الازمة البرلمانية ما بين القانون والتوافقات السياسية – العراق



بقلم الحقوقي / فاروق العجاج
القانون لا يقبل التجزئة لاحكامه وقواعده القانونية القائمة على مبدئ العدل والمسلواة بين الناس المحتكمين امامه في حقوقهم وحرياتهم وقضايا حياتهم اليومية دون تمييز بين اي احد منهم على الاخر في مختلف الظروف والاحوال ومهما كان انتماءه المذهبي والطائفي والعرقي والفكري ,هم في نظرينه ومنهجه الدستوري سواسية وفق مبدئ العدل والانصاف وبالحق الذي هو غاية كل شرع وكل عقيدة انسانية من اجل تامين الحياة الامنة والمستقرة لكل فرد .
وبالمقابل فان السياسة تعمل وفق مبدئ (فن الممكن) مع طبيعة الظروف والاحوال الاقتصادية والاجتماعية والامنية ومع طبيعة الصراعات الداخلية والخارجية ومع مدى ما تفرزه من اخطار ومعوقات مما تعيق وتضيق الخناق والحصار على طبيعة السياسة التي تتاثر مصالحها الى مخاطر , مما تدفع العاملين في ميادينها كافة من احزاب وكتل وجماعات وافراد مستقلين الى العمل بالاساليب الممكنة لتجاوز تلك الاخطار والمعوقات في سبيل حماية مصالحها اولا ثم بالتالي تاتي مصلحة الوطن كجزء اساسي متعلق بمصلحة تلك الاحزاب والكتل السياسية , وهو ما يخالف منطق ومبدئ القانون والمنظومة القانونية العاملة وفق مبادئه الدستورية والشرعية والانسانية والاجتماعية لتحقيق مبدئ العدل والمساواة بين الناس كافة في كافة قضاياهم ومتطلبات حياتهم , 
و القانون لايمثل مصلحة جهة او حزب معين انما يمثل مصلحة جميع افراد الشعب وبكل مكوناته دون تمييز بينهم لاي سبب . والقانون يمثل بقوته الدستوري الشرعية السيادة العليا الملزمة للجميع الخضوع لاحكامه القانونية بما فيهم القوى السياسية العاملة وفق مناهج القانون الدستوري بكافة انواعها الحقوقية الشرعية والانسانية .مما يضع خطوط حمراء من التجاوز على احكامه لتغليب مصالحهم على مصلحة القانون التي هي تمثل المصلحة العامة وهي فوق اي مصلحة اخرى .
كل يوم يمر يزداد الوضع السياسي سوءا يتجلى الاضطراب المحتد بين النواب والمنقسم اعضاء ه على انفسهم ومعلق من غير رئيس ونواب له بعد اقالة رئيسه المنتخب بطريقة غريبة فاجئة جميع الكتل السياسية ومخالفا كما جرى العرف عليه سابقا بينهم منذ عام 2003 وخلافا لنظام الحكم والمنهج الدستوري في العملية السياسية ! 
ما يعني ذلك ان العملية السياسية وصلت الى الطريق المسدود ! والمظاهرات والاعتصامات الجماهيرية الشائعة يوميا خير دليل على ذلك ! والمخرج الوحيد من الازمة بالنتيجة هو رضوخ السياسيين وزعمائهم الى ارادة الشعب شاؤا ام ابوا ! وهو حكم قاسي لابد ان يتجرعوا مرارته اليوم افضل من الغد ربما يكون اقسى وامر ! افلا تعقلون هذه الحقائق ايها السياسيون ؟ لتنقذوا انفسكم وبلدكم ووطنكم من الخراب ومن الدمار من اللامبالاتكم في كل الامور, الا هذه المرة فسيكون الامر بيد الشعب صاحب السلطة والشرعية لكل سلطة في البلاد !
تحت قبة البرلمان اليوم اختلط الحابل بالنابل لم نعد نعرف حقيقة موقف البرلمان النشريعي الواضح وبصورته القانونية كما كنا نشاهده قبل ذلك جلساته مرتبكة غير مكتملة النصاب , قوة حماية عسكرية للمسؤولين داخل قبة البرلمان خلافا للقواعد والاصول المرعية والقانونية , خلافات وانقسامات متضاربة في التوجهات والارادات عن شرعية رئيس مجلس النواب . خلافات مستمرة حول تشكيل حكومة (مدنية) من وزراء مستقلين مهنيين اكاديميين و تصريحات متشنجة تطلق من قبل بعض الاعضاء ضد البعض الاخر للطعن والتشهير والتهديد .
 تجري محاولات للم اللحمة البرلمانية وحل الامور بصورة شفافة ولكن لم تجدي نفعا رغم كل تلك المحاولات لتشابك وتناقض بين الاراء و تدخل اجندة القوى الخارجية الضاغطة على المشهد السياسي.
سوف لا تنتهي تلك الخلافات والصراعات بين السياسيين تحت قبة البرلمان وتحت اي قبة اخرى تجمعهم اوتحت اي عدد من النصاب الا اذا لجؤا الى القانون مجتمعين سوية ومقتنعين باحكامه فيما تقرره المحكمة الاتحادية العليا اذا ما قدم لها الطعن من قبل الكتلة المعارضة بصحة القرارات المتخذة في جلسات مجلس النواب الحالي و ختى تتضح الصورة بشكلها القانوني –
اولا- لمن يملك الشرعية القانونية في رئاسة مجلس النواب وما هي صحة وقانونية القرارات المتخذة من قبل امجلس الحالي المنعقد.
ثانيا- شرعية تشكيلة الحكومة الجديدة برئاسة رئيس الوزراء حيدر العبادي 
ثالثا- حقيقة كتلة المعارضة الجديدة المشكلة داخل مجلس النواب من النواب المنشقين عن كتلهم الرئيسية وبدافع وضمن التوجهات والارادات المناهضة لرئاسة مجلس النواب وللكتل المؤيدةله . .
بهذه الطريقة القانونية السليمة ستنتهي الازمة البرلمانية بسلام وستكون العملية السياسية بوضع جديد عما كانت عليه سابقا من معارضة قوية ذات رصيد وحجم كبير من الاعضاء داخل قبة البرلمان قادرة ان تلعب دورا مهما في عملية الاصلاح والتغيير , غير هذا الطريق سوف لا تنتهي الامور الا الى الاسوء