بحث قانوني عن احكام الميراث والوصية والهبة في الشريعة المسيحية

بحث قانوني عن احكام الميراث والوصية والهبة في الشريعة المسيحية

للباحث مجدى صادق

تمهيد

أحكام الشريعة المسيحية

زعم البعض بجهالة أن العهد الجديد خال من التشريعات, وهو قول عار تماما من الصحة لأن السيد المسيح جاء بشريعة الكمال أى بالشريعة المتممة والمكملة لشريعة العهد القديم, وهو ما أعلنه الرب تصريحيا بقوله ما جئت لأنقض بل لأكمل.

وبالفعل أكمل السيد المسيح ناموس الوصايا بقوله لليهود :

قيل للقدماء لا تقتل ومن قتل يكون مستوجب الحكم. أما أنا فأقول لكم إن كل من يغضب على أخيه باطلا يكون مستوجب الحكم ( متى 5 : 21 – 26 ).

وهكذا الزنى لا يتم بالفعل فقط بل يبدأ بالفكر وينتهى بالفعل. أى أن السيد المسيح استخدم ما يعرف بمبدأ سد الذرائع بتحريم الفعل الذى يؤدى إلى الخطية.

وأيضا قوله : ” سمعتم أنه قيل تحب قريبك وتبغض عدوك. أما أنا فأقول لكم. أحبوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم. أحسنوا إلى مبغضيكم، وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويضطهدونكم ” ( متى 5 : 43 ).

وفى هذا يقول بولس الرسول ” من أحب غيره فقد أكمل النامـوس. لأن لا تزن، لا تقتل، لا تسرق، لا تشهد بالزور، لا تشته. إلى باقى الوصايا تتلخص في هذه الكلمة أن تحب قريبك كنفسك.  المحبة لا تصنع شرا للقريب، فالمحبة هي تكميل الناموس ” ( رومية 13 : 8 – 10 ).

كما تضمن العهد الجديد الكثير من القواعد القانونية العامة في جميع أفرع القانون حيث أن الأصل في الشرائع الدينية أنها تنظم ما يعرف بالأحوال الشخصية بأحكام تفصيلية أما النظم الأخرى فتنظمها بقواعد عامة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ما يلى :

أولا : القوانين التي تنظمها أحكام الشريعة المسيحية بقواعد عامة

( أ ) بالنسبة للقانون الجنائى

أثبت بولس الرسول في العهد الجديد قاعدة أن لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص بقوله: ” بل لم أعرف الخطية إلا بالناموس .. لأن بدون الناموس الخطية ميتة ( رومية 7 : 7 – 8 ).

وفي نصاب الشهود يقول بولس الرسول لتلميذه الأسقف تيموثاوس : ” لا تقبل شكاية على شيخ إلا على شاهدين أو ثلاثة شهود ” ( تيموثاوس الأولى 5 : 19 ) ( متى 18 : 16 ). ( ب )

(ب) بالنسبة للقانون المدنى

أثبت بولس الرسول في هذا المجال قاعدة أن ” العقد شريعة المتعاقدين ” بقوله: ” ليس أحد يبطل عهدا قد تمكن ولو من إنسان ، أو يزيد عليه ” ( غلاطية 3 : 15 ).

فإذا تعهد إنسان لأخر أو تعهد كل منهما للآخر. فلا يملك أحد أن يلغي ما تعهد به الآخر أو يعدله بالنقص أو الزيادة إلا بموافقته. ومن الشرائع الإنجيلية أيضا قاعدة وجوب انذار المخالف مرتين قبل اتخاذ إجراء ضده وفى هذا يقول بولس الرسول : ” الرجل المبتدع بعد الإنذار مرة ومرتين ، أعرض عنه ” ( تيطس 3 : 10 ).

( ج ) بالنسبة لإجراءات التقاضى

أوجب الإنجيل المقدس على المؤمنين أن يحتكموا فيما يثار بينهم من دعاوى حياتية أي مدنية إلى قضاة الكنيسة بقوله: ألستم تعلمون أن القديسين سيدينون العالم ؟ فإن كان العالم يدان بكم ، أفأنتم غير مستأهلين للمحاكم الصغرى. ألستم تعلمون أننا سندين ملائكة ؟ فبالأولى أمور هذه الحياة. فإن كان لكم محاكم في أمور هذه الحياة ، فأجلسوا المحتقرين ( الحكماء ) في الكنيسة قضاة. لتخجيلكم أقول . أهكذا ليس بينكم حكيم ، ولا واحد يقدر أن يقضي بين إخوته ( كورنثوس الأولى 6 : 2 -5 ).

وفى هذا يقول متى الرسول:

اذا أخطأ شخص في حق آخر وفشلت كل وسائل الحل الودية. وتم رفع الأمر للكنيسة فإن المخطىء إذا لم يسمع لحكم الكنيسة فإنه يصير كالوثني والعشار.

وذلك بمقتضى سلطان الحل والربط لممنوح لها من الرب. حتى أن كل ما يربطونه على الأرض يكون مربوطا في السماء ، وكل ما يحلونه على الأرض يكون محلولا في السماء ( متى 18 : 15 – 18 ).

كما تضمن الإنجيل العديد من القواعد الإجرائية المنظمة للتقاضى والتي تم تقنينها في الفصل الثامن من كتاب تعاليم الرسل المعروف بالدسقولية والذى جاء فيه ما نصه:

أ – إذا رفـع نزاع إلى المحكمة الكنسـية فإنه وفقا للدسقولية تحرص المحكمة على أن تصـلح بيـن الخصـوم قبـل أن يقضى الأسـقف ويخرج الحكـم على المخطـىء ( الدسقولية 8 : 65 ).

ب – تسمع المحكمة أقوال المتخاصمين الواقفين فى وسط مجلس الحكم ولا تفصل فى القضية قبل أن تسـمع المدعى عليه ليجيب عن نفسه ويدفـع ما اتهـم بـه ( الدسقولية 8 : 63 – 66 ).

ج – يجب على المحكمة أن تفحص عما بين المتخاصمين بالحقيقة وأن تتعرف على شخصية المتنازعين والشهود وسيرتهم وظروف النزاع وتتحرى الحقيقة ( الدسقولية 8 : 72 – 81 ).

د – لا تقبل الشهادة إلا من فم شاهدين على الأقل لأنه مكتوب فى الناموس أن من فم شاهدين أو ثلاثة تقوم كل كلمة, ويجب أن يكون الشهود فى سيرة حسنة وتقوى, وأما الذين على خلاف ذلك فلا تقبل شهادتهم ولو اتفقت, ولا يجب أن يكون بين الشهود والمشهود عليه عداوة أو حسد أو شر ( الدسقولية 8 : 5 , 75 – 78 ).

ه – تصدر المحكمة حكمها على المتخاصمين بالحق والعدل باسم الرب وسلطانه لأن السيد المسيح حاضر فى مجلس الحكم معهم ( الدسقولية 8 : 64 – 65 ).

فإذا تبين للمحكمة صحة الإدعاء قضت على المدعى عليه بالحق والعدل … وأن تصدر حكمها فى المخطىء على قدر الخطـأ لأن القانون لا يقضى بعقوبة واحدة عن كل الخطايا ( الدسقولية 8 : 68 – 71 ).

أما إذا تبين للمحكمة عدم صحة الإدعاء فإن الدسقولية تأمر بمعاقبة المدعى الكاذب بذات العقوبة التى أراد أن يجلبها على صاحبه.

و – إذا أوجبت المحكمة القضية على أحد ظلما فإن الحكم الذى يخرج من فمها يرتد عليها ( الدسقولية 8 : 34 – 36 ). هذا قليل مما تتضمنه العهد الجديد من تشريعات تم تقنين بعضها في الفصل الثامن من تعاليم الرسل المعروفة باسم ” الدسقولية ” وقد احتوى هذا الفصل على قواعد إجرائية أشرنا إلى بعضا منها على الوجه السالف بيانه وهى كما نرى. قائمة على أرقى مستوى عصرى. مقارنة بينها وبين ما جاء بقانون المرافعات المدنية المصرى.

ثانيا : القوانين التي تنظمها الشريعة المسيحية بقواعد خاصة

( أ ) في مجال الزواج والطلاق

ثار خلاف فى الفقه اليهودى فيما يتعلق بشريعة الطلاق. حول ماهية العيب الذى أذن موسى للرجل أن يطلق زوجته بسببه هل يقصد بالعيب ” الزنا ” أم مطلق العيب خطيرا كان أم تافها.

وبصدد هذه المشكلة تقدم إلى يسوع قوم من الفريسيين وعرضوا عليه مسألة الطلاق التى طالما احتدم الجدال بشأنها بين علمائهم. فقالوا له ليجربوه : هل يحل للرجل أن يطلق امرأته لكل سبب ؟ فأجاب وقال لهم أما قرأتم أن الذى خلق من البدء خلقهم ذكرا وأنثى, وقال من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكون الاثنان جسدا واحدا إذ ليس بعد اثنين بل جسدا واحدا. فالذى جمعه إلوهيم لا يفرقه إنسان.

فقالوا له فلماذا أوصى موسى أن يعطى كتاب طلاق فتطلق؟ قال من أجل قساوة قلوبكم أذن لكم أن تطلقوا نسائكم ولكن من البدء لم يكن هكذا, وأقول لكم إن من طلق امرأته إلا بسبب الزنا وتزوج بأخرى يزنى والذى يتزوج بمطلقة يزنى ( متى 19 : 3 – 9 ). وبهذا قيد السيد المسيح حق الرجل في تطليق زوجته إلا لعلة الزنا. لأن إلوهيم منذ البدء خلق رجل واحد وامرأة واحدة, وعودة إلى الأصل فإن ما جمعه إلوهيم لا يفرقه إنسان. وبهذا أكمل السيد المسيح ناموس الزواج والطلاق بتأسيس شريعة الزوجة الواحدة فى العهد الجديد.

( ب ) في مجال الميراث والوصية

وكما أكمل السيد المسيح شريعة الزواج والطلاق الواردة في العهد القديم. أكمل شريعة الميراث والوصية والتقسيم فى العهد القديم بالإبقاء على ترتيب الطبقات الوارثة كما هى مع تطبيق شريعة ميراث المنقول عليها بحيث يرث الأبناء أبائهم بالتساوى دون تمييز بين الذكر والأنثى أو بين البكر وغير البكر. لهذا عندما جاء أخوان وسط الجموع وتقدم أحدهما إليه قائلا : ” يا معلم ، قل لأخي أن يقاسمني الميراث . قال له : .. انظروا وتحفظوا من الطمع، فإنه متى كان لأحد كثير فليست حياته من أمواله ” ( لوقا 12 : 13 – 15 ).

وهكذا لم يبطل السيد المسيح شريعة الميراث ووجوب تقسيم التركة بين الأبناء بالتساوى. بل أبقى عليها وأكملها محذرا من الطمع بالقول : احترسوا من الطمع لأن حياة الإنسان لا يأخذها بالإستيلاء على النصيب الأكبر. بل بحفظ شريعة الرب ووصاياه والتحفظ من الطمع. بأن توزع التركة بين الورثة بالتساوى وفقا لشريعة الرب.

