دراسة واسعة حول المناهج الدينية والتشريعية ودورها في المحافظة على البيئة

دراسة واسعة حول المناهج الدينية والتشريعية ودورها في المحافظة على البيئة

المناهج الدينية والتشريعية ودورها في المحافظة على البيئة

the religious and legislative curricula in the preservation of the environment

بروفيسور/أبكر عبدالبنات آدم إبراهيم- قسم مقارنة الأديان، كلية العلوم الإنسانية- جامعة بحري – السودان

Pro: Abaker Abelbanat Adam Ibrahim College of Humanties- University of Bahri – Sudan

ملخص

تناولت الدراسة المناهج الدينية والتشريعية ودورها في المحافظة على البيئة، من خلال إبراز النصوص الشرعية الإلهية والقواعد الفقهية الداعية لحماية البيئة ورعايتها وتنميتها. وقد تبيَّن أنَّ التشريعات الإلهية تتميَّز بمنظومة متكاملة من التوجيهات والمبادئ التي تهدف لحماية ورعاية البيئة بكافة أشكالها ومكوناتها، كما أنها انفردت بتقديمِ منهجٍ منطقي و واقعي لتحقيق هدف الاستخلاف في الأرض، وتفعيل دور الوازع الديني في تطبيق التشريعات العملية من خلال الآلياتِ الرقابيةِ والعقابيةِ للمخالفين والمعتدين. استخدم الباحث المنهج الوصفي والتحليلي والاستنباطي والاستقرائي لتحقيق علاقة البيئة بالنزعة الدينية والأخلاقية.

Abstract

The study dealt with the religious and legislative curricula in the preservation of the environment, by highlighting the divine texts and jurisprudential rules calling for the protection, care and development of the environment. It has been shown that the divine legislation is characterized by an integrated system of directives and principles that aim to protect and nurture the environment in all its forms and components. It has also provided alogical and realistic approach to achieving the objective of land fragmentation and activating the role of religion in implementing practical legislation through the supervisory and penal mechanisms of violators and aggressors. The rearcher used descriptive, analytical, deductive and inductive approach to achieve the relationship of the environment to religious and moral orientation.

مقدِّمة

لقد وضع لله عزّ وجلّ قوانين إلهية لحماية البيئة من المخالفين والمعتدين، فالبيئة وآليات حمايتها من القضايا التي باتت تؤرق شأن كل إنسانٍ يريد أن يحقق مستقبلا آمنا للأجيال الحالية والمستقبلية وعلى منوالها يستطيع الإنسان التعامل مع مظاهر البيئة.

فالدعوة إلى بناء علاقة سوية ومتوازنة تصون البيئة من القضايا الملحة التي تواجه البشرية على مرّ العصور، لذلك فإن عدم التعامل مع المظاهر البيئية دليل على غياب الوعي بأهميتها في حياتنا اليومية، وتجاهلنا للبعد الديني الذي يجب أن يحكم سلوك وتصرف كل فرد أو جماعة في المجتمع. ولا شكّ أن سلوك الإنسان الخاطئ، وغير الحضاري هو الذي جعل مظاهر البيئة تتعرض لتهديدات بالغة الخطورة. لذلك فإن هذه المعاناة تعتبر نوعاً من العقوبة الربانية، لأن الإنسان كثيراً ما يخالف التعاليم والضوابط التشريعية لأجل تحقيق مصلحته الذاتية.

أسباب اختيار الدراسة: إن احتضان البيئة للفعاليات الحياتية المختلفة للإنسان، في تاريخه وحاضره ومستقبله، يشكل أول بعد للعلاقة بين الدين والبيئة، وقد استطاع الإنسان من خلال تلك الفعاليات الحياتية المحاطة بعناصر البيئة أن يكوّن علاقة مشتركة حقق على منوالها رسالة إعمار الكون كخليفة يلتزم بمنهج المستخلِف. ومع تقدم العلم والمعرفة لم يلتزم الإنسان بالفرضية الإلهية مما عرض البيئة لأحكام سلطوية إنسانية أضرت بالوضع البيئي في كافة مجالات الحياة، آخرها تدهور المناخ.

أهمية الدراسة: تبرز أهمية الدراسة في النقاط التالية:

إظهار الدور المشرق للفكر الديني في الحفاظ على البيئة ورعايتها، من خلال الكشف عن المناهج التشريعية الإلهية.
إبراز النصوص الشرعية، والقواعد الفقهية الداعية لحماية البيئة و إعمارها وتنميتها.
بيان الآليات الرقابية والعقابية الشرعية التي تسهم في الحفاظ على البيئة.
توظيف الفقه الإسلامي في حل القضايا التي تواجه البيئة الطبيعية.
بيان موقف الفكر الإسلامي الفلسفي من المحافظة على البيئة.

تساؤلات الدراسة: تكمن تساؤلات الدراسة في الآتي:

ما هو موقف التشريعات الإلهية من قضايا البيئة؟
ما هي الضوابط والقوانين التي يمكن أن تساهم في حماية البيئة ورعايتها؟
كيف يمكن تفعيل الآليات العملية التطبيقية في صيانة البيئة؟

منهج الدراسة: استخدم الباحث المنهج الوصفي والتحليلي والاستنباطي والاستقرائي، من خلال تتبع دور التشريعات الإلهية في صيانة وحماية البيئة، واستقراء النصوص الشرعية، والقواعد الفقهية و التشريعات والنظم التطبيقية المتعلقة بالبيئة والتي شرعها الإسلام لحماية البيئة من التهديدات والتحديات المعاصرة.

المبحث الأول: تعريف البيئة لغة واصطلاحا

البيئة لغة: مشتقة من (البوء) وهو القرار أو اللزوم، ومنه قوله تعالى:﴿والذين تبوؤوا الدار والإيمان﴾1، والتبوء اتّخاذ المسكن وإلفه والتزامه2.ويستخدم في عدة معان منها3:

النزول والإقامة:ومنه ”باءَ” أي: حلَّ ونزل وأقام، والاسم منه “البيئة: أي: المنزل والمقام، والباءَة والمباءَة، وهي مَنزلة القوم، ويقال قد تبوَّؤوا، وبوّأهم اللهُ تعالى مَنْزِلَ صِدْق، والأصلُ في الباءةِ المَنْزِل، ثم قيل لِعَقْدِ التزويج باءةٌ؛ لأَنَّ مَن تزوَّج امرأَةً بَوَّأَها منزلاً4.
المكان وتهيئته: يقال: بَوَّأَهُم مَنْزِلاً: أي نَزَلَ بهم إِلى سَنَدِ جَبَل، وأَبَأْتُ بالمَكان أَقَمْتُ به بَيتاً: اتَّخَذْتُ لك بيتاً5، ومنه قوله تعالى:(أَنْ تَبَوَّءا لقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيوتاً)، أَي: اتَّخِذه، وأَصْلَحه وهَيَّأَه.
الحال: يقال باء بِبيئَةِ، أي الحالة، ويقال بيئة طبيعية، وبيئة اجتماعية، وبيئة سياسية6.

