أحكام الوصية
(مسألة 1289): الوصيّة على قسمين:
أ- الوصيّة التمليكيّة، وهي: أن يجعل الإنسان شيئاً ممّا له من مال أو حقّ لغيره بعد وفاته.
ب- الوصيّة العهديّة، وهي: أن يعهد الإنسان بتولّي شخص بعد وفاته أمراً يتعلّق به أو بغيره، كدفنه في مكان معيّن أو تمليك شيء من ماله لأحد أو القيمومة على صغاره ونحو ذلك.
(مسألة 1290): يعتبر في الموصي: البلوغ والعقل والرشد والاختيار، فلا تصحّ وصيّة المجنون والمكره، ولا وصيّة السفيه في أمواله وتصحّ في غيرها كتجهيزه ونحوه ممّا لا تعلّق له بمال، وكذا لا تصحّ وصيّة الصبيّ إلّا إذا بلغ عشر سنين، فإنّه تصحّ وصيّته في المبرّات والخيرات العامّة كما تصحّ وصيّته لأرحامه وأقربائه، وأمّا الغرباء ففي نفوذ وصيّته لهم إشكال، كما يشكل نفوذ وصيّة البالغ سبع سنين في الشيء اليسير، فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيهما.
ويعتبر في الموصي أيضاً أن لا يكون قاتل نفسه متعمّداً على وجه العصيان، فإذا أوصى بعدما أحدث في نفسه ما يجعله عرضة للموت من جرح أو تناول سمّ أو نحو ذلك لم تصحّ وصيّته في ماله، وتصحّ في غيره من تجهيز ونحوه ممّا لا تعلّق له بالمال، وكذا تصحّ فيما إذا فعل ذلك خطأً أو سهواً أو على غير وجه العصيان، مثل الجهاد في سبيل الله أو مع ظنّ السلامة فاتّفق موته به، وكذا إذا عوفي ثُمَّ أوصى أو أوصى بعدما فعل السبب ثُمَّ عوفي ثُمَّ مات، أو أوصى قبل أن يحدث في نفسه ذلك ثُمَّ أحدث فيها وإن كان قبل الوصيّة بانياً على أن يحدث ذلك بعدها.
(مسألة 1291): لا يعتبر في صحّة الوصيّة التلفّظ بها أو كتابتها، بل يكفي كلّ ما يدلّ عليها حتّى الإشارة المفهمة للمراد وإن كان الشخص قادراً على النطق.
ويكفي في ثبوت الوصيّة وجود مكتوب للميّت يُعلم من قرائن الأحوال أنّه أراد العمل به بعد موته، وأمّا إذا علم أنّه كتبه ليوصي على طبقه بعد ذلك فلا يلزم العمل به.
(مسألة 1292): إذا ظهرت للإنسان علامات الموت وجب عليه أمور:
منها: ردّ الأمانات إلى أصحابها أو إعلامهم بذلك على تفصيل تقدّم في المسألة (929).
ومنها: الاستيثاق من وصول ديونه إلى أصحابها بعد مماته ولو بالوصيّة بها والاستشهاد عليها، هذا في ديونه التي لم يحلّ أجلها بعد أو حلّ ولم يطالبه بها الدُيّان أو لم يكن قادراً على وفائها، وإلّا فتجب المبادرة إلى أدائها فوراً وإن لم يخف الموت.
ومنها: الوصيّة بأداء ما عليه من الحقوق الشرعيّة كالخمس والزكاة والمظالم إذا كان له مال ولم يكن متمكّناً من أدائها فعلاً، أو لم يكن له مال واحتمل احتمالاً معتدّاً به أن يؤدّي ما عليه بعض المؤمنين تبرّعاً وإحساناً، وأمّا إذا كان له مال وكان متمكّناً من الأداء وجب عليه ذلك فوراً من غير تقيّد بظهور أمارات الموت.
ومنها: الاستيثاق من أداء ما عليه من الصلاة والصوم والكفّارات ونحوها بعد وفاته ولو بالوصيّة به إذا كان له مال، بل إذا لم يكن له مال واحتمل احتمالاً معتدّاً به أن يقضيها شخص آخر عنه تبرّعاً وجبت عليه الوصيّة به أيضاً، وربّما يغني الإخبار عن الإيصاء، كما لو كان له من يطمئنّ بقضائه لما فات عنه – كالولد الأكبر – فيكفي حينئذٍ إخباره بفوائته.
ومنها: إعلام الورثة بما له من مال عند غيره أو في ذمّته أو في محلّ خفيّ لا علم لهم به إذا عُدّ تركه تضييعاً لحقّهم.
ولا يجب على الأب نصب القيّم على الصغار إلّا إذا كان إهمال ذلك موجباً لضياعهم أو ضياع أموالهم فإنّه يجب على الأب – والحالة هذه – جعل القيّم عليهم، ويلزم أن يكون أميناً.