ثالثا : مصادر أحكام الميراث والوصية بلائحة 1938

قام الصفى ابن العسال بتجميع القوانين الخاصة بالميراث والوصية والهبة من العهد القديم والجديد. حيث جرى العمل في ظل الشريعة المسيحية على إنزال شريعة ميراث المنقول على شريعة ميراث الأرض مع المحافظة على ترتيب الطبقات كما وردت في العهد القديم. بعد تكميلها بقواعد المساواة في الميراث بين الأخوة دون تفرقة بين الابن البكر وغير البكر أو بين الذكر والأنثى وفقا لشريعة ميراث الأرض التي ابطلت بالسبى. بحيث صار حكم ميراث الأرض بعد السبى. هو ذات حكم ميراث المنقول الذى كان يورث دون تمييز بين الذكر والأنثى , وهو مأخذ به العهد الجديد, وقام الصفى بتبويب هذه الاحكام وترتيبها وتنظيمها وفقا لما جرى عليه العمل في كتابه المعروف باسم كتاب ” القوانين “.

وقد أخذت لائحة 1938 الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس معظم أحكامها من كتاب ” القوانين ” للصفى ابن العسال. وجدير بالذكر أن لائحة 1938 صدرت ولها قوة القانون منذ صدورها وهو ما أكدته المحكمة الدستورية العليا فى حيثيات حكمها فى القضية رقم 151 لسنة 20 ق. دستورية بالنص التالى: “

وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المشرع وقد أحال فى شأن الأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين إلى شرائعهم مستلزماً تطبيقها دون غيرها فى كل ما يتصل بها. فإنه يكون قد ارتقى بالقواعد التى تتضمنها هذه الشرائع إلى مرتبة القواعد القانونية من حيث عموميتها وتجريدها, وتمتعها بخاصية الإلزام لينضبط بها المخاطبون بأحكامها, ويندرج تحتها فى نطاق الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس. لائحتهم التى أقرها المجلس الملى العام فى 9 مايو سنة 1938، وعمل بها اعتباراً من 8 يوليه سنة 1938، إذ تعتبر القواعد التى احتوتها هذه اللائحة .. شريعتهم التى تنظم أصلاً مسائل أحوالهم الشخصية ” ( القضية رقم 151 لسنة 20 قضائية دستورية ).

كما نصت المادة الثالثة من مود إصدار القانون رقم 1 لسنة 2000 بشأن تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضى فى مسائل الأحوال الشخصية. على أن تصدر الأحكام في المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية بين المصريين غير المسلمين المتحدى الطائفة والملة الذين كانت لهم جهات قضائية ملية منظمة حتى 31 ديسمبر سنة 1955- طبقا لشريعتهم – فيما لا يخالف النظام العام .

أي أن المشرع ألزم المحاكم بتطبيق الشريعة الخاصة التي تقرها الرئاسة الدينية للطوائف المسيحية المصرية دون حاجة لصدور قانون بها من الدولة,. وهذه المادة بهذه الصياغة العامة والمجردة تمثل تطبيقا لنص المادة الثالثة من الدستور. التى تنص على أن : ” مبادىء شرائع المصريين من المسيحيين .. المصدر الرئيسي للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية “.

رابعا : المآخذ على مشروع قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين المصريين

( أ ) خلوه من التشريعات الخاصة بالميراث والوصية الواردة بلائحة 1938

مما يؤخذ على مشروع قانون الاحوال الشخصية الجديد الخاص بالمسيحيين المصريين المقدم للبرلمان ليصدر كقانون من قوانين الدولة. خلوه من أحكام الميراث والوصية والهبة الواردة بلائحة 1938 والتي تمثل تطبيقا لأحكام الشريعة المسيحية فيما يتعلق بالميراث والوصية والهبة, وبالتالي فهى واجبة الضم لمشروع القانون المقدم للبرلمان ليصدر كقانون من قوانين الدولة. مع تحفظنا على ذلك .

وعليه فإن عدم تضمين مشروع القانون الجديد أحكام الميراث والوصية والهبة الواردة بلائحة 1938 الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس باعتبارها شريعة خاصة للمسيحيين المصريين جميعا, وبصرف النظر علن الجهة التي ستصدره. سوف يحدث فراغا تشريعيا يترتب عليه استمرار العمل بلائحة 1938 فيما يتعلق بالميراث والوصية والهبة.

( ب ) بمقتضاه تتنازل الكنيسة عن سلطتها التشريعية لصالح البرلمان

والواقع أنه لا يشترط في قوانين الأحوال الشخصية الخاصة بالمسيحيين حتى تعتبر قانونا من قوانين الدولة أن يقرها البرلمان. إذ الأوفق أن تتوافق الكنائس على مشروع لائحة خاصة بالأحوال الشخصية للمسيحيين المصريين ويقروه وينشروه فى الوقائع المصرية. لتعمل به المحاكم بعد شهر من نشره, وفقا لما جرت عليه العادة عند تطبيق تعديلات لائحة 1938 الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس. وما جرت عليه الكنائس من أصدار تشريعاتها الخاصة بالأحوال الشخصية والمعمول بها كقوانين من قوانين الدولة دون أن تصدرها الدولة . بحيث تكون للكنائس المصرية سلطة تعديل هذا القانون فى أى وقت دون حاجة لعرضه على البرلمان. لأنه شريعة خاصة بالمسيحيين وحدهم.

( ج ) تجاهل أحكام الميراث والوصية والهبة بلائحة 1938 رغم أنها سارية ومطبقة على الوجه التالى:

1 – انها تطبق وفقا لاحكام القانون رقم 25 لسنة 1944 فى مسائل الميراث والوصية

ذلك أن لائحة 1938 الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس كانت ومازالت تطبق فى مسائل الميراث والوصية على المسيحيين الأرثوذكسيين بشرط اتفاق جميع الورثة فى حكم الشريعة الإسلامية على تطبيق شريعة المورث الدينية, وذلك تطبيقا لأحكام القانون رقم 25 لسنة 1944 بشأن القانون الواجب التطبيق على غير المسلمين فى مسائل الميراث والوصية والتي وتنص على أنه : ” إذا كان المورث غير مسلم جاز لورثته فى حكم الشريعة الإسلامية وقوانين الميراث والوصية أن يتفقوا على أن يكون التوريث طبقا لشريعة المتوفى “.

أما بعد صدور دستور 2014 فقد جرت المطالبة بأن تطبق أحكام الميراث والوصية الواردة بلائحة 1938 الخاصة بالأحوال الشخصية للاقباط الأرثوذكس رأسا على المسيحيين الأرثوذكسيين دون قواعد أو شروط تحول دون تطبيقها بالمخالفة لنص المادة الثالثة من دستورى 2012 و2014 والتي تنص على أن ” مبادىء شرائع المصريين من المسيحيين .. المصدر الرئيسي للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية “. ومن ثم يجب أن تصدر الأحكام متفقة مع مبادئ الشريعة المسيحية وإلا عدت غير دستورية, ومن ثم يتعين تطبيق أحكام الميراث والوصية بلائحة 1983 رأسا دون اشتراط موافقة الورثة في حكم الشريعة الإسلامية على هذا التطبيق.

بناء عليه تم رفع دعوى عدم دستورية منذ عام 2015 برقم 172 لسنة 37 ق دستورية بشأن طلب الحكم بعدم دستورية الفقرة القائلة: ” جاز لورثته فى حكم الشريعة الإسلامية وقوانين الميراث والوصية أن يتفقوا على ” الورادة بالقانون رقم 25 لسنة 1944 بشأن القانون الواجب التطبيق فى مسائل المواريث والوصية. بحيث يصير النص بعد الحكم بعدم دستورية الفقرة المشار إليها كالتالى : ” إذا كان المورث غير مسلم .. يكون التوريث طبقا لشريعة المتوفى “.

2 – أنها تطبق حاليا وفقا لنص المادة الثالثة اصدار بالقانون رقم 1 لسنة 2000 وذلك بصدور أحكام حديثة تقضى بتطبيق أحكام الميراث بلائحة 1938 على المسيحيين.

فقد كشفت احدى المحاكم فى حكم حديث لها . بأن نص المادة الثالثة من مواد اصدار القانون رقم 1 لسنة 2000 بشأن تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية وتعديلاته يطبق على المسيحيين في مسائل الميراث والوصية حيث تنص هذه المادة على أن: ” تصدر الأحكام طبقا لقوانين الأحوال الشخصية والوقف المعمول بها, ويعمل فيما لم يرد بشأنه نص في تلك القوانين بأرجح الأقوال من مذهب الإمام ابى حنيفة.

ومع ذلك تصدر الأحكام في المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية بين المصريين غير المسلمين المتحدى الطائفة والملة الذين كانت لهم جهات قضائية ملية منظمة حتى 31 ديسمبر سنة 1955- طبقا لشريعتهم – فيما لا يخالف النظام العام “. كما نصت المادة الرابعة من مواد إصدار هذا القانون صراحتا على إلغاء كل نص يخالف أحكامها. ومن ثم فإن حكم هذه المادة يكون قد أبطل جميع قواعد الإسناد والإحالة وكل قانون يخالف حكمها.

وهذا النص بهذه الصياغة يعتبر ” نصا خاصا ” يوجب أن تصدر الأحكام بالنسبة للمصريين غير المسلمين المتحدى الطائفة ( الجنسية ) والملة ( الديانة ) الذين لهم جهات قضائية ملية منظمة قبل سنة 1955 طبقا لشريعتهم الخاصة بالأحوال الشخصية وتشمل الميراث والوصية. وحيث أن القاعدة القانونية الخاصة قاعدة مجردة, فإنها تكون واجبة الإعمال دون غيرها ولا يعتد بقصد المشرع, لأن العبرة بالنص القانوني لا بقصد المشرع.

كما نشرت البوابة نيوز بتاريخ أول مايو 2017 مقالا تحت عنوان ” ميراث الأقباط ” جاء فيه : أن محكمة استنئاف القاهرة قضت بجلسة 20/11/2016 بتعديل الحكم الصادر بجلسة 29/3 /2016 بأن يرث الأخ ضعف شقيقته في الميراث. إلى تعديله بجعل الوارثان مستحقان لإرث المتوفاة بالتساوى بينهما. وقالت البوابة نيوز أيضا بأن سيدة بالجيزة إستأنفت الحكم الصادر من محكمة أول درجة بتاريخ ٣١/٥ /٢٠١٦ وصدر الحكم بأن نصيب الذكر مثل نصيب الأنثى، لأن طرفى التداعى مسيحيان، وتطبق عليهما لائحة الأقباط الأرثوذكس المعمول بها قانونًا إعمالًا لنص المادة الثالثة ( إصدار ) من قانون الأحوال الشخصية رقم 1 لسنة 2000 بشأن تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية ونصها: ” تصدر الأحكام طبقا لقوانين الأحوال الشخصية والوقف المعمول بها, ويعمل فيما لم يرد بشأنه نص في تلك القوانين بأرجح الأقوال من مذهب الإمام ابى حنيفة.