البيئة اصطلاحاً: هي المحيط الذي يوجد فيه الإنسان وما فيه من عوامل وعناصر تؤثر في تكوينه وأسلوب حياته. علمُ البيئة هي:” الوسط أو المجال المكاني الذي يعيش فيه الإنسان، ويضمّ ظواهر طبيعية وبشرية يتأثر بها ويؤثر فيها”7. وعُرفت أيضاً بأنها:”الإطار الذي يعيش فيه الإنسان ويحصل منه على مقومات حياته من غذاء وكساء ودواء ومأوى ويمارس فيه علاقاته مع أقرانه من بني البشر”8.

وعلى هذا السياق اختلف العلماء حول التعريف العلمي للبيئة حتى أنَّها لم تستقر على تعريف جامع مانع موحد، ويرجع السبب في ذلك إلى اختلافهم في نظرتهم للبيئة، فهنالك من نظر إليها من الجانب الماديِّ على اعتبار أنها مستودع للموارد الطبيعية والبشرية، وآخرون أبرزوا نظرتهم على أنها مجموعة من العوامل المتجانسة الطبيعية والاجتماعية والثقافية.

المبحث الثاني: مفهوم البيئة في الإسلام

إنّ مفهوم البيئة في الإسلام هو مفهوم شامل، وتعني الأرض والسماء والجبال وما فيها من مخلوقات ومؤثرات وظواهر مختلفة بما فيها الإنسان، وما يحيط به من دوافع وعواطف وغرائز سخّرها الله سبحانه وتعالى للإنسان للعيش الكريم. قال تعالى:(هُوَ الذي أنزَلَ مِنَ السَّماءِ مَاءً لَكُم مِنهُ شَرَابٌ ومِنهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُون يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرعَ والزَّيتُونَ والنَّخِيلَ والأعنابَ ومِن كُلِّ الثَّمَراتِ إنّ في ذلكَ لآيَةً لِقومٍ يَتَفَكَّرونَ وسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيلَ والنَّهارَ والشَّمسَ والقَمَرَ والنُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأمرِهِ إنّ في ذلكَ لآياتٍ لِقَومٍ يَعقِلونَ وما ذَرَأَ لَكُم في الأرضِ مُختلِفاً ألوانُهُ إنّ في ذلكَ لآيَةً لِقَومٍ يَذَّكَّرونَ وهوَ الذي سَخَّرَ البَحرَ لِتَأكُلُوا مِنهُ لَحماً طَرِيّاً وتَستَخرِجوا مِنهُ حِليَةً تَلبَسُونَهَا وتَرَى الفُلكَ مَواخِرَ فِيهِ ولِتَبتَغُوا مِن فَضلِهِ ولَعَلَّكُم تَشكُرُونَ وألقَى في الأرضِ رَوَاسِيَ أن تَمِيدَ بِكُم وأنهاراً وسُبُلاً لَعَلّكُم تَهتَدُونَ وعَلامَاتٍ وبِالنَّجمِ هُم يَهتَدُونَ)9.

وقال تعالى:(خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ ثُمّ جَعَلَ مِنهَا زَوجَهَا وأنزَلَ لَكُم مِنَ الأنعامِ ثَمانِيَةَ أزوَاجٍ يَخلُقُكُم في بُطُونِ أُمَّهاتِكُم خَلقاً مِن بَعدِ خَلقٍ في ظُلُماتٍ ثَلاثٍ ذلِكُم اللهُ رَبُّكُم لَهُ المُلكُ لا إلهَ إلا هُوَ فأنَّى تُصرَفُونَ)10.

هكذا يتمتّع الإسلام بنظرة أعمق وأوسع للبيئة، حيث طالب الإنسان أن يتعامل مع البيئة من منطلق أنها ملكية عامة يجب المحافظة عليها حتَّى يستمر الوجود. كما عُني الإسلام عنايةً خاصةً بنظافة البيئة باعتبارها المحل الذي يقيم فيه الإنسان ويحصل منه على احتياجاته ويمارس فيها عبادته وأعماله التي تعينه على مواجهة متطلبات حياته.

لم ترد كلمة “البيئة” في القرآن الكريم ولا في السنة النبوية المطهرة، غير أن مدلولها ارتبط ارتباطاً وثيقاً بكلمة الأرض فقد استخدم القرآن الكريم مصطلح الأرض للدلالة على المحيط أو المكان الذي يعيش فيه الإنسان، شاملة ما عليها من مظاهر الطبيعة11، قال تعالى:(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأرض قَالُواْ إنما نَحْنُ مُصْلِحُون)12، وقال تعالى:(وَأَخْرَجَتِ الأرض أَثْقَالَهَا)13.

وقال ابن العربي:” فَخَلْقُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْأَرْضَ، وَإِرْسَاؤُهَا بِالْجِبَالِ، وَوَضْعُ الْبَرَكَةِ فِيهَا، وَتَقْدِيرُ الْأَقْوَاتِ بِأَنْوَاعِ الثَّمَرَاتِ وَأَصْنَافِ النَّبَاتِ إنَّمَا كَانَ لِبَنِي آدَمَ؛ تَقْدِمَةً لِمَصَالِحِهِمْ، وَأُهْبَةً لِسَدِّ مَفَاقِرِهِمْ…؛ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى الْقُدْرَةِ الْمُهَيِّئَةِ لَهَا لِلْمَنْفَعَةِ وَالْمَصْلَحَةِ، وَأَنَّ جَمِيعَ مَا فِي الْأَرْضِ إنَّمَا هُوَ لعبادة الخالق”14.

