الأساس الذي تقوم عليه المسئولية عن تهدم البناء
718 – مسألتان :متى تحققت مسئولية حارس البناء على الوجه الذي تقدم ذكره ، قامت هذه المسئولية على خطأ مفترض في جانب الحارس كما بينا . فنفصل الآن ما هو هذا الخطأ ، والى أي حد هو مفترض .
1 – ما هو الخطأ
719 – ما الذي يثبته المضرور :تقدم أن حارس البناء عن تهدمه ما لم يثبت أن الحادث لا يرجع سببه إلى إهمال في الصيانة أو قدم في البناء أو عيب فيه .
فالمضرور هو الذي يكلف أولاً بإثبات أمرين :
( 1 ) أن الضرر الذي أصابه نجم عن تهدم البناء تهدماً كلياً أو جزئياً . وقد بينا متى ينجم الضرر عن تهدم البناء .
( 2 ) أن المدعى عليه هو حارس البناء الذي تهدم . وقد بينا كيف يتحدد حارس البناء .
720 – ما الذي يثبته حارس البناء : فإذا ما أثبت المضرور ذلك ، كان على حارس البناء ، حتى يدفع مسئوليته عن طريق نفي الخطأ ، أن يثبت أن تهدم البناء لا يرجع سببه إلى إهمال في الصيانة أو قدم في البناء أو عيب فيه ( ) .
فإذا لم يستطيع إثبات ذلك افترض القانون أمرين :
( أولاً ) أن التهدم سببه إهمال في صيانة البناء أو قدم هذا البناء أو وجود عيب فيه .
( ثانياً ) أن هذا الإهمال أو القدم أو العيب منسوب إلى خطأ حارس البناء ، فهو الذي قصر بأن لم يعن عناية كافية بصيانة البناء أو بتجديده أو بإصلاحه ، فترتب على هذا التقصير أن تهدم البناء .
ومن ثم نرى أن مسئولية حارس البناء تقوم على خطأ مفترض في جانبه ، هو الإهمال في صيانة البناء أو في تجديده أو في إصلاحه ، حتى تداعي البناء وتهدم فأصاب الغير بالضرر .
2 – إلى أي حد هو مفترض
721 – الخطأ المفترض ذو شقين ، أحدهما قابل لإثبات العكس والآخر غير قابل لذلك :هذا الخطأ المفترض في جانب حارس البناء هو كما رأينا ذو شقين ، الشق الأول منه يقوم على أن التهدم سببه إهمال في صيانة البناء أو تجديده أو إصلاحه ، والشق الثاني يقوم على أن هذا الإهمال منسوب إلى خطأ الحارس .
والشق الأول من هذا الخطأ المفترض يقبل إثبات العكس ، أما الشق الآخر فلا يقبل .
وتفصيل ذلك أن حارس البناء يستطيع أن ينفي الشق الأول ، بأن يثبت أن التهدم ليس سببه إهمالاً في صيانة البناء أو في تجديده أو في إصلاحه . وهو يستطيع ذلك بإحدى وسيلتين :إما بإثبات أن البناء لم يكن في حاجة إلى صيانة أو إلى تجديد أو إلى إصلاح ، بل كان الحارس قائماً كما ينبغي بصيانته وتجديده وإصلاحه ، وإما بإثبات أن التهدم كن نتيجة لسبب غير الحاجة إلى الصيانة أو التجديد أو الإصلاح ، كحريق شب في البناء أو متفجرات دمرته أو قنابل ألقيت عليه أو نحو ذلك . فإذا قام بهذا الإثبات ، دفع عن نفسه الخطأ المفترض ووجب تطبيق القواعد العامة ، وتعين على المضروران يثبت خطأ في جانبه ( ) .
أما إذا لم يستطيع أن ينفي الشق الأول ، بقى هذا الشق مفترضاً في جانبه وكذلك يبقي الشق الثاني مفترضاً لأن افتراضه لا يقبل إثبات العكس ، ويعتبر الإهمال في الصيانة أو التجديد أو الإصلاح منسوباً إلى خطته . ولا يستطيع الحارس في هذه الحالة أن يدفع عنه المسئولية إلا بنفي علاقة السببية ما بين تهدم البناء والضرر الذي وقع ، بأن يثبت مثلاً أن زلزالاً كان هو السبب في التهدم وهذه هي القوة القاهرة ، أو أن عدواً مغيراً هو الذي خرب البناء وهذا هو الخطأ الغير ، أو أن المضرور نفسه هو الذي منع حارس البناء من القيام بأعمال الصيانة أو التجديد أو الإصلاح وهذا هو خطأ المضرور .
ولما كان عديم التمييز لا يتصور الخطأ في جانبه ، وكانت مسئولية حارس البناء قائمة على خطأ مفترض ، فحارس البناء لا يجوز أن يكون عديم التمييز .
722 – الخطأ المفترض لا يقوم عند قيام علاقة عقدية : والخطأ المفترض بشقيه لا يقوم حيث توجد علاقة عقدية ما بين حارس البناء والمضرور . فإذا كان المضرور هو مستأجر البناء مثلاً وتهدم البناء فأصابه بالضرر ، رجع المستأجر على المؤجر بمقتضى مسئولية عقدية مصدرها عقد الإيجار ، ولا محل للمسئولية التقصيرية ( ) . وإذا كان المضرور نزيلاً في فندق ، فصاحب الفندق مسئول قبله بمقتضى العقد لا بمقتضى العقد لا بمقتضى مسئولية تقصيرية . وقد قدمنا أن المسئولية العقدية تنفي المسئولية التقصيرية .
أما إذا كان المضرور خادماً لحارس البناء أو تابعاً له ، فإن العقد في هذه الحالة لا يلزم المتبوع بأن يكلف سلامة التابع ، فيكون الحارس مسئولاً قبل التابع بمقتضى المسئولية التقصيرية ، ويقوم الخطأ المفترض على الوجه الذي بيناه .