مع ذلك تصدر الأحكام في المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية بين المصريين غير المسلمين المتحدى الطائفة والملة الذين كانت لهم جهات قضائية ملية منظمة حتى 31 ديسمبر سنة 1955- طبقا لشريعتهم – فيما لا يخالف النظام العام ” . ونرى وفقا لما أخذت به المحاكم المشار إليها بأنه بما أن القاعدة القانونية سواء كانت خاصة أو عامة هي قاعدة مجردة, ولا يعتد براى المشرع , فالعبرة بالنص القانوني, وعليه إذ تعارض النص الخاص فى التشريع الجديد مع التشريعات القديمة سواء كانت خاصة أو عامة فإنه يبطلها, ومن ثم فإن حكم هذه المادة الجديدة بتعارضه مع الأحكام القديمة فإنه يبطلها, وهو ما نصت عليه المادة الرابعة من هذا القانون صراحتا بالنص على إلغاء كل نص يخالف أحكامها. وبالتالي فإن هذا الحكم جاء متفقا مع صحيح حكم القانون. وتطبيقا لنص المادة الثالثة من الدستور. ولا يقدح في ذلك عدم تفعيل حكم هذه المادة من تاريخ إصدارها . لأنه متى كان النص التشريعى صالحا للتطبيق في لفظه وفحواه على الوقائع المعروضة عليه , فإنه يتعين تطبيقها فور اكتشاف هذه الصلاحية.

وعليه يتعين وفقا للدستور تطبيق الأحكام الخاصة بالميراث والوصية والهبة على المسيحيين جميعا باعتبارها من مسائل الأحوال الشخصية التى تنظمها الديانة المسيحية التى تسوى بين الرجل والمرأة فى الميراث وفقا لأحكام لائحة الأحوال الشخصية الصادرة سنة 1938. وبالتالي فإن كل حكم يخالف هذا الحكم يجوز إستئنافة لمخالفته لنص المادة المادتين الثالثة والرابعة من مواد اصدار القانون رقم 1 لسنة 2000 كما يجوز الطعن علي أي حكم يخالف نص المادة الثالثة من دستور 2014 بعدم الدستورية. وذلك على اعتبار أن الشريعة الخاصة بالمسيحيين في مسائل الأحوال الشخصية هى التى تطبق فى حالة اتحاد طرفى التداعى فى الملة والطائفة.

ومع تحفظنا على تفسيرهم لمفهوم الطائفة والملة بهذه المادة حيث يتم تفسير الطائقة والملة, بالطائفة والمذهب, وهنا وجه الخطأ, لأن المقصود بالملة الديانة لا المذهب, كأن يكون غير المسلمين مسيحيين أو يهود. أما المذهب لغة فهو النحلة ويقصد بها المذاهب الأرثوذكسية والكاثوليكية والبروتستانتية , واما الطائفة فيقصد بها الجنسية, كأن يكون المسيحيين أقباطا أو سريانا أو روم أو أرمن إلى أخره.

بناء عليه فإن التفسير الصحيح للاتحاد في الطائفة والملة يقصد به الإتحاد في الجنسية والديانة على التفصيل التالى :

أن الإتحاد في الطائفة يقصد به الإتحاد في الجنسية ( بأن يكونوا أقباطأ أو سريانأ أو روم أو أرمن أو مارونيين أو كلدان أو لاتين) أما الإتحاد في الملة بالنسبة لغير المسلمين فيقصد به اتحادهم في الديانة ( بأن يكونوا مسيحيين أو يهود ) فالملة لغة هي الديانة والشرع. أما المذهب لغة فهو النحلة لا الملة. كأن يكون المسيحيين أرثوذكس أو كاثوليك أو بروتستانت, وعلى ذلك اذا اختلفوا في الطائفة أي الجنسية فتطبق المادة 17/1 من القانون المدنى رقم 131 لسنة 1948 وتقضى بأن: ” يسرى على الميراث والوصية وسائر التصرفات المضافة الى مابعد الموت ، قانون المورث أو الموصى أو من صدر منه التصرف وقت موته “.

وعلى ذلك فإنه من غير المستساغ أن يكون مقصد المشرع من اشتراط اتحاد غير المسلمين في الملة هو اتحادهم في المذهب ( كأن يكونا أرثوذكس أو كاثوليك أو بروتستانت ) مع اختلافهم في الديانة ( كأن يكون أحدهم مسيحيا والأخر يهوديا ). إذن المفهوم الصحيح لإتحاد غير المسلمين في الملة هو اتحادهم في الديانة التي هي أعم من المذهب , ومن ثم حتى تطبق المحاكم شرائع غير المسلمين ينبغي أن يتحدا في الجنسية ( الطائفة ) والديانة ( الملة ) وهو المقصود بالطائفة والملة على الوجه المتقدم بيانه.

3 – أنها تطبق في الأحوال التي يطبق فيها نص المادة 17/1 من القانون المدنى

حيث تنص المادة 17/1 من القانون المدنى رقم 131 لسنة 1948 على ما يلى: ” يسرى على الميراث والوصية وسائر التصرفات المضافة الى مابعد الموت ، قانون المورث أو الموصى أو من صدر منه التصرف وقت موته “. وهذه المادة واجبة التطبيق في حالة اختلاف الورثة في الطائفة ( الجنسية ) فتطبق شريعة المتوفى الدينية , إما اذا اتفق الورثة في الطائفة والديانة فتطبق شريعتهم التي هي نفسها شريعة المورث أو الموصى الدينية .

وعليه يتعين أن تصدر الأحكام في مسائل الأحوال الشخصية بما في ذلك مسائل الميراث والوصية والهبة متفقة مع حكم المادة الثالثة من الدستور. التى تنص على أن: ” مبادىء شرائع المصريين من المسيحيين .. المصدر الرئيسي للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية ” . وهذه التشريعات قائمة فعلا ولا يتطلب تطبيقها صدور تشريع بها من الدولة كونها شريعة خاصة بالأحوال الشخصية وليست عامة.

أما عن القوانين الإجرائية القائمة بالمخالفة لنص المادة الثالثة من الدستور فإنها تعتبر غير دستورية فضلا عن ثبوت سقوطها وإلغائها بنص المادة الثالثة إصدار من القانون رقم 1 لسنة 2000 المتقدم بيانها. وبناء عليه يتعين تطبيق شريعة المورث أو الموصى الدينية وفقا لنص المادة 17/1 من القانون المدنى رقم 131 لسنة 1948 والتي تنص على أن: ” يسرى على الميراث والوصية وسائر التصرفات المضافة الى مابعد الموت. قانون المورث أو الموصى أو من صدر منه التصرف وقت موته “.

وسنعرض فيما يلى لشريعة الميراث والوصية والهية أو القسمة فى العهد القديم وتكميلها فى العهد الجديد, والتي أخذت بها وقننتها لائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكسيين الصادرة سنة 1938 في الأبواب من التاسع حتى الحادى عشر, والتي نعرض لها من مصادرها الكتابية في العهدين القديم والجديد على الوجه التالى :

الفصل الأول

أحكام الميراث

الأصل فى الإرث أن الأبناء يرثون والديهم ( تكوين 15 : 4 ) بالتساوى لا فرق فى ذلك بين الذكر والأنثى, ولا بين الحى والميت مادام له فرع وارث ( المادة 245/1 و 247/3 من لائحة 1938 الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس ). فالإرث تنازلى من الآباء للأبناء وأبناء الأبناء, ولا يصعد إلا عند عدم وجود الفرع الوارث.

عندئذ يصعد لطبقة الآباء فإذا توفوا ورثهم أبنائهم أى طبقة أشقاء المورث. فإذا لم يكن له أخوة. فيصعد إرث المورث لطبقة الأجداد فإذا لم يوجد فلأبنائهم أى أعمام المورث وأخواله ( المادة 243 من ذات اللائحة ) بحيث أن كل طبقة من الورثة تحجب الطبقة التى بعدها ( مادة 244 من ذات اللائحة ) وهكذا … وهذه القواعد المتوارثة كتقليد لا تحتاج إلى تشريع لأنها بديهيات مستمدة من طبائع الأمور. أن الأبناء يرثون آبائهم.

وللزوج أو الزوجة كل التركة إن لم يكن لزوجه فروع أو أصول أو حواش, وله نصف تركة زوجه إن كان بلا ولد أو له ولد واحد. فإن كانوا ثلاثة فأكثر يتقاسمون التركة بالتساوى لا فرق فى ذلك بين الذكر والأنثى ( المادة 241 , 242 من ذات اللائحة ). لأن إلوهيم منذ البدء صنع المرأة نظيرا معينا للرجل ( تكوين 2 : 18 ). وأعطى إلوهيم لآدم وحواء سلطان واحد أن يثمروا ويملأوا الأرض ويتسلطوا عليها ( تكوين 1 : 28 ) وهن وارثات مع الرجال نعمة الحياة عينها.

علما بأن شريعة الميراث فى العهد الجديد هي ذاتها شريعة العهد القديم بعد ابطال خصوصيتها مثل ابطال شريعة الابن البكر وشريعة توريث أرض الموعد مع الحفاظ على تسلسل الطبقات الوارثة بها بحيث أن كل طبقة تحجب ما تحتها. بحيث صار حكم ميراث الأرض كحكم ميراث المنقول يورث بالتساوى بين الذكر والأنثى , وفيما يلى نعرض لشرائع الميراث والوصية في العهدين القديم والجديد على الوجه التالى :

المبحث الأول

شريعة الميراث فى العهد القديم

كان لميراث أرض الموعد نظام قانونى خاص روعى فيه أن تقسم الأرض بين قبائل إسرائيل الإثنى عشر. فتم تقسيم الأرض أولا على أسماء أبناء يعقوب الإثنى عشر. ثم أعيد توزيع الأراضى المخصصة لكل قبيلة بين أبناء هذه القبيلة من الذكور. فالميراث كما نرى هو ميراث خاص بتوزيع أراضى الدولة بين أسباط إسرائيل الإثنى عشر. وقد أبطلت هذه الشريعة بعد سبى أشور بالنسبة لأسباط إسرائيل العشرة. كما أبطلت بالنسبة لسبطى يهوذا ولاوى بعد سبى بابل. ودليل ذلك أن يوسف النجار وهو من سبط يهوذا أتى مع مريم والطفل يسوع وأقاما بمدينة الناصرة وتقع فى زمام سبط منسى, وهذا كان غير جائز فى ظل شريعة التقسيم القبلى للأرض.