لذلك فإنَّ العلماء المسلمين لم يستخدموا كلمة(البيئة) استخداما اصطلاحياً إلا في القرن الثالث الهجري، وقُصد بها الإشارة إلى الوسط الطبيعي والجغرافي والمكاني والإحيائي الذي تعيش فيه الكائنات الحية بما في ذلك الإنسان، هذا بالإضافة إلى الإشارة للمناخ الاجتماعي والسياسي والأخلاقي والفكري…وغيرها15.

ولم تقتصر عناية الإسلام بالنظافة على البدن والجسد فحسب بل اتسعت الدائرة لتشمل صيانة البيئة وحفظها على السواء، فالنفس تنشرح حين يكون المكان نظيفاً، وتأنف حين يكون المنظر قذراً، ولذلك حث الرسول صلى الله عليه وسلم على النظافة فقال:” إن الله طيب يحب النظافة، جواد يحبّ الجود، فنظفوا أفنيتكم، ولا تشبهوا باليهود”16.

وعلى ذلك، فإن غياب التصور الشامل للإنسان، والكون، والحياة، ينعكس فساداً على السلوك والقيم، فالإسلام ينظر إلى الإنسان على أنَّه سيّد الموقف، فهو سيّد هذا الكون، وكل ما في الكون مخلوق من أجله باعتباره الخليفة المؤتمن، قــال تعالى:﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾17.

فالخلافة عن الخالق في الخلق، تلزم الإنسان الخليفة بالمحافظة على الكون المستخلَف فيه، حتَّى يستطيع أن يؤدِّي الأمانة التي حملها فلا يظلم نفسه والآخرين من حوله، فهو سيّد هذا الكون، ولتحقيق هذه السيادة سخر له كل شيء في الكون. فالخلافة تعني أول ما تعني تعمير الأرض بإشاعة الخير والسلام فيها، وبالعمل على إظهار عظمة الخالق وقدرته عن طريق الانتفاع الإيجابي إعماراً وليس فساداً، ولا شكّ أن في الأمرين خير ضمان لحماية البيئة وسلامتها وتحقيق التنمية واستدامتها.

فإذا تحقق الأمران يكون للإنسان ارتباط قوي بين مختلف مكونات الكون، قال تعالى:(إنّ الله فالِقُ الحَبِّ والنَّوَى يُخرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ ومُخرِجُ المَيِّتِ مِنَ الحَيِّ ذلِكُمُ اللهُ فأنّى تُؤفِكُونَ فالِقُ الإصباحِ وجَعَلَ اللَّيلَ سَكَناً والشَّمسَ والقَمَرَ حُسبانا ذلكَ تَقدِيرُ العَزِيزِ العَلِيم وهوَ الذي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومُ لِتَهتَدوا بِها في ظُلُماتِ البَرِّ والبَحرِ قَد فَصَّلنَا الآياتِ لِقَومٍ يَعلَمُون وهوَ الذي أَنشَأَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ فَمُستَقَرٌ ومُستَودَعٌ قَد فَصَّلنا الآياتِ لِقَومٍ يَفقَهُونَ وهوَ الذي أنزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فأخرَجنا بِهِ نَبَاتِ كُلِّ شيءٍ فَأخرَجنا مِنهُ خَضِراً نُخرِجُ مِنهُ حَبّاً مُتراكِباً ومِنَ النَّخلِ مِن طَلعِها قِنوَانٌ دانِيَةٌ وجَنّاتٍ مِن أعنَابٍ والزَّيتُونَ والرُّمَّانَ مُشتَبِهاً وغَيرَ مُتَشابِهٍ انظُرُوا إلى ثَمَرِهِ إذا أثمَرَ ويَنْعِهِ إنّ في ذلِكُم لآياتٍ لِقَومٍ يُؤمِنُونَ)18.

المبحث الثالث: دور الدين في المحافظة على البيئة

يرى كثير من العلماء المسلمين أن للدين دور كبير في المحافظة على البيئة الطبيعية من خلال الآتي:

* التنمية العقلية والفكرية: جاء التشريع الإسلامي لصون حاجة الإنسان من الموارد الطبيعية والبشرية، ودعا إلى ترشيد الاستهلاك، ونهى عن التبذير. أيضاً دعا إلى تنمية العقل والفكر، والزرع، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:” ما مِن مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا إلَّا كانَ ما أُكِلَ منه له صَدَقَةً، وما سُرِقَ منه له صَدَقَةٌ، وما أكَلَ السَّبُعُ منه فَهو له صَدَقَةٌ، وما أكَلَتِ الطَّيْرُ فَهو له صَدَقَةٌ، ولا يَرْزَؤُهُ أحَدٌ إلَّا كانَ له صَدَقَةٌ” 19.

* الاهتمام بالتربية الدينية الرشيدة: تشكل التربية الدينية أولى حلقات العملية التعليمية للمحافظة على البيئة الثقافية والفكرية. فمن الواجب غرس فكرة العناية بالبيئة والمحافظة عليها، والتعامل معها بـالإحسان لقوله تعالى:﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً﴾20.

* التوعية بأهمية المحافظة على البيئة: إن التوعية والتثقيف من الوسائل والأساليب التي تعمل على الرقي بفكر الأمة، وتسمو بأذواقها واتجاهاتها العقلية والنفسية، والتي تساعد على تصحيح المفاهيم الخاطئة، وتقويم الأفكار التي تؤدي إلى انحرافه، متعاونة مع أجهزة الإعلام الواعي الهادف، الذي يبني ولا يهدم، ويصلح ولا يفسد، بحيث ينشئ تصوراً معرفياً منبثقاً من التصور الإسلامي للإنسان والكون والحياة21.

فالثقافة هي التي تغير الأفكار والأذواق والميول، وتساعد على تكوين اتجاهات الأفراد في المحافظة على إصلاح البيئة، والحرص على سلامتها ونمائها، وهنا يلعب الإعلام المقروء والمسموع والمرئي دوراً كبيراً في التفاعل مع المعاني والمفاهيم البيئية لما لها من تأثير بالغ على الناس22.

* العناية بالرقابة العامة: وهنا يقصد به تحريك الضمير الجماعي للأمة نحو المحافظة على البيئة الطبيعية والاجتماعية، قال تعالى:﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ﴾23.

