دراسة لجرائم الأنترنت بأنواعها المختلفة – بحث قانوني حديث

دراسة لجرائم الأنترنت بأنواعها المختلفة – بحث قانوني حديث

 

أنواع جرائم الإنترنت
النوع ( 1 ) : حينما تكون شبكة الإنترنت هدف الجريمة وغايتها، وهذا ما يسمى بـ : ” الإجرام المعلوماتي على الإنترنت “.
النوع ( 2 ) : حينما تكون شبكة الإنترنت قد استخدمت كوسيلة في ارتكاب الجريمة، وهذا ما يسمى ” بالإجرام غير المعلوماتي في شكبة الإنترنت”.
وفيما يلي تفصيل ذلك:

الفرع الأول : الإجرام المعلوماتي على شبكة الإنترنت
ويشتمل هذا النوع من الإجرام على الجرائم التالية:

أولاً : الاعتداءات المنطقية:
أ-جرائم مهاجمة الشبكة بالفيروسات والبريد الإلكتروني التطفلي:
تعتبر هذه الجرائم من أخطر الجرائم التي تهدد الحواسيب وشبكة الإنترنت، وتحلق بها خسائر مادية تقدر بعشرات الملايين من الدولارات( 1 ).
والفيروس هو برنامج حاسوب يهدف إلى إحداث أكبر ضرر بنظام الحاسوب، وله القدرة على ربط نفسه بالبرامج الأخرى، وكذلك إعادة إنشاء نفسه حتى يبدو كأنه يتكاثر ويتوالد ذاتياً. ويقوم الفيروس بالانتشار بين برامج الحاسوب المختلفة وبين مواقع مختلفة في الذاكرة.
ومن النتائج التي تترتب على هذا الفيروس، تعديل البرامج والتنقل بواسطتها إلى برامج أخرى، نسخ أوامر بدلا من أوامر البرنامج، إلحاق أضرار بالغة بالبرامج، تقليل سرعة الحاسب( 2 ).
ومن أخطر الفيروسات المنتشرة عبر شبكة الإنترنت، فيروس Nimada (3)،
والفيروس المدمر الذي تشهده الحاسبات والشبكات في أيامنا هذه(1)
وتصنف ضمن الفيروسات :
1- الدودة المعلوماتية : ( Ver informatique ) :
وهي برامج معلوماتية صغيرة، قائمة بذاتها وغير معتمدة على غيرها وضعت بهدف تدمير وإعاقة وتشويش الشبكات، و بغرض سرقة بعض البيانات الخاصة ببعض المستخدمين أثناء تصفحهم على شبكة الإنترنت أو لإلحاق الضرر بهم أو بالمتصلين بهم
وتتميز هذه الدودة بسرعة الانتشار وفي نفس الوقت يصعب التخلص منها نظراً لقدرتها الفائقة على التلوين والتناسخ والمراوغة(3)، ومن أشهر أمثلتها: الدودة التي اخترعها روبرت موريس، والمسماة بدودة الحب، وكذلك دودة ميلسيا وأنا كارنيكافو.
2- القنبلة المعلوماتية : ( Bombe informatique ):
وتعرف كذلك بالشفرة المعيقة أو القنبلة الموقوتة، وهي عبارة عن برنامج يعد من قبل مصمم للنظام المعلوماتي يبثه بداخله، وتكون الغاية منه جعله ينطلق أو يعمل بعد فترة محددة على استعمال النظام المعلوماتي بهدف تعطيله، كأن يتوقف عن العمل ويلصق رسالة أو صورة أو إشعار … أو تدمير أو محو البيانات التي يحتويها(4).
وتجدر الإشارة إلى أنها أكثر ما تبرز في الحملات الإعلانية للبرمجيات وكذا في البرمجيات المؤجرة(5).
3- الفخ الخبيئة : ( Trappe ) :
وهو منفذ يجهز مسبقاً في نظام معلوماتي من قبل مصممه، من أجل إنزال برامج خاصة من شأنها أن تعيق سير عمل هذا النظام، وأن تدخل إليه عناصر إعاقة لتطبيقاته.
4- حصان طروادة : ( Cheval Troie ):
تعد هذه العملية الطريقة الغالبة في الاحتيال والتخريب بواسطة الحاسب الآلي، وهي تمثل تغطية أوامر الحاسب الآلي لتمكينه من الإتيان بوظائف غير مصرح له بها مع ترك البرنامج على حاله للاستثمار في تحقيق أهدافه(1).
ومن أبرز الأمثلة المعروفة بحصان طروادة، مبرمج يعرف باسم ( Bak (orifice الذي يصفه أحد خبراء الحاسوب الأمريكان بأنه : ” … يمكنه أن يدمر الكاميرا التي تملكها، ويمكنه أن يفتح جهاز الميكروفون الخاص بك ويمكنه أن ينسخ ملفاتك وأن ينقل كل ما يراه ويسمعه ويقرأه ويعيد إرساله”(2).