وفيما يلى نعرض لشرائع الميراث فى العهد القديم وهى قسمان قسم متعلق بشريعة توزيع أرض الموعد وقسم متعلق بشريعة المنقول على التفصيل التالى:

الفرع الأول

شريعة توزيع ميراث أرض الموعد بين قبائل إسرائيل الإثنى عشر

تقول رواية السفر المقدس أنه بعد أن تم إحصاء شعب بنى إسرائيل كلم الرب موسى قائلا: لهؤلاء تقسم الأرض نصيبا على عدد الأسماء. الكثير تكثر له نصيبه، والقليل تقلل له نصيبه. كل واحد حسب المعدودين منه يعطى نصيبه. إنما بالقرعة تقسم الأرض. حسب أسماء أسباط آبائهم يملكون ( العدد 26 : 51 – 55 ). فتقدمت بنات صلفحاد بن حافر بن جلعاد بن ماكير بن منسى، من عشائر منسى بن يوسف .. ووقفن أمام موسى .. قائلات. أبونا مات في البرية .. ولم يكن له بنون.

لماذا يحذف اسم أبينا من بين عشيرته لأنه ليس له ابن ؟ أعطنا ملكا بين إخوة أبينا. فقدم موسى دعواهن أمام الرب. فكلم الرب موسى قائلا. بحق تكلمت بنات صلفحاد، فتعطيهن ملك نصيب بين إخوة أبيهن، وتنقل نصيب أبيهن إليهن, وتكلم بني إسرائيل قائلا : أيما رجل مات وليس له ابن، تنقلون ملكه إلى ابنته. وإن لم تكن له ابنة، تعطوا ملكه لإخوته. وإن لم يكن له إخوة، تعطوا ملكه لإخوة أبيه ( أعمامه ). وإن لم يكن لأبيه إخوة، تعطوا ملكه لنسيبه الأقرب إليه من عشيرته فيرثه ( العدد 27 : 1 – 11 ).

من إستقراء هذا النص يتضح ما يلي:

إن هذه الشريعة متعلقة بتعداد الوارثين فى أرض الموعد لهذا وردت فى سفر العدد لهذا كان يتم نقل ملكية أرض الموعد للأبناء بحسب كل سبط. فلما سقط اسم صلحفاد من التعداد لعدم وجود ابن ذكر يرث أرضه. طالبت بناته بملك أبيهم فجاءت شريعة نقل ملكية أرض المتوفى دون إبن إلى بناته فإذا لم يوجد له بنات يرث إخوته كل تركته. فإذا لم يوجد له إخوة ذكور يرث الأعمام كل تركة ابن أخيهم المتوفى. فإذا لم يوجد له أعمام يرثه أقرب أقربائه. في حالة عدم وجود أبناء أو بنات أو إخوة أو أعمام .

وجدير بالملاحظة عدم ذكر والدة ‎أو زوجة المتوفى فى شريعة توزيع أرض الموعد بين القبائل الإثنى عشر. لأن قواعد ميراث الأرض الخاصة بكل قبيلة تقضى بأن يرث الأبناء ملك أبيهم فى أرض القبيلة الخاصة بهم حتى لا تنتقل عن طريق النساء لقبيلة أخرى. لهذا راعت شريعة توزيع أرض الموعد هذا فقضت بأن البنات اللواتى يرثن فى الأرض لا يتزوجن من خارج السبط لئلا ينتقل إرث الأرض لسبط آخر, وهذه الشريعة جاءت ترتيبا على ما تقدم عندما قضي موسى لبنات صلفحاد بنصيب أبيهن فى الأرضى. فخشى رؤساء الآباء من عشيرته أن يتزوج بنات صلفحاد من خارج سبطهن فينقلن أرض سبطهن الي سبط أزواجهن … فعرضوا هذه المشكلة على موسى فأمر الرب .. بأن يتزوج بنات السبط من نفس سبطهن فلا تخرج الارض من السبط الي سبط آخر.

وفى هذا تقول كلمة إلوهيم:

وتقدم رؤوس الآباء من عشيرة بني جلعاد .. وتكلموا قدام موسى .. وقالوا .. قد أمر سيدي من الرب أن يعطي نصيب صلفحاد أخينا لبناته. فإن صرن نساء لأحد من بني أسباط بني إسرائيل ، يؤخذ نصيبهن من نصيب آبائنا ويضاف إلى نصيب السبط الذي صرن له .. فأمر موسى بني إسرائيل حسب قول الرب قائلا ” كل بنت ورثت نصيبا من أسباط بني إسرائيل تكون امرأة لواحد من عشيرة سبط أبيها ، لكي يرث بنو إسرائيل كل واحد نصيب آبائه. فلا يتحول نصيب من سبط إلى سبط آخر ، بل يلازم أسباط بني إسرائيل كل واحد نصيبه .. كذلك فعلت بنات صلفحاد. فصارت .. بنات صلفحاد نساء لبني أعمامهن .. فبقي نصيبهن في سبط عشيرة أبيهن ” ( العدد 36 : 1- 12 ).

مما تقدم يتضح أيضا أن ملكية الأرض لا تنتقل من الآباء إلى الأبناء إلا بعد وفاتهم. فإن إنتقلت فهذا معناه أن الآباء وإن علوا توفوا . لهذا اسقطوا عند إعادة تمليك الأرض إذا لم يكن للمتوفى إبن أو بنت. فإذا توفى شخص ولم يكن له أبن تنتقل الأرض للبنت فإن لم يكن تنقل لإخوة المتوفى ولا تنقل للأب لأنه أصلا متوفى وإلا لما انتقلت لإبنه. فإن لم يوجد أخوة انتقل الإرث لأخوة أبيه وليس لجده لأنه أيضا متوفى. فشريعة الأرض كما نرى لا تنتقل للإبن إلا بوفاة الأب والجد وجد الجد وإن علو. كما أن الأرض وإن تعدد الورثة المقيمين عليها. تظل باسم الجد الأول فأرض صلحفاد على سبيل المثال. تظل تحمل هذا الإسم وإن تعدد الورثة المقيمين عليها لأنهم يتغيرون وهى ثابتة لا تتغير. أما المنقول فيمكن أن يكون للإبن منقول مواشى وخلافه فى حياة أبيه فإذا مات دون نسل يرثه الوالدين وعند عدم الوالدين يرثه إخوته فإن لم يكن له إخوة يرثه جديه فإن لم يوجد فيرثه أعمامه فإن لم يوجد فأولادهم, وهكذا.

لهذا عند عدم وجود أبن أو بنت تنتقل الأرض بين الذكور بحسب ترتيب الطبقات السابق. أما شريعة ميراث المنقول فتختلف عن شريعة ميراث الأرض حيث يرث الأبناء آبائهم بالتساوى بين الذكر والأنثى. والأصل فى الميراث أن يوزع بالتساوى بين الأبناء لا فرق بين الذكر والأنثى. إلا ما إستثنى بنص خاص ولأسباب محددة وحكمة مفهومة ومقبولة كشريعة توزيع الأرض بين قبائل إسرائيل الإثنى عشر وفقا لتشريع خاص حتى لا تخرج الأرض من قبيلة لأخرى. كما أن شريعة الأرض ظل معمولا بها حتى سبى أشور الذى فيه سبيت قبائل إسرائيل العشرة واختلطت معا. ثم بعد السبى صارت الأرض تورث كالمنقول بين الأبناء لا فرق فى ذلك بين الذكر والأنثى, وهذا ما حدث أيضا بالنسبة لسبطى يهوذا ولاوى بعد سبى بابل.

حيث نجد أن يوسف وهو من سبط يهوذا أخذ مريم وأقاموا بالناصرة التى كانت تقع قبل سبى أشور فى حدود سبط منسى رغم أنهم أصلا من بيت داود من سبط يهوذا. لهذا ذهبوا إلى بيت لحم أرض يهوذا للتسجيل فى الإكتتاب العام وهناك ولد المسيح. ثم بعد عودتهم من أرض مصر جاءوا وأقاموا بأرضهم التى كانت تقع حسب الأصل فى حدود سبط منسى, وهذا كان غير جائز قبل سبى أشور كما قدمنا.

الفرع الثانى

شريعة ميراث المنقول فى العهد القديم

هذه الشريعة تختلف عن شريعة ميراث الأرض وتقوم على أساس توزيع التركة بين الأبناء بالتساوى لا فرق فى ذلك بين الذكر والأنثى. وبمقتضى هذه الشريعة يمكن أن يكون للإبن مال فى حياة أبيه فإذا مات دون نسل ورثه أبويه, وهذا مستحيل فى شريعة الأرض, لأن الأرض لا تنتقل للإبن إلا بعد وفاة أبيه, وهكذا. ويستدل من أقوال ليئة وراحيل فى سفر التكوين أنه كان لهن نصيب وميراث فى ملك أبيهن وكان يعطى لهن كدوطة عند زواجهن سواء كانت مقتنيات أو مواشى تكون لهم ولبنيهم.

وفى هذا تقول كلمة إلوهيم:

” فأجابت راحيل وليئة وقالتا له : ألنا أيضا نصيب وميراث في بيت أبينا. ألم نحسب منه أجنبيتين ، لأنه باعنا وقد أكل أيضا ثمننا. إن كل الغنى الذي سلبه إلوهيم من أبينا هو لنا ولأولادنا ” ( التكوين 31 : 14 – 16 ). والواقع أن ما قالته راحيل وليئة ” إن كل الغنى الذي سلبه إلوهيم من أبينا هو لنا ولأولادنا ” هو مفتاح علة عدم إعطاء أبيهن نصيبهن فى ماله لأنه اعتقد ذات معتقد راحيل وليئة أن يعقوب سلبه الغنى الذى صار له وأنه اقتضى ميراث بناته ودوطتهن منه وزيادة. لهذا تركه يرحل مع زوجاته وأولاده مع كل ما تحصل عليه منه.

لذا يجب الإنتباه وعدم الخلط بين شريعة ميراث المنقول وشريعة ميراث الأرض فى العهد القديم والتى أبطلت وصارت الأرض بعد العودة من السبى توزع بالميراث بين الأبناء كالمنقول. وأيضا فيما يتعلق بميراث المنقول فإن الوارث القاصر يكون تحث وصاية وفى هذا يقول بولس الرسول. وإنما أقول : ما دام الوارث قاصرا لا يفرق شيئا عن العبد ، مع كونه صاحب الجميع. بل هو تحت أوصياء ووكلاء إلى الوقت المؤجل من أبيه ( غلاطية 4 : 1 – 2 ).