* تفعيل التشريعات والعقوبات: ويقصد بها التشريعات والقوانين التي يعاقب من خلالها من لا يلتزم بها، عن طريق ولي الأمر، لقوله تعالى:﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيد﴾24، فمن لم يصلحه الكتاب والميزان أصلحه الحديد ذو البأس الشديد، وفي الحديث: “كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته”25.

* التعاون مع المؤسسات الإقليمية والعالمية: إن التعاون مع الجماعات والمؤسسات الأهلية والرسمية منها الإقليمية والدولية، يساعد على مقاومة كل ما يهدد البيئة من الاستنزاف والتلوّث والإخلال بالتوازن الطبيعي للكون26.

* نشر ثقافة التربية البيئية: إن نشر ثقافة التربية لها أثرها البعيد في تنشئة وإعداد الأجيال إعداداً تربوياً يتفق والقيم الدينية والاجتماعية، ويؤصل لدى الأجيال مفاهيم خُلقية، واجتماعية تحض على احترام البيئة وتقديرها، فهذا يلقي على المؤسسات التربوية(المدارس، والجامعات، والمساجد، والنوادي… الخ) العبء الأكبر في تحقيق هذا الهدف الأسمى.

المبحث الرابع: القيم التربوية للمحافظة على البيئة

عُرفت القيم التربوية بأنها: مجموعة الأحكام المعيارية المنبثقة من الأصول الدينية، التي تكون بمثابة موجهات لسلوك الإنسان تِجاه البيئة، والتي تمكن الإنسان من تحقيق وظيفة الخلافة في الأرض27.

قيم المحافظة: وتختص بتوجيه سلوك الأفراد نحو المحافظة على مكونات البــيئة، وتشمل على:

+ المحافظة على نقاء الغلاف الجوي.

+ المحافظة على نظافة الثروة المائية والنباتية والبحرية والحيوانية.

+ المحافظة على استخدام الثروات المعدنية وغير المعدنية.

+ المحافظة على الصحة الجسدية والبدنية.

قيم الاستغلال: هي تلك القيم التي تختص بتوجيه سلوك الأفراد نحو الاستغلال الجيد لمكونات البيئة الطبيعية، وتتضمن عدم الإسراف، والبعد عن الترف، والاعتدال والتوازن في استغلال الموارد الطبيعية وفق ما تقتضيه مقاصد التشريع الإسلامي، والذي به يستطيع الإنسان استغلال موارده البيئية بحيث يحقق ضرورياته وحاجياته، بدون إفراط ولا تفريط.
قيم التكيف مع المتغيرات البيئية: وهي تلك القيم التي تختص بتوجيه سلوك الأفراد نحو التكيف مع بيئتهم الطبيعية، وتصحيح معتقداتهم السلبية تجاهها وتشمل الآتي: التكيف مع المتغيرات الطبيعية مثل: قسوة الظروف المناخية، والكوارث الطبيعية، وكذلك الابتعاد عن المعتقدات الخرافية مثل: التعاويذ والتمائم، والتبرك بالشجر، والكهانة، والتشاؤم… الخ.
قيم جمالية: وهى تلك القيم التي تختص بتوجيه سلوك الإنسان نحو التذوق الجمالي لمكونات البيئة، قال تعالى:﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ﴾28.

المبحث الخامس: النزعة الدينية ودورها في الحفاظ على البيئة

إنَّ غياب الوازع الديني، وانعدام الجانب الروحي والأخلاقي على حساب المصالح الذاتية للأشخاص والمؤسسات والدول، يدفع الإنسان إلى الجنوح نحو الفساد البيئي، وذلك من خلال نشر المواد المسرطنة التي كثيراً ما أضرت بصحة البشر، هذا بالإضافة إلى تصنيع المفاعلات النووية التي تدفن في بلاد الفقراء والمحرومين لحساب الدول الكبرى التي غاب ضميرها الإنساني من أجل كسب المال وتحقيق الأهداف الخاصة، لذلك يجب أن ننادي بأهمية إيقاظ الضمير الإنساني، وتقوية الوازع الديني الداخلي كخطوة أساسية للوصول إلى صفة توافقية تعمل على حماية ورعاية البيئة.

فصلاح البيئة لا يتم إلا بصلاح الإنسان، ولن يصلح الإنسان إلا بصلاح قلبه ونفسه، ولا صلاح للقلب والنفس إلا بالدين والإيمان29. فإذا كان الإنسان يجهل المنفعة البيئية اليوم، فربّما يعرفها بعد غد، فلابد للبشرية أن تدرك أن للعقائد دور عظيم في تغيير حياة الإنسان الدنيوية والأخروية، وهي التي تؤثر في مسيرة حياته من مختلف النواحي الفكرية والتشريعية والدينية والحياة التطبيقية، قال تعالى:﴿وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب﴾30.

فإذا غابت تلك المعاني الروحية يتجه الإنسان نحو سلوك تخريبي للطبيعة والمجتمع، لأن التلوّث بمعناه الواسع أقرب إلى مفهوم الفساد، ولذلك فإن النزعة الدينية هي التي تضمن للإنسان ضبط علاقته بالبيئة، لأنها ليست ملكاً خاصاً لجيل من الأجيال يتصرف فيها كيف يشاء، إنما هي ملك وميراث دائم للبشرية جميعاً، فلو أحسن الإنسان وازعه الديني يستطيع استنباط تطبيقات كفيلةٌ بحماية البيئة من التلوث أكثر من القوانين المادية، لأن القانون الشرعي ينتهي في نهاية المطاف إلى الله سبحانه وتعالى، وهو المشرع الأعلم بما يصلح عباده[1].

فالدين كقانون إلهي يجعل الإنسان أكثر فاعلية في تطبيق وتنفيذ القوانين إلى حدٍّ كبير، أكثر من القانون الوضعي، ومن أهم هذه الحوافز إحساس المتديّن برقابة الله سبحانه وتعالى، وشعوره بأنه عندما يراعي القوانين البيئية لا ينطلق في ذلك من مجرد الخوف من العقوبة الجزائية الدنيوية بقدر ما يستشعر الرقابة الإلهية التي تمنعه من مخالفة أمره ـ فالمتديّن حقّا يخاف مخالفة الله سبحانه تعالى، طمعاً في جنّته يوم الحساب، ولهذا فإّنه لا يتجرأ على المخالفة.

