حضانة الطفل في التشريع العراقي

حضانة الطفل في التشريع العراقي

اهتم المشرع العراقي بموضوع حضانة الطفل عبر العديد من النصوص التنظيمية والعقابية التي توزعت بين قانون الاحوال الشخصية رقم ( 188 ) لسنة 1959 وقانون العقوبات رقم ( 111 ) لسنة 1969 . لذا سوف يتم البحث في تلك النصوص على فقرتين :

أولا – حضانة الطفل في قانون الأحوال الشخصية :

يقصد بالحضانة رعاية الطفل وتربيته , ومن خلال استقراء نصوص قانون الاحوال الشخصية العراقي يلحظ ان المشرع قد منح حق الحضانة لأم المحضون وعدّها أحق بحضانة الطفل أثناء قيام الزوجية فيما اذا افترق الأبوان بالسكن مع بقاء الزوجية , كما عدها أولى بالحضانة من غيرها بعد حصول الفرقة بين الأبوين ( م/57 – 1 أحوال شخصية ) بشرط ان لايتضرر المحضون من ذلك . وفي الحالة الاخيرة فان للأم الحاضنة المطالبة بأجرة حضانة شهرية تتناسب واحتياجات المحضون والحالة المادية لوالده , اما مع استمرار الزوجية فليس للام الحاضنة المطالبة بأجرة الحضانة . 
وتستمر الحضانة لحين اكمال الصغير ( 10 ) سنوات , وللمحكمة ان تأذن يتمديدها لغاية ( 15 ) سنة , فان اكمل المحضون ال ( 15 ) سنة من عمره كان له حق الاختيار في الاقامة مع من يشاء من أبويه , والواقع ان الحضانة هي ليست فقط حقاُ للأم وانما هي ايضا التزام رتبه المشرع عليها لمصلحة المحضون , ذلك ان مناط الحضانة هي مصلحة المحضون , وبالتالي فان منح الحضانة للأم او للأب أو لسواهما يكون رهنا بما يحقق مصلحة المحضون . ولهذا نجد ان للأم المطالبة بحضانة طفلها الصغير حديث الولادة الذي لم يكمل السنتين دونما حاجة لرفع دعوى بذلك , اذ يكفي مجرد طلب يقدم للمحكمة لاستحصال قرار عاجل منها معنون الى مركز الشرطة لإجراء تسليم الطفل جبرا الى الام خلال 24 ساعة . 

ولأن مناط الحضانة هي كما اسلفنا مصلحة المحضون فاننا نجد ان مجرد علاقة الأمومة لوحدها لاتكفي سببا للحكم بالحضانة للأم وانما ينبغي توافر شروط في الحاضنة أهمها :

  • 1 – ان تكون الحاضنة بالغة : والمقصود به البلوغ العقلي والبدني , وهذا الشرط مفترض في الأم بحكم ولادتها للمحضون وبحكم اكتمال أهليتها بزواجها وقد أتمت الخامسة عشر من عمرها ( م/8 – 1 أحوال شخصية ) . 
  • 2 – ان تكون الحاضنة عاقلة : بمعنى ان تكون سالمة من الامراض النفسية او العصبية التي يمكن ان تؤثر على وعيها وادراكها أو تعرّض حياة المحضون الى الخطر . 
  • 3 – ان تكون الحاضنة أمينة : بمعنى ان تكون حريصة على مصلحة المحضون , محافظة على سلامته , وان تنأى به عن كل السلوكيات السلبية كالتشرد او التسول او الجنوح . ويدخل ضمن هذا المفهوم ان تكون الحاضنة حسنة السمعة والسلوك وغير محكومة بعقوبة ماسة بالسمعة او الشرف . 
  • 4 – ان تكون الحاضنة قادرة على تربية المحضون وصيانته : فلا يمنعها عن ذلك ضعف او مرض او سفر او عقوبة سالبة للحرية . 

وبالتالي فان المحكمة لاتحكم للأم بالحضانة بمجرد رفعها الدعوى وانما تكلفها باثبات توافر شروط الحضانة لديها بالبينة المعتبرة قانونا كشهادات الشهود والتقارير الطبية وغيرها . اما اذا فقدت ام الصغير أحد شروط الحضانة او توفيت فان الحضانة تنتقل الى الأب , الا اذا وجدت المحكمة ان مصلحة الصغير تقتضي خلاف ذلك فعندها تحدد المحكمة من له الحضانة , أما اذا وجدت المحكمة ان كلا الأبوين ليسا أهلا للحضانة فانها تودع المحضون لدى حاضن امين او الى أي من دور الحضانة الحكومية ان وجدت .

مع العرض ان زواج الام الحاضنة برجل اخر بعد وفاة زوجها الاول لايعد سببا لإسقاط حضانتها , اذ تستمر حضانتها لكن الشروط الاتية :

  • أ / ان يتعهد زوجها الجديد في عقد الزواج برعاية الصغير وعدم الاضرار به . 
  • ب / ان تكون الأم محتفظة ببقية شروط الحضانة . 
  • ج / ان تقتنع المحكمة بعدم تضرر الصغير من بقائه مع الأم . 

لكن من الجدير بالذكر ان الحكم بالحضانة للأم او لسواها لايسقط حق الأب في النظر في شؤون المحضون وتربيته , على ان لايبيت المحضون الا عند حاضنته .

ثانيا – حضانة الطفل في قانون العقوبات :

  • أ / جرّم قانون العقوبات العراقي ابعاد الطفل حديث الولادة عن من له سلطة شرعية عليه او أخفاه ( م/381 ) . 
  • ب / ومن اجل اعطاء الحكم القضائي الصادر عن محكمة الاحوال الشخصية قوة تنفيذية تكفل احترامه وتنفيذه فقد جرّمت ( م/382 – 1 ق ع ) الامتناع عن تسليم الطفل الى من حصل على حكم بالحضانة , وتسري العقوية بحق كل من امتنع عن تسليم المحضون سواءا كان الأبوان ام الجدّان . 
  • ج / كما جرّمت ( الفقرة 2 ) من ذات المادة من انتزع بالحيلة او الاكراه محضونا ممن حكم له بحضانته . 
  • د / جرمت ( م/384 ق ع ) الامتناع عن تسديد مبلغ اجرة الحضانة او النفقة رغم مرور مدة شهر على التبليغ بذلك , ولاتحرك الدعوى الا بشكوى من صاحب الشأن , وتنقضي الدعوى بتنازله عن الشكوى او اداء المشكو منه المبلغ المترتب في ذمته .