المبحث الثانى

شريعة الميراث فى العهد الجديد

المحقق أن شريعة العهد الجديد مؤسسة على شرائع الميراث فى العهد القديم بعد إسقاط النصوص الخاصة بشريعة أرض الموعد التى سقطت كما قدمنا بالنسبة لأسباط إسرائيل العشرة بعد سبى أشور ثم أبطلت نهائيا بسبى بابل لسبطى يهوذا ولاوى. وبالتالى فإن شريعة العهد الجديد تأخذ بشريعة العهد القديم فيما يتعلق بترتيب الطبقات الوارثة بعد استبعاد الخصوصيات المتعلقة بشريعة الميراث فى أرض الموعد لسقوطها على الوجه المتقدم بيانه. بحيث صار ترتيب الطبقات الوارثة وفقا لشريعة ميراث أرض الموعد هى المعمول بها في ميراث المنقول فى العهد الجديد. بحيث يوزع الميراث بالتساوى بين الأبناء في كل طبقة دون تمييز بين الذكر والأنثى أو بين البكر وغير البكر فى كافة الحقوق. فما يرثه الإبن ترثه الإبنة, وما يرثه الأخ ترثه الأخت, وما يرثه الابن الأول يرث مثله الابن الأخير, وهكذا …

لهذا عندما جاء أخوان وسط الجموع وتقدم أحدهما إلى السيد المسيح قائلا : ” يا معلم ، قل لأخي أن يقاسمني الميراث . قال له : يا إنسان. من أقامني عليكما قاضيا أو مقسما. انظروا وتحفظوا من الطمع، فإنه متى كان لأحد كثير فليست حياته من أمواله ” ( لوقا 12 : 13 – 15 ). فى الحياة العملية قديما وحديثا. غالبا ما يضع الأخ الأكبر يديه على ثروة أبيه وممتلكاته. وفى هذه القضية نجد أنفسنا أمام فرضين الأول أن الأخ الأكبر أراد أن يستحوذ على نصيبين من ميراث أبيه على سند من تفسير خاطىء لشريعة الإبن البكر. فنازعه شقيقه الأصغر طالبا منه أن يقاسمه ميراث أبيه, والفرض الثانى أن الأخ الأكبر استولى على كل تركة أبيه ولم يشأ أن يعطى شقيقه نصيبه فى ميراث أبيه.

وقد ظن البعض أن السيد المسيح بقوله هذا للشقيقان أنه لا يهتم بتقسيم الميراث بين الأخوة أو أنه لم يأمر الأخ بإعطاء أخيه نصيبه الشرعى فى الميراث, وكأن السيد المسيح لا يهتم بأن يظلم الأخ أخاه ويسلبه ميراثه, ولكن هذا الظن هو نتاج فهم خاطىء لقول السيد المسيح الذى لم يأت لينقض بل ليكمل بدليل قوله: انظروا وتحفظوا من الطمع، فإنه متى كان لأحد كثير فليست حياته من أمواله ( لوقا 12 : 13 – 15 ).

مما تقدم يتضح أن الأصل في أحكام الميراث أن يوزع بالتساوى بين الأبناء, ولكن أحد الأخوين طمع في النصيب الأكبر فأتيا للسيد المسيح وطلب أحدهما من الرب أن يأمر أخيه بأن يقاسمه الميراث.

اتخذ السيد المسيح من الموقف ذريعة لإكمال شريعة الميراث بالقول للأخوين والجمع:

” انظروا وتحفظوا من الطمع ، فإنه متى كان لأحد كثير فليست حياته من أمواله ” أى أن السيد المسيح استخدم تكميلا وإرتقاء بأحكام الميراث. ما يعرف بمبدأ سد الذرائع بتحريم الفعل الذى يؤدى إلى عدم توزيع الميراث بالتساوى بين الأخوة أو بين الورثة في كل طبقة من الطبقات الوارثة والتي تحجب ما تحتها , وهو الطمع. بالقول: ” انظروا وتحفظوا من الطمع ، فإنه متى كان لأحد كثير فليست حياته من أمواله ” : وذلك ردا على طلب السائل من الرب أن يأمر أخيه بأن يقاسمه الميراث ( لوقا 12 : 13 – 15 ).

إذن السيد المسيح بقوله هذا لم ينقض شريعة المواريث اليهودية القائمة على مبدأ المساوة بين الأخوة فى الميراث في كل طبقة من الطبقات الوارثة. بل أكملها بقوله: ” انظروا وتحفظوا من الطمع، فإنه متى كان لأحد كثير فليست حياته من أمواله ” ( لوقا 12 : 13 – 15 ). من رواية لوقا الرسول يتضح أن واحد من الجمع كان حاضرا مع شقيقه. فتقدم هذا للسيد المسيح قائلا : يا معلم قل لأخى أن يقاسمنى الميراث, وبقوله هذا أوضح أن قواعد العدالة تقتضى أن يتقاسم الأخوة الميراث بالتساوى, ولكن أحدهم طمع فى النصيب الأكبر وأراد أن يغتصب أموالا ليست له. فقال السيد المسيح للسائل: يا إنسان. من أقامني عليكما قاضيا أو مقسما.

فالسيد المسيح وإن لم يأت قاضيا ومقسما بسلطان زمنى إلا أن الأخوين أقاماه محكما بينهما. بدليل قول أحد الأخوين للسيد المسيح ” قل لأخى أن يقاسمنى الميراث ” فقال لهما مكملا الناموس وفقا لمبدأ سد الذرائع بتحريم الأمر المؤدى لعدم المساوة وهو الطمع بقوله: انظروا وتحفظوا من الطمع، فإنه متى كان لأحد كثير فليست حياته من أمواله. أوضح السيد المسيح بذلك أنه لم يأت قاضيا ومقسما ليجبر الأخ أن يقاسم أخاه الميراث, ولكنه كمحكم وله سلطان روحى وإن لم يقم بتوزيع التركة بين الأخوين بالجبر. إلا أنه وضع لهما قاعدة التوزيع بالتساوى وفقا للشريعة بالقول انظروا وتحفظوا من الطمع، فإنه متى كان لأحد كثير فليست حياته من أمواله.

بمعنى أنظروا فى أمركم ووزعوا الميراث فيما بينكما بالتساوى وفقا للشريعة وتحفظوا من الطمع. لأن حياة الإنسان ليست فى المال بل فى إلوهيم. لأنه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه. وبهذا وضع السيد المسيح الأساس الذى توزع بناء عليه المواريث بين جميع الطبقات الوارثة بالتساوى دون أن يطمع أحد فى نصيب أكبر ليس من حقه لئلا يهلك بماله. لأن حياته ليست فى كثرة المال بل فى حفظ وصايا إلوهيم وشرائعه المؤسسة على الحق والعدل. وضرب لهم السيد المسيح مثلا قائلا : إنسان غني أخصبت كورته. ففكر في نفسه قائلا : ماذا أعمل ، لأن ليس لي موضع أجمع فيه أثماري. وقال : أعمل هذا : أهدم مخازني وأبني أعظم ، وأجمع هناك جميع غلاتي وخيراتي, وأقول لنفسي : يا نفس لك خيرات كثيرة ، موضوعة لسنين كثيرة . استريحي وكلي واشربي وافرحي. فقال له إلوهيم: يا غبي هذه الليلة تطلب نفسك منك، فهذه التي أعددتها لمن تكون. هكذا الذي يكنز لنفسه وليس هو غنيا لإلوهيم ( لوقا 12 : 16 – 21 ).

فالذى يتحفظ من الطمع ويعطى كل ذى حق حقه. هذا إنما يصنع ما يجب عليه. أما الذى يعطى للمحتاجين فهذا يكنز فى السماء. فإن كان هذا حال الغنى الغبى الذى يكنز لنفسه الأموال على الأرض ولا يكنز فى السماء. فماذا ستكون حال الطماع الذى يسلب ويظلم ويسرق إخوته طمعا فى ما ليس له. دون أن يتحفظ من الطمع فإنه يهلك نفسه. لأنه لا طماعون يرثون ملكوت إلوهيم ( كورنثوس الأولى 6 : 9 -10 ) . وبالتالى لا يحل للمسيحى أن يطمع فى نصيب ليس له حسب أحكام شريعته. لأن البعض بجهالة يزعم أن الشريعة اليهودية لا تورث الإناث مطلقا. دون أن يدرك خصوصية التشريع المتعلق بميراث أرض الميعاد وغايته وأسبابه التى تدور مع التشريع وجودا وعدما. فإن سقطت علة التشريع – وهى أن يلازم أسباط بني إسرائيل كل واحد نصيبه فى أرض الموعد – سقطت أحكامه, وأيضا دون أن يدرك الفرق بين شريعة ميراث المنقول وشريعة ميراث أرض الموعد التى أبطلت بسبى أشور بالنسبة للأسباط العشرة. ثم سقطت نهائيا بالنسبة لسبطى يهوذا ولاوى بعد سبى بابل.

بحيث صارت أرض الموعد تورث فى العهد الجديد مثلها مثل المنقول بالتساوى بين الأبناء لا فرق فى ذلك بين الذكر والأنثى أو بين الابن البكر وغير البكر. لهذا فإن أى مسيحى يطمع فى ما ليس له تحت أى مسمى لا يتوافق مع شريعة المواريث المسيحية التى تسوى بين الأبناء فى الميراث. دون تمييز بين غنى وفقير. أو بين كبير وصغير. أو بين الذكر والأنثى. أو بين الحى والميت إن كان له فرع وارث,. أو يقيم من نفسه مقسما يمنح واحد أكثر من الآخر, ويمنع عن آخر حقه الشرعى. ويحكم بالمخالفة لأحكام الشريعة. فقد صار مخالفا للشريعة ومتعديا على أحكامها لأن السيد المسيح جاء لا لينقض الشريعة بل ليكملها بتجريم الطمع الذى يدفع بعض الورثة إلى الاستيلاء على النصيب الأكبر في الميراث وليس بتقسيمه بالتساوى بين الأخوة بالحق بصرف النظر عن مدى يسارهم أو فقرهم .

وأيضا إذا ترك أى مسيحى أحكام شريعته. أو امتنع عن أن يقيم أحكامها, وقبل أحكام شريعة أخرى مخالفة لها فى المبادىء. أو قبل نصيب ليس له فى حكم شريعته. فقد صار لسبب طمعه فى حكم من باع ملته ( أى دينه وشريعته ) بالمال, ولأنه لم يتحفظ من الطمع ( لوقا 12 : 15 ) فقد صار هذا فخا له. فلم ينظر أنه صار فى حكم شريعته ليس فقط مستهينا بها وتاركا ومنكرا لها. بل أيضا فاسقا ( أى خارجا على الملة ) وظالما وسارقا وطماعا, لأنه سلب حق غيره وظلمه, وحكم إلوهيم فى ذلك أنه ” لا ظالمون ولا سارقون ولا طماعون .. يرثون ملكوت إلوهيم ” ( كورنثوس الأولى 6 : 9 – 10 ) وأيضا إن لم يقولوا ” إلى الشريعة وإلى الشهادة .. فليس لهم فجر ” ( أشعياء 8 : 20 ).

حكم الوارث القاصر فى الشريعة المسيحية

يقول بولس الرسول: وإنما أقول : ما دام الوارث قاصرا لا يفرق شيئا عن العبد ، مع كونه صاحب الجميع. بل هو تحت أوصياء ووكلاء إلى الوقت المؤجل من أبيه ( غلاطية 4 : 1- 2 ). الوارث هنا سواء ابن او ابنة يرث الجميع. فالتركة لا تصعد إلى أعلى إلا عند عدم وجود الفرع الوارث. والوارث القاصر يكون تحت أوصياء ووكلاء حتى يبلغ الوقت المعين له من أبيه. والوصى هو المسئول قانونا عن أموال القاصر, والوكلاء يعينهم الوصى لرعاية مصالح القاصر المالية والقانونية والصحية والتعليمية إلخ .. تحت إشرافه. حتى لا يتجاوزوا حدود وكالتهم.