المبحث السادس: المناهج التعبدية ودورها في المحافظة على البيئة

لا يستطيع الإنسان أن ينكر دور الدين في رعاية البيئة وحمايتها، ولا يزال يمثل الصوت الأقوى الذي تصغي إليه الغالبية العظمى من بني الإنسان، وتعتبر تعاليمه ووصاياه هي الأشد وقعاً على النفوس. لذا فإن تعاليمه للمحافظة على البيئة تقوم على مبدأ مقاصد التشريع الإسلامي. ولهذا فإن الرؤية الإسلامية حول حماية البيئة تقوم على مناهج عدة، منها:

1.المنهج الإيماني الاعتقادي: يتجلى البعد الإيماني في موضوع حماية البيئة من خلال الربط الوثيق بين صلاح الإنسان وبعده عن المعاصي وبين صلاح بيئته، فكلما زاد صلاح الإنسان كانت البركة والنماء والجمال في بيئته ومحيطه، وقد أشار القرآن لذلك في قوله تعالى:( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)[2].فالإيمان بالله هو إيمان الرقابة الدائمة على تصرفات الإنسان سواء مع النفس أو مع الآخرين من حوله أو مع البيئة المحيطة به، وهذه الرقابة بمثابة الالتزام بالمسؤولية الأخلاقية اتجاه البيئة، من خلال المقاصد التالية:

أ.عبادة الله تعالى: خلق الله تعالى الإنسان لعبادته، فأكرمه ونعمه، لقوله تعالى:(أما الإنسان إذا أكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن)[3].

ب. الاستخلاف في الأرض: إن خاصية استخلاف الإنسان بالبيئة محكومة بضوابط أساسية منها: التسخير: إن الله سبحانه وتعالى سخر العناصر البيئية لخدمة الإنسان للنهوض برسالته الاستخلافية، قال تعالى:﴿ أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ﴾[4]، فإذا نظرنا إلى آيات التسخير الواردة في القرآن الكريم تُبين لنا أمور عدة، منها: أن الإنسان لا يستطيع أن يصل إلى الاستفادة من مظاهر البيئة إلا إذا أراد الله له ذلك، قال تعالى:﴿ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ﴾[5].

وبالرغم من التسخير الذي حفلت به آيات القرآن الكريم، فإن الإنسان يجب أن يدرك أن هناك عوالم في هذا الكون ليس له سبيل إلى معرفتها، وتظل مخفية عنه وخارجة عن سيطرته، كالجن وغيرها. كذلك أن التسخير الإلهي لمظاهر الكون هي عطية من الله تعالى للإنسان، فهي إذًا حق من حقوقه التي منحه الله إياها، يستطيع من خلاله الانتفاع بكل ما فيها لصالح بناء مجتمعه، ويعمر من خلالها الكون الذي يعيش فيه. وقد أثارت مسألة الخلافة قضية مهمَّة تتعلق بملكية الإنسان للموارد البيئية، هل هي ملكية حقيقية أم مجازية، أو بعبارة أخرى: هل هي ملكية رقبة أم ملكية انتفاع؟؛ وذلك للأسباب التالية:

أن كثيراً من نصوص القرآن الكريم تُضيف الملكية إلى الله سبحانه وتعالى:﴿ آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ﴾[6].
إن وجود الإنسان في هذه الحياة مؤقَّت، واستخلافه فيها مؤقت أيضاً؛ ولذلك كان انتفاعه بمواردها مؤقَّت؛ ومن هنا تَبرز أحقية الأجيال المتعدِّدة في الانتِفاع بالموارد البيئية، وضرورة أن يَعي الإنسان هذه الحقيقة لكي يحفظ للأجيال التي بعده حقَّها في الانتفاع بما خلَق الله في هذا الكون، قال تعالى:﴿ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ﴾[7].
أن شعور الإنسان بملكيته الدائمة للموارد يثير فيه نوازع الأنانية، ويدفعه إلى الفساد المؤدي إلى تدمير الموارد البيئية، وهو ما تشهده بيئتنا المُعاصِرة، ولذلك كانت تعاليم القرآن واضحة في النهي عن الفساد في الأرض، قال تعالى:﴿ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾[8].

ج.عمارة الأرض:تعتبر عمارة الأرض وإصلاحها من شروط الاستخلاف لسد الذرائع التي تؤدي إلى وقوع الفساد لقوله تعالى:﴿ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾[9]، واستعمركم أي طلب إليكم أن تعمروها[10]. وبهذا المنطق فأن عمارة الأرض تَدخُل في الخلافة، وكلتاهما ضرب من العبادة لله تعالى، كما أن العبادة تدخل في الخلافة، فلا خلافة بلا عبادة.

أما اهتمام الإنسان بالبيئة بمفهومها الشامل فيجب أن يتجاوز كل الحدود القومية والجغرافية لأن حماية البيئة وصيانتها من صميم النظرة الأخلاقية التي جاءت في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وهذا ما تهدف إليه التربية البيئية المعاصرة، فالتطبيق العملي لهذه الرؤية القرآنية في ميدان البيئة، يعني الحفاظ على توازناتها الطبيعية، وهو شرط أساسي في المنظور الإسلامي للتنمية المستدامة[11]. عليه فإن إعمار الأرض والتمكين فيها، يقتضي من الإنسان حسن التدبير والإدارة من خلال: الحفاظ على توازن البيئة ونواميسها، وتحقيق البقاء للجميع.

د. الإيمان باليوم الآخر: إنّ الإيمان بالآخرة له أثر في علاقة الإنسان ببيئته، ويتمثل ذلك في تفكيره في الوجود الإلهي وعدم الإشراك به، وفي ذلك فوز بسعادة الدارين، لقوله تعالى:(وابتَغِ فِيما آتاكَ اللهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنيا وأحسِن كَما أحسَنَ اللهُ إليكَ وَلا تَبغِ الفَسادَ في الأرضِ إنّ اللهَ لا يُحِبُّ المُفسِدِينَ)[12].

فالالتزام بتحقيق شرط الاستخلاف يمثل أساس النجاة من العذاب في الآخرة، لذلك فإنّ مبدأ العقاب والثواب حقيقة ثابتة في الدين، بل يمثل دافع قوي للإنسان لينطلق في عمله من مبدأ الحلال والحرام والعدل والإصلاح، لتعطي معناً آخر للحياة في الآخرة، قال تعالى: (أفَحَسِبتُم أنّما خَلَقناكُم عَبَثاً وأنّكُم إلَينا لا تُرجَعُون)[13].

