مسألة شهر دين التركة خلال سنة من تاريخ شهر حق الإرث
إذا تم التأشير في خلال سنة من تاريخ التسجيل المشار إليه ( تسجيل حق الإرث ) ، فللدائن أن يحتج بحقه على كل من تلقى من الوارث حقاً عينياً عقارياً وقام بشهره قبل هذا التأشير ” .
أي أنه إذا قام الدائن بالتأشير بحقه وفقاً للإجراءات التي تقدم ذكرها ، في خلال سنة من شهر حق الإرث ، كان له على عقارات التركة حق التتبع وحق التقدم .
حالة شهر الدين في خلال سنة من شهر حق الإرث:
رأينا أن الفقرة الثانية من المادة 14 من قانون الشهر العقاري تنص على ما يأتي : ” ويحتج بهذا التأشير من تاريخ حصوله ، ومع ذلك إذا تم التأشير في خلال سنة من تاريخ التسجيل المشار إليه ( تسجيل حق الإرث ) ، فللدائن أن يحتج بحقه على كل من تلقى من الوارث حقاً عينياً عقارياً وقام بشهره قبل هذا التأشير ” ([1]) .
ويخلص من هذا النص أنه إذا قام الدائن بالتأشير بحقه وفقاً للإجراءات التي تقدم ذكرها ، في خلال سنة من شهر حق الإرث ، كان له على عقارات التركة حق التتبع وحق التقدم .
أما حق التتبع فيتحقق إذا باع الوارث مثلاً عقاراً من عقارات التركة ، وسجل المشتري البيع . فإذا لم يستوف الدائن حقه من الوارث أو من أي طريق آخر ، كان له أن يتتبع العقار المبيع تحت يد المشتري كما كان يتتبعه لو أنه كان دائناً مرتهناً ، فيستوفى حقه منه . وذلك حتى لو كان البيع مسجلاً قبل تأشير الدائن بحقه ، ما دام التأشير قد تم في خلال سنة من تاريخ شهر حق الإرث ([2]) .
ونرى من ذلك أن من يتعامل مع الوارث فيشتري منه عقارات للتركة يجب عليه أن يحتاط ، فلا يقدم على الشراء قبل انقضاء سنة من تاريخ شهر حق الإرث ([3]) ، وعند ذلك يستطيع أن يتبين ما إذا كان هناك دائن للتركة أشر بدينه حتى يتعامل مع الوارث على هذا الأساس . فأما أن يحتجز من الثمن مقدار الدين ليقوم هو بسداده للدائن ، أو أن يجعل الوارث يفي بالدين . فإذا لم يفعل لا هذا ولا ذاك ، عرض نفسه لإجراءات التتبع التي يقوم بها دائن التركة ([4]) .
ويبدو أن المشتري من الوارث لا يستطيع تطهير العقار كما كان يستطيع لو أن العقار كان مرهوناً رهناً رسمياً ، فإن التطهير إجراء استثنائي لا يمتد من الرهن الرسمي إلى غيره من الحقوق المماثلة إلا بنص في القانون . ولذلك جاز التطهير في حق الاختصاص ( م 1095 مدني ) وفي حقوق الامتياز الواقعة على عقار ( م 1134 / 1 مدني ) لوجود هذا النص ، ولم يجز في الرهن الحيازي لانعدامه ([5]) .
وأما حق التقدم فيتحقق إذا رتب الوارث رهناً مثلاً على عقار من عقارات التركة ، وقيد الدائن المرتهن الرهن . فإذا لم يستوف الدائن حقه من أعيان التركة الأخرى ، فإن له أن يستوفيه من العقار المرهون ، متقدماً في استيفائه لحقه على الدائن المرتهن . وذلك حتى لو كان الرهن قد قيد قبل تأشير الدائن بحقه ، ما دام التأشير قد تم في خلال سنة من تاريخ شهر حق الإرث . وعلى ذلك يجب على من يرتهن من الوارث عقاراً من عقارات التركة أن يتربص سنة من وقت شهر حق الإرث قبل أن يقدم على ارتهان العقار ، فإذا رأى أن دائناً للتركة قد أشر بحقه في خلال هذه السنة ، علم أن هذا الدائن يتقدم عليه في العقار المرهون بالرغم من أنه قد قيد الرهن قبل أن يؤشر دائن التركة بحقه .