(مسألة 1293): الحجّ الواجب على الميّت بالاستطاعة والحقوق الماليّة – وهي: الأموال التي اشتغلت بها ذمّته كالديون والزكاة والمظالم – تخرج من أصل المال، سواء أوصى بها الميّت أم لا. نعم، إذا أوصى بإخراجها من ثلثه تخرج من الثلث كما سيأتي.
(مسألة 1294): إذا زاد شيء من مال الميّت – بعد أداء الحجّ وإخراج الحقوق الماليّة إن وجب – فإن كان قد أوصى بإخراج الثلث أو الأقلّ منه فلا بُدَّ من العمل بوصيّته وإلّا كان تمام الزائد للورثة، ولا يجب عليهم صرف شيء منه عليه حتّى في إبراء ذمّته ممّا تعلّق بها من الواجبات المتوقّفة على صرف المال، كالكفّارات والنذورات الماليّة والصلاة والصيام استئجاراً.
(مسألة 1295): لا تنفذ الوصيّة بغير حجّة الإسلام والحقوق الماليّة فيما يزيد على ثلث التركة، فمن أوصى بنصف ماله – مثلاً – لزيد أو للصرف في الاستئجار للصلاة والصيام عنه توقّف نفوذها في الزائد على الثلث على إمضاء الورثة، فإن أمضوا في حياة الموصي أو بعد موته ولو بمدّة صحّت الوصيّة، وإلّا بطلت في المقدار الزائد، ولو أمضاها بعضهم دون بعض نفذت في حصّة المجيز خاصّة.
(مسألة 1296): إذا أوصى بأداء الخمس والزكاة وغيرهما من الديون، وباستئجار من يقضي فوائته من الصلاة والصيام، وبالصرف في الأمور المستحبّة كإطعام المساكين – كلّ ذلك من ثلث ماله – وجب أداء الديون أوّلاً، فإن بقي شيء صرف في أجرة الصوم والصلاة فإن زاد صرف الزائد في المصارف المستحبّة. وإذا كان ثلثه بمقدار دينه فقط ولم يجز الوارث وصيّته في الزائد على الثلث بطلت الوصيّة في غير الدين.
(مسألة 1297): إذا أوصى بأداء ديونه وبالاستئجار للصوم والصلاة عنه وبالإتيان بالأمور المستحبّة ولم يذكر إخراج ذلك من ثلث ماله وجب أداء ديونه من أصل المال، فإن بقي منه شيء صرف الثلث في الاستئجار للصلاة والصوم والإتيان بالأمور المستحبّة إذا وفى الثلث بذلك، وإلّا فإن أجاز الورثة الوصيّة في المقدار الزائد وجب العمل بها، وإن لم يجزها الورثة وجب الاستئجار للصلاة وللصيام من الثلث، فإن بقي منه شيء يصرف في المستحبّات.
(مسألة 1298): إذا أوصى بوصايا متعدّدة وكلّها من الواجبات التي لا تخرج من الأصل أو كلّها من التبرّعات والخيرات فإن زادت على الثلث ولم يجز الورثة جميعها وَرَد النقص على الجميع بالنسبة ما لم تكن قرينة حاليّة أو مقاليّة على تقديم بعضها على البعض عند التزاحم.
(مسألة 1299): إذا أوصى بإخراج ثلثه ولم يعيّن له مصرفاً خاصّاً عمل الوصيّ وفق ما تقتضيه مصلحة الميّت كأداء ما عَلِقَ بذمّته من الواجبات مقدّماً على المستحبّات، بل يلزمه مراعاة ما هو أصلح له مع تيسّر فعله على النحو المتعارف، ويختلف ذلك باختلاف الأموات، فربّما يكون الأصلح أداء العبادات الاحتياطيّة عنه، وربّما يكون الأصلح فعل القربات والصدقات.
(مسألة 1300): إذا أوصى بإخراج ثلثه فإن نصّ على إرادة إبقاء عينه وصرف منافعه أو وجدت قرينة حاليّة أو مقاليّة على ذلك تعيّن العمل بموجبه، وإلّا وجب إخراج الثلث عيناً أو قيمة وصرفه في موارده من غير تأخير في ذلك وإن توقّف على بيع التركة.
نعم، إذا وجدت قرينة على عدم إرادة الموصي التعجيل في الإخراج جاز التأخير فيه بمقدار ما تقتضيه القرينة، مثلاً: لو أوصى بإخراج ثلثه مع الالتفات إلى أن الإسراع فيه يتوقّف على بيع الدار السكنيّة لورثته المؤدّي إلى تشردّهم – وهو ما لا يرضى به
يقيناً – كان ذلك قرينة على إذنه في التأخير إلى الزمان الذي يتمكّن فيه الورثة أو وليّهم من تحصيل مسكن لهم ولو بالإيجار.
