استحالة استرداد أرض من يد القوات المسلحة يتعلق بحق التنفيذ بمقابل ويخرج من نطاق اعمال السيادة
الدعوى رقم 35 لسنة 40 ق “تنازع” جلسة 4 / 5 / 2019
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من مايو سنة 2019م، الموافق الثامن والعشرين من شعبان سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمــد خيرى طه النجــار وسعيد مرعى عمرو ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور حمدان حسن فهمى والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 35 لسنة 40 قضائية “تنازع”.
المقامة من
شركة وادى كوم امبو لاستصلاح الأراضى- إحدى الشركات التابعة للشركة القابضة لاستصلاح الأراضى وأبحاث المياه الجوفية
ضد
1- وزيــر الدفــاع
2- مدير مديرية المساحة بأسوان
3- رئيس مجلس الـــــوزراء
الإجراءات
بتاريخ العاشر من سبتمبر سنة 2018، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى، قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبةً الحكم بتحديد جهة القضاء المختصة بنظر النزاع من بين:
1- محكمة أسوان الابتدائية، التى أصدرت حكمها في الدعوى رقم 417 لسنة 1996 كلى حكومة أسوان.
2- محكمة استئناف قنا- مأمورية استئناف أسوان- التى أصدرت حكمها في الاستئناف رقم 1577 لسنة 24 قضائية.
3- محكمة النقض، التى أصــدرت حكمها في الطعــن رقم 1132 لسنة 76 قضائية.
4- هيئة التحكيم التى أصدرت حكمها في طلب التحكيم رقم 38 لسنة 2016.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن الشركة المدعية، أقامت الدعوى رقم 417 لسنة 1996 مدنى كلى حكومة أمام محكمة أسوان الابتدائية، ضد المدعى عليهما الأول والثانى، طلبًا للحكم:
أولًا: بثبوت ملكية الشركة المدعية للمساحة المبينة بصحيفة الدعوى.
ثانيًا: بإلزام المدعى عليه الأول، بتسليم الأطيان المشار إليها، والموضحة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى، إلى الشركة المدعية، بما عسى أن يكون عليها، وقت التنفيذ، من مبانٍ أو منشآت أو خلافه، دون مقابل.
ثالثًا: بإلزام المدعى عليه الأول، بأن يؤدى للشركة المدعية، مقابل الإشغال وعدم الانتفاع، عن تلك المساحة اعتبارًا من 1/7/1957، طبقًا للأسس السابق الاتفاق عليها، على سند من القول: بأن الشركة المدعية، تمتلك قطعة أرض تبلغ مساحتها أربعة وخمسين فدانًا وأحد عشر قيراطًا وأربعة عشر سهمًا، كائنة بناحية منيحة، حوض السبيل، نمرة (1) بكوم امبو بمحافظة أسوان، وذلك بموجب العقد المسجل رقم 11 لسنة 1935 محكمة مصر المختلطة، وقد تعدى المدعى عليه الأول على تلك المساحــــة بطريق الغصب، وبدون أي سند قانوني، منذ عام 1957 حتى الآن.
وقد ندبت المحكمة خبيرًا انتهى في تقريره إلى صحة ما ذكرته الشركة المدعية، وإلى أن الأرض عين النزاع في يد المدعى عليه الأول بصفته منذ 1/7/1957، حتى الآن، وأن وضع يــــده عليهــا ليس لــــه أى ســند مــن القانــون، وبطريق الغصب، وأن الأرض عليها الوحــدة رقم (52) رادار، وقــد تقــدم المدعى عليه الأول بطلب عارض في الدعوى، دفع فيه بتملك أرض التداعى بوضع اليد، المدة الطويلة المكسبة للملكية، وبسقوط طلبات الشركة المدعية بالتقادم. وبجلسة 27/6/2005، قضت المحكمة برفض الطلب العارض وفى موضوع الدعوى الأصلية:
1- بتثبيت ملكية الشركة المدعية، على الأرض موضوع النزاع.