ب- القناة المخفية : (anal Cache ):
وهو نوع خطر من الاعتداءات، يوقم على مبدأ تهريب المعلومات عبر خرق سياسة الأمن والحماية المعتمدة في الأنظمة المعلوماتية، وهي في ذلك تتطلب ذكاءً فائقاً من المعتدي.

ج- انتحال شخصية الفرد أو شخصية الموقع:
ويعنيى ذلك انتحال صفة من له الحق في الدخول إلى نظام معلوماتي معين وذلك باستغلال بياناته كعنوانه أو تاريخ ميلاده أو رقم ضمانه الاجتماعي استغلالاً سيئاً، من أجل الحصول على بطاقات الائتمان أو رخص القيادة أو بهدف تشويه سمعة صاحب الموقع.
هذا فيما يخص انتحال شخصية الفرد، أما فيما يخص انتحال شخصية الموقع، فهي تعنى أنه بإمكان بعض الأشخاص الدخول على الموقع بغرض حجبه أو تغييره، وضع الموقع الخاص به، وهذا ما يحدث غالباً في المواقع السياسية أو الدينية، ومن ذلك ما نجده في المواقع الفلسطينية والمواقع الإسرائيلية، فكثيراً ما يدخل الفلسطينيون على المواقع الإسرائيلية يقومون بإلغاء الصفحة الرئيسية ويضعون بدلاً منها العلم الفلسطيني والعكس صحيح.
وفي إطار الجريمتين السابقتين هناك جريمة من نفس النوع وهي جريمة معاودة إرسال إشارات سبق أن استخدمها مستعمل مرخص له بالدخول إلى هذا النظام، وتم تسجيلها بشكل خفي بدون علمه.

ثانياً : الاعتداءات المادية:
وتعتبر هذه الأخيرة النوع الثاني من الجرائم التي تكون شبكة الإنترنت محلاً لها، ومن أبرزها:
أ‌- الاعتراض المتعمد للبيانات:
ويقصد به رصد إشارات إلكترومغناطيسية في الأنظمة المعلوماتية وتحليلها، بهدف استرجاع المعلومات المفهومة أو المقروءة منها.
ب‌- التشويش :
ويهدف هذا النوع من الاعتداء، إلى إعاقة المستوى التشغيلي للأنظمة المعلوماتية وجعلها عاجزة عن العمل.
ج‌- الاكتساح والتفخيخ:
ويقصد بالاعتداء الأول منهما إرسال حزمة من المعلومات إلى الشبكة للتوصل إلى تحديد أي من هذه المعلومات هي الصحيحة، أما الاعتداء الثاني فيقصد به إدخال وظائف خفية في مرحلة تصميم أو تصنيع أو نقل أو صيانة النظام المعلوماتي(1).

الفرع الثاني: الإجرام غير المعلوماتي في شبكة الإنترنت:
وهو النوع الثاني من جرائم الإنترنت، يحدث حينما تستخدم الإنترنت كوسيلة لارتكابها، ويشمل هذا النوع من الإجرام جرائم عديدة مثل الجرائم الجنسية، والممارسات غيرا لأخلاقية وجرائم الاختراقات والجرائم المالية وجرائم إنشاء وارتياد المواقع المعادية وجرائم القرصنة والجرائم المنظمة وجريمة غسل الأموال والمخدرات …. إلخ.
ولقد ارتأينا تقسيم هذه الجرائم إلى:
جرائم تقع على الأشخاص، وتضم:
جرائم الأخلاق:
والتي تشمل: جرائم القذف والسب والتشهير عبر الإنترنت وجرائم الاستغلال الجنسي للأطفال عبر الإنترنت.
جرائم الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة عبر الإنترنت:
جرائم تقع على الأموال:
والتي تشمل السرقة النصب عبر الإنترنت وكذا جريمة غسل الأموال عبر الإنترنت وجريمة ترويج المخدرات عبر الإنترنت.
جرائم الاعتداء على حقوق الملكية الفكرية.
جرائم الاعتداء على أمن الدولة، وخصوصاً الإرهاب الإلكتروني.

أولاً : جرائم الاعتداء على الأشخاص:
إن التوافق بين السياسة الجنائية وحق الأفراد في سلامة أبدانهم من كل أذى يحيط بهم مطلب أساسي ومشروع لمواجهة الإجرام التقني المستحدث الناتج عن استخدام شبكة الإنترنت والتي يلجأ إليها المجرم المعلوماتي لتنفيذ رغباته الإجرامية في بيئة لا يحكمها قانون، فلقد أتاحت الثورة المعلوماتية لهذا المجرم تسخير الفضاء الكوني لتحقيق أغلب صور الاعتداء على الأشخاص من جنح بسيطة إلى جنايات كبرى إما كفاعل أصلي أو كفاعل معنوي وبأبسط الأساليب من خلال التلاعب ببرامج أو برمجة البيانات عن بعد بالضغط على زر واحد(1)، ومن أهم الاعتداءات على الأشخاص عبر الإنترنت: جرائم الأخلاق وجرائم الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة.
أ-جرائم الأخلاق:
لقد احتلت مشكلة الأخلاق عبر الإنترنت حيزاً كبيراً في بحوث الفقه المقارن، وذلك لاختلاف الأخلاقيات من شعب لأخر، وجرائم الأخلاق وفقاً للتصنيف المصلحي في قانون العقوبات هي تلك النوعية من الجرائم التي تتضمن العدوان على القيم الأخلاقية المتعارف عليها في النظم الاجتماعية والاقتصادية(2)، وهي مجرمة في جميع تشريعات العالم مع اختلاف الأخلاقيات في تلك الأخيرة، فمثلاُ في مصر نجد قانون العقوبات فيها يرصد الجرائم الأخلاقية في البابين الرابع والسابع من الكتاب الثالث، وكذلك قانون العقوبات الجزائري، إذ يتناولها في الأقسام الخامس والسادس والسابع من المواد 269 إلى 342 عقوبات.
وتجدر الإشارة إلى أن العلنية شرط مهم في الجرائم الأخلاقية(3)، وهذا ما نجده متحققاً في تلك الجرائم الواقعة عبر الإنترنت، ومن أهم هذه الجرائم:
1-جرائم القذف والسب والتشهير عبر الإنترنت:
تعد جرائم القذف والسب والتشهير من أكثر الجرائم شيوعاً في نطاق شبكة الإنترنت، وإن كانت تلك الأخيرة جرائم تقليدية، إلا أنها ونظراً لوقوعها بواسطة شبكة الإنترنت فإنها تصنف ضمن الجرائم المستحدثة. وتعاقب معظم التشريعات العقابية على هذه الجريمة، ومنها القانون الجزائري في مادته 297 و 296 عقوبات، وكذا القانون المصري في المادة 302- 306-308 عقوبات، وكما تجرم التشريعات العقابية المقارنة تلك الجريمة ومنها قانون العقوبات الإيطالي في المواد 594- 595، والقانون الأمريكي في النص: 223 sec 47.

وتتنوع صور القذف والسب عبر شبكة الإنترنت بتنوع الغرض من استخدامها:
فقد يكون القذف والسب وجاهياً. ومثالها ما يحدث من خلال مجموعات الأخبار، وخاصة في الحالة التي يتبادل فيها الجاني والمجني عليه الرسائل أو في الحالة التي يكون كلاهما في صدد تعليق ومشاركة على موضع معين.
وقد يكون كتابة وهذا ما نجده غالباً في غرف المحادثات والدردشة ( chat rooms )، وقد يكون غيابياً كما هو الشأن في مجموعات الأخبار، عندما يترك المستخدم عنوان بريده الإلكتروني على تلك المجموعات ليتسنى له استقبال الرسائل حول موضوع ما ولمعرفة أخبار موضوع يشغل اهتمامه، وقد يكون بواسطة المطبوعات أي بواسطة الجرائد والصحف اليومية أو الموقوته عبر شبكة الإنترنت، وهذا ما نجده بكثرة في البريد الإلكتروني وشبكة الويب(1).
وغالباً ما يرتكب السب والقذف عبر شبكة الإنترنت من خلال إسناد مادة كتابية أو صوتية أو فيديوية صوتية تسئ إلى أحد الأشخاص ومن شأنها أن تنال من شرفه أو كرامته أو تعرضه إلى بغض الناس واحتقارهم، ويشترط في هذه الجريمة أن تكون علنية.
هذا فيما يخص السب والقذف، أما بالنسبة للتشهير فهو الأخر نوع من أنواع القذف وهو عبارة عن تشويه أو تهديد لسمعة شخص ما بهدف التقليل من قدر ذلك الخير في نظر المجتمع والناس أياَ كانت نوعية هذه العلاقة أو لابتزازه وبالتالي رضوخه، ويشترط في جريمة التشهير:
1-غياب المجني عليه أي عدم حضوره الواقعة.
2-أن ترتكب أمام عدة أشخاص أو في الصحف أو في وثيقة عمومية. أضف إلى ذلك تشترط بعض القوانين فيه الكتابة(2). وهي ترتكب عبر الإنترنت بإنشاء مواقع خصيصاً لذلك (create location ).

ومن أمثلة جرائم التشهير عبر الإنترنت:
الحادثة التي تمكنت فيها المباحث المصرية من ضبط شخص بتهمة نشر معلومات كذابة على الإنترنت للتشهير بعائلة مسؤول وابنته ( 17 عاماً )، وذلك بعد رفض والدها خطبته لها، حيث قام المهندس المتهم بتصميم موقع إلكتروني بهدف التشهير بهذه الفتاة وعائلتها(3).
كما أن هناك حداثة أخرى مشهورة جرى تداولها بين مستخدمي الإنترنت في بداية دخول الخدمة في منطقة الخليج، حيث قام شخص في دولة خليجية بإنشاء موقع على شبكة الإنترنت نشر فيه صورة لفتاة وهي عارية مع صديقها، وكان قد حصل على تلك الصور بعد التسلل إلى جهاز الحاسب الآلي الخاص بتلك الفتاة ونسخ منه تلك الصور، ولما حاول ابتزازها جنسياً بتلك الصور ورفضت، قام بإنشاء ذلك الموقع ونشر فيه تلك الصور مما أدى بالفتاة إلى الانتحار بعد ما سببه لها من فضية بين أهلها. كما وقعت حادثة تشهير أخرى من قبل أسموا أنفسهم ” المجاد هكرز “، حيث أصدروا بيان نشر على الإنترنت بواسطة البريد الإلكتروني أوضحوا فيه قيام شخص بالتطاول في أحد المنتديات بالسب والقذف على شيخ الإسلام “ابن تيمية” وغيره من رموز الفكر الإسلامي الذين يلتف حولهم المسلمون لمعرفة أمور دينهم ودنياهم، وقد استطاع هؤلاء اختراق البريد الإلكتروني لهذا الشخص ومن ثم تم نشر صوره وكشف أسراره في موقعهم على الإنترنت لتجرؤه على ما ارتكب في حق رموز الإسلام(1).
2-جرائم الاستغلال الجنسي للأطفال:

لقد وفرت شبكة الإنترنت – أكثر الوسائل فعالية وجاذبية – لصناعة ونشر الإباحية الجنسية، إذ أنها جعلت تلك الأخيرة بشتى وسائل عرضها من صور وفيديو وحوارات – سواء أكانت مسجلة أم مباشرة – في متناول الجميع كباراً وصغاراً، ذكوراً وإناثاً. وهذا ما أثبتته عدة تقارير ودراسات منها التقرير الذي نشرته شبكة CNN الإخبارية بتاريخ 15/3/2003 على موقعها عبر شبكة الإنترنت CNN. Com بعنوان “سهولة الوصول إلى الملفات الإباحية”. وكذا الدراسة التي أجريت من قبل BBC عام 1991(2).
وتعد الإباحة الجنسية جريمة معاقب عليها في معظم بلدان العالم، وخاصة العربية، وهي تندرج تحت جريمة اسمها: ” إتيان الأعمال الفاضحة علنية والتحريض على ممارستها” ولعل أخطر تلك الجريمة المنتشرة عبر الإنترنت، هي جريمة استغلال الأطفال جنسياً. إذ أصبحت تلك الفئة عرضة ومحلاً للعديد من الجرائم الجنسية، وذلك بتصويرها بأوضاع جنسية مخلة بالآداب وذلك إما بصور حقيقية أو مفترضة ( مزيفة ).

ولقد برزت الأخطار المحتملة ضد الأطفال عبر شبكة الإنترنت نتيجة ثلاثة مخاوف رئيسية هي:
1- سهولة وصول الأطفال إلى مواقع خليعة رئيسية تنظم دعارة الأطفال عبر شبكة الإنترنت.
2- الإنترنت هي المكان المناسب لبيع منتجات منتجى دعارة الأطفال.
3- وجود أشخاص خطرين ومنجذبين نحو الأطفال على شبكة الإنترنت، والذين يسحرون ضحاياهم إلى لقاءات حقيقية في الحياة من خلال تخاطب البريد أو غرف التخاطب أو من خلال المراسلة عبر البريد الإلكتروني(3).
ولقد جرمت عدة تشريعات جريمة استغلال الأطفال جنسياً ومنها قانون العقوبات الفرنسي الجديد، وخاصة بعد انضمام فرنسا ومصادقتها لاتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل عام 1989. وذات الشأن بالنسبة للقانون الإنجليزي، إذ أنه صدر في بريطانيا قانون حماية الطفل عام 1978 وكذا التعديل الذي أضافه الأمر الخاص بالعدالة الجنائية والنظام العام لسنة 1994. أما بالنسبة للقانون الأمريكي فقد جرم تلك الأفعال في التعديل التشريعي للقانون الاتحادي لعام 1999(1).
أما بالنسبة للتشريعات العربية، فنجد منها ” قانون الطفل المصري رقم 12/1996″ وكذا قانون العقوبات الاتحادي في دولة الإمارات العربية المتحدة(2).

وبالإضافة إلى ذلك جرم المشرع المصري مجموعة من الأفعال تسمى بجرائم البغاء في قانون ” مكافحة الدعارة رقم 10/1961″.
وذات الشأن بالنسبة للقانون الأردني، إذ بين الجرائم الماسة بالأطفال في الفصل الثاني من الباب السادس من قانون العقوبات الأردني رقم 16 لسنة 1960، وهي الجرائم التي تمس الأسرة في المواد 218 إلى 219. كما أورد نصوصاً تجرم أفعالاً إذا كان الاعتداء فيها متعلقاً بالعرض والاغتصاب أو الإغواء في الفصلين الأول والثاني من الباب السابع من قانون العقوبات. أما القانون الجزائري فقد جرم ذلك في قانون العقوبات لعام 1966 في الفصل الثاني من الباب الثاني في الأقسام 1 و 6 و 7 .
ومن الجرائم التي تتعلق بالآداب العامة وتمثل خطورة على الأحداث وتمت بالفعل عن طريق الإنترنت:
1- في عام 1955 وجهت الشرطة البريطانية أول اتهام لاستخدام الإنترنت في تبادل المواد الإباحية. وفي بعض الدول تم ضبط عصابات تستخدم الأطفال في إجراء مكالمات حية تتناول موضوعات جنسية فاضحة مع مستخدمين لشبكة الإنترنت(3).
ب-جرائم الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة:
حظيت الحياة الخاصة للأفراد بحماية دستورية وقانونية في مختلف تشريعات الدول المتقدمة(1)، لما لخصوصية الأفراد من أهمية قصوى على كيان الفرد والمجتمع معاً.
والحق في الخصوصية(2) هو أحد الحقوق اللصيقة التي تثبت للإنسان والتي غالباً ما يصعب حصر جوانبها المختلفة، والتمييز بحدود واضحة بين ما يعد من الحياة الخاصة للإنسان وما يعد من الحياة العامة له(3).
ولقد لعبت الثورة المعلوماتية وما نتج عنها تطور تكنولوجي دوراً بارزاً في تأثيراتها على الحق في الخصوصية، بأطوار وأشكال مختلفة، إذ أصبحت تلك الأخيرة تعرف ببنوك المعلومات(4). ولكنها وفي الوقت نفسه أصبحت مهددة بالعديد من الانتهاكات والاعتداءات، ولا سيما مع ظهور الطريق السريع للمعلومات، وهذا ما جعل رجال القانون في مواجهة مباشرة مع تحديات عصر التكنولوجيا المتطورة، وذلك بسعيهم لوضع قوانين تتماشى مع ذلك التطور(5).

وتقوم جرائم الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة عبر الإنترنت على مبدأ التمركز في موقع معين داخل شبكة الإنترنت والعمل على تسجيل وحفظ البيانات المتبادلة فيما بين الأنظمة المعلوماتية، وتعتبر البيانات الاسمية محلاً لتلك الاعتداءات. ووسيلة هذه الاعتداءات ” مبرمجات الحواسيب” والتي هي عبارة عن ” جسيمات تنصب على الويب “، وهي تستخدم من قبل الشركات الإلكترونية لتعقب المستهلكين من خلال الإنترنت، ويتم الحماية منها عن طريق برامج رصد متطورة تسمى ” بالكعكات “(1).
ومن جرائم الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة عبر الإنترنت:
– جريمة المعالجة الإلكترونية للبيانات الشخصية دون ترخيص: وهذا ما نص عليه المشرع الفرنسي في المادة 226-16 من قانون العقوبات الفرنسي الجديد.
– جريمة التسجيل غير المشروع للبيانات الاسمية: وهي الأخرى نص عليها المشرع الفرنسي في المادة 226-17 إلى 19 من قانون العقوبات الفرنسي الجديد.
– جريمة الحفظ غير المشروع للبيانات الاسمية: والمنصوص عليها في المادة (226-20) من نفس القانون(2).

ثانياً : الجرائم المالية:
لم تقتصر أساليب إساءة استخدام الثورة التقنية على الاعتداء على الأشخاص بل تعدتها لتطال الذمة المالية للغير.
وفي نطاق شبكة الإنترنت يعد الحاسب الآلي أداة سلبية لارتكاب الجريمة ضد الفرد، إذ تستخدم الحواسيب المرتبطة بشبكة الإنترنت كوسيلة لتنفيذ الجرائم والاعتداء على أموال الغير والتي اتخذت صوراً مستحدثاً، وهذا ما دفع رجال القانون إلى الدعوة إلى فرض الحماية الجنائية من مخاطر استخدام شبكة الإنترنت.

وتنقسم الجرائم المالية التي تتم عبر شبكة الإنترنت إلى:
– جرائم السرقة والنصب أو الاحتيال.
– جرائم التجارة الإلكترونية.
– جرائم غسل الأموال والمخدرات.

أ-جرائم غسل الأموال:
مع نهاية القرن العشرين برزت ظاهرة غسل الأموال عبر الإنترنت لتشكل معضلة كبيرة للنظم القانونية المعاصرة، ولعل السبب الرئيسي في استجلاء هذه الظاهرة هي المدفوعات الافتراضية ( Cyber – payment )(1).
وغسل الأموال هو عبارة عن معالجة لمصدر الدخل الأول أو الأساسي غير المشروع ( الناجم عن جريمة ) بالقيام بمجموعة تحركات اقتصادية مشروعة تؤدي إلى طبع الأموال غير المشروعة المصدر بطابع المشروعية وبطريقة لا يمكن بمقتضاها التعرف على المصدر الأصلي ( غير المشروع )(2).
ويعتبر غسل الأموال من الصور الحديثة للجرائم الاقتصادية التي كثر الحديث عنها في الآونة الأخيرة. وهو ظاهرة ترتبط بالجريمة المنظمة وعلى الأخص بجرائم الاتجار بالمخدرات والإرهاب. وتهريب الأسلحة والرقيق الأبيض والغش والتزييف والفساد السياسي والمالي، كما تتصل بالبنوك والمؤسسات المالية الأخرى لما توفره عملياتها من قنوات تستخدم في غسل الأموال غير النظيفة.
وهي بذلك ظاهرة إجرامية(3) ومشكلة عالمية(4)، وهذا ما أدى بالعديد من الدول إلى تجريمها ومكافحتها وذلك من خلال وضع تشريعات خاصة بها(5).
وكما سبق ذكره أعلاه، فإن هذه الظاهرة الإجرامية قد تطورت مع ظهور شبكة الإنترنت، واجتاحت العالم بأكمله، ذلك لكون تلك الشبكة تمثل الوسيلة الفعالة والمسهلة لعمليات تبييض الأموال، وهذا ما جعل الأمر أكثر صعوبة بالنسبة للجهات المعنية في متابعتها للمتعاملين عبر الشبكة وتحديد هويتهم أو جمع أية معلومات عنهم، ويرجع السبب في ذلك إلى:
– أن شروط التعامل عبر الشبكة الدولية لا تتطلب إجراءات معقدة، وإنما فقط تدوين الاسم ورقم بطاقة الائتمان الخاصة بالمتعامل.
– أضف إلى ذلك فإن النقود الإلكترونية قد مكنت المتعاملين من تحويل مبالغ طائلة من دولة إلى أخرى بسهولة ودون مخاطر.

ب-جرائم المخدرات:
إلى جانب الجرائم السابق ذكرها والتي ترتكب عبر شبكة الإنترنت، هناك جريمة أخرى أكثر خطورة تهدد جميع فئات المجتمع هي جرائم المخدرات، إذ أضحت الإنترنت قناة اتصالية ممتازة ومجالاً رحباً للتعامل غير المشروع لمستهلكي المخدرات والمؤثرات العقلية بشكل أكثر أمناً للمروج والمدمن أو المعتمد على المخدرات والمؤثرات العقلية، وهذا ما أدى إلى قيام عدة منظمات غير مشروعة تستخدم الإنترنت كوسيلة للترويج غير المشروع للمخدرات والمؤثرات العقلية سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الدولي. بل أكثر من ذلك أصبحت هناك مواقع تبين وتشرح التدريب على زراعة المخدرات وطرائق وعمليات تحويلها خطوة بخطوة وكذلك كيفية التعاطي لأول مرة والجرعات والمدة بين الجرعة والأخرى.
وهذا ما نجده في أحد المواقع الإنجليزية، والتي ينشر فيها الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية عبر الإنترنت مثل الاتجار بـ Cannabios seeds and dervatives وكذا بعقار ethylemedioxyme thamphamine MDMA والمعروف في التداول باسم ecstasy وكذا الكوكايين والهيروين(1).
وتجدر الإشارة إلى أن أكثر الدول التي تنتشر فيها حركة الاتجار بالمخدرات والمؤثرات العقلية عبر الإنترنت هي هولندا وسويسرا(2).
ولقد جرمت الدول هذه الأفعال وأوردت عليها عقوبات ومنها: مشروع قانون تعديل قانون المخدرات والمؤثرات العقلية لسنة 1990 بما يتوافق ونظم تقنية المعلومات(3).

ج- الجرائم المتعلقة بالتجارة الإلكترونية:
إن التجارة الإلكترونية هي خدمة من الخدمات التي تقدمها شبكة الشبكات، إلا أنها وبالرغم من ذلك قد واجهت مصاعب ومعوقات قانونية جعلتها عرضة للاعتداءات الإجرامية(4)، ومن أبرز تلك الجرائم :
1- الجرائم المتعلقة بتداول البيانات الخاصة بالتجارة الإلكترونية والمتمثلة في جريمة التعامل في البيانات بدون ترخيص، وجريمة انتهاك سرية وخصوصية البيانات، وجريمة التصريح عمداً بمعطيات خاطئة.
2- والجرائم المتعلقة بمضمون عملية التجارة الإلكترونية والمتمثلة في جرائم الاعتداء على التوقيع الإلكتروني وجريمة استغلال ضعف أو جهل المتعامل في البيع الإلكتروني وجريمة التهريب الضريبي(1).

د- جرائم السرقة والنصب أو الاحتيال عبر الإنترنت:
يعد هذا النوع من الجرائم واسع الانتشار عبر الإنترنت، وذلك بسبب مجهولية المصدر بالنسبة إلى مستخدمي هذه الشبكة، فضلاً على عدم توفر سبل الحماية الكافية للحد من تلك الجرائم(2).
ولعل أشهر صور النصب والاحتيال والسرقة عبر الإنترنت هي صورة النصب ببطاقات الائتمان، والذي يكون إما من حاملها الشرعي أو من الغير(3).
وإن من بين الوسائل المستخدمة في تلك الجرائم عبر الإنترنت هي وسيلة البريد الإلكتروني، إذ يستعمل لإرسال ما يسمى بالقائمة القذرة وكذا عبر مزودات الإنترنت.
وإضافة إلى الجرائم السابقة فإنه يرتكب عبر شبكة الإنترنت جرائم الاعتداء على الملكية الفكرية وذلك عن طريق العدوان على حقوق النسخ وكذا عن طريق العدوان على برمجيات الحاسوب وكذا العدوان على براءات الاختراع، ولقد جرمت عدة قوانين هذه الاعتداءات ومنها القانون المصري لحق المؤلف.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى ظهرت وخصوصاً في الآونة الأخيرة ظاهرة الإرهاب الإلكتروني عبر الإنترنت، مما جعل المشكلة مستعصية. ومن أمثلة ذلك ما حصل في مصر في الآونة الأخيرة وبالضبط في حادثة الأزهر، عندما اهتزت مصر على انفجار قنبلة وضعها طالب في كلية الهندسة والذي حصل على معلومات عن كيفية صنع القنبلة من خلال الإنترنت(4).