الفصل الثانى

أحكام الوصية والهبة ( القسمة )

المبحث الأول

أحكام الوصية

الوصية هى تمليك للأبناء أو الغير مضاف إلى ما بعد الوفاة على سبيل التبرع ويجوز للموصى الرجوع في الوصية أو تعديلها فى حياته. وتنص لائحة 1938 الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس على أن لا تنفذ وصية من له فرع وارث وإن سفل إلا من النصف, وإن كان له ولدان أو أكثر من ولد ولد فلا تنفذ وصيته إلا من الربع, وتنفذ بالنسبة لباقى الورثة من ثلاثة أرباع ماله مالم يكن بين الورثة فرع وارث، فإذا لم يكن له ورثة مطلقاً كانت وصيته صحيحة ولو استغرقت كل تركته ( المادة 217 من لائحة 1938 الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس ).

المبحث الثانى

أحكام الهبة ( القسمة )

الهبة أو العطية أو القسمة هي تمليك للأبناء أو الغير على سبيل التبرع ويتم فى حياة المقسم أو الواهب.

شريعة الهبة أو القسمة تشمل الشرائع التالية:

أولا : شريعة الهبة للإبن البكر

وردت شريعة القسمة فى العهد القديم فيما يعرف بشريعة الإبن البكر وتقضى بأنه إذا وزع الأب ممتلكاته بين أبنائه فعليه أن يعطى الابن البكر نصيب إثنين من كل ما يوجد عنده, وهذا التقسيم حال حياة الأب يأخذ حكم العطية أى الهبة. وهذا ما جاء فى سفر التثنية بالنص : ” إذا كان لرجل امرأتان، إحداهما محبوبة والأخرى مكروهة، فولدتا له بنين .. فيوم يقسم لبنيه ما كان له، لا يحل له أن يقدم ابن المحبوبة بكرا على ابن المكروهة البكر. بل يعرف ابن المكروهة بكرا ليعطيه ( يهبه ) نصيب اثنين من كل ما يوجد عنده، لأنه هو أول قدرته. له حق البكورية ” ( التثنية 21 : 15 – 17 ).

ثانيا : شريعة الهبة لأحد البنين

وردت الإشارة لهذه الشريعة فى سفر حزقيال النبى بالنص: ” إن أعطى الرئيس واحدا من بنيه عطية. فهى ميراثه. فتكون لبنيه وتكون ملكا لهم بالوراثة ” ( حزقيال 46 : 16 ). فإن لم يقسم المورث ممتلكاته فى حياته أو لم يعطى عطية أو لم يوصى بمال لأحد تقسم التركة بالتساوى بين الأبناء لا فرق فى ذلك بين الذكر والأنثى وذلك بعد استخراج نصيب الزوج وفقا للشريعة.

الفصل الثالث

الإعتراضات والرد عليها

تفنيد الإعتراض على أحكام الميراث والوصية بالشريعة المسيحية

يقول المعترض :

أن الشريعة المسيحية لا تحتوى على أي تشريعات خاصة بأحكام الميراث, وأن أحكام الميراث الواردة بلائحة 1938 هي من تقنين المجلس الملى العام الذى كان على خلاف مع البابا والمجمع المقدس منذ نشأته . وحيث لم يأتي الانجيل بثوابت فى أحكام الميراث فيكون الأصل للقواعد العامة بناء على القوانين المعمول بها فى البلاد. وهذا ما أقره المجمع المقدس حاليا فى تقنين تشريعه المعروض على مجلس النواب.

الرد :

هذه الأقوال عارية تماما من الصحة ولا تصدر عن إنسان مسيحى عالما بشريعته. فالميراث تنظمه الشريعة المسيحية بناء على تعاليم الميراث والوصية الواردة في الكتاب المقدس بعهديه. فالإنجيل غير منفصل عن العهد القديم بل مكمل له, والسيد المسيح نفسه أعلن أنه ما جاء لينقض بل ليكمل. وعلى ذلك فإن أحكام الميراث والوصية المستمدة من الكتاب المقدس بعهديه مقننة في الشريعة المسيحية كما جاء في كتاب القوانين للصفى ابن العسال الذى استمدت منه لائحة 1938 أحكامها, وهذه اللائحة سارية ومعمول بها حتى في مسائل الميراث والوصية والهبة.

ذلك أن لائحة 1938 الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس كانت ومازالت تطبق فى مسائل الميراث والوصية على المسيحيين الأرثوذكسيين بشرط اتفاق جميع الورثة فى حكم الشريعة الإسلامية على تطبيق شريعة المورث الدينية, وذلك تطبيقا لأحكام القانون رقم 25 لسنة 1944 بشأن القانون الواجب التطبيق على غير المسلمين فى مسائل الميراث والوصية والتي وتنص على أنه : ” إذا كان المورث غير مسلم جاز لورثته فى حكم الشريعة الإسلامية وقوانين الميراث والوصية أن يتفقوا على أن يكون التوريث طبقا لشريعة المتوفى “.

أما بعد صدور دستور 2014 فقد جرت المطالبة بأن تطبق أحكام الميراث والوصية الواردة بلائحة 1938 الخاصة بالأحوال الشخصية للاقباط الأرثوذكس رأسا على المسيحيين الأرثوذكسيين دون اشتراط موافقة جميع الورثة في حكم الشريعة الإسلامية على تطبيقها بالمخالفة لنص المادة الثالثة من دستورى 2012 و2014 والتي تنص على أن ” مبادىء شرائع المصريين من المسيحيين .. المصدر الرئيسي للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية “. ومن ثم يجب أن تصدر الأحكام متفقة مع مبادئ الشريعة المسيحية التي تسوى بين الرجل والمرأة في جميع الحقوق الشخصية والمدنية وإلا عدت غير دستورية, ومن ثم يتعين تطبيق أحكام الميراث والوصية بلائحة 1938 رأسا دون اشتراط موافقة الورثة في حكم الشريعة الإسلامية على هذا التطبيق لعدم دستوريته, ولوجود قانون مفعل واجب التطبيق دون قيد أو شرط, ونظرا لتمسك بعض المحاكم بالقيد الوارد في القانون رقم 25 لسنة 1944 بشأن القانون الواجب التطبيق فى مسائل المواريث والوصية.

بناء عليه فقد تم رفع دعوى عدم دستورية منذ عام 2015 برقم 172 لسنة 37 ق دستورية بشأن طلب الحكم بعدم دستورية الفقرة القائلة: ” جاز لورثته فى حكم الشريعة الإسلامية وقوانين الميراث والوصية أن يتفقوا على ” الورادة بالقانون رقم 25 لسنة 1944 بشأن القانون الواجب التطبيق فى مسائل المواريث والوصية. بحيث يصير النص بعد الحكم بعدم دستورية الفقرة المشار إليها كالتالى :

” إذا كان المورث غير مسلم .. يكون التوريث طبقا لشريعة المتوفى “.

وقد كشفت احدى المحاكم في حكم حديث لها بأن نص المادة الثالثة من مواد اصدار القانون رقم 1 لسنة 2000 بشأن تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية وتعديلاته والتي تشمل مسائل الميراث والوصية واجب النفاذ وقد اعملت مقتضاه ونصه : ” تصدر الأحكام طبقا لقوانين الأحوال الشخصية والوقف المعمول بها, ويعمل فيما لم يرد بشأنه نص في تلك القوانين بأرجح الأقوال من مذهب الإمام ابى حنيفة. ومع ذلك تصدر الأحكام في المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية بين المصريين غير المسلمين المتحدى الطائفة والملة الذين كانت لهم جهات قضائية ملية منظمة حتى 31 ديسمبر سنة 1955- طبقا لشريعتهم – فيما لا يخالف النظام العام “.

كما نصت المادة الرابعة من مواد إصدار هذا القانون صراحتا على إلغاء كل نص يخالف أحكامها. ومن ثم فإن حكم هذه المادة يكون قد أبطل جميع قواعد الإسناد والإحالة وكل نص يخالف حكمها. وهذا النص بهذه الصياغة يعتبر ” نصا خاصا ” يوجب أن تصدر الأحكام بالنسبة للمصريين غير المسلمين المتحدى الطائفة ( الجنسية ) والملة ( الديانة ) الذين لهم جهات قضائية ملية منظمة قبل سنة 1955 طبقا لشريعتهم الخاصة بالأحوال الشخصية وتشمل الميراث والوصية. وحيث أن القاعدة القانونية سواء كانت خاصة أو عامة هى قاعدة مجردة, فإنها تكون واجبة الإعمال دون غيرها ولا يعتد بقصد المشرع, لأن العبرة بالنص القانوني لا بقصد المشرع. وبمقتضاه يتم تطبيق أحكام الميراث والوصية على المسيحيين متحدى الطائفة ( الجنسية ) والملة ( الديانة ).

وهذا الإتحاد فى الجنسية والدين هو الأصل المفترض مالم يعارض أحد مستحقى الإرث وفقا لأحكام الشريعة المسيحية في ذلك ويقيم الدليل عليه. ومن ثم متى اتفقا في الجنسية والديانة يتعين تطبيق شريعة المورث أو الموصى الدينية وفقا لنص المادة 17 /1 من القانون المدنى رقم 131 لسنة 1948 ميلادية ونصها: ” يسرى على الميراث والوصية وسائر التصرفات المضافة الى مابعد الموت. قانون المورث أو الموصى أو من صدر منه التصرف وقت موته “.

كما أصدرت محكمتى باب شرقى لشئون الأسرة بتاريخ 4 /3 /2018 ومحكمة سيدى جابر لشئون الأسرة بالإسكندرية بتاريخ 8 /12/2018 إعلاما وراثة طبقا للشريعة المسيحية تطبيقا لأحكام لائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكسيين الصادرة سنة 1938 لصالح الأستاذ/ شاكر وديع المحامى بصفته وكيلا عن الورثة. وذلك تطبيقا لنص المادة الثالثة من الدستور التي بصدورها صار من الواجب تطبيق لائحة 1938 الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكسيين باعتبارها سارية ومعمول بها دون اشتراط صدور قانون بها من الدولة, ومن ثم فما دامت هذه اللائحة قائمة وسارية فهى واجبة التطبيق وفقا للدستور وجوبيا , لأن المواريث وفقا لشريعة المورث الدينية أمر متعلق بالنظام العام, ومن ثم فهى واجبة التطبيق تفعيلا لنص المادة الثالثة من الدستور. أما عن الخلاف بين المجلس الملى العام والبابا كيرلس الخامس. فإنه بصرف النظر عن أسبابه التي لم تعد قائمة الآن. فقد تم تعديل لائحة 1938 حيث تم إلغاء وتعديل المواد المخالفة بقرار من رئيس المجلس الملى العام لطائفة الأقباط الأرثوذكسيين المنشور فى الوقائع المصرية بالعدد رقم 126 بتاريخ 2 يونيو سنة 2008 ميلادية, وقد نصت المادة الرابعة من هذا القرار على أن يعمل بالتعديلات بعد شهر من اليوم التالي لتاريخ نشرها.