2- بإلزام المدعى عليه الأول بتسليم الأرض، موضوع النزاع للشركة المدعية.
3- بإلزام المدعى عليه الأول، بأن يؤدى للشركة المدعية بصفتها مبلغ مائتين وواحد وخمسين ألفًا ومائتين واثنين وخمسين جنيهًا وثمان مائة وخمسين مليمًا، قيمة الريع المستحق، عن شغل الأرض موضوع النزاع، عن المدة من 1/7/1957 وحتى 30/6/1995، وإذ لم يرتض المدعى عليه الأول هذا القضاء، طعن عليه، أمام محكمة استئناف قنا- مأمورية استئناف أسوان – بالاستئناف رقم 1577 لسنة 24 قضائية، طلبًا للحكــــــم بإلغــــــاء الحكم المستأنف بكل قضائه، ومشتملاته، والقضاء مجددًا:
* في الدعوى الأصلية: أصليًا: بعدم اختصاص المحاكم ولائيًّا، بنظر الدعوى المستأنف حكمها، لتعلق موضوعها بعمل من أعمال السيادة.
واحتياطيًا: برفض الدعوى، المستأنف حكمها.
– وفى الطلب العارض: بثبوت ملكية وزارة الدفاع للأرض، سالف الإشارة إليها، والتى تشغلها الكتيبة رقم (52) رادار التابعة للقوات المسلحة.
وقد شيد المدعى عليه الأول استئنافه، على سند من القول: بأن الأرض محل النزاع، يوجد عليها منشآت عسكرية هى الكتيبة (52) رادار، وأن الاستيلاء عليها، كان أمرًا يتعلق بتمركز القوات المسلحة والوحدات العسكرية التابعة لها، ويتصل بتأمين نطاق أعمالها العسكرية المنوطة بها، حفاظًا على أمن الوطن وسلامة أراضيه، وهو ما يعد عملًا من أعمال السيادة التى تخرج عن ولاية المحاكم جميعها، فضلاً عن أن أرض النزاع تكون، بهذه المثابة، قد خُصصت فعليًّا للمنفعة العامة، بما عليها من مبانٍ ومنشآت عسكرية، إذ إنها خُصصت لمرفق من أهم المرافق العامة هو مرفق الدفاع، وأصبحت من الأملاك العامة، التى لا يجوز التصرف فيها، بأى وجه من الوجوه. وتأسيسًا على ما تقدم، أضحى رد أرض النزاع للشركة المدعية مستحيلاً، ولم يعد لها من حق على الأرض محل النزاع، سوى التعويض، وهو ما سقط حقها فيه بالتقادم. وبجلسة 16/12/2005، قضت المحكمة: بقبول الاستئناف شكلًا، وفى موضوعه: بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء بعدم اختصاص المحكمة ولائيًا بنظر النزاع. وشيدت قضاءها على أن مفاد نص المادة (56) من القانون رقم 97 لسنة 1983، في شأن هيئات القطاع العام وشركاته، أن يتم الفصل في المنازعات التى تقع بين شركات القطاع العام بعضها البعض، أو بين شركة قطاع عام من ناحية، وبين جهة حكومية مركزيـــــة أو محلية أو هيئة عامة أو هيئة قطاع عام أو مؤسسة عامة، من ناحية أخرى، عن طريق التحكيم، دون غيره. ولما كانت المنازعة قائمة بين كل من شركة كوم امبو لاستصلاح الأراضي، وهى إحدى شركات قطاع الزراعة التابع لوزارة الزراعة، وتمثل وحدة اقتصادية تابعة لها، وتُعد من الشركات المساهمة المصرية، وبين وزارة الدفاع، ومن ثم ينعقد الاختصاص بنظر النزاع، لهيئة التحكيم المشار إليها، دون غيرها، وهو اختصاص متعلق بالنظـام العـام، لا يجــــــوز الاتفاق على مخالفته. فطعنت الشركة المدعية على هذا الحكم، أمام محكمة النقض بالطعن رقم 1132 لسنة 76 قضائية، طالبةً الحكم بنقض الحكم المطعون فيه، وإعادة الدعوى إلى محكمة الاستئناف، للحكم في موضوعها مجددًا من دائرة أخرى. وقد أقامت طعنها، على سند من أنها شركة مساهمة، خاضعة لأحكام قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة الصادر بالقانون رقم 159 لسنة 1981، وليست من شركات القطاع العام، ومن ثم فلا يسرى عليها نظام التحكيم الإجباري المفروض بنص المادة (56) من القانون رقم 97 لسنة 1983 المشار إليه. وبجلسة 26/1/2015، أمرت محكمة النقض – منعقدة في غرفة مشورة – بعدم قبول الطعن، مشيدةً قرارها على أن استيلاء المدعى عليه الأول على أرض النزاع، هو عمل من أعمال السيادة، باعتباره من أعمال الأمن والدفاع، المتعلقة بتمركز إحدى كتائب الرادار التابعة للقوات المسلحة، فيكون الحكم المطعون فيه، قد انتهى إلى النتيجة الصحيحة، ويكون النعى عليه بأن الشركة المدعية ليست هيئة عامة وغير ملزمة بالتحكيم، غير منتج. فتوجهت الشركة المدعية إلى هيئة التحكيم بوزارة العدل بطلب التحكيم رقم 38 لسنة 2016، طلبًا للحكم:
أولًا: بثبوت ملكية الشركة للمساحة موضوع التداعى.
ثانيًا: بإلزام المدعى عليهما بصفتيهما بتسليم العين محل التداعى للشركة الطالبة، بما عسى أن يكون عليها وقت التنفيذ من زراعات ومبان وخلافه.
ثالثًا: بإلزام المدعى عليه الأول، بأن يدفع للشركة المدعية، مقابل الانتفاع عن هذه المساحة ومقــداره 251247 جنيهًا، عن الفترة من 1/7/1957 حتـــــــى 30/6/1995، بخلاف ما يستجد من هذا التاريخ وحتى تاريخ التسليم، ووفقًا للثابت بالحكم الصادر في الدعوى رقم 417 لسنة 1996 مدنى كلى أسوان.
وبجلسة 31/12/2017، حكمت الهيئة بعدم اختصاص هيئات التحكيم ولائيًا بنظر النزاع، مشيدة قضاءها على أن الثابت من تقارير الخبرة أمام المحكمة الابتدائيـــــة، أن أرض النزاع تتمركز عليها الوحـدة رقم (52) رادار، التابعة للقوات المسلحة المصرية، ومن ثم، فإن الهدف من استيلاء القوات المسلحة على أرض النزاع، هو تأمين أعمالها العسكرية. لما كان ذلك، وكان مؤدى المادة (17) من قانون السلطة القضائية الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972، والمادة (11) من قانون مجلس الدولة الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972، منع المحاكم من النظر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في أعمال السيادة. ولما كان استيلاء القوات المسلحة على الأرض محل النزاع، يتعلق بتمركز وحدات القوات المسلحة في الأماكن، التى من شأنها الحفاظ على أمن الوطن وسلامة أراضيه، وهو ما يُعد من أعمال السيادة بما يخرج النزاع عن ولاية القضاء، وإذ تراءى للشركة المدعية، أن ثمة تنازعًا سلبيًا على الاختصاص بين جهة القضاء العادي، وبين هيئة التحكيم بوزارة العدل، إذ قضت كل منهما بعدم اختصاصها بنظر النزاع، أقامت الدعوى المعروضة، لتعيين الجهة المختصة بنظر النزاع.
وحيث إن المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا، الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، تنص على أنه “تختص المحكمة الدستورية العليا، دون غيرها، بما يأتى:
أولاً: ……….
ثانيًا: الفصل في تنازع الاختصاص، بتعيين الجهة المختصة، من بين جهات القضاء، أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، وذلك إذا رفعت الدعوى عن موضوع واحد، أمام جهتين منها، ولم تتخل إحداهما عن نظرها، أو تخلت كلتاهما عنها …….”.