(مسألة 1301): إذا أوصى من لا وارث له إلّا الإمام (عليه السلام) بجميع ماله للمسلمين والمساكين وابن السبيل لم تنفذ إلّا بمقدار الثلث منه، كما هو الحال فيما إذا أوصى بجميعه في غير الأمور المذكورة، وسبيل الباقي سبيل سهم الإمام (عليه السلام) من الخمس.
(مسألة 1302): إذا أوصى بوصيّة تمليكيّة أو عهديّة ثُمَّ رجع عنها بطلت، فلو أوصى لزيد – مثلاً – بثلث ماله ثُمَّ عدل عن وصيّته بطلت الوصيّة.
وإذا أوصى إلى شخص معيّن ليكون قيّماً على صغاره ثُمَّ أوصى إلى غيره بذلك بطلت الوصيّة الأولى وتصحّ الثانية.
(مسألة 1303): يكفي في الرجوع عن الوصيّة كلّ ما يدلّ عليه، فلو أوصى بداره لزيد – مثلاً – ثُمَّ باعها بطلت الوصيّة، وكذا إذا وكلّ غيره في بيعها مع التفاته إلى وصيّته.
(مسألة 1304): إذا أوصى بثلثه لزيد ثُمَّ أوصى بنصف ثلثه لعمرو كان الثلث بينهما بالسويّة.
ولو أوصى بعين شخصيّة لزيد ثُمَّ أوصى بنصفها لعمرو كانت الثانية مبطلة للأولى بمقدار النصف.
(مسألة 1305): إذا وهب بعض أمواله في مرض موته وأقبضه وأوصى ببعضها الآخر ثُمَّ مات فإن وفى الثلث بهما أو أمضاهما الورثة صحّا جميعاً، وإلّا يحسب المال الموهوب من الثلث، فإن بقي شيء حسب منه المال الموصى به.
(مسألة 1306): إذا اعترف في مرض الموت بدين عليه فإن لم يكن متّهماً في اعترافه يخرج المقدار المعترف به من أصل التركة، ومع الاتّهام يخرج من الثلث.
والمقصود بالاتّهام وجود أمارات يُظنّ معها بكذبه، كأن يكون بينه وبين الورثة معاداة يظنّ معها بأنّه يريد بذلك إضرارهم، أو كان له محبّة شديدة مع المقرّ له يظنّ معها بأنّه يريد بذلك نفعه.
(مسألة 1307): إذا أوصى لشخص بمال فقبل الموصى له الوصيّة ملك المال بعد موت الموصي وإن كان قبوله في حياته، ولا يكفي مجرّد عدم رفضه للوصيّة في دخول المال في ملكه بوفاة الموصي.
(مسألة 1308): إذا لم يردّ الموصى له الوصيّة ومات في حياة الموصي أو بعد موته قامت ورثته مقامه، فإذا قبلوا الوصيّة ملكوا المال الموصى به إذا لم يرجع الموصي عن وصيّته.
(مسألة 1309): لا يعتبر في الوصيّة العهديّة وجود الموصى له في حال الوصيّة أو عند موت الموصي، فلو أوصى بإعطاء شيء من ماله إلى من سيوجد بعد موته – كولد ولده – فإن وُجد أُعطي له، وإلّا كان ميراثاً لورثة الموصي. نعم، إذا فهم منه إرادة صرفه في مورد آخر إذا لم يوجد الموصى له صرف في ذلك المورد ولم يكن إرثاً.
وأمّا الوصيّة التمليكيّة فلا تصحّ للمعدوم إلى زمان موت الموصي، فلو أوصى بشيء من ماله لما تحمله زوجة ابنه بعد وفاته لم تصحّ، وتصحّ للحمل حين وجود الوصيّة، فإن وُلد حيّاً ملك المال بقبول وليّه، وإلّا بطلت ورجع إلى ورثة الموصي.
(مسألة 1310): إذا عيّن الموصي شخصاً لتنفيذ وصيّته تعيّن ويسمّى «الوصيّ». ويعتبر أن يكون عاقلاً ويطمأنّ بتنفيذه للوصيّة إذا تضمّنت أداء الحقوق الواجبة عن الموصي، بل مطلقاً على الأحوط لزوماً.
والمشهور بين الفقهاء (رضي الله عنهم) أنّه لا تصحّ الوصاية إلى الصبيّ منفرداً وإن كان كذلك إذا أراد منه التصرّف في حال صباه مستقلّاً، ولكنّ هذا لا يخلو من إشكال، فلو أوصى إليه كذلك فالأحوط لزوماً توافقه مع الحاكم الشرعي في التصرّف. وأمّا إذا أراد أن يكون تصرّفه بعد البلوغ أو مع إذن الوليّ فلا بأس بذلك.