2. المنهج التوجيهي الإرشادي: إنَّ الناظرَ في القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة، يجد أنها زخرت بالنصوص التوجيهية والآمرة بحماية البيئة ورعايتها والمحافظة عليها، والنهي عن الإضرار بها أو بأحد محتوياتها، كما وضعت الضوابط الحاكمة لتصرف الإنسان في مكوناتها، ففيها النهي عن الفساد في الأرض، وإهلاك الحرث والنسل، والإسراف، والدعوة إلى التوسط والاعتدال في كلِّ ما يتعلق بالتعامل معها وفق مقاصد التشريع الإسلامي، مصداقاً عما ورد عن الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه في وصاياه لقادته قبل الحرب:” ولَا تَقْطَعُوا مُثْمِرًا، وَلَا تُخْرِبُوا عَامِرًا، وَلَا تَذْبَحُوا بَعِيرًا وَلَا بَقَرَةً إِلَّا لِمَأْكَلٍ، وَلَا تُغْرِقُوا نَخْلًا، وَلَا تُحْرِقُوهُ“[14]وفي الحديث دلالة بالغة على اهتمام الدين بالبيئة حتى في أحلك الظروف.

3.المنهج التشريعي التطبيقي: الشريعة الإسلامية ترجمت جملة من التشريعات التطبيقية لحماية البيئة والمحافظة عليها، وذلك من خلال ثلاثة جوانب: الأول:ربط حماية البيئة بمقاصد الشريعة، الثاني: ربطها بقواعد الفقه الكلية، الثالث: ربطها بالمسؤولية الجماعية. لذلك فإنَّ أحكام التشريعات الإلهية تقع على مقاصد الكليّات الخمسة. ففي حماية البيئة ورعايتها حفظ للدين؛ لأن الاعتداء على البيئة يخالف الإيمان الذي يعدُّ الحفاظ على البيئة شعبة منه، وينافي مبدأ الاستخلاف في الأرض، وعمارتها وإصلاحها، وكذلك الأمر في حفظ النفس والعقل والنسل، فإنَّ الاعتداء على البيئة، وتلويث مصادرها واستنزافها وإهدارها، وتلويث مكوناتها وما ينتج عنه من مواد سامة وإشعاعات خطيرة تهدِّد حياة الإنسان ووجوده.

كذلك فإنَّ رعاية البيئة وحمايتها تتضمن المحافظة على المال الذي جعله الله قواماً لمعيشة الإنسان، فالأرض مال، والزرع مال، والأنعام مال.. وهكذا، فالحفاظ على البيئة حفاظ على المال بكافة أشكاله وأنواعه وموارده، فلا إسراف ولا إهدار ولا استنزاف لغير حاجة أو ضرورة.

المنهج التشريعي والرقابي: يمتلك الإسلام منظومة تشريعية متكاملة تستطيع معالجة كافة المشاكل البيئية، فإنّه ينظم علاقته بالمجتمع والطبيعة من حوله، والقرآن الكريم والسنّة النبوية هما أسّاس القواعد التشريعية، فلا مجال لأي فراغ تشريعي، فكل واقعة أو حادثة لها حكم في الإسلام ومن أهم التشريعات:

أ) تنمية الوعي بأهمية صيانة البيئة المحيطة بالإنسان: قال تعالى: (وسَخَّرَ لَكُم ما في السَّموَاتِ وما في الأرضِ جَمِيعاً مِنهُ إنّ في ذلكَ لآياتٍ لِقَومٍ يَتَفَكَّرونَ)[15].

ب) تكوين الفهم الصحيح للبيئة: إنّ علاقة الإنسان بالطبيعة هي علاقة انسجام، وإنّ القرآن الكريم صور الطبيعة بشكل محبب للإنسان، حتى يستطيع أن يؤدي دوره في الحياة بصورة أكثر فاعلية، قال تعالى:(وهوَ الذي أرسَلَ الرِّياحَ بُشرا بَينَ يَدَي رَحمَتِهِ وأنزَلنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُورا)[16].

ج) المحافظة على التوازن البيئي: إن الإخلال بالتوازن البيئي هو صورة من صور الفساد في الأرض. ولقد بين القرآن الكريم والسنة النبوية أنّ الحرام هو كل ما من شأنه أن يدمِّر الإنسان وبيئته، وإنّ الحفاظ على البيئة واجب أساسي في المجتمع، قال تعالى:(وإلى عَادٍ أخاهُم هُوداً قالَ يا قَومِ اعبُدُوا اللهَ ما لَكُم مِن إلهٍ غَيرُهُ أفَلا تَتّقُونَ)[17].

د) تنمية الخُلق البيئي: من المفاهيم الأساسية في الإسلام تنمية الجانب الخُلقي للبيئة، وقد وضعت المقاصد التشريعية نظاماً يسهم في بناء الطبائع كشكل من أشكال التعامل مع الظواهر الكونية لحماية الكائنات الحيّة حاضراً ومستقبلاً.

هـ) المحافظة على العناصر البيئية: لقد سخّر الله تعالى المخلوقات الكونية لخدمة الإنسانية، فلكل كائن على هذه البسيطة وظيفة اجتماعية، وقد دعا الإنسان للمحافظة على تلك الوظائف، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:” وإذا وقعت لقمة أحدكم فليأخذها فليمط ما كان بها من أذى، وليأكلها ولا يدعها للشيطان، ولا يمسح يده بالمنديل حتى يلعق أصابعه، فإنّه لا يدري في أي طعامه البركة”[18].

و) الدعوة إلى السعي والعمل: دعا الإسلام للعمل والسعي من أجل التخلص من الفقر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” كاد الفقر أن يكون كفراً”. وكثيراً ما يؤدِّي الفقر إلى انعدام الأمن، وخاصة في ظل انعدام العدالة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية[19].