وإذا كان هناك دائنان للتركة أشر كل منهما بحقه في هامش تسجيل حق الإرث ، وسبق أحدهما الآخر في هذا التأشير ، فإنه لا يتقدم عليه في استيفاء حقه من عقارات التركة . ذلك أن الأفضلية المترتبة على أسبقية الشهر لا تكون فيما يبين دائني التركة ، فلا يتقدم أحدهم على الآخر لمجرد أنه أشر بحقه قبله . ولكن الدائن الذي أشر بحقه في خلال السنة له أن يتتبع العقار في يد الغير وأن يتقدم فيه على دائن مرتهن من الوارث قيد رهنه قبل التأشير ، ولا يستطيع هذا التتبع ولا هذا التقدم الدائن الذي لم يؤشر بحقه في خلال السنة ([6]) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] ^ أنظر أيضاً الفقرة الثالثة من المادة 31 من قانون السجل العيني ، وهي تقرر نفس الحكم .
[2] ^ إذ يجوز أن يتم شهر حق الإرث وتسجيل عقد البيع في محرر واحد ، أو في محررين يشهران في نفس اليوم ، أو يمر بين شهر حق الإرث وتصرف الوارث بعقد مسجل فترة قصيرة لا يتمكن الدائن العادي خلالها من البحث والتأكد من حصول تسجيل حق الإرث ليبادر إلى شهر سند حقه . من أجل ذلك أعطى دائن التركة مهلة سنة من وقت شهر حق الإرث ، إذا أش في خلالها بسنده احتفظ بحقه في التتبع وحقه في التقدم ، وذلك – كما تقول المذكرة الإيضاحية لقانون الشهر العقاري ” حماية للدائن من التصرفات التي قد يبادر الوارث إلى إجرائها قبل أن يتمكن الدائن من العلم بافتتاح التركة ومن التأشير بدينه ” . وقد قصد المشرع ، إلى جانب ذلك ، إظهار جميع الديون العادية على التركة أو المبالغ الموصى بها للغير في ميعاد مناسب ، حدده بسنة واحدة من تاريخ قيام الوارث بشهر حقه في الإرث ( محمود شوقي في الشهر العقاري علماً وعملاً ص 424 ص 425 )
[3] ^ أما قبل شهر حق الإرث ، فقد قدمنا أن الوارث لا يستطيع التصرف في عقارات التركة ، إذ يمنع شهر أي تصرف يصدر منه قبل أن يشهر حق إرثه .
[4] ^ وينبني على حق التتبع الثابت لدائن التركة إذا أشر بحقه في خلال السنة أمران : ( أولاً ) إذا أشر المشتري من المورث الذي لم يسجل عقده ، باعتباره دائناً للتركة ، حقه في خلال السنة ، فإن له يتتبع العقار في يد المشتري من الوارث ، حتى لو أن هذا المشتري الأخير قد سجل عقده قبل أن يسجل عقده المشتري من المورث ، بل وقبل تأشير المشتري من المورث بحقه ( الوسيط 4 فقرة 271 ص 483 – 488 ) . ( ثانياً ) إذا أشر الموصي له بعقار ، قبلت سجيل الوصية ، بحقه في خلال السنة ، فإن له أن يتتبع العقار في يد المشتري من الوارث ، حتى لو أن هذا قد سجل عقده قبل تسجيل الوصية ، بل وقبل تأشير الموصي له بحقه ( إسماعيل غانم ص 151 – حسن كيرة ص 43 – ص 44 ) .
[5] ^ الوسيط 4 فقرة 193 ص 348 – ص 349 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 494 ص 739 هامش 1 .
[6] ^ الوسيط 4 فقرة 193 ص 347 هامش 2 – محمد كامل مرسي في الحقوق العينية الأصلية جزء 5 فقرة 162 – محمد علي عرفة 2 فقرة 383 ص 615 وفي مقال له في الاتجاهات الحديثة في الميراث وتصفية التركة في مجلة القانون والاقتصاد 18 ص 223 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 494 ص 739 .