وإذا كان الموصي مسلماً اعتبر أن يكون الوصيّ مسلماً أيضاً على الأحوط لزوماً.
(مسألة 1311): يجوز للموصي أن يوصي إلى اثنين أو أكثر، وفي حالة تعدّد الأوصياء إن نصّ الموصي على أنّ لكلّ منهم صلاحية التصرّف بصورة مستقلّة عن الآخرين أو على عدم السماح لهم بالتصرّف إلّا مجتمعين أخذ بنصّه، وكذا إذا كان ظاهر كلامه أحد الأمرين ولو لقرينة حاليّة أو مقاليّة، وإلّا فلا يجوز لأيّ منهم الاستقلال بالتصرّف ولا بُدَّ من اجتماعهم.
وإذا تشاحّ الوصيّان بشرط الانضمام ولم يجتمعا بحيث كان يؤدّي ذلك إلى تعطيل العمل بالوصيّة فإن لم يكن السبب فيه وجود مانع شرعي لدى كلّ واحد منهما عن اتّباع نظر الآخر أجبرهما الحاكم الشرعي على الاجتماع، وإن تعذّر ذلك أو كان السبب فيه وجود المانع عنه لدى كليهما ضمّ الحاكم إلى أحدهما شخصاً آخر حسب ما يراه من المصلحة وينفذ تصرّفهما.
(مسألة 1312): لا يجب على من يعيّنه الموصي لتنفيذ وصيّته قبول الوصاية بل له أن يردّها في حياة الموصي بشرط أن يبلغه الردّ، بل الأحوط لزوماً اعتبار تمكّنه من الإيصاء إلى شخص آخر أيضاً، فلو كان الردّ بعد موت الموصي أو قبل موته ولكن لم يبلغه حتّى مات فلا أثر له وتكون الوصاية لازمة، وكذلك إذا بلغه الردّ ولم يتمكّن من الإيصاء إلى غيره لشدّة المرض – مثلاً – على الأحوط وجوباً. نعم، إذا كان العمل بالوصيّة حرجيّاً على الموصى إليه جاز له ردّها.
(مسألة 1313): ليس للوصيّ أن يفوّض أمر الوصيّة إلى غيره بمعنى أن يعزل نفسه عن الوصاية ويجعلها له، كما ليس له أن يجعل وصيّاً لتنفيذها بعد موته إلّا إذا كان مأذوناً من قبل الموصي في الإيصاء. نعم، له أن يوكّل من يثق به في القيام بما يتعلّق بالوصيّة ممّا لم يكن مقصود الموصي مباشرة الوصيّ له بشخصه.
(مسألة 1314): إذا أوصى إلى اثنين مجتمعين ومات أحدهما أو طرأ عليه جنون أو غيره ممّا يوجب ارتفاع وصايته أقام الحاكم الشرعي شخصاً آخر مكانه، وإذا ماتا معاً نصب الحاكم اثنين، ويكفي نصب شخص واحد أيضاً إذا كان كافياً بالقيام بشؤون الوصيّة.
(مسألة 1315): إذا عجز الوصيّ عن إنجاز الوصيّة – لكبر السنّ ونحوه – حتّى على سبيل التوكيل أو الاستئجار ضمّ إليه الحاكم الشرعي من يساعده في ذلك.
(مسألة 1316): لا بأس بالإيصاء إلى عدّة أشخاص على الترتيب، كأن يقول: (زيد وصيّي فإن مات فعمرو وصيّي)، فوصاية عمرو تتوقّف عندئذٍ على موت زيد.
(مسألة 1317): الوصيّ أمين فلا يضمن ما يتلف في يده إلّا مع التعدّي أو التفريط، مثلاً: إذا أوصى الميّت بصرف ثلثه على فقراء بلده فنقله الوصيّ إلى بلد آخر وتلف المال في الطريق ضمنه لتفريطه بمخالفة الوصيّة.
(مسألة 1318): تثبت دعوى مدّعي الوصيّة له بمال بشهادة مسلمين عدلين، وبشهادة مسلم عادل مع يمين المدّعي، وبشهادة مسلم عادل مع مسلمتين عادلتين، وبشهادة أربع مسلمات عادلات.
ويثبت ربع الوصيّة بشهادة مسلمة عادلة، ونصفها بشهادة مسلمتين عادلتين، وثلاثة أرباعها بشهادة ثلاث مسلمات عادلات، كما تثبت الدعوى الآنفة الذكر بشهادة رجلين ذمّيّين عدلين في دينهما عند الضرورة وعدم تيسّر عدول المسلمين.
وأمّا دعوى القيمومة على الصغار من قبل أبيهم أو جدّهم أو الوصاية على صرف مال الميّت فلا تثبت إلّا بشهادة عدلين من الرجال، ولا تقبل فيها شهادة النساء منفردات ولا منضمّات إلى الرجال.
