتوبة فيمكن للإنسان أن يوصي باللفظ أو حتى بالإشارة المفهمة لما يريد.
كما يكفي وجود كتابة بخطِّه أو إمضائه، يظهر منها إرادة العمل بها بعد موته. (أي بعنوان انّها وصيّته).
ويكتب الإنسان وصيّته حال المرض وحال تمتعه بالصحة والعافية والسلامة.
ويوصي بما يريد، شرط أن لا يكون في معصية، كمعونة الظالم وغيرها.
ويحق للإنسان أن يوصي بما لا يزيد على ثلث ما تركه فقط من أموال أو غيرها.
وإذا أوصى بما زاد على ثلثه بطلت وصيّته فيما زاد على الثلث إلاّ إذا أجاز ذلك الورثة.
وتستثنى أوّلاً من مجموع ما خلَّفه الموصي الحقوق المالية التي بذمَّته كالمال الذي استدانه، وثمن الحاجات التي اشتراها ولم يسدّد ثمنها وغيرها. بما في ذلك الخمس، أو الزكاة، والمظالم التي بذمّته، والحج الواجب بالأصل، سواء أوصى بذلك أم لا يوصي.
هذا إذا لم يوصي بإخراجها من الثلث وإلاّ أخرجت منه.
ثم يقسّم ما خلَّفه ـ الباقي طبعاً ـ ثلاثاً أقسام:
ثلث منها لما أوصى به، وثلثان للورثة.
إذا لم تظهر علامات الموت للإنسان فالوصيّة مستحبّة، أمّا إذا ظهرت علامات الموت فتجب عليه حينئذٍ أشياء منها:
1- وفاء ديونه التي حان وقت وفائها مع قدرته على الوفاء.
أما الديون التي لم يحن وقت وفائها، أو حلّ ولم يطالبه الديّان بها، أو لم يكن قادراً على وفائها، فتجب عليه الوصيّة بها والاِستشهاد عليها إذا لم تكن معلومة عند الناس.
2- إرجاع الأمانات إلى أهلها، أو إعلام أصحابها بأمانتهم عنده، أو الإيصاء بإرجاعها.
3- أداء الخمس والزكاة والمظالم فوراً، أن كان في رقبته شيء منها، وكان قادراً على الأداء.
4- الوصية باتخاذ أجير من ماله ليصلّي ويصوم نيابة عنه، إن كان في ذمّته شيء منها. بل لو لم يكن له مال واحتمل أن يقضيها عنه شخص متبرِّعاً وجبت الوصيّة حينذاك، وفي بعض الحالات قد يكفي الإخبار عمّا فاته عن الوصيّة كما لو كان له من يطمئن بقضائه لما فات عنه كالولد الأكبر.
5- إخبار الورثة بما له من مال عند غيره، أو مال في مكان خاص لا يعلمه غيره، لئلاّ يضيع حقّهم بعد وفاته.
وإذا لم يوصّ الإنسان سقط حقّه في التصرّف بثلث ما تركه كما يحبّ ويشاء، حيث تقسّم تركته وفق ضوابط خاصّة على ورثته.