أما ثوابت الإنجيل في الميراث فواردة في عدة قواعد أهمها :

القاعدة الأولى هي : قاعدة المساواة بين الأبناء في الميراث, وقد أقرها السيد المسيح نفسه بقوله تكميلا لأحكام الميراث في العهد القديم من خلال مبدأ سد الذرائع المؤدية لعدم المساواة وهى الطمع بالقول : ” انظروا وتحفظوا من الطمع ، فإنه متى كان لأحد كثير فليست حياته من أمواله ” وذلك ردا على طلب السائل من الرب أن يأمر أخيه بأن يقاسمه الميراث ( لوقا 12 : 13 – 15 ).

والقاعدة الثانية هي : قاعدة أن المرأة في المسيحية مكرمة كوارثة نعمة الحياة مع الرجل ( بطرس الأولى 3 : 7 ) أي أن لها كافة الحقوق مثل الرجل. لأن الرجل ليس من دون المرأة ولا المرأة من دون الرجل ( كورنثوس الأولى 11 : 11 ) . فالمرأة خلقت لتكون معينا نظيرا للرجل ( تكوين 2 : 18 ) والمعين لغة هو ند لمن يعاونه, والنظير في اللغة هو الشبيه والمساو للآخر في الدرجة والأهمية. وعلى ذلك فإن المرأة كمعين ونظير للرجل هي مساوية له في كافة الحقوق بصرف النظر عن الفروق الفسيولوجية بينهما والتي تحدد وظيفة كل منهما في الحياة المشتركة. مما تقدم يتضح أن الشريعة المسيحية تقوم على أساس قاعدة أن كل من الرجل والمرأة معين ونظير للآخر ومساو له في الكرامة وفى كافة الحقوق. ففي المسيح يسوع ليس عبد ولا حر ليس ذكر وأنثى لأنكم جميعا واحد في المسيح يسوع .. وحسب الموعد ورثة ( غلاطية 3 : 28 , 29 ) .

هذه المبادئ التي تقوم عليها الشريعة المسيحية باعتبارها شريعة الكمال أي المكملة والمتممة لشريعة العهد القديم هي مبادىء ثابتة لا تملك الكنيسة نفسها مخالفة أحكامها أو مبادئها الأساسية. لأن سلطان الحل والربط هو وكالة. لا يجوز للكاهن مجاوزة حدودها بحسب شريعة إلوهيم فى الكتاب المقدس. لهذا فإن كل أحكام الطلاق المخالفة للشريعة المسيحية على غرار قوانين البابا كيرلس بن لقلق وتلك التي تبيح تطليق المرأة للرجل إذا زنى هي باطلة, لأن الرجل رأس المرأة كما أن المسيح رأس الكنيسة, والرأس هو الذى يقطع العضو الفاسد وليس العكس. لذلك قال بولس الرسول: ” أن المرأة مرتبطة بالناموس بالرجل الحى فما دام الرجل حيا تدعى زانية إن صارت لأخر ” ( رومية 7 : 1 – 3 ) ( كورنثوس الأولى 7 : 39 ).

والخلاصة أن كل وصية تخالف وصايا الرب تدخل تحت ما يسمى بوصايا الناس ( مرقس 7 : 7 ) وكل تشريع يخالف وصايا وتعاليم الرب فى الإنجيل المقدس هو باطل, والمخالف أيا كان _ بعلم أو بدون علم _ سيأخذ دينونة. وأيضا كل من لا يتحفظ من الطمع ولا يقاسم اخوته الميراث بحسب الحق وفقا لشريعة الكمال هو تحت دينونة, وكذا كل من يقبل شريعة أخرى غير شريعته طمعا فى النصيب الأكبر. هو مرتد عن الوصية وعن شريعة الكمال حكما. ومعلوم أن أحكام الشريعة المسيحية غير قاصرة على الكتاب المقدس وحده بل تشمل قوانين الكنيسة والفقه الكنسى بما لا يتعارض مع دستور المسيحية أي الكتاب المقدس بعهديه مع تقديم العهد الجديد على العهد القديم, وهذه بديهية من بديهيات علم القانون. أما أحكام الشريعة الإسلامية في مسائل الميراث والوصية فهى أحكام خاصة بالأحوال الشخصية للمسلمين وحدهم دون غيرهم , ومن ثم لا يجوز اعتبارها قواعد عامة. لأن مسائل الأحوال الشخصية ذات صلة وثيقة بديانة الفرد تنظمها أحكام شريعته التي تخالف أحكام الشرائع الدينية الأخرى.

وبالتالي فإن أحكام الشرائع الدينية الخاصة بالأحوال الشخصية لا تتسم بالعمومية لأنها تخاطب من يدين بها دون غيره حتى وإن صدر بها تشريع من الدولة. أما القواعد العامة فهى التي يدين بها الكافة, ولا علاقة لها بالدين الذى هو بحسب الأصل شريعة خاصة بمن يدين به دون غيره.

وقد جاء دستور 2014 ليضع الأمور في نصابها الصحيح حيث نصت المادة الثالثة منه على أن:

” مبادىء شرائع المصريين من المسيحيين .. المصدر الرئيسى للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية “. وأهم هذه المبادىء هو مبدأ المساوة في الحقوق بين الذكر والأنثى وما يترتب على ذلك من آثار, مع مراعاة أن الميراث هو للأبناء وأبناء الأبناء وإن سفلوا. والحى مثل الميت إن كان له فرع وراث, ومن ثم فلا يوجد ما يسمى بالوصية الواجبة في المسيحية, ولا يصعد الميراث للآباء إلا عند عدم وجود الفرع الوارث. ومخالفة مبدأ عدم المساوة في حقوق الميراث بين الذكر والأنثى في المسيحية موجب للطعن عليه بعدم الدستورية لمخالفته نص المادة الثالثة من الدستور التي توجب أن تكون مبادىء الشريعة المسيحية للمصريين المسيحيين هي المصدر الرئيسى للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية.

وعليه وبفرض عدم وجود نص في القوانين السارية. فيما لو صدر القانون الجديد خلوا من تشريعات الأحوال الشخصية المتعلقة بالميراث والوصية. فإنه يتعين على القاضي عندئذ أن يرجع لأحكام الميراث والوصية المعمول بها في لائحة 1938 باعتبارها سارية ما لم يصدر نص صريح بإلغائها الأمر الذى سيترتب عليه حدوث فراغ تشريعى. وفى هذه الحالة الأخيرة يتعين علي القاضي وجوبيا أن يرجع لمصادر القاعدة القانونية الخاصة بالشريعة المسيحية في مسائل الأحوال الشخصية فيما يتعلق بأحكام الميراث والوصية, وعلى رأسها الكتاب المقدس بعهديه بحيث يقدم العهد الجديد على العهد القديم.

فإذا لم يجد القاضي نصا صالحا للتطبيق. ينتقل للمصدر الثانى وهو تعاليم الرسل. فإذا لم يجد نص. انتقل إلى قوانين المجامع المسكونية. فالمحلية. فالإقليمية. فقوانين الأباء. فإذا لم يجد نص. انتقل للمصادر الفقهية للشريعة المسيحية, ولا ينتقل القاضي من مصدر رئيسى إلى مصدر ثانوى ومن ثانوى إلى مصدر فقهى إلا عند عدم وجود نص على الترتيب السابق وبما لا يتعارض مع أحكام الإنجيل المقدس دستور المسيحية. لهذا فإن أحكام الميراث والوصية والهبة باعتبارها من مسائل الأحوال الشخصية التي تنظمها الشريعة الدينية للفرد هي الواجبة التطبيق ولو اقتضى الأمر ان يطعن على الأحكام المخالفة بعدم الدستورية لمخالفتها العديد من المبادىء الدستورية وأهمها مبدأ المساوة في الحقوق والواجبات بين المواطنين دون تمييز بسبب الدين أو الاصل , ومبدأ شخصية القوانين في مسائل الأحوال الشخصية وهو مبدأ حقوقى دولى أي فوق دستورى وهو واجب الأعمال فورا.

كما أن عدم المساوة بين الرجل والمرأة في الميراث يخالف مبادئ الشريعة المسيحية الواجبة التطبيق وفقا لنص المادة الثالثة من دستور 2014 إذا أن تطبيق المبادىء في هذه المادة متعلق بشرائع الأحوال الشخصية وليس بشرائع عامة يتعين إصدارها من الدولة لتطبيقها. إذ أن هذه الشرائع في مسائل الأحوال الشخصية موجودة فعلا وسارية وواجبة التطبيق تطبيقا لحكم المادة الثالثة من الدستور. وبعبارة أخرى أن مبادىء الشريعة المسيحية الواجبة التطبيق وفقا لنص المادة الثالثة من دستور 2014 هي مبادئ شريعة خاصة بالمسيحيين في مسائل الأحوال الشخصية , وهذه الشرائع في مسائل الأحوال الشخصية للمسيحيين المصريين موجودة فعلا وسارية وواجبة التطبيق تنفيذا وتطبيقا لنص المادة الثالثة من الدستور دون اشتراط صدور تشريع بها من الدولة , ذلك أن تطبيق المبادىء في هذه المادة متعلق بشرائع الأحوال الشخصية للمسيحيين المصريين, وليس بشرائع عامة يتعين إصدارها من الدولة لتطبيقها.

الملحقات

نموذج طلب اعلام وراثة

السيد الأستاذ/ رئيس محكمة لشئون الاسرة بعد تقديم وافر الإحترام والتحية :

مقدمه لسيادتكم السيدة / ومحل اقامتها

ومحلها المختار مكتب الاستاذ / وعنوانه

أتشرف بعرض الأتى:

توفى إلى رحمة الله تعالى المرحوم / وذلك بتاريخ / / 20

ولما كان المتوفى إلى رحمة مولاه هو زوج الطالبة وكان يقيم بالعنوان عاليه, وقد ترك ورثة هم :

1 – زوجة

2 – ابن بالغ

3- ابنة قاصر بوصاية والدتها

ولما كان المتوفى من حيث الطائفة قبطى أى مصرى الجنسية, ومن حيث الملة مسيحى, ولم يترك أى وصية ولا ورثة له سوى من ذكر وفقا لأحكام المواد 241 و 244 , 245 من لائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكسيين التي أقرها المجلس الملى العام للطائفة سنة 1938 وبمتقضاها تستحق الزوجة الربع فرضا ( الحالة الثانية من المادة 241 من لائحة 1938 ) وباقى التركة يؤول شرعا للابن والأبنة مناصفة بينهما, لا فرق في ذلك بين الذكر والأنثى ( المادتين 244 , 245 /1 من لائحة 1938 ).