وبناءً على ما سبق، فإن الشعائر الدينية تنظم حياة الإنسان وفق أحكام الشرع، والفقه الإسلامي لا يتصل بالبيئة بوصفه أحكاماً فحسب، بل يتصل بالبيئة اتصالاً وثيقاً بوصفه قواعد كلية، فكثير من القواعد يدخل في أمر صيانة البيئة وتنظيمها وحمايتها من خلال تفعيل قاعدة لا ضرر ولا ضرار، وهي قاعدة تربوية وتعليمية في المقام الأول. ومن المعلوم أن العقوبات في الشريعة نوعان: عقوبات محددة منصوص عليها في جرائم معينة، وهي المعروفة في الفقه باسم الحدود والقصاص[20]. وعقوبات غير منصوص عليها، وهي العقوبات التعزيرية، وهي المفوضة إلى رأي الإمام أو القاضي، وهذه العقوبة في كل معصية لا حد فيها ولا كفارة، وهي تشمل معاصي كثيرة، وخصوصاً ما يتعلق بحقوق العباد ومصالحهم، فيدخل فيها الحفاظ على البيئة. فالمناهج الدينية توجب حماية البيئة من كل التجاوزات الفردية والجماعية.

الخاتمة

أكدت الدراسة أن تعاليم الدين تنهى عن الفساد في الأرض، وأنها خير ضمان لخلق مبدأ التوازن البيئي وتحقيق غاية الاستخلاف في الأرض، وحماية مكونات البيئة المختلفة من التلوّث بجميع أشكاله. ومن أهم النتائج:

لن يتحقّق إصلاح البيئة إلاّ إذا صلح الإنسان، لذا لابد من تنمية الوعي البيئي من خلال المؤسسات الثقافية والمنابر الدعوية والإعلامية.
لقد أولى الفكر الديني أهمية قصوى للبيئة، وذلك من خلال منظومة متكاملة من التوجيهات والتشريعات والمبادئ بهدف حماية البيئة بكافة أشكالها ومكوناتها، ووضعت من الضوابط ما يمنع الاعتداء عليها أو إهدارها أو استنزاف مواردها.
تقوم فكرة حماية البيئة في التشريعات الإلهية على أساس عقدي، فقد اعتبرت الحفاظ على البيئة ورعايتها من القربات التي يتقرب بها الإنسان إلى الله تعالى.
إيجاد أجهزة مختصَّة تضبط التزام الناس بما شرعته من أحكام وقواعد لرعاية البيئة.
التشريعات الإلهية تحرم كافة الجرائم البيئية، وكل ما من شأنه إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد مكوناتها.

ومن أهمّ التوصيات:

* ضرورة المحافظة على البيئة، وحرمة الاعتداء عليها وتلويثها.

* طرح الجوائز التحفيزية لمن يقوم بمساهمات أو أعمال مبتكرة تساهم في تحسين البيئة وتحقيق جمالها.

* الاهتمام بفقه البيئة في دراسات الفقه الإسلامي بكليات الشريعة والقانون في الجامعات العربية والإسلامية.

* التعاون مع المجتمع الدولي بمختلف الصور في سبيل حماية البيئة ومنع تلويثها، والانضمام للعهود والاتفاقيات الدولية المنعقدة لحماية البيئة ما لم تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية.

* ضرورة إفراد دراسات مستقبلية تهتم بوضع آليات عملية لتطبيق الرؤية الشرعية في حماية البيئة بشكل واقعي وعملي وملموس.

المراجع

أبادي، الفيروز(بدون تاريخ). القاموس المحيط للفيروز آبادي. دار الفكر، بيروت،ط1.

ابن العربي: القاضي محمد بن عبد الله(بدون تاريخ).أحكام القرآن، تعليق: محمد عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت،ط1.

ابن فارس، أبو الحسين أحمد(2002م). معجم مقاييس اللغة، تحقيق: عبد السلام هارون. اتحاد الكتاب العرب، بيروت،ط2.

أبو غدة، عبدالستار(بدون تاريخ). البيئة والحفاظ عليها من منظور إسلامي. دار الأمل، دمشق،ط1.

أبوزريق، علي رضا(1416هـ). البيئة والإنسان، علي رضا أبو زريق. سلسلة دعوة الحق إصدار رابطة العالم الإسلامي، ط3.

أرناؤوط، محمَّد السيد(2007م). التلوث البيئي وأثره على صحة الإنسان، مكتبة الأسرة، سلسلة العلوم والتكنولوجيا، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة،ط2.

الأندلسي، أبو حيان(بدون تاريخ). البحر المحيط، تحقيق صدقي محمد جميل، دار الفكر – بيروت، ط5.

البخاري، محمد بن إسماعيل بن إبراهيم(1432هـ). الجامع المسند الصحيح المختصر. تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار الحديث، القاهرة،ط2.

البورنو، محمد صدقي بن أحمد بن محمد(1996م). الوجيز في إيضاح قواعد الفقه الكلية. مؤسسة الرسالة، بيروت، ط4.

البيهقي، أحمد بن الحسين بن علي(بدون تاريخ).السنن الكبرى، تحقيق: محمد عبد القادر عطا دار الكتب العلمية، بيروت،ط2.

الترمذي، أبوعيسى(1473هـ). الجامع الصحيح. تحقيق: إبراهيم عطوة عوض. شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، القاهرة،ط2.

الخشن، حسين(2000م). الإسلام والبيئة خطوات نحو فقه بيئي، للشيخ حسين الخشن، 23، نشر دار الهادي، بيروت،ط1.

دنيا، شوقي(2001م). الإسلام وحماية البيئة، مجلة البحوث الفقهية المعاصرة، الرياض، العدد 48،ط2.

الرازي، أبو عبد الله محمد بن عمر(1420هـ)، مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير. دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط3.

الزبيدي(بدون تاريخ). تاج العروس من جواهر القاموس، تحقيق : مجموعة من المحققين، طبعة دار الهداية.القاهرة،ط2.

الشاطبي، إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي(1997م). الموافقات. تحقيق: أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان، دار ابن عفان، عمان ط1.

شحاتة، عبد الله محمود(بدون تاريخ). رؤية الدين الإسلامي في الحفاظ على البيئة. دار الشروق، القاهرة،ط1.

شلبي، أحمد إبراهيم(1984م). البيئة والمناهج الدراسية. مؤسسة الخليج العربي، الرياض، ط1.

عودة، عبد القادر(بدون تاريخ). التشريع الجنائي الإسلامي مقارناً بالقانون الوضعي. دار الكتاب العربي، بيروت،ط1.

غرابية، الفرحان، سامح غرايبة، يحيى فرحان(1987م). المدخل إلى العلوم البيئية. دار الشروق، عمان، ط1.

الفقي، محمد عبد القادر(1993م). البيئة مشاكلها وقضاياها وحمايتها من التلوث. مكتبة ابن سيناء، القاهرة،ط1.