وحيث إن المقرر في قضاء هــــذه المحكمة أن مناط قبــــول طلب الفصل في تنازع الاختصاص السلبى، وفقًا للبند “ثانيًّا” مـــــن المـــــادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا، الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن تكون الدعوى، قد طُرحت عن موضوع واحد، أمام جهتين من جهات القضاء، أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، وتخلت كلتاهما عن نظرها، وكان المقرر كذلك، ومن زاوية دستورية، أن الولاية التى أثبتها المشرع للمحكمة الدستورية العليا، دون غيرها، والتى اختصها، بموجبها، بالفصل في التنازع السلبى على الاختصاص، غايتها أن يكون لكل خصومة قضائية قاض، يعود إليه أمر نظرها، بقصد إنهاء النزاع موضوعها، ضمانًا لفاعلية إدارة العدالة، بما يكفل إرساء ضوابطها، واستيفاء متطلباتها، وتوكيدًا لحق كل فرد في النفاذ إلى القضاء، نفاذًا ميسرًا، لا تثقله أعباء مالية، ولا تقيده عوائق إجرائية، وكان حق التقاضي لا يبلغ الغاية المقصودة منه ما لم توفر جهة القضاء للخصومة، في نهاية مطافها، حلاً منصفًا يمثل التسوية التي يعمد من يطلبها، إلى الحصول عليها، بوصفها الترضية القضائية، التى يسعى إليها، لمواجهـة الإخـلال بالحقوق التي يدعيها. متى كان ذلك، فإن هذه الترضية، وبافتراض مشروعيتها، واتساقها مع أحكام الدستور، تندمج في الحق في التقاضي، لارتباطها بالغايــــة النهائية، التي يتوخاها، ذلك أن الخصومــــة القضائية لا تقام للدفاع عن مصلحة نظرية، لا تتمخض عنها فائدة عملية؛ بل غايتها اقتضاء منفعة يقرها القانون، وتتحدد على ضوئها حقيقة المسألة المتنازع عليها وحكم القانون بشأنها.
وحيث إن ما تهدف إليه الشركة المدعية من الدعوى الموضوعية، مثار التنازع، هو الحكم بثبوت ملكيتها للمساحة محل التداعي، وإلزام المدعى عليه الأول بتسليمها لها، بما عسى أن يكون عليها وقت التنفيذ من زراعات ومبان وخلافه، وإلزامه أيضًا بأن يدفع لها مقابل انتفاع عن هذه المساحة، والصادر فيها حكمان: أولهما من جهة القضاء العادى، منتهيًّا إلى عدم اختصاصها، ولائيًّا، بنظر الدعوى، وثانيهما من هيئة التحكيم، قاضيًّا بعدم اختصاصها ولائيًّا، أيضًا، بنظرها، إذ كان ذلك، فإن النزاع الموضوعي قد بات بغير قاض يفصل فيه، وقام بالتالي مناط الفصل في طلب التنازع السلبى على الاختصاص، وأصبح، حتمًا مقضيًّا، على هذه المحكمة التدخل لفض هذا التنازع، بتحديد الجهة المختصة، التى تتولى الفصل في النزاع الموضوعى .
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المنازعات المتعلقة بالأموال والملكية والحيازة هى – بحسب الأصل – من المنازعات الناشئة عن روابط القانون الخاص؛ مما يدخل الفصل فيه في اختصاص جهة القضاء العادي باعتباره صاحب الولاية العامة في نظر كافة المنازعات إلا ما استُثنى بنص خاص؛ طبقًا للمادة (15) من قانون السلطة القضائية الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972.
وحيث إن الحكمين محل دعوى التنازع السلبى المشار إليهما، قد استندا، في قضائيهما بعدم الاختصاص ولائيًّا بنظر النزاع الذى كان معروضًا عليهما، إلى أنه عملٌ من أعمال السيادة، التى تنأى بطبيعتها عن رقابة جهات وهيئات القضاء كافةً.