وذلك تطبيقا لنص المادة الثالثة اصدار من القانون رقم 1 لسنة 2000 بشأن تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضى فى مسائل الأحوال الشخصية والمتضمنة نصا خاصا مقتضاه : ” تصدر الأحكام في المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية بين المصريين غير المسلمين المتحدى الطائفة ( أى الجنسية ) والملة ( أي الديانة ) الذين كانت لهم جهات قضائية ملية منظمة حتى 31 ديسمبر سنة 1955 طبقا لشريعتهم ” ( أي طبقا للائحة الأحوال الشخصية الخاصة بالأقباط الأرثوذكسيين الصادرة سنة 1938 ميلادية ).

ونصت المادة الرابعة اصدار من ذات القانون على إلغاء كل نص يخالف أحكامها. ولما كانت القاعدة القانونية سواء خاصة أو عامة قاعدة مجردة فلا يعتد إلا بمقتضى حكمها , فمن ثم فإن هذه المادة الإجرائية التي تقضى بأن تصدر الأحكام طبقا لشريعهم أي طبقا للائحة الأحوال الشخصية الخاصة بالأقباط الأرثوذكسيين الصادرة سنة 1938 تمثل تطبيقا لنص المادة الثالثة من الدستور المصرى التى تنص على أن : ” مبادىء شرائع المصريين من المسيحيين .. المصدر الرئيسي للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية ” ( المادة الثالثة من الدستور المصرى ).

وهذه الشرائع الخاصة بالأحوال الشخصية للمسيحيين المصريين حتى تطبق لا يشترط صدور تشريع بها من الدولة كالشرائع العامة, فضلا عن أن لائحة 1938 الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكسيين سارية ومعمول بها, ومن ثم فهى واجبة التطبيق اعمالا لنص المادة الثالثة من الدستور المصرى باعتبارها شريعة خاصة بالأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكسيين .

بناء عليه

تلتمس الطالبة من سيادتكم بعد الإطلاع على هذا الطلب تحديد أقرب جلسة لتحقيق وضبط إشهاد شرعى بوفاة ووراثة من ذكر وفقا لأحكام شريعة المورث الدينية, ومستعدة لسداد الرسم المقرر لذلك.

وتفضلوا سيادتكم بقبول وافر التحية والاحترام ,,,

مقدمه لسيادتكم

بيان ببعض حالات طلب إعلام الوراثة

في حالة وجود انثى واحدة ولو كانت متوفاة ولها فرع وارث

كقاعدة عامة فإن كل طبقة من الورثة ولو كانت قاصرة على أنثى واحدة, أو شخص متوفى واحد ذكرا كان أو أنثى, وله فرع وارث, فإن كل طبقة وارثة تحجب ما بعدها من طبقات, بحيث ترث الأنثى ولو كانت متوفاة ولها فرع وارث كل صافى التركة بعد استخراج فرض الزوج أو الزوجة, فإذا لم يوجد تأخذ التركة كلها ( مادة 244 ).

في حالة وفاة احد الزوجين ولا فرع وارث له

للزوج في ميراث زوجته نصف التركة إذا لم يكن للزوجة فرع وارث مطلقا . وحكم الزوجة في ميراث زوجها كحكم الزوج في ميراثها ( الحالة الأولى من المادة 241 ). في حالة وفاة الزوج أو الزوجة وله فرع وارث فإن صافى التركة يؤول بعد استيفاء فرض الزوج أو الزوجة إلي الفرع الوارث بالتساوى, ولو كان كانت الوارثة انثى واحدة ولو كانت متوفاة ولها فرع وارث. لأن حكم الذكر مثل حكم الأنثى في الشريعة المسيحية ولا فرق بين الحى والميت إن كان له فرع وارث ( المادة 245 ) ومن ثم فلا يوجد ما يسمى بالوصية الواجبة في المسيحية. فى حالة إذا كان للزوج أو الزوجة أكثر من ثلاثة أولاد ذكورا كانوا ام إناثا ولو كان بينهم من توفى وله فرع وارث فللزوج أو الزوجة حصة مساوية لحصة كل واحد من الورثة ( الحالة الثانية من المادة 241 ).

في حالة وفاة احد الزوجين ولا أبناء أو أجداد أو اخوة له

للزوج في ميراث زوجته – أو العكس – كل التركة إذا لم يكن للزوجة وارث من الفروع ( الأبناء) أو الأصول ( الأجداد وإن علو ) أو الحواشى ( الأخوة وبنوهم وإن سفلوا ) ( الحالة الثالثة من المادة 241 ). علما بأن كل طبقة وارثة تحجب ما بعدها.

في حالة وفاة الأخ أو الأخت وليس له فرع وارث ولا أحد الأبوين

فإن صافى التركة يؤول بعد استيفاء نصيب الزوج أو الزوجة إلى اخوته بالتساوى لا فرق بين الذكر والأنثى أو بين الحى والميت إن كان له فرع وارث ( المادة 247 ). وفى هذه الحالة إذا كان للمتوفى شقيقة واحدة فقط أو أخ أو أخت واحدة متوفاة قبله ولها فرع وارث فإن الميراث بعد فرض الزوج أو الزوجة ينتقل إلي الأخت شرعا إن كانت بمفردها, أو لورثة المتوفى ولو كانت انثى, حيث أن كل طبقة تحجب ما بعدها ولا فرق بين الذكر والأنثى أو الحى والميت إن كان له فرع وارث في الأحكام .

أما باقى حالات إعلام الوراثة

فيرجع في شأنها لأحكام الميراث والوصية الواردة بالبابين العاشر والحادى عشر من لائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكسيين الصادرة سنة 1938 ميلادية.

نموذج اعلان ورثة فى مادة وراثة

إنه فى يوم الموافق / /

بناء على طلب السيدة /

بصفتها أرملة ابن المتوفى والوصية على ابنتها القاصر منه وتقيم بالطابق الرابع بالعقار الكائن بالقاهرة

ومحلها المختار مكتب الأستاذ / المحامى الكائن فى

أنا محضر محكمة قد إنتقلت فى التاريخ المذكور أعلاه وأعلنت كل من :

1 – السيد / البالغ ( ابن المتوفى ) ويقيم بالطابق الثانى بالعقار عاليه

مخاطباً مع /

2 – السيدة / البالغة ( ابنة المتوفى ) وتقيم بالطابق الثالث بذات العنوان

مخاطباً مع /

وأعلنتهما بالأتى :

حيث تقدمت الطالبة بطلب إعلام وراثة لمحكمة لشئون الأسرة طلبت فيه تحقيق وفاة ووراثة المرحوم/ والد زوجها المتوفى قبله وإنحصار إرثه الشرعى فى ورثته المذكورين أعلاه طبقا لأحكام المادة 245 من لائحة الأحوال الشخصية للاقباط الأرثوذكسيين الصادرة سنة 1938 وقد تحدد جلسة يوم الموافق / / للنظر فى الطلب المقدم من الطالبة.

وحيث أن المعلن اليهم ضمن الورثة ويتعين حضورهم لضبط إعلام الوراثة فى مواجهتهم.

بناء عليه

أنا المحضر سالف الذكر قد إنتقلت فى التاريخ المذكور أعلاه إلى حيث مقر المعلن إليهما وسلمت كل منهما صورة من أصل هذا الإعلان وكلفت كل منهم بالحضور أمام محكمة لشئون الأسرة الكائن مقرها فى وذلك بجلستها العلنية التى ستعقد فى تمام الساعة الثامنة من صباح يوم الموافق / / وذلك لسماع أقوالهم وضبط الإعلام حتى لو تخلفوا عن الحضور طبقاً للقانون.

ولأجل العلم

إجراءات استخراج إعلام الوراثة من محكمة الأسرة

في حالة وفاة الأب ” الولي الطبيعي” إذا كان بين الورثة وريث قاصر أقل من 21 سنة فيتم استخراج قرار وصاية بتعيين وصى على الوريث القاصر من أقاربه.

ويتم استخراج قرار الوصاية بعد تقديم طلب يتقدم به مستحق الوصاية وهى غالبا الأم، ويتم تحديد جلسة لتعيين مقدم الطلب كوصي على الوريث القاصر بعد فرز التركة وتجنيب نصيبه منها وفقا لأحكام الميراث والوصية الواردة بلائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكسيين الصادرة سنة 1938 تطبيقا للقانون والدستور على الوجه الموضح بطلب إعلام الوراثة , والذي يتم إيداعه في البنك في حساب خاص لا يجوز الصرف منه إلا بعد رفع الوصاية عند بلوغ القاصر سن الرشد أو بإذن للوصي بالصرف من القاضي، ثم بعد ذلك يتم استخراج إعلام الوراثة.

أما إذا كان جميع الورثة بالغين , فإن الإجراءات تبدأ بتقديم أحد الورثة لطلب إلى رئيس محكمة الأسرة، مبين به صفته, واسم المتوفي وتاريخ الوفاة , مع بيان طائفة المتوفى أي جنسيته ( قبطى أو سريانى أو رومى إلخ .. ) وملته أي ديانته لمعرفة الشريعة الدينية للمتوفى التي ستطبق على الورثة مع بيان أسماء ورثته طبقا لهذه الشريعة, طالباً تحقيق وفاة ووراثة من ذكر أسمائهم بالطلب, مع بيان مواد الأحالة لتطبيق شريعتهم الخاصة, وهى المادتين 3 , 4 إصدار من القانون رقم 1 لسنة 2000 بشأن تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضى فى مسائل الأحوال الشخصية باعتبارهما نصا خاصا يقضى بتطبيق شريعتهم الخاصة , مع بيان المواد المطلوب تطبيقها من لائحة الأحوال الشخصية الخاصة بهم على الورثة تطبيقا لنص المادة الثالثة من الدستور المصرى ويرفق بالطلب ما يلى:

1 – شهادة الوفاة أو مستخرج رسمي منها

2 – صورة البطاقة الشخصية لمقدم الطلب

فيتم تحديد أقرب جلسة لنظر الإعلام، ويقوم مقدم الطلب بإعلان باقي الورثة بتاريخ الجلسة المحددة لنظر اعلام الوراثة على يد محضر. فإذا تم إعلانهم فلا يشترط حضورهم لتلك الجلسة, ويكفي حضور مقدم الطلب أو من ينوب عنه، ومعه ما يفيد اعلانهم قانونا, أما إذا لم يتم إعلان الورثة فيجب حضورهم جميعا.

ويسمع القاضي لشاهدين, يقرران بأن من ذُكرت أسمائهم في الطلب هم الورثة فقط وفقا للشريعة المطلوب تطبيقها, ولا يوجد غيرهم، فيقرر القاضي إصدار الإعلام مبينا به اسم وتاريخ وفاة المورث، وبيان من هم ورثته وما هي أنصبتهم الشرعية وفقا للشريعة المطالب بتطبيقها, ليقوم بعد ذلك مقدم الطلب أو أي من الورثة باستخراج صورة رسمية من إعلام الوراثة.