أ- الوصيّة التمليكيّة، وهي: أن يجعل الإنسان شيئاً ممّا له من مال أو حقّ لغيره بعد وفاته.
ب- الوصيّة العهديّة، وهي: أن يعهد الإنسان بتولّي شخص بعد وفاته أمراً يتعلّق به أو بغيره، كدفنه في مكان معيّن أو تمليك شيء من ماله لأحد أو القيمومة على صغاره ونحو ذلك.
(مسألة 1290): يعتبر في الموصي: البلوغ والعقل والرشد والاختيار، فلا تصحّ وصيّة المجنون والمكره، ولا وصيّة السفيه في أمواله وتصحّ في غيرها كتجهيزه ونحوه ممّا لا تعلّق له بمال، وكذا لا تصحّ وصيّة الصبيّ إلّا إذا بلغ عشر سنين، فإنّه تصحّ وصيّته في المبرّات والخيرات العامّة كما تصحّ وصيّته لأرحامه وأقربائه، وأمّا الغرباء ففي نفوذ وصيّته لهم إشكال، كما يشكل نفوذ وصيّة البالغ سبع سنين في الشيء اليسير، فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيهما.
ويعتبر في الموصي أيضاً أن لا يكون قاتل نفسه متعمّداً على وجه العصيان، فإذا أوصى بعدما أحدث في نفسه ما يجعله عرضة للموت من جرح أو تناول سمّ أو نحو ذلك لم تصحّ وصيّته في ماله، وتصحّ في غيره من تجهيز ونحوه ممّا لا تعلّق له بالمال، وكذا تصحّ فيما إذا فعل ذلك خطأً أو سهواً أو على غير وجه العصيان، مثل الجهاد في سبيل الله أو مع ظنّ السلامة فاتّفق موته به، وكذا إذا عوفي ثُمَّ أوصى أو أوصى بعدما فعل السبب ثُمَّ عوفي ثُمَّ مات، أو أوصى قبل أن يحدث في نفسه ذلك ثُمَّ أحدث فيها وإن كان قبل الوصيّة بانياً على أن يحدث ذلك بعدها.
(مسألة 1291): لا يعتبر في صحّة الوصيّة التلفّظ بها أو كتابتها، بل يكفي كلّ ما يدلّ عليها حتّى الإشارة المفهمة للمراد وإن كان الشخص قادراً على النطق.
ويكفي في ثبوت الوصيّة وجود مكتوب للميّت يُعلم من قرائن الأحوال أنّه أراد العمل به بعد موته، وأمّا إذا علم أنّه كتبه ليوصي على طبقه بعد ذلك فلا يلزم العمل به.
(مسألة 1292): إذا ظهرت للإنسان علامات الموت وجب عليه أمور:
منها: ردّ الأمانات إلى أصحابها أو إعلامهم بذلك على تفصيل تقدّم في المسألة (929).
ومنها: الاستيثاق من وصول ديونه إلى أصحابها بعد مماته ولو بالوصيّة بها والاستشهاد عليها، هذا في ديونه التي لم يحلّ أجلها بعد أو حلّ ولم يطالبه بها الدُيّان أو لم يكن قادراً على وفائها، وإلّا فتجب المبادرة إلى أدائها فوراً وإن لم يخف الموت.
ومنها: الوصيّة بأداء ما عليه من الحقوق الشرعيّة كالخمس والزكاة والمظالم إذا كان له مال ولم يكن متمكّناً من أدائها فعلاً، أو لم يكن له مال واحتمل احتمالاً معتدّاً به أن يؤدّي ما عليه بعض المؤمنين تبرّعاً وإحساناً، وأمّا إذا كان له مال وكان متمكّناً من الأداء وجب عليه ذلك فوراً من غير تقيّد بظهور أمارات الموت.
ومنها: الاستيثاق من أداء ما عليه من الصلاة والصوم والكفّارات ونحوها بعد وفاته ولو بالوصيّة به إذا كان له مال، بل إذا لم يكن له مال واحتمل احتمالاً معتدّاً به أن يقضيها شخص آخر عنه تبرّعاً وجبت عليه الوصيّة به أيضاً، وربّما يغني الإخبار عن الإيصاء، كما لو كان له من يطمئنّ بقضائه لما فات عنه – كالولد الأكبر – فيكفي حينئذٍ إخباره بفوائته.
ومنها: إعلام الورثة بما له من مال عند غيره أو في ذمّته أو في محلّ خفيّ لا علم لهم به إذا عُدّ تركه تضييعاً لحقّهم.
ولا يجب على الأب نصب القيّم على الصغار إلّا إذا كان إهمال ذلك موجباً لضياعهم أو ضياع أموالهم فإنّه يجب على الأب – والحالة هذه – جعل القيّم عليهم، ويلزم أن يكون أميناً.