القرضاوي، يوسف(2001م). رعاية البيئة في شريعة الإسلام. دار الشروق، القاهرة،ط1.

الكبيسي، عبد العزيز شاكر حمدان(بدون تاريخ). حماية البيئة في ضوء السنة المطهرة. شبكة الألوكة العلمية،نت. وانظر الموقع على شبكة الإنترنت: quran.maktoob.com: vb: quran.21595، مقالة: البيئة ومنهج الإسلام.

الكيلاني، سري زيد(2014م). تدابير رعاية البيئة في الشريعة الإسلامية، مجلة دراسات، علوم الشريعة والقانون، مجلد (41)، العدد2.

الكيلاني، سري زيد(2017م). الرعاية الرقابية والعقابية للبيئة الطبيعية في الإسلام، المجلة الأردنية في الدراسات الإسلامية، مجلد (13)، العدد2.

مرسي، محمد(1999م). الإسلام والبيئة. أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض،ط1.

مسلم، أبو الحسن مسلم بن الحجاج(بدون تاريخ). صحيح مسلم. تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، مكتبة فياض للطباعة، المنصورة،ط3.

1 – الحشر:6

2 – آبادي، الفيروز(بدون تاريخ). القاموس المحيط. دار الفكر، بيروت،ط1. ص.34

3- أبوزريق، علي رضا(1416هـ). البيئة والإنسان، علي رضا أبو زريق. سلسلة دعوة الحق إصدار رابطة العالم الإسلامي، ط3، ص122.

4 – الأندلسي، أبو حيان(بدون تاريخ). البحر المحيط، تحقيق صدقي محمد جميل، دار الفكر – بيروت، ط5ص25

5 – الزبيدي(بدون تاريخ). تاج العروس من جواهر القاموس، تحقيق : مجموعة من المحققين، طبعة دار الهداية.القاهرة،ط2، ص123

6 – ابن فارس، أبو الحسين أحمد(2002م). معجم مقاييس اللغة، تحقيق: عبد السلام هارون، طبعة اتحاد الكتاب العرب، بيروت،ط2، ج1ص290

7 – عودة، عبد القادر(بدون تاريخ). التشريع الجنائي الإسلامي مقارناً بالقانون الوضعي. دار الكتاب العربي، بيروت،ط1،ص43

8 – شلبي، أحمد إبراهيم(1984م). البيئة والمناهج الدراسية. مؤسسة الخليج العربي، الرياض، ط1.ص16

9 – النحل:10-16

10 – الزمر:6

11 – دنيا، شوقي(2001م). الإسلام وحماية البيئة، مجلة البحوث الفقهية المعاصرة، الرياض، العدد 48،ط2.

12 – البقرة:11

13 – الزلزلة:2

14 – ابن العربي: القاضي محمد بن عبد الله أبو بكر(بدون تاريخ).أحكام القرآن، تعليق: محمد عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت،ط1،ص99.

15 – الخشن، حسين(2000م). الإسلام والبيئة خطوات نحو فقه بيئي، للشيخ حسين الخشن، 23، نشر دار الهادي، بيروت،ط1،ص23.

16 – الترمذي، أبو عيسى(1473هـ). الجامع الصحيح. ج2،حديث رقم453)

17 – البقرة:30

18 – الأنعام:95-99

19- مسلم (1373هـ). مسلم، أبو الحسن مسلم بن الحجاج(بدون تاريخ). صحيح مسلم. تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، مكتبة فياض للطباعة، المنصورة،ط3،ج2 :3487.

20 – الفرقان:67

21 – غرابية، الفرحان، سامح غرايبة، يحيى فرحان(1987م). المدخل إلى العلوم البيئية. دار الشروق، عمان، ط1.ص22

22 – الكيلاني، ءري زيد(2014م). تدابير رعاية البيئة في الشريعة الإسلامية، مجلة دراسات، علوم الشريعة والقانون، مجلد (41)، العدد2.ص1221

23 – التوبة:71

24 – الحديد:25

25 – البخاري: محمد بن إسماعيل بن إبراهيم(1432هـ). الجامع المسند الصحيح المختصر. تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار الحديث، القاهرة،ط2.ج1حديث رقم282

26 – الشاطبي، إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي(1997م). الموافقات. تحقيق: أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان، دار ابن عفان، عمان ط1،ص87.

27 – الفقي، محمد عبد القادر(1993م). البيئة مشاكلها وقضاياها وحمايتها من التلوث. مكتبة ابن سيناء، القاهرة،ط1، ص67.

28 – فاطر:27

29 – القرضاوي، يوسف(2001م). رعاية البيئة في شريعة الإسلام. دار الشروق، القاهرة،ط1،ص265.

30 – البقرة:112

[1]- مرسي، محمد(1999م). الإسلام والبيئة. أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض،ط1،ص59.

[2]- الأعراف : 96

[3]- الفجر: 15

[4]- لقمان:20

[5]- الرحمن:33

[6]- الحديد:7

[7]- البقرة:36

[8]- الأعراف:74

[9]- هود:61

[10]- الرازي، أبو عبد الله محمد بن عمر(1420هـ)، مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير. دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط3،ص345

[11]- البورنو، محمد صدقي بن أحمد بن محمد(1996م). الوجيز في إيضاح قواعد الفقه الكلية. مؤسسة الرسالة – بيروت، ط4،ص66.

[12]- القصص:77

[13]- المؤمنون:115

[14]- البيهقي: أحمد بن الحسين بن علي(بدون تاريخ). السنن الكبرى، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت.،ط3ج2:حديث رقم 1815)

[15]- الجاثية:13

[16]- الفرقان:48

[17]- الأعراف:56

[18]- مسلم(بدون تاريخ).مصدر سابق:ج3حديث رقم:4567

[19]- الكبيسي، عبد العزيز شاكر حمدان(بدون تاريخ). حماية البيئة في ضوء السنة المطهرة. شبكة الألوكة العلمية،نت. وانظر الموقع على شبكة الإنترنت: quran.maktoob.com: vb: quran.21595، مقالة: البيئة ومنهج الإسلام.

[20]- شحاتة، عبد الله محمود(بدون تاريخ). رؤية الدين الإسلامي في الحفاظ على البيئة. دار الشروق، القاهرة، ط1،ص18.