وحيث إن الثابت بالأوراق أن الشركة المدعية هى شركة تابعة للشركة القابضة لاستصلاح الأراضي وأبحاث المياه الجوفية، الخاضعة لأحكام قانون شركات قطاع الأعمال العام الصادر بالقانــــون رقم 203 لسنة 1991، ولا يســـــرى عليها – طبقًا لنص المادة الأولى من هذا القانون – أحكام قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983، ومن ثم لا تُعد من المخاطبين بنص المادة (56) من ذلك القانون، وتنحسر عن النزاع الدائر بينها وبين المدعى عليه الأول حول ملكية أرض النزاع، ولاية هيئة التحكيم المشكلة طبقًا للنص المذكور.
وحيث إن من المقرر أن تحويل المال المملوك لأحد الأفراد أو الأشخاص الاعتبارية الخاصة إلى مال عام يقتضى إما إدخاله أولاً في الملكية الخاصة للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة الأخرى، بطريق من طرق كسب الملكية المبينة في القانون المدني، ثم نقله بعد ذلك إلى الملك العام، بتخصيصه للمنفعة العامة، وإما بنزع ملكيته للمنفعة العامة، فينتقل فورًا من ملكية صاحبه إلى الملكية العامة، على نحو ما بينه القانون 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة أو التحسين، ومن بعده القانون رقم 10 لسنة 1990 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعــــة العامة، وأن تخصيص الدولــــة العقار المملوك لأحد الأفراد أو الأشخاص الاعتبارية الخاصة للمنفعة العامة بالفعل، دون اتباع الإجراءات التي رسمها القانون المذكور، وذلك باستيلائها عليه، ونقل حيازته إليها، وإدخاله في المال العام، يتفق في غايته مع نزع الملكية باتخاذ إجراءاته القانونية، ومن ثم يستحق ذوو الشأن جميع ما يرتبه قانون نزع الملكية من حقوق، بما في ذلك الحق في تعويض يعادل الثمن. متى كان ذلك، وكـان تخصيص أرض النزاع لتمركز الكتيبة رقم(52) رادار التابعة للقوات المسلحة، بغــــرض تأمين نطاق أعمالها العسكرية المنوطــــة بها – سواء تم بالإجراءات المقررة قانونًا أم بالفعل – يدخل ضمن أوجه النفع العام التي تستهدف تحقيق مصلحة عامة جوهرية، لاتصالها بصيانة أمـن الوطن وحماية مقدسـاته مما يصبح معه استرداد أرض النزاع من يد القوات المسلحة مستحيلاً، ومن ثم يتعلق حق صاحب الشأن بالتنفيذ بمقابل ممثلاً في التعويض النقدي، وتبعًا لذلك؛ فإن المنازعة في أثر ذلك على ملكية الشركة المدعية لأرض النزاع، واستحقاقها مقابل الانتفاع بها، يُعد في حقيقته نزاعًا حول الملكية واستحقاق المالك لغلة أمواله، بما يخرج عن مفهوم أعمال السيادة؛ ويدخل في صميم اختصاص جهة القضاء العادي.
وحيث إن نص المادة (192) من الدستور، ونص البند ثانيًا من المادة (25) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، قد ناطا بالمحكمة الدستورية العليا – دون غيرها – الفصل في تنازع الاختصاص الولائي بتعيين الجهة القضائية المختصة، فإن الحكم الصادر عنها بتعيين هذه الجهة، والذى تثبت له، طبقًا لنص المادة (195) من الدستور، الحجية المطلقة في مواجهة الكافة وجميع سلطات الدولة، بما فيها جهات القضاء، ويكون ملزمًا بالنسبة لهم، مؤداه إسباغ الولاية، من جديد، على تلك الجهة، بحيث تلتزم بنظر الدعوى، غير مقيدة بسبق تخليها عن نظرها، ولو كان حكمها في هذا الشأن قد أصبح باتًّا.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بتعيين جهة القضاء العادي جهة مختصة بنظر النزاع.
اعادة نشر بواسطة لويرزبوك .
حكم المحكمة الدستورية العليا في قضية استرداد أرض من القوات المسلحة