(مسألة 1293): الحجّ الواجب على الميّت بالاستطاعة والحقوق الماليّة – وهي: الأموال التي اشتغلت بها ذمّته كالديون والزكاة والمظالم – تخرج من أصل المال، سواء أوصى بها الميّت أم لا. نعم، إذا أوصى بإخراجها من ثلثه تخرج من الثلث كما سيأتي.
(مسألة 1294): إذا زاد شيء من مال الميّت – بعد أداء الحجّ وإخراج الحقوق الماليّة إن وجب – فإن كان قد أوصى بإخراج الثلث أو الأقلّ منه فلا بُدَّ من العمل بوصيّته وإلّا كان تمام الزائد للورثة، ولا يجب عليهم صرف شيء منه عليه حتّى في إبراء ذمّته ممّا تعلّق بها من الواجبات المتوقّفة على صرف المال، كالكفّارات والنذورات الماليّة والصلاة والصيام استئجاراً.
(مسألة 1295): لا تنفذ الوصيّة بغير حجّة الإسلام والحقوق الماليّة فيما يزيد على ثلث التركة، فمن أوصى بنصف ماله – مثلاً – لزيد أو للصرف في الاستئجار للصلاة والصيام عنه توقّف نفوذها في الزائد على الثلث على إمضاء الورثة، فإن أمضوا في حياة الموصي أو بعد موته ولو بمدّة صحّت الوصيّة، وإلّا بطلت في المقدار الزائد، ولو أمضاها بعضهم دون بعض نفذت في حصّة المجيز خاصّة.
(مسألة 1296): إذا أوصى بأداء الخمس والزكاة وغيرهما من الديون، وباستئجار من يقضي فوائته من الصلاة والصيام، وبالصرف في الأمور المستحبّة كإطعام المساكين – كلّ ذلك من ثلث ماله – وجب أداء الديون أوّلاً، فإن بقي شيء صرف في أجرة الصوم والصلاة فإن زاد صرف الزائد في المصارف المستحبّة. وإذا كان ثلثه بمقدار دينه فقط ولم يجز الوارث وصيّته في الزائد على الثلث بطلت الوصيّة في غير الدين.
(مسألة 1297): إذا أوصى بأداء ديونه وبالاستئجار للصوم والصلاة عنه وبالإتيان بالأمور المستحبّة ولم يذكر إخراج ذلك من ثلث ماله وجب أداء ديونه من أصل المال، فإن بقي منه شيء صرف الثلث في الاستئجار للصلاة والصوم والإتيان بالأمور المستحبّة إذا وفى الثلث بذلك، وإلّا فإن أجاز الورثة الوصيّة في المقدار الزائد وجب العمل بها، وإن لم يجزها الورثة وجب الاستئجار للصلاة وللصيام من الثلث، فإن بقي منه شيء يصرف في المستحبّات.
(مسألة 1298): إذا أوصى بوصايا متعدّدة وكلّها من الواجبات التي لا تخرج من الأصل أو كلّها من التبرّعات والخيرات فإن زادت على الثلث ولم يجز الورثة جميعها وَرَد النقص على الجميع بالنسبة ما لم تكن قرينة حاليّة أو مقاليّة على تقديم بعضها على البعض عند التزاحم.
(مسألة 1299): إذا أوصى بإخراج ثلثه ولم يعيّن له مصرفاً خاصّاً عمل الوصيّ وفق ما تقتضيه مصلحة الميّت كأداء ما عَلِقَ بذمّته من الواجبات مقدّماً على المستحبّات، بل يلزمه مراعاة ما هو أصلح له مع تيسّر فعله على النحو المتعارف، ويختلف ذلك باختلاف الأموات، فربّما يكون الأصلح أداء العبادات الاحتياطيّة عنه، وربّما يكون الأصلح فعل القربات والصدقات.
(مسألة 1300): إذا أوصى بإخراج ثلثه فإن نصّ على إرادة إبقاء عينه وصرف منافعه أو وجدت قرينة حاليّة أو مقاليّة على ذلك تعيّن العمل بموجبه، وإلّا وجب إخراج الثلث عيناً أو قيمة وصرفه في موارده من غير تأخير في ذلك وإن توقّف على بيع التركة.
نعم، إذا وجدت قرينة على عدم إرادة الموصي التعجيل في الإخراج جاز التأخير فيه بمقدار ما تقتضيه القرينة، مثلاً: لو أوصى بإخراج ثلثه مع الالتفات إلى أن الإسراع فيه يتوقّف على بيع الدار السكنيّة لورثته المؤدّي إلى تشردّهم – وهو ما لا يرضى به
يقيناً – كان ذلك قرينة على إذنه في التأخير إلى الزمان الذي يتمكّن فيه الورثة أو وليّهم من تحصيل مسكن لهم ولو بالإيجار.
(مسألة 1301): إذا أوصى من لا وارث له إلّا الإمام (عليه السلام) بجميع ماله للمسلمين والمساكين وابن السبيل لم تنفذ إلّا بمقدار الثلث منه، كما هو الحال فيما إذا أوصى بجميعه في غير الأمور المذكورة، وسبيل الباقي سبيل سهم الإمام (عليه السلام) من الخمس.
(مسألة 1302): إذا أوصى بوصيّة تمليكيّة أو عهديّة ثُمَّ رجع عنها بطلت، فلو أوصى لزيد – مثلاً – بثلث ماله ثُمَّ عدل عن وصيّته بطلت الوصيّة.
وإذا أوصى إلى شخص معيّن ليكون قيّماً على صغاره ثُمَّ أوصى إلى غيره بذلك بطلت الوصيّة الأولى وتصحّ الثانية.
(مسألة 1303): يكفي في الرجوع عن الوصيّة كلّ ما يدلّ عليه، فلو أوصى بداره لزيد – مثلاً – ثُمَّ باعها بطلت الوصيّة، وكذا إذا وكلّ غيره في بيعها مع التفاته إلى وصيّته.
(مسألة 1304): إذا أوصى بثلثه لزيد ثُمَّ أوصى بنصف ثلثه لعمرو كان الثلث بينهما بالسويّة.
ولو أوصى بعين شخصيّة لزيد ثُمَّ أوصى بنصفها لعمرو كانت الثانية مبطلة للأولى بمقدار النصف.
(مسألة 1305): إذا وهب بعض أمواله في مرض موته وأقبضه وأوصى ببعضها الآخر ثُمَّ مات فإن وفى الثلث بهما أو أمضاهما الورثة صحّا جميعاً، وإلّا يحسب المال الموهوب من الثلث، فإن بقي شيء حسب منه المال الموصى به.
(مسألة 1306): إذا اعترف في مرض الموت بدين عليه فإن لم يكن متّهماً في اعترافه يخرج المقدار المعترف به من أصل التركة، ومع الاتّهام يخرج من الثلث.
والمقصود بالاتّهام وجود أمارات يُظنّ معها بكذبه، كأن يكون بينه وبين الورثة معاداة يظنّ معها بأنّه يريد بذلك إضرارهم، أو كان له محبّة شديدة مع المقرّ له يظنّ معها بأنّه يريد بذلك نفعه.
(مسألة 1307): إذا أوصى لشخص بمال فقبل الموصى له الوصيّة ملك المال بعد موت الموصي وإن كان قبوله في حياته، ولا يكفي مجرّد عدم رفضه للوصيّة في دخول المال في ملكه بوفاة الموصي.
(مسألة 1308): إذا لم يردّ الموصى له الوصيّة ومات في حياة الموصي أو بعد موته قامت ورثته مقامه، فإذا قبلوا الوصيّة ملكوا المال الموصى به إذا لم يرجع الموصي عن وصيّته.
(مسألة 1309): لا يعتبر في الوصيّة العهديّة وجود الموصى له في حال الوصيّة أو عند موت الموصي، فلو أوصى بإعطاء شيء من ماله إلى من سيوجد بعد موته – كولد ولده – فإن وُجد أُعطي له، وإلّا كان ميراثاً لورثة الموصي. نعم، إذا فهم منه إرادة صرفه في مورد آخر إذا لم يوجد الموصى له صرف في ذلك المورد ولم يكن إرثاً.
وأمّا الوصيّة التمليكيّة فلا تصحّ للمعدوم إلى زمان موت الموصي، فلو أوصى بشيء من ماله لما تحمله زوجة ابنه بعد وفاته لم تصحّ، وتصحّ للحمل حين وجود الوصيّة، فإن وُلد حيّاً ملك المال بقبول وليّه، وإلّا بطلت ورجع إلى ورثة الموصي.
(مسألة 1310): إذا عيّن الموصي شخصاً لتنفيذ وصيّته تعيّن ويسمّى «الوصيّ». ويعتبر أن يكون عاقلاً ويطمأنّ بتنفيذه للوصيّة إذا تضمّنت أداء الحقوق الواجبة عن الموصي، بل مطلقاً على الأحوط لزوماً.
والمشهور بين الفقهاء (رضي الله عنهم) أنّه لا تصحّ الوصاية إلى الصبيّ منفرداً وإن كان كذلك إذا أراد منه التصرّف في حال صباه مستقلّاً، ولكنّ هذا لا يخلو من إشكال، فلو أوصى إليه كذلك فالأحوط لزوماً توافقه مع الحاكم الشرعي في التصرّف. وأمّا إذا أراد أن يكون تصرّفه بعد البلوغ أو مع إذن الوليّ فلا بأس بذلك.
وإذا كان الموصي مسلماً اعتبر أن يكون الوصيّ مسلماً أيضاً على الأحوط لزوماً.
(مسألة 1311): يجوز للموصي أن يوصي إلى اثنين أو أكثر، وفي حالة تعدّد الأوصياء إن نصّ الموصي على أنّ لكلّ منهم صلاحية التصرّف بصورة مستقلّة عن الآخرين أو على عدم السماح لهم بالتصرّف إلّا مجتمعين أخذ بنصّه، وكذا إذا كان ظاهر كلامه أحد الأمرين ولو لقرينة حاليّة أو مقاليّة، وإلّا فلا يجوز لأيّ منهم الاستقلال بالتصرّف ولا بُدَّ من اجتماعهم.
وإذا تشاحّ الوصيّان بشرط الانضمام ولم يجتمعا بحيث كان يؤدّي ذلك إلى تعطيل العمل بالوصيّة فإن لم يكن السبب فيه وجود مانع شرعي لدى كلّ واحد منهما عن اتّباع نظر الآخر أجبرهما الحاكم الشرعي على الاجتماع، وإن تعذّر ذلك أو كان السبب فيه وجود المانع عنه لدى كليهما ضمّ الحاكم إلى أحدهما شخصاً آخر حسب ما يراه من المصلحة وينفذ تصرّفهما.
(مسألة 1312): لا يجب على من يعيّنه الموصي لتنفيذ وصيّته قبول الوصاية بل له أن يردّها في حياة الموصي بشرط أن يبلغه الردّ، بل الأحوط لزوماً اعتبار تمكّنه من الإيصاء إلى شخص آخر أيضاً، فلو كان الردّ بعد موت الموصي أو قبل موته ولكن لم يبلغه حتّى مات فلا أثر له وتكون الوصاية لازمة، وكذلك إذا بلغه الردّ ولم يتمكّن من الإيصاء إلى غيره لشدّة المرض – مثلاً – على الأحوط وجوباً. نعم، إذا كان العمل بالوصيّة حرجيّاً على الموصى إليه جاز له ردّها.
(مسألة 1313): ليس للوصيّ أن يفوّض أمر الوصيّة إلى غيره بمعنى أن يعزل نفسه عن الوصاية ويجعلها له، كما ليس له أن يجعل وصيّاً لتنفيذها بعد موته إلّا إذا كان مأذوناً من قبل الموصي في الإيصاء. نعم، له أن يوكّل من يثق به في القيام بما يتعلّق بالوصيّة ممّا لم يكن مقصود الموصي مباشرة الوصيّ له بشخصه.
(مسألة 1314): إذا أوصى إلى اثنين مجتمعين ومات أحدهما أو طرأ عليه جنون أو غيره ممّا يوجب ارتفاع وصايته أقام الحاكم الشرعي شخصاً آخر مكانه، وإذا ماتا معاً نصب الحاكم اثنين، ويكفي نصب شخص واحد أيضاً إذا كان كافياً بالقيام بشؤون الوصيّة.
(مسألة 1315): إذا عجز الوصيّ عن إنجاز الوصيّة – لكبر السنّ ونحوه – حتّى على سبيل التوكيل أو الاستئجار ضمّ إليه الحاكم الشرعي من يساعده في ذلك.
(مسألة 1316): لا بأس بالإيصاء إلى عدّة أشخاص على الترتيب، كأن يقول: (زيد وصيّي فإن مات فعمرو وصيّي)، فوصاية عمرو تتوقّف عندئذٍ على موت زيد.
(مسألة 1317): الوصيّ أمين فلا يضمن ما يتلف في يده إلّا مع التعدّي أو التفريط، مثلاً: إذا أوصى الميّت بصرف ثلثه على فقراء بلده فنقله الوصيّ إلى بلد آخر وتلف المال في الطريق ضمنه لتفريطه بمخالفة الوصيّة.
(مسألة 1318): تثبت دعوى مدّعي الوصيّة له بمال بشهادة مسلمين عدلين، وبشهادة مسلم عادل مع يمين المدّعي، وبشهادة مسلم عادل مع مسلمتين عادلتين، وبشهادة أربع مسلمات عادلات.
ويثبت ربع الوصيّة بشهادة مسلمة عادلة، ونصفها بشهادة مسلمتين عادلتين، وثلاثة أرباعها بشهادة ثلاث مسلمات عادلات، كما تثبت الدعوى الآنفة الذكر بشهادة رجلين ذمّيّين عدلين في دينهما عند الضرورة وعدم تيسّر عدول المسلمين.
وأمّا دعوى القيمومة على الصغار من قبل أبيهم أو جدّهم أو الوصاية على صرف مال الميّت فلا تثبت إلّا بشهادة عدلين من الرجال، ولا تقبل فيها شهادة النساء منفردات ولا منضمّات